كيف تسبب نتنياهو في تراجع تقييم السياسة الخارجية لإسرائيل؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
مع بداية العام اليهودي الجديد، تواجه علاقات إسرائيل الخارجية عدة أزمات متوازية، بما في ذلك ما يتعلق بالعلاقات مع الحلفاء الديمقراطيين الليبراليين في الغرب، والعلاقات مع الجيران العرب، وتدهور مكانة وسلوك وزارة الخارجية الإسرائيلية.
هكذا مهد "معهد الشرق الأوسط"، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، لاعتلاء رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المنصة في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا العام، في ظل أن عدداً أقل بكثير من الإسرائيليين سوف ينظرون إليه باعتباره المنقذ الدبلوماسي لبلادهم.
ويضيف: "بل سيقابل بمظاهرات غير مسبوقة في شوارع نيويورك، على غرار الاحتجاجات الأسبوعية ضد سياسات حكومته التي تعصف بإسرائيل منذ بداية العام، وسيظهر المشهد مدى قلق الإسرائيليين بشأن الضرر الذي تسببه حكومة اليمين المتطرف الحالية لديمقراطية بلادهم ومكانتها في العالم".
ويلفت التقرير إلى أنه في 2019، رفع نتنياهو شعار "دوري مختلف" لحملته، وانتشرت لوحات إعلانية تحمل صورته وهو يصافح زعماء العالم، في جميع أنحاء إسرائيل.
وفي سنواته الأولى كرئيس لوزراء إسرائيل، عمل نتنياهو جاهدا على وصف نفسه بأنه الشخص الذي سيمنع إيران من أن تصبح نووية، ومع ذلك، سعى لاحقًا إلى ترسيخ صورته كدبلوماسي كبير، وشخص يسعى أصحاب النفوذ في جميع أنحاء العالم لقضاء بعض الوقت معه، ويمكنه دائمًا توقع دعوات مفتوحة للعديد من العواصم الأجنبية، وقادر على تقديم صفقات ثنائية ومتعددة الأطراف على الرغم من ذلك.
وكانت زيارات نتنياهو السنوية في سبتمبر/أيلول إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة عادة ذروة هذه الجهود الدبلوماسية الرفيعة، مع خطابات مصقولة، واجتماعات جانبية مع القادة، ولقاءات مع مسؤولين من الولايات المتحدة.
اقرأ أيضاً
بضربة الكنيست للقضاء.. هل انتهت علاقة نتنياهو بإدارة بايدن؟
وتحظى عادة كل هذه الأمور بتغطية واسعة النطاق من قبل وسائل الإعلام العبرية، وسط إشادة من الناخبين.
ولكن من المفارقة، وفق التقرير، فإنه بينما كان نتنياهو يعمل على رفع موقفه العالمي، فقد أضعف بشكل حازم نفس الجهاز الحكومي الذي من المفترض أن يحقق النجاح الدبلوماسي.
وتحت قيادته، تضاءلت الخدمة الخارجية الإسرائيلية ولا تزال ضعيفة حتى يومنا هذا، بعدما جردها نتنياهو من العديد من مسؤولياتها الأساسية، بما في ذلك الدبلوماسية العامة والشؤون الاستراتيجية، فضلا عن مكافحة معاداة السامية في جميع أنحاء العالم وحركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS)، وإعادة توزيعها على وزارات أخرى، بما في ذلك الوزارات المبتكرة حديثًا.
كما تم خفض ميزانية وزارة الخارجية على مر السنين، مما أدى إلى انخفاض عدد العاملين فيها، ما أدى تباعا إلى تقليص تأثيرها على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية بشكل متعمد.
على الرغم من انخفاض مستوى الرأي العام في عام 2015، بعد أن شكل نتنياهو ائتلافًا يمينيًا ضيقًا لم يعين فيه وزيرًا للخارجية بدوام كامل، شهد مستوى الرضا العام فيما يتعلق بقضايا السياسة الخارجية المختلفة زيادة معتدلة خلال فترة وجوده.
اقرأ أيضاً
هآرتس: نتنياهو لن يحسن صورة السعودية لدى أمريكا.. والرياض ليست حليفا له ضد إيران
ولكن في عام 2022، عندما جسدت الحكومة برئاسة نفتالي بينيت ويائير لابيد، نهجًا مختلفًا، أكثر احترافية وفعالية في السياسة الخارجية، أظهر مؤشر معهد "ميتفيم" زيادة متجددة.
ورأى الإسرائيليون أن أسلوباً آخر من السلوك الدبلوماسي أمر ممكن، وأنه من الممكن أن يؤدي إلى إنجازات أعظم.
تم نشر مؤشر السياسة الخارجية الإسرائيلية لعام 2023 في وقت سابق من هذا الشهر، بينما كان نتنياهو يستعد لزيارة أخرى للجمعية العامة للأمم المتحدة.
ووكانت النتائج مذهلة، وأكدت أن صورة نتنياهو "الدبلوماسي الكبير" لم يعد لها صدى.
فمنذ وصوله إلى السلطة في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2022، أدت السياسات الداخلية والخارجية التي تبنتها حكومته الحالية إلى عكس كيفية تقييم الإسرائيليين لدبلوماسية بلادهم وسياستها الخارجية مرة أخرى.
وفي غضون أقل من عام، تحولت الأحكام إلى سلبية، وكادت أن تصل إلى أدنى مستوياتها في عام 2015.
اقرأ أيضاً
إسرائيل دولة أبارتيد.. صورة الاحتلال تهتز داخل أمريكا
وفيما يتعلق بالرأي العام الإسرائيلي، فإن تأثير الإنجازات الدبلوماسية التي حققتها البلاد في السنوات الأخيرة، فضلاً عن تمكين الخدمة الخارجية الإسرائيلية الذي قام به الحكومة السابقة، تم محوها بالكامل تقريبًا.
ففي عام 2023، يصنف الإسرائيليون مكانة بلادهم في العالم بـ5.03 من 10 (مقارنة بـ5.85 في عام 2022)، وأداء حكومتهم في مجال السياسة الخارجية بـ4.82 (مقارنة بـ5.53 في 2022)، ومكانة وزارة الخارجية بـ5.00 (مقارنة بـ5.40 في عام 2022).
ومع ذلك، فإن الانخفاض الأكثر إثارة للدهشة كان في تقييم جودة العلاقات الإسرائيلية الأمريكية، والتي تم تصنيف في عام 2022 عند 6.85 من أصل 10، قبل أن تنخفض هذا العام إلى 5.30.
علاوة على ذلك، يشير الاستطلاع إلى أنه بالنسبة لعدد كبير من المشاركين، فإن القلق بشأن تدهور علاقات إسرائيل مع شركائها الغربيين يؤثر بشكل كبير على المواقف تجاه الإصلاح القضائي الذي يجريه نتنياهو في الوقت نفسه.
لقد أراد الإسرائيليون تقليديا أن يتعامل رئيس وزرائهم مع التحالف المهم مع الولايات المتحدة بعناية مشابهة للعلاقات مع دول مثل ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة، والتي تم تصنيفها في الاستطلاع على أنها من بين العلاقات الأكثر أهمية بالنسبة لإسرائيل.
لكن لا يُنظر إلى نتنياهو في الوقت الحالي على أنه يفي بهذا الأمر.
اقرأ أيضاً
نتنياهو يزيل صورة له مع ترامب على تويتر.. لماذا؟
كما أن إحدى المجالات التي لا يدفع فيها نتنياهو ثمن سياسات حكومته التي لا تحظى بشعبية هي القضية الفلسطينية.
فمن ناحية، تظهر النتائج التي توصل إليها معهد "ميتفيم"، أن الجمهور الإسرائيلي يرى وجود صلة بين التراجع الديمقراطي داخل إسرائيل والتقدم في الضم الفعلي للأراضي الفلسطينية، ويعتقد الإسرائيليون أن على بلادهم أن تطلب المساعدة من الدول العربية التي قامت بتطبيع العلاقات معها لتعزيز السلام مع الفلسطينيين.
ولكن من ناحية أخرى، في الذكرى الثلاثين لاتفاقيات أوسلو، يولي الإسرائيليون أهمية ثانوية نسبياً لتعزيز السلام الإسرائيلي الفلسطيني، خاصة عند مقارنتها بقضايا السياسة الخارجية الأخرى التي يمكن للحكومة الترويج لها.
وقد صنف 37% فقط من المشاركين هذه القضية على أنها مهمة (أي أعطوها تصنيفات بين 8 و10)، مقارنة بأكثر من 50% لكل من قضايا السياسة الأخرى التي شملها الاستطلاع.
ولذلك، وفق التقرير، فينبغي لأولئك في المجتمع الدولي الذين يسعون إلى إيجاد سبل لتعزيز السلام الإسرائيلي الفلسطيني، أن يحاولوا أيضًا الاستثمار بشكل أكبر في تعبئة الإسرائيليين التقليديين المؤيدين للسلام، الذين يبدون اليوم أقل حماسًا بشأن هذه القضية والذين لم يعد من الممكن قبول دعمهم لمبادرات السلام.
اقرأ أيضاً
الآلاف يتظاهرون بتل أبيب ضد نتنياهو بسبب كورونا (صورة)
المصدر | معهد الشرق الأوسط - ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: نتنياهو الخارجية الإسرائيلية لابيد إسرائيل صورة إسرائيل الخارجیة الإسرائیلیة السیاسة الخارجیة اقرأ أیضا فی عام 2022
إقرأ أيضاً:
ماهي الدلالات السياسية التي تحملها زيارة وزير الخارجية السعودي إلى لبنان؟
يزور وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان لبنان اليوم الخميس حيث سيقدم التهاني السعودية لرئيس الجمهورية جوزف عون لتسلمه سدة الرئاسة الأولى، ولتولي رئاسة الحكومة نواف سلام تمهيداً لتشكيل الحكومة الجديدة.
وعلى الرغم من أن الزيارة للتهنئة، إلا أنها تحمل في طياتها رمزية معينة ومدلولات سياسية في ما يتعلق بالعلاقات اللبنانية-السعودية وعودتها إلى مجاريها بفعل التحولات السياسية في لبنان، وحيث ترغب المملكة في العودة إلى دعم لبنان وعدم التخلي عنه. فيما لبنان يعود إلى السعودية والى الحضن العربي، بعد تقلص السيطرة الإيرانية على مواقفه وسياساته، وانتهاء الدور الإيراني القيادي في لبنان.
وكشفت المصادر، أن الموقف السعودي من الأوضاع اللبنانية كافة سيعبر عنه الوزير بن فرحان لا سيما بالنسبة إلى بسط سلطة الدولة على كامل أراضيها، وإلى أن الإصلاحات الحقيقية هي شرط أساسي للتمويل والدعم. والشرط الآخر أن توزع المساعدة بشفافية دون أي استغلال سياسي من الأفرقاء الذين لم يسيروا وفق مصلحة تقوية الدولة اللبنانية بكافة مؤشراتها.
ولفتت المصادر، إلى أن الوزير بن فرحان كان أيّد خطاب القسم، وبيان التكليف لرئيس الحكومة الجديدة، وبالتالي أن هذين المرجعين يحظيان بتأييد سعودي يفترض الالتزام بهما.
الدلالات الاولى للزيارة هي بحسب المصادر الديبلوماسية المواكبة لها، في انها تأتي بعد جفاء خليجي استمر لسنوات. وبالتالي، هناك صفحة جديدة في العلاقات الخليجية مع لبنان ستفتح مع كل ما يعزز هذه العلاقات سياسياً واقتصادياً. ومن المتوقع ان تتوالى الزيارات الخليجية إلى “لبنان الجديد” للتهنئة وللعودة الى العلاقات الاخوية والودية.
وستفتح زيارة بن فرحان لبيروت الباب تدريجياً وفقاً للمصادر، امام التعاون الوثيق على المستويين السياسي والاقتصادي. وهذا ما سيطلبه لبنان أيضاً خلال المباحثات التي ستتم في الزيارة. مع الاشارة الى ان الزيارة في حد ذاتها تعبر عن وجود تطورات جديدة في العلاقات الثنائية، وعن الدور المميز للمملكة العربية السعودية في لبنان، والحوار المشترك بين البلدين والتواصل الذي لن ينقطع. وبالتالي، لن تكون المملكة بعيدة عن التقارب مع لبنان في ظل المستجدات والادوار الاقليمية، وتحديداً في الملف السوري.
وأكدت المصادر انه سينتج عن الزيارة مفاعيل مهمة ستتضح معالمها خلال المرحلة المقبلة، ذلك ان البحث في التفاصيل لن ينطلق في الزيارة الاولى. انما الزيارة الاولى ستفتح آفاق جديدة ومتينة بين المملكة ولبنان. وتلفت المصادر، الى اهمية وجود المملكة كدور اساسي بعد تقلص الدور الإيراني في لبنان، وتقلصه أيضاً في سوريا، بعدما لم يعد ممكناً أن يكون لاعباً جوهرياً في قضايا المنطقة.
ويحفظ لبنان للمملكة وقوفها الدائم إلى جانبه على مر السنين السابقة قبل مرحلة الجفاء التي ولدتها السيطرة الإيرانية على مواقف بعض الأفرقاء فيه، وعلى مقومات البلد وسياساته الداخلية والخارلجية. كما أن لبنان بحسب المصادر، يعول على الدعم السعودي لنهوضه من الانهيار الذي دام ست سنوات وعلى دعم الجيش اللبناني، وذلك في المؤتمرات التي ستعقد دولياً خصيصاً لهذه الأهداف.
وفي المقابل، سيكون لبنان داعماً أساسياً لمواقف المملكة إن عبر الجامعة العربية، أو عبر المواقف والمنابر الدولية. وهو يقدّر دائماً أنها رمز الحكمة والتعقل في المواقف السياسية