– اضطرابات وميول للانخراط بالأنشطة الإجرامية

– آثار نفسية واجتماعية وجسدية وتعليمية تتركها بنفسية الطلبة

– مكافحة التنمر المدرسي تتطلب جهودا مشتركة من المدرسة والأسرة

– البيئة المدرسية لها دور كبير فـي التأثير على نفسية وشخصية أطفالنا

العنف ينتشر فـي المدارس ذات الكثافة الكبيرة وخصوصا مدارس المدن

استطلاع ـ منى بنت منصور الخروصية:
أصبحت ظاهرة العنف المدرسي من أكثر القضايا الاجتماعية جدلًا في الآونة الأخيرة بسبب انتشارها بشكل ملحوظ في العديد من البيئات المدرسية وتسببها في العديد من المخاطر على صحة الأطفال والمراهقين، وهذا ما أوجد العديد من المخاوف عند الآباء حيال احتمالية تعرُّض أبنائهم لمثل هذا النوع من العنف
.

. (الوطن) التقت بعدد من مديري المدارس والأخصائيين والمسؤولين لمناقشة هذه الظاهرة وإيجاد الحلول المناسبة لها.

تعزيز الوعي لهذه المشكلة
بداية يقول يوسف بن حماد الحاتمي مشرف إرشاد اجتماعي بوزارة التربية والتعليم، وباحث دكتوراه في جامعة محمد الخامس بالمملكة المغربية: أصبح التنمُّر في مدارسنا من الظواهر الاجتماعية الأشد خطرًا في عصرنا الحالي والذي يهدد سلامة أبنائنا الطلبة، وسَير العملية التعليمية بشكلٍ صحيح وسليم، ولها آثار نفسية واجتماعية وجسدية وتعليمية، إذ تؤثر هذه الظاهرة بشكل مباشر على نفسية الطلبة وتمنعهم من الدراسة وتحقيق التفوق الدراسي، ومن إقامة صداقات وثيقة ومتينة فيما بينهم، مؤكدًا أنَّ مكافحة التنمُّر المدرسي تتطلب جهودًا مشتركة من المدرسة والأُسرة والمجتمع، كما يجب تعزيز الوعي حول هذه المشكلة وتوجيه الجهود نحو تعزيز بيئة مدرسية آمنة وداعمة يتم من خلالها تعزيز التسامح واحترام الآخرين، وتشجيع الإبلاغ عن التنمُّر ومعالجته بفعالية. ويمكن تعريف التنمُّر المدرسي بأنَّه سلوك سلبي ومؤذٍ يحدث داخل بيئة المدرسة ويتضمن التحرش الجسدي أو اللفظي أو الاجتماعي أو الإلكتروني الذي يمارسه الطالب أو مجموعة من الطلبة بشكل متكرر ومستمر ضد طالب آخر، حيث يشمل التنمُّر المدرسي مجموعة متنوِّعة من السلوكيات الضارَّة مثل الاستهزاء، والتشهير، والتهديدات، والعنف الجسدي أو اللفظي، ونشر الإشاعات، والتجاهل، والتنمُّر الإلكتروني عبر وسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الإلكترونية، وتتحقق حالة التنمُّر في حالة عدم التوازن في الطاقة أو القوَّة، أي عندما يكون الصراع بين شخص ضعيف وآخر قوي، مشيرًا إلى أنَّ هناك أسبابًا رئيسة تؤدِّي إلى ظهور حالات التنمُّر المدرسي نذكر منها أسبابًا أُسرية، وهذا يرجع إلى طريقة التربية الخاطئة واستخدام أسلوب العقاب الصارم والعنف مع الأطفال وعدم متابعة الآباء لأطفالهم من مرحلة الطفولة إلى المراهقة، واعتمادهم على المربيات والانشغال عنهم في العمل وأمور الحياة الأخرى وهذا يتمثل في إهمال الوالدين للطفل، وكذلك الشعور بالغيرة من قبل المتنمِّر وخصوصًا في مسألة التحصيل الدراسي أو المستوى المعيشي أو غيرها من الأمور التي تولِّد الغيرة بين الطلبة، وعدم وجود الرادع أو العقاب المناسب للفعل الذي ارتكبه المتنمِّر ضد زملائه في البيئة المدرسية، كذلك الشعور بالقلق والتوتر نتيجة الضغوطات المنزلية أو الضغوطات المختلفة في المدرسة يؤدِّي إلى الشعور بعدم الرضا ويحاول التنفيس عن ذلك بالغضب والانفعال والاعتداء على الآخرين، كما لا ننسى دَوْر الإعلام الموَجَّه للأطفال من خلال الأفلام المنتشرة التي تشجِّع فكرة البقاء للأقوى وبأنَّ العنف ضروري للسيطرة على الآخرين وتقمُّص شخصية أبطالهم ليطبقوا ما يشاهدونه على زملائهم في المدرسة والثورة التكنولوجية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية التي تحرِّض على العنف والقوَّة الخارقة والإدمان عليها أثَّرت عليهم وزرعت العنف فيهم، ومن هنا فإنَّ غياب دَوْر المدرسة في توجيه الطلبة وإرشادهم نحو احترام المُعلِّم وزملائهم وتقويم أخلاقهم وتطبيق النظام المتبع في مواجهة السلوك السلبي وفق لائحة شؤون الطلبة وتركيزها على المنهاج الدراسي فقط، وإهمالها في تنمية مهارات الطلبة الرياضية والفنية والاجتماعية أسهَمَ بشكل كبير في ظهور حالات التنمُّر في المدرسة وإلحاق الضرر والأذى بالآخرين.

لا بد من إيجاد حلول
سعاد بنت محمد الفهدية أخصائية اجتماعية بمدرسة القرية للتعليم الأساسي بمحافظة جنوب الباطنة قالت: هذه القضية الاجتماعية تتَّسم بالانتشار الواسع في جميع المنشآت التعليمية، خصوصًا المدارس ذات الحلقة الأولى والثانية، ولا بُدَّ من إيجاد حلول تعمل على تقليص التأثيرات السلبية منها، إذ إنَّ التنمُّر يؤثِّر بشكل كبير على الصحة النفسية للفرد وقد ينهي حياته أيضًا بشكلٍ عام، والتنمُّر جزء لا يتجزأ من ظاهرة العنصرية المنتشرة عالميًّا، وبدأت تستحوذ على مجتمعنا وخصوصًا أطفالنا في الفترة الأخيرة عن طريق التطوُّر التكنولوجي والوسائل المصاحبة للعولمة، حيث إنَّ العولمة جعلت من العالم قرية صغيرة متصلة ببعضها البعض بِدُونِ قيود ولا حدود، لذلك أصبح من الضروري توعية أفراد المجتمع (أولياء الأمور خصِّيصًا) بكُلِّ ما يخصُّ التنمُّر من أسباب، أشكال، تأثير وحلول، لكي نحميَ مستقبل أطفالنا النفسي.
مشيرةً إلى أنَّ البيئة المدرسية تؤدِّي دَوْرًا كبيرًا في التأثير على نفسية وشخصية أطفالنا، لذلك وجود التنمُّر في هذه البيئة قد يكون سلاحًا فتاكًا لإنهاء الصحة النفسية للطفل وثقته بنفسه. وهنا أذكر أنَّه كُلَّما كانت البيئة العائلية سليمة وترعرع الأطفال في محيط مليء بالودِّ والتصالح مع الذَّات وحُب الغير وتقبُّل اختلافات الغير من حيث الشكل والجنسية واللون والحالة الصحية..إلخ، لذلك فإنَّ هذا يؤدِّي إلى جعل الحالة العقلية والنفسية للطفل مستقرة ومسالمة غير مؤذية والعكس صحيح، منوِّهةً بقولها: أنا كَوَلِيِّ أمْرٍ أراقب سلوكيات طفلي منذ الصغر ومتابعة ما يشاهده من أفلام وألعاب، كما يجب على الأُسرة أن تراقبَ الصحبة التي تحيط بابنهم خارج المنزل أيضًا، ولا ننسى أنَّه يجب على الوالدَيْنِ بناء علاقة صداقة بينهم وبين طفلهم وتوفير جوٍّ عائلي دافئ لهم، كذلك المُعلِّمة في المدرسة (الأخصائية الاجتماعية ومن معها ضِمن فريق لجنة لائحة شؤون الطلبة) يجب أن يعملَ الفريق على تكثيف حملات التوعية والإرشاد عن كُلِّ ما يخصُّ ظاهرة التنمُّر من أسباب وكيفية التصدي لها من خلال برامج توعوية متنوِّعة مثل الإذاعة المدرسية والجلسات الفردية أو الجماعية وإعداد البوسترات والمطويات وعرض فيديوهات توعوية، وحصص إرشادية ومحاضرات.. وغيرها.

سلوك غير مرغوب
صالح بن سليمان السلماني مدير مدرسة صهيب للتعليم الأساسي (٥ ـ ١٢) قال: التنمُّر هو سلوك غير مرغوب يقوم به فرد ضد فرد أو مجموعة ضد مجموعة، وأحيانًا تكون مشتركة بين الأفراد والمجموعات. وتختلف أشكال التنمُّر باختلاف البيئة المحيطة، موضِّحًا أسباب هذا الظاهرة بأنَّ التنمُّر في المدارس يرجع إلى عدَّة أسباب منها التفكك والمشاكل الأُسرية لدى صاحب السلوك والإهمال وقلَّة متابعة الوالديْنِ، وربما في بعض الأحيان يلاقي نوعًا من التشجيع من قبل الوالديْنِ، سواء بطُرق مقصودة أو غير مقصودة، كذلك ضعف الوازع الديني، وهنا يظهر دَوْر المساجد وحلقات الذِّكْر في التطرق إلى التوعية في مثل هذه المواضيع والحدِّ منها، كما لا ننسى هناك يوجد عادة تقليد الآخرين وهنا يظهر دَوْر كبير على رفقاء السوء في الزجِّ بالشخص المتنمِّر إلى سلوكيات خاطئة تبعده في كثير من الأحيان عن الدراسة، كما أنَّ دَوْر الألعاب الإلكترونية في التقليد باتَ واضحًا للعيان، فالألعاب الإلكترونية تعتمد عادة على مفاهيم مثل القوَّة الخارقة وسحق الخصوم واستخدام كافَّة الأساليب لتحصيل أعلى النقاط والانتصار دُونَ أيِّ هدف تربوي، ويتعرض الطالب للتنمُّر سابقًا، وهنا تظهر ردَّات فعل من الطالب الذي تعرَّض لتنمُّر سابق، فينتاب الطالب شعور بالوحدة والإهمال ومحاولة جذب الانتباه، وأيضًا العنف الأُسري، فالطفل الذي ينشأ في جوٍّ أُسري يطبعه العنف، سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو العاملات، وهناك الحماية الزائدة عن الحدِّ تعيق نضج الأطفال وتقلِّل من شأن الطفل وتضعف من ثقته بنفسه وتشعره بعدم الكفاءة، وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتنمِّرين على ضبط سلوكاتهم.

للتنمُّر عدَّة أشكال
سعيد بن سيف الشكيلي مدير مدرسة أسيد بن حضير للتعليم الأساسي (٥ ـ ١٠) بمحافظة جنوب الباطنة يقول: تُعدُّ ظاهرة التنمُّر والعنف من الظواهر السلبية داخل المدارس، فمِثل هذه الظواهر تظهر جليًّا في المدارس ذات الكثافة العددية الكبيرة وخصوصًا مدارس المُدُن، مشيرًا إلى أنَّ الكثير من الأطفال يعانون من تنمُّر الأصدقاء في المدرسة، ويمكن أن يأخذَ التنمُّر عدَّة أشكال كالإساءة بالكلام أو فضح الأسرار أو السخرية من لباس الطالب أو شكله أو مستواه الدراسي أو نشر الأخبار المسيئة والكاذبة. ويتميز التنمُّر المدرسي بأنَّه يكون متكررًا ومتعمدًا لنَفْسِ الشخص، وأيضًا أسلوب الرفض المتعمد وهو من أشكال العنف الممارس وغالبًا من قِبل الجماعة، حيث يقوم مجموعة من الطلاب برفض وجود طالب آخر بينهم وعدم قَبول الاختلاط أو الحديث معه وعدم السماح له بالتقرب من أي أحد، وهناك سلوكيات غير أخلاقية، وتشمل مجموعة من السلوكيات كالسرقة والتخريب ورمي الأشياء كالماء والإذلال ورمي الفتن بين الطلاب.. وغير ذلك.

من العادات الدخيلة على المدرسة
وتقول رجوة بنت سالم السعيدية مديرة مدرسة العروة للتعليم الأساسي (١ ـ ٨) بمحافظة جنوب الباطنة: يُعدُّ التنمُّر من العادات الدخيلة على البيئة المدرسية مما يفقد شغف الرغبة للذهاب إلى المدرسة ويفقده أيضًا قدرته على التركيز أثناء الحصص الدراسية مما يؤدِّي إلى فقدان الحافز الدراسي، كما أنَّ الأُسرة تُعدُّ المسبِّب الأساسي للتنمُّر ممَّا يؤدِّي إلى انعكاس ذلك في بيئة المدرسة، ويمكن للمتنمِّر أن يصابَ باضطرابات اجتماعية مختلفة أو تتوافر لدَيْه فرصة أكبر للانخراط في الأنشطة الإجرامية ثم الميول للوحدة، ومن هنا ندعو مساندة المدرسة في القضاء على هذه الآفة بطُرق مختلفة، كما ندعو المعالجة لسلوك التنمُّر وتقديم الدعم لكل من الضحايا والمتنمُّر لكي نسهمَ بالقضاء على هذه الظاهرة الخطيرة التي تهدِّد الحياة الأُسرية وسلامة المجتمعات بشكل عام.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: للتعلیم الأساسی البیئة المدرسیة فی المدرسة ر المدرسی

إقرأ أيضاً:

غسيل الاخبار والتضليل الإعلامي

بقلم : اللواء الدكتور سعد معن الموسوي ..

التنافس غير الشرعي والابتعاد
عن شرف الخصومة والابتزاز المالي والسياسي والتسقيط الاجتماعي ونوايا الكسب المادي السريع مع ضعف الرقيب الداخلي وحراس البوابة ولإرضاء ممولين بعض الموسسات الإعلامية برزت إلى سطح البيئة الإعلامية عددمن السلوكيات المرفوضة أخلاقيا ومهنيا والتي أدت إلى الجنوح عن مواثيق الشرف وقواعد السلوك المهنية ولعل اخطر هذه السلوكيات هو ما يسمى ب ( غسيل الاخبار ) والذي يندرج ضمن التضليل الإعلامي عن طريق اضافة اخبار كاذبة او غير صحيحة من مصادر لم يتم التحقق منها إلى مصدر معلومات رئيسي ( تصريح رسمي ، مواقع خبرية ، قناة فضائية وغيرها ) مما يؤدي إلى تقديم معلومات مضللة تبدو مقبولة على أنها معلومات صحيحة ظاهريا ولذلك مصطلح غسيل المعلومات او غسيل الاخبار يشبه غسيل الأموال (( تحويل الأموال غير المشروعة إلى أموال مشروعة ظاهريا ))
يستخدم غسيل الاخبار عادة في أغراض الدعاية والترويج والتسقيط والابتزاز او الإضرار بالخصوم بطريقة يتم من خلالها التهرب من المسؤولية القانونية ، ويتم تدوير الاخبار والمعلومات المغلوطة والمفبركة حتى تصبح مادة للتداول وتجد من يلتقطها بالصدفة ليعيد تدويرها حتى تصبح وكأنها حقائق .
وقد بدأت هذه الظاهرة تتوسع مع تنامي لجوء الجمهور لمواقع التواصل الاجتماعي كمصدر للأخبار واستخدام نشطاء وجماعات الضغط لتلك الوسائط للترويج لمواقفها ومزج الخبر بالرأي ، ومن الجدير بالذكر ان قوى كبرى ودول تستثمر الإعلام كوسيلة لتحقيق أغراضها السياسية، بدأت تطوع هذه الظاهرة لإضفاء مصداقية على أخبارها المختلفة بهدف التأثير في الرأي العام باتجاه معين وعبر التدوير من موقع لموقع ثم لوسيلة إعلام رئيسة يصبح الخبر وكأنه موثوق وتختفي العنعنة ( اي عن كذا وعن كذا )
ختاماً كيف لنا أن نحد من هذه الظاهرة ونخفف من آثارها السلبية على المتلقي والمجتمع ومن هي الجهات المسؤولة للتصدي لها … أتمنى ان نشترك جميعاً في الإجابة .

اللواء الدكتور
سعد معن الموسوي

د. سعد معن

مقالات مشابهة

  • وزيرة خارجية بوليفيا ردا على سؤال «الوطن»: ندعو مصر للاستثمار في المعادن ببلادنا
  • مدير تعليم أبو تشت فى قنا يوجه بتفعيل مجموعات التقوية والدعم المدرسي
  • غسيل الاخبار والتضليل الإعلامي
  • جامعة جنوب الوادي تشارك في ندوة "العنف ضد المرأة وتأثيره على الحياة المجتمعية" بمجمع إعلام قنا
  • أمل وإحباط.. عربي21 تستطلع آراء ضحايا العدوان في غزة بشأن مذكرة اعتقال نتنياهو
  • حاكم رأس الخيمة يلتقي الطلبة الإماراتيين وأعضاء البعثة الدبلوماسية بالقنصلية العامة للدولة في قوانغتشو
  • سعود بن صقر: الطلبة الإماراتيون سفراء الهُوية وثروة الوطن الحقيقية
  • حاكم رأس الخيمة يلتقي الطلبة الإماراتيين وأعضاء البعثة الدبلوماسية في القنصلية العامة للدولة بقوانغتشو
  • حاكم رأس الخيمة يلتقي الطلبة الإماراتيين وأعضاء البعثة الدبلوماسية في القنصلية العامة للدولة في قوانغتشو
  • حاكم رأس الخيمة: الطلبة الإماراتيون الثروة الحقيقية لدعم مسيرة الوطن