كيف تسبب نتنياهو في تراجع تقييم السياسة الخارجية لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
مع بداية العام اليهودي الجديد، تواجه علاقات إسرائيل الخارجية عدة أزمات متوازية، بما في ذلك ما يتعلق بالعلاقات مع الحلفاء الديمقراطيين الليبراليين في الغرب، والعلاقات مع الجيران العرب، وتدهور مكانة وسلوك وزارة الخارجية الإسرائيلية.
هكذا مهد "معهد الشرق الأوسط"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، لاعتلاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، في ظل أن عدداً أقل بكثير من الإسرائيليين سوف ينظرون إليه باعتباره المنقذ الدبلوماسي لبلادهم.
ويضيف: "بل سيقابل بمظاهرات غير مسبوقة في شوارع نيويورك، على غرار الاحتجاجات الأسبوعية ضد سياسات حكومته التي تعصف بإسرائيل منذ بداية العام، وسيظهر المشهد مدى قلق الإسرائيليين بشأن الضرر الذي تسببه حكومة اليمين المتطرف الحالية لديمقراطية بلادهم ومكانتها في العالم".
ويلفت التقرير إلى أنه في 2019، رفع نتنياهو شعار "دوري مختلف" لحملته، وانتشرت لوحات إعلانية تحمل صورته وهو يصافح زعماء العالم، في جميع أنحاء إسرائيل.
وفي سنواته الأولى كرئيس لوزراء إسرائيل، عمل نتنياهو جاهدا على وصف نفسه بأنه الشخص الذي سيمنع إيران من أن تصبح نووية، ومع ذلك، سعى لاحقًا إلى ترسيخ صورته كدبلوماسي كبير، وشخص يسعى أصحاب النفوذ في جميع أنحاء العالم لقضاء بعض الوقت معه، ويمكنه دائمًا توقع دعوات مفتوحة للعديد من العواصم الأجنبية، وقادر على تقديم صفقات ثنائية ومتعددة الأطراف على الرغم من ذلك.
وكانت زيارات نتنياهو السنوية في سبتمبر/أيلول إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عادة ذروة هذه الجهود الدبلوماسية الرفيعة، مع خطابات مصقولة، واجتماعات جانبية مع القادة، ولقاءات مع مسؤولين من الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
بضربة الكنيست للقضاء.. هل انتهت علاقة نتنياهو بإدارة بايدن؟
وتحظى عادة كل هذه الأمور بتغطية واسعة النطاق من قبل وسائل الإعلام العبرية، وسط إشادة من الناخبين.
ولكن من المفارقة، وفق التقرير، فإنه بينما كان نتنياهو يعمل على رفع موقفه العالمي، فقد أضعف بشكل حازم نفس الجهاز الحكومي الذي من المفترض أن يحقق النجاح الدبلوماسي.
وتحت قيادته، تضاءلت الخدمة الخارجية الإسرائيلية ولا تزال ضعيفة حتى يومنا هذا، بعدما جردها نتنياهو من العديد من مسؤولياتها الأساسية، بما في ذلك الدبلوماسية العامة والشؤون الاستراتيجية، فضلا عن مكافحة معاداة السامية في جميع أنحاء العالم وحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وإعادة توزيعها على وزارات أخرى، بما في ذلك الوزارات المبتكرة حديثًا.
كما تم خفض ميزانية وزارة الخارجية على مر السنين، مما أدى إلى انخفاض عدد العاملين فيها، ما أدى تباعا إلى تقليص تأثيرها على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية بشكل متعمد.
على الرغم من انخفاض مستوى الرأي العام في عام 2015، بعد أن شكل نتنياهو ائتلافًا يمينيًا ضيقًا لم يعين فيه وزيرًا للخارجية بدوام كامل، شهد مستوى الرضا العام فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية المختلفة زيادة معتدلة خلال فترة وجوده.
اقرأ أيضاً
هآرتس: نتنياهو لن يحسن صورة السعودية لدى أمريكا.. والرياض ليست حليفا له ضد إيران
ولكن في عام 2022، عندما جسدت الحكومة برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد، نهجًا مختلفًا، أكثر احترافية وفعالية في السياسة الخارجية، أظهر مؤشر معهد "ميتفيم" زيادة متجددة.
ورأى الإسرائيليون أن أسلوباً آخر من السلوك الدبلوماسي أمر ممكن، وأنه من الممكن أن يؤدي إلى إنجازات أعظم.
تم نشر مؤشر السياسة الخارجية الإسرائيلية لعام 2023 في وقت سابق من هذا الشهر، بينما كان نتنياهو يستعد لزيارة أخرى للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ووكانت النتائج مذهلة، وأكدت أن صورة نتنياهو "الدبلوماسي الكبير" لم يعد لها صدى.
فمنذ وصوله إلى السلطة في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022، أدت السياسات الداخلية والخارجية التي تبنتها حكومته الحالية إلى عكس كيفية تقييم الإسرائيليين لدبلوماسية بلادهم وسياستها الخارجية مرة أخرى.
وفي غضون أقل من عام، تحولت الأحكام إلى سلبية، وكادت أن تصل إلى أدنى مستوياتها في عام 2015.
اقرأ أيضاً
إسرائيل دولة أبارتيد.. صورة الاحتلال تهتز داخل أمريكا
وفيما يتعلق بالرأي العام الإسرائيلي، فإن تأثير الإنجازات الدبلوماسية التي حققتها البلاد في السنوات الأخيرة، فضلاً عن تمكين الخدمة الخارجية الإسرائيلية الذي قام به الحكومة السابقة، تم محوها بالكامل تقريبًا.
ففي عام 2023، يصنف الإسرائيليون مكانة بلادهم في العالم بـ5.03 من 10 (مقارنة بـ5.85 في عام 2022)، وأداء حكومتهم في مجال السياسة الخارجية بـ4.82 (مقارنة بـ5.53 في 2022)، ومكانة وزارة الخارجية بـ5.00 (مقارنة بـ5.40 في عام 2022).
ومع ذلك، فإن الانخفاض الأكثر إثارة للدهشة كان في تقييم جودة العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، والتي تم تصنيف في عام 2022 عند 6.85 من أصل 10، قبل أن تنخفض هذا العام إلى 5.30.
علاوة على ذلك، يشير الاستطلاع إلى أنه بالنسبة لعدد كبير من المشاركين، فإن القلق بشأن تدهور علاقات إسرائيل مع شركائها الغربيين يؤثر بشكل كبير على المواقف تجاه الإصلاح القضائي الذي يجريه نتنياهو في الوقت نفسه.
لقد أراد الإسرائيليون تقليديا أن يتعامل رئيس وزرائهم مع التحالف المهم مع الولايات المتحدة بعناية مشابهة للعلاقات مع دول مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، والتي تم تصنيفها في الاستطلاع على أنها من بين العلاقات الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل.
لكن لا يُنظر إلى نتنياهو في الوقت الحالي على أنه يفي بهذا الأمر.
اقرأ أيضاً
نتنياهو يزيل صورة له مع ترامب على تويتر.. لماذا؟
كما أن إحدى المجالات التي لا يدفع فيها نتنياهو ثمن سياسات حكومته التي لا تحظى بشعبية هي القضية الفلسطينية.
فمن ناحية، تظهر النتائج التي توصل إليها معهد "ميتفيم"، أن الجمهور الإسرائيلي يرى وجود صلة بين التراجع الديمقراطي داخل إسرائيل والتقدم في الضم الفعلي للأراضي الفلسطينية، ويعتقد الإسرائيليون أن على بلادهم أن تطلب المساعدة من الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات معها لتعزيز السلام مع الفلسطينيين.
ولكن من ناحية أخرى، في الذكرى الثلاثين لاتفاقيات أوسلو، يولي الإسرائيليون أهمية ثانوية نسبياً لتعزيز السلام الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة عند مقارنتها بقضايا السياسة الخارجية الأخرى التي يمكن للحكومة الترويج لها.
وقد صنف 37% فقط من المشاركين هذه القضية على أنها مهمة (أي أعطوها تصنيفات بين 8 و10)، مقارنة بأكثر من 50% لكل من قضايا السياسة الأخرى التي شملها الاستطلاع.
ولذلك، وفق التقرير، فينبغي لأولئك في المجتمع الدولي الذين يسعون إلى إيجاد سبل لتعزيز السلام الإسرائيلي الفلسطيني، أن يحاولوا أيضًا الاستثمار بشكل أكبر في تعبئة الإسرائيليين التقليديين المؤيدين للسلام، الذين يبدون اليوم أقل حماسًا بشأن هذه القضية والذين لم يعد من الممكن قبول دعمهم لمبادرات السلام.
اقرأ أيضاً
الآلاف يتظاهرون بتل أبيب ضد نتنياهو بسبب كورونا (صورة)
المصدر | معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: نتنياهو الخارجية الإسرائيلية لابيد إسرائيل صورة إسرائيل الخارجیة الإسرائیلیة السیاسة الخارجیة اقرأ أیضا فی عام 2022
إقرأ أيضاً:
التقرير الاقتصادي الفصلي لبنك عوده: تعدّد التحدّيات الاقتصاديّة التي تواجه العهد الجديد
صدر التقرير الاقتصادي لبنك عوده عن الفصل الأول من العام 2025 بعنوان "تعدّد التحدّيات الاقتصاديّة التي تواجه العهد الجديد"، والذي جاء فيه أنّ الأشهر القليلة الأولى من العام 2025 شهدت تطورات سياسية واعدة، بدءاً بالانتخابات الرئاسية إلى تكليف رئيس الحكومة وصولاً إلى تأليف حكومة من ذوي الكفاءات تضمنت عدداً من الشخصيات المرموقة. لقد توافد إلى لبنان خلال الأشهر الثلاث الماضية عدد من الشخصيات الأجنبية الرفيعة المستوى وقد يكون على مشارف الحصول على المساعدة والدعم الدوليين في حال استطاع الإفادة من الفرصة التاريخية السانحة. هذا وقد أعاد المستثمرون العرب والأجانب وضع لبنان ضمن اهتماماتهم، فيما أعلن البعض عن جهوزيته للاستثمار في البلاد.
لقد ترك هذا الخرق السياسي وقعاً إيجابياً على الأسواق المالية اللبنانية. إذ شهدت سوق تداول العملات تحويلات من العملات الأجنبية إلى الليرة اللبنانية، ما ساهم في تعزيز احتياطيات مصرف لبنان من النقد الأجنبي بنحو 936 مليون دولار منذ بداية العام الحالي، بحيث عوّض عن الخسائر التي تكبدّها المركزي خلال الحرب الشاملة، لتبلغ زهاء 11.1 مليار دولار منتصف نيسان 2025. لقد قفزت أسعار سندات اليوروبوندز اللبنانية بنسبة 167% خلال الأشهر الستة الماضية، من 6 سنت للدولار الواحد في أيلول إلى 9 سنت في 27 تشرين الثاني (تاريخ وقف إطلاق النار) إلى زهاء 16 سنت في يومنا هذا. إنّ هذه الفورة في أسعار اليوروبوندز إنما جاءت وسط رهان بأن الخروقات السياسية الأخيرة على الساحة المحلية ستمهّد الطريق أمام تطبيق الإصلاحات التي طال انتظارها، والتوصل إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، وإعادة هيكلة الدين والقيام بمباحثات بنّاءة مع حاملي السندات. كذلك، سجّلت سوق الأسهم قفزة في الأسعار منذ إعلان وقف إطلاق النار، إلا أنّ أحجام التداول بقيت خجولة، حيث بلغ المتوسط اليومي لقيمة التداول الاسمية زهاء 1.8 مليون دولار منذ 27 تشرين الثاني 2024 داخل سوق تفتقر إلى السيولة والفعالية.
إنّ تغيّر النظام في سوريا يوفّر فرصةً ليس فقط للجمهورية العربية السورية ولكن أيضاً للمنطقة بشكل عام. فتحقيق الاستقرار في سوريا من شأنه أن يعود بالمنفعة على البلدان المحيطة، ولا سيما على لبنان. إذ سيزيد من إمكان التبادل التجاري وسيخفّض الضغوطات الناجمة عن تواجد عدد كبير من اللاجئين. وعلى العكس من ذلك، إنّ استمرار حال عدم الاستقرار من شأنه أن يسفر عن تفاقم المشاكل كالتجارة غير المشروعة، ويؤدي إلى تعاظم المخاطر الأمنية في المنطقة. هذا وإن إعادة فتح المعابر وخطوط النقل من شأنه أن يترك على الفور أثراً إيجابياً على التجارة والناتج المحلي.
إنّ احتمال السيناريو الإيجابي أصبح أكثر إمكانية في لبنان في المدى المنظور. ويفترض السيناريو الإيجابي استمرار وقف إطلاق النار، وإطلاق جهود واسعة النطاق لإعادة الإعمار، وإطلاق الإصلاحات التي طال انتظارها، والتوصل إلى اتفاق شامل مع صندوق النقد الدولي من شأنه أن يؤمن الدعم الدولي. ففي حال تحققت الظروف المؤاتية لمثل هذا السيناريو، سيترفع النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي إلى زهاء 8%، وسيتراجع التضخم إلى المستويات العالمية، وستتعزز احتياطيات مصرف لبنان بشكل كبير وسيعود ميزان المدفوعات إلى تسجيل فائض أقله 4 مليار دولار. أما السيناريو الآخر فيفترض أن يستمر وقف إطلاق النار خلال العام 2025، ولكن في ظل استمرار التجاذبات السياسية الداخلية، ما سيعيق المسار الإصلاحي. وفق هذا السيناريو، سيقارب النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي 2%، وستبقى احتياطيات مصرف لبنان ثابتة وسيكون ميزان المدفوعات في شبه توازن. وفق هذا المنظور الماكرو-اقتصادي، تفرض الحاجة لاستعادة الثقة تحدياً على السلطات السياسية في الحفاظ على اتفاق وقف إطلاق النار، وملء الفراغات المؤسساتية بأسرع ما يمكن، واستعادة الدولة وجيشها لهيبتها ودورها، والتوافق على حلول لجميع المسائل العالقة، وإرسال الإشارات الصحيحة لمجتمع الأعمال والاستثمار بشكل عام. هذا ويبقى تحدي إعادة هيكلة المصارف هو التحدي الأبرز، والذي يتمحور حول تشريع قانون إعادة الهيكلة وقانون معالجة الفجوة المالية خلال العام المقبل، وتحديداً قبل الانتخابات النيابية في أيار 2026، والتي بعدها ستتحوّل الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال إلى حين تشكيل حكومة جديدة.
هذا وخلص التقرير إلى أنّه يجدر التوقف عند خمس تحديات اقتصادية رئيسية ذات أولوية في اعقاب الآمال الكبيرة المعقودة من قبل اللبنانيين على افاق العهد الجديد، وهي اولاً تحفيز النمو وخلق فرص العمل، حتى ينتقل الاقتصاد من وضع المراوحة إلى وضع النهوض في جميع قطاعات النشاط الاقتصادي، ثانياً خفض العجز الخارجي مع استمرار الاختلالات الخارجية بشكل بارز، ثالثاً التصويب النقدي اللازم وتعزيز الاحتياطيات بالعملات، رابعاً تصحيح المالية العامة التي تمثل نقطة ضعف مستمرة للاقتصاد اللبناني في الوقت الحاضر رغم التحسن النسبي المسجّل مؤخراً، خامساً إعادة الهيكلة المصرفية اللازمة وسدّ الفجوة المالية.
على مستوى القطاع الحقيقي، يعدّ تحفيز النمو وخلق فرص العمل أمرا أساسيا لتلبية المتطلبات الاجتماعية والاقتصادية للبنانيين بشكل عام. فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 38% منذ اندلاع الأزمة في العام 2019. ويشير التحليل الدقيق لمتطلبات القطاع الحقيقي والمالي إلى أن تحفيز النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي أمر ممكن من الناحية التقنية في المدى المنظور، ولكنه يتطلب بيئة سياسية داعمة وإطلاق إصلاحات هيكلية من شأنها أن تساعد على تحفيز الطلب على السلع والخدمات، وتعزيز الميزات التنافسية للاقتصاد اللبناني إلى جانب تعزيز عامل الثقة بشكل عام. فإذا عاد عامل الثقة الشامل وسط تسويات سياسية محلية وجهود الإصلاح، فسيكون هناك امكانية للناتج المحلي الإجمالي في لبنان لاستعادة مستوى ما قبل الأزمة في غضون نصف عقد تقريبا، وبالتالي تسجيل نمو إيجابي في الناتج المحلي الحقيقي لعدد من السنوات، مع ما يلحق ذلك من تأثير طبيعي على دخل الفرد والظروف الاجتماعية والاقتصادية بشكل عام. إن شروط هذا التعافي المأمول تكمن بالتأكيد على الإرادة السياسية الداخلية خلال العهد الجديد، وإرساء مناخ تسووي داخلي، وإعطاء الأولوية للمصلحة العامة على المصلحة الخاصة، وأجندة إصلاح جذرية، وصحوة ضمير لدى العملاء الاقتصاديين المعنيين بشكل عام. والمفتاح هنا هو تحفيز الطلب الخاص، وخاصة الاستثمارات الخاصة، علماً أن الاستثمار له الأثر الأكبر على النمو من خلال التأثير المضاعف للاستثمار. ويحتاج لبنان إلى رفع نسبة الاستثمار الخاص إلى الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً انطلاقاً من أدنى مستوى له منذ 30 عاماً والذي يقل عن 10% اليوم. ومن شأن نمو الاستثمار أن يعزز عامل العمالة في النمو الذي يدعو إلى خلق فرص عمل لاستيعاب أكثر من 30 ألف لبناني ينضمون إلى القوى العاملة كل عام. وهذا يبرز اليوم بين القضايا الملحة، علماً أن معدل البطالة تضاعف خلال نصف العقد الماضي ليتجاوز 30%. ويتطلب تحفيز الاستثمار الخاص تحسين بيئة الأعمال من خلال خفض التكاليف التشغيلية، وتحسين سهولة ممارسة الأعمال في لبنان، إضافة الى الاستقرار السياسي والأمني المنشود.
وعلى المستوى الخارجي، فإن نموذج مواصلة العجز التجاري الكبير الذي يعتمد على التدفقات المالية الكبيرة ليس مستداماً. والأولوية هنا هي إعادة تحفيز حركة الرساميل الوافدة وخفض الواردات وتعزيز الصادرات. ومن الضروري أن تتخذ الدولة تدابير من شأنها تعزيز الإنتاج المحلي على حساب الواردات، أي تحفيز السلع البديلة للاستيراد والمنتجات الموجهة للتصدير في محاولة لتقليص العجز التجاري في لبنان. ومن المهم في هذا السياق تحسين وتوسيع نطاق برامج دعم الصادرات الحالية وإدخال برامج تحفيز جديدة تستهدف القطاعات ذات القيمة المضافة العالية. ويعتمد تشجيع الإنتاج المحلي على رفع بعض الرسوم الجمركية لحماية المنتج المحلي، وإعطاء حوافز ضريبية للمنتجين المحليين، وتسويق الإنتاج المحلي في الخارج.
وعلى المستوى النقدي، هناك حاجة إلى استقرار نقدي جذري لتحقيق التعافي الاقتصادي الشامل. هناك حاجة لتعزيز احتياطيات النقد الأجنبي لدى مصرف لبنان من خلال اللجوء إلى المساعدات الخارجية. فلسد الفجوة واستعادة الثقة، يتعين على البلاد أن تلجأ إلى الدعم الخارجي المأمول. المطلوب هو تأمين تمويل من صندوق النقد الدولي كشرط أساسي لانخراط الجهات المانحة الأخرى، نظراً لإلحاح الجهات المانحة على وجود جهة رقابية دولية لتطبيق الإصلاحات في لبنان.
وعلى مستوى القطاع العام، يشكل التصحيح المالي أهمية بالغة. فلا يستطيع لبنان الحفاظ على استقراره النقدي الذي تحقق خلال العامين الماضيين دون إجراء إصلاحات جذرية في القطاع العام. وليس أمام الدولة خيار سوى خفض احتياجاتها التمويلية المالية في المستقبل. ويجب أن يأتي التصحيح المالي من خلال التقشف في الإنفاق، وتحسين تعبئة الموارد، وسد فجوة التهرب الضرائبي، وإصلاح قطاع الكهرباء. على صعيد الإيرادات، فإن المطلوب هو تعزيز تعبئة الموارد، بمجرد أن تبدأ الحكومة العتيدة في مكافحة الفساد بجدية ليكون أي تدبير ضريبي مقبول من قبل اللبنانيين. بالتوازي مع ذلك، هناك حاجة إلى سد ما يقرب من نصف فجوة التهرب المالي، أي ما يعادل 1.0% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا على مدى فترة السنوات الست القادمة. ان نسبة الإيرادات العامة إلى الناتج المحلي الإجمالي تبلغ اليوم أقل من 15% في لبنان مقابل 26% في الأسواق الناشئة و40% في البلدان المتقدمة. يعني ذلك ان هناك مجال لزيادة تعبئة الموارد ببضع نقاط مئوية لا سيما من خلال مكافحة التهرب الضريبي. وهذا من شأنه أن يؤدي إلى انخفاض الحاجات التمويلية وتقلص حجم الدين العام ما قد يمكن البلاد من الحفاظ على نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أقل من 80٪ بعد إعادة هيكلة القطاعين العام والمالي.
وعلى المستوى المصرفي، يواجه القطاع المالي أزمة ذات طبيعة نظامية، ناجمة عن السياسات العامة التي اعتمدتها الدولة بشكل رئيسي. وتتطلب الأزمات النظامية أساليب متميزة تتجاوز تلك المستخدمة في الأزمات التقليدية أو أزمات البنوك الفردية. وعلى هذا النحو، تبرز الحاجة الملحة إلى اعتماد خطة إنقاذ اقتصادية ومالية شاملة تعتمد على مقاربة نظامية للحلول، تكون مناسبة لإعادة تأسيس دور القطاع المالي باعتباره الوسيط المالي الرئيسي في البلاد، الأمر الذي من شأنه أن يحد من الاقتصاد النقدي المتفاقم، وضمان خلق القيمة الاقتصادية المضافة التي تهدف إلى دعم النهضة الاقتصادية في لبنان. وفي هذا السياق، تبرز الحاجة لخطة حكومية بدعم من صندوق النقد الدولي قادرة على المساعدة في إعادة بناء الثقة في القطاع المالي، وهو شرط أساسي لبدء التعافي الاقتصادي السريع في لبنان بشكل عام. وفي حين أن أي خطة يجب أن تتضمن بلا شك تضحيات من قبل القطاع المصرفي، والتي من شأنها أن تساهم في تغطية الخسائر، إلا أنها يجب أن تأخذ في الاعتبار القدرات المتاحة للقطاع المالي، بدلاً من إثقال كاهله بحلول خارجة عن القدرات الحالية والمستقبلية. إن إعادة التوازن المصرفي هي من مهام السلطات العامة، وعلى وجه الخصوص السلطتين التنفيذية والتشريعية (الحكومة والبرلمان). وينبغي أن تكون البنوك مستعدة لأن تتعاون مع الدولة التي ينبغي أن تقود بنفسها نهج إعادة الهيكلة المنشودة بشكل عام.
وختم التقرير بالقول أنّ صياغة وتنفيذ السياسات التي من شأنها أن تستجيب للحاجات الاقتصادية والاجتماعية للبنانيين وإطلاق الاصلاحات الضرورية التي طال انتظارها يمكن أن تكون قادرة على الحد من الاختلالات ومكامن الوهن في الاقتصاد اللبناني، وتوفير دعم نسبي للاستقرار النقدي، والمساعدة على ضمان الانتقال المطلوب من حقبة الوهن الاقتصادي إلى عصر التحسن التدريجي في المستوى العام للمعيشة والرفاهية بشكل عام.
لقراءة التقرير الكامل اضغط على الرابط التالي: https://tinyurl.com/3axf5ppv
مواضيع ذات صلة الحكومة الفنزويلية: العقوبات هي "حرب اقتصادية" ومسؤولة عن المعاناة التي تواجهها البلاد Lebanon 24 الحكومة الفنزويلية: العقوبات هي "حرب اقتصادية" ومسؤولة عن المعاناة التي تواجهها البلاد 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 التحديات الاقتصادية في لبنان: الواقع والآمال Lebanon 24 التحديات الاقتصادية في لبنان: الواقع والآمال 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 بنك إنكلترا يثبت أسعار الفائدة عند 4.5% رغم التحديات الاقتصادية Lebanon 24 بنك إنكلترا يثبت أسعار الفائدة عند 4.5% رغم التحديات الاقتصادية 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 الرئيس السوري: عودة سوريا إلى البيت العربي خطوة لتوحيد الصفوف لمواجهة الأزمات المشتركة ومواجهة التحديات Lebanon 24 الرئيس السوري: عودة سوريا إلى البيت العربي خطوة لتوحيد الصفوف لمواجهة الأزمات المشتركة ومواجهة التحديات 23/04/2025 15:38:04 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان إقتصاد قد يعجبك أيضاً رجي: سياسة الحكومة ترتكز على فرض سيادتها وحصر السلاح بيدها Lebanon 24 رجي: سياسة الحكومة ترتكز على فرض سيادتها وحصر السلاح بيدها 08:18 | 2025-04-23 23/04/2025 08:18:34 Lebanon 24 Lebanon 24 وفد صندوق الزكاة إختتم "زيارة مثمرة" إلى دولة الكويت Lebanon 24 وفد صندوق الزكاة إختتم "زيارة مثمرة" إلى دولة الكويت 08:00 | 2025-04-23 23/04/2025 08:00:05 Lebanon 24 Lebanon 24 البستاني من واشنطن: التعاون مع صندوق النقد لإجراء اتفاق واجب وضرورة Lebanon 24 البستاني من واشنطن: التعاون مع صندوق النقد لإجراء اتفاق واجب وضرورة 07:55 | 2025-04-23 23/04/2025 07:55:25 Lebanon 24 Lebanon 24 "الخارجية" أدانت الهجوم الإرهابي في كشمير: لبنان متضامن مع الهند Lebanon 24 "الخارجية" أدانت الهجوم الإرهابي في كشمير: لبنان متضامن مع الهند 07:54 | 2025-04-23 23/04/2025 07:54:28 Lebanon 24 Lebanon 24 الحجار ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي: إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية رسالة ايجابية Lebanon 24 الحجار ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي: إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية رسالة ايجابية 07:53 | 2025-04-23 23/04/2025 07:53:51 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بالفيديو إبن سلاف فواخرجي حديث مواقع التواصل... إليكم ما فعله Lebanon 24 بالفيديو إبن سلاف فواخرجي حديث مواقع التواصل... إليكم ما فعله 08:55 | 2025-04-22 22/04/2025 08:55:22 Lebanon 24 Lebanon 24 المرض نفسه يجمع كريم فهمي وياسمين عبد العزيز.. اليكم التفاصيل Lebanon 24 المرض نفسه يجمع كريم فهمي وياسمين عبد العزيز.. اليكم التفاصيل 12:23 | 2025-04-22 22/04/2025 12:23:47 Lebanon 24 Lebanon 24 تقدمان خدمات ذات طابع غير قانوني.. توقيف سيدتين في هذه المنطقة Lebanon 24 تقدمان خدمات ذات طابع غير قانوني.. توقيف سيدتين في هذه المنطقة 14:59 | 2025-04-22 22/04/2025 02:59:38 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد وصول الحرارة إلى 35 درجة.. أمطار غزيرة ستضرب لبنان هذا ما كشفه الأب خنيصر Lebanon 24 بعد وصول الحرارة إلى 35 درجة.. أمطار غزيرة ستضرب لبنان هذا ما كشفه الأب خنيصر 03:24 | 2025-04-23 23/04/2025 03:24:25 Lebanon 24 Lebanon 24 3 خطوط جديدة.. التنقل من بيروت وإليها أصبح أسهل وأرخص! Lebanon 24 3 خطوط جديدة.. التنقل من بيروت وإليها أصبح أسهل وأرخص! 02:30 | 2025-04-23 23/04/2025 02:30:00 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 08:18 | 2025-04-23 رجي: سياسة الحكومة ترتكز على فرض سيادتها وحصر السلاح بيدها 08:00 | 2025-04-23 وفد صندوق الزكاة إختتم "زيارة مثمرة" إلى دولة الكويت 07:55 | 2025-04-23 البستاني من واشنطن: التعاون مع صندوق النقد لإجراء اتفاق واجب وضرورة 07:54 | 2025-04-23 "الخارجية" أدانت الهجوم الإرهابي في كشمير: لبنان متضامن مع الهند 07:53 | 2025-04-23 الحجار ترأس اجتماعاً لمجلس الأمن الداخلي المركزي: إجراء الانتخابات البلدية والاختيارية رسالة ايجابية 06:58 | 2025-04-23 بري استقبل دياب والمدعي العام التمييزي وأبرق الى الفاتيكان معزيا فيديو بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم Lebanon 24 بالفيديو.. رحلة البابا فرنسيس من الطفولة وحتى انتخابه حبرًا أعظم 09:23 | 2025-04-21 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود Lebanon 24 ميقاتي: الحل للوضع في الجنوب بتشكيل لجنة أمنية قانونية لتثبيت اتفاق الهدنة ونقاط الحدود 01:00 | 2025-04-15 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) Lebanon 24 نجا من الموت بأعجوبة.. إعلامي لبناني شهير يعترف بأنه كان سببًا في فقدان إنسانة حياتها (فيديو) 04:17 | 2025-04-14 23/04/2025 15:38:04 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24