أخلاق النبي .. ملتقى الجامع الأزهر: قبول العذر والعفو عند المقدرة من شيم الكرام
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
عقد الجامع الأزهر الشريف اليوم، حلقة جديدة من ملتقى الطفل، والذي يأتي تحت عنوان: " الطفل الخلوق - النظيف - الفصيح"، وذلك في إطار مواصلة الجامع الأزهر والرواق الأزهري، جهودهما في توعية النشء بالآداب الإسلامية والأخلاقيات السليمة النابعة من صحيح الدين، وحاضر في الملتقى الدكتور عبدالله الحسينى، منسق العلوم الشرعية والعربية لقطاع الوجه القبلى بالجامع الأزهر، والدكتور ياسر عجوة الباحث بوحدة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف.
واستهل د.الحسيني الملتقى بقوله: إن من وسائل كسب الجيران معاملتهم بالمسامحة والرفق واللين، ومن صور ذلك قبول أعذارهم إذا أخطأوا، فكل ابن آدم خطَّاء، وما اعتذر إليك إلا من راعى ودَّك وحفظ صداقتك، موضحا أن قبول العذر من شيم الكرام، وأنه من أهم الصفات التي دعت إليها الشريعة الإسلامية، والتي يجب أن يتربى عليها المسلم صغيراً ويتحلى بها كبيراً، فالإنسان بطبعه خُلق ضعيفاً ميالاً للخطأ قال الله تعالى: “وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا” [النساء: ٢٨].
وتابع : عندما يخطئ الإنسان لا بد وأن يعتذر، فإذا اعتذر المخطئ فعلى الآخر قبول العذر منه، مضيفا: لقد ضرب لنا النبي يوسف عليه السلام أروع الأمثال في قبول العذر من إخوته الذين ألقوه في غيابات الجب وتاه في الأرض بعيدا عن موطنه وأهله وتعرض للسَجن بسببهم، ولما كتب الله لهم اللقاء مرة أخرى رجعوا إليه معتذرين قائلين: ﴿ قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا وَإِن كُنَّا لَخَاطِئِينَ﴾ فقبل منهم العذر وقال لهم: ﴿قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ﴾.
وأشار د. الحسيني، إلى أن حبيبنا المصطفى ﷺ علمنا كيف يكون العفو وقبول العذر يوم فتح مكة حين التقى بمن أسائوا إليه وعذبوه وأخرجوه ومن معه من المؤمنين من ديارهم فقال" لهم ما تظنون أني فاعل بكم ، فقالوا إليه معتذرين: أخ كريم وابن أخ كريم، فقبل منهم العذر وعفى عنه وقال مقولة سطرها التاريخ بمداد من ذهب: "اذهبوا فأنتم الطلقاء"، وبيَّن أن النبى ﷺ حذرنا من عدم قبول عذر الآخرين، فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «مَنِ اعْتَذَرَ إِلَى أَخِيهِ الْمُسْلِمِ مِنْ شَيْءٍ بَلَغَهُ عَنْهُ فَلَمْ يَقْبَلْ عُذْرَهُ لَمْ يَرِدْ عَلَيَّ الْحَوْضَ» أخرجه الطبراني في الأوسط، ويقول الحسن رضي الله عنه "لو أن رجلاً شتمني في أذني هذه، واعتذر إليَّ في الأخرى لقبلت عذره".
وفى نهاية حديثه، حث د. عبدالله الحسيني كل مسلم أن يتخلق بهذا الخلق الكريم ويربي أبناءه عليه حتى تسود المحبة والأخوة بين أفراد المجتمع وتزول الشحناء والبغضاء.
من جانبه، قام د. ياسر عجوة، الباحث بوحدة شئون الأروقة بالجامع الأزهر الشريف، بتعريف فعل الأمر ، موضحاً أنّه كلّ فعل يُراد به طلب القيام بالشىء، أو العمل به في زمن المستقبل، مبينا العلامات التي تميز الفعل الأمر عن الفعل الماضي والفعل المضارع، وذلك قبوله نون التوكيد بنوعيها الثقيلة والخفيفة مع الدلالة على الأمر من خلال صيغته، كقولنا: اكتبَنْ، واضربنّ؛ ومن أيضا: العبْ بالْكُرةِ، وأطعمْ صغيرك، ونظفْ ملابسك، ونمْ مُبَكراً، وغير ذلك.
وفي نهاية الملتقى، اختتم الباحثان حديثهما بالإجابة عن بعض الأسئلة حول الموضوع، وأثناء الشرح استخدم الباحثان بعض الشرائح التوضيحية، معتمدَيْن على أسلوب المناقشة والتحاور مع الأطفال، تشجيعاً لهم على المشاركة.
يُذكر أن ملتقى " الطفل الخلوق والنظيف والفصيح" يعقد يوم السبت من كل أسبوع بالجامع الأزهر، ويتم تنفيذه في بعض المحافظات ، وذلك لتربية النشء على أسس صحيحة، وفهم عميق لأخلاقيات ديننا الحنيف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الجامع الازهر ملتقى الطفل بالجامع الأزهر
إقرأ أيضاً:
أزمة أخلاق «1»
ما حدث فى مدرسة كابيتال الدولية منذ أيام ليس مجرد «خناقة» بين طالبات فى مدرسة ولا حادث عارض لم يستغرق سوى دقائق معدودة ويمكن أن يمر مرور الكرام.. بل هو حادث جلل ومزلزل ويستدعى أن نتوقف أمام كل تفاصيله.
لا ينبغى أن نتجاوز هذا الحدث بعد أن دق ناقوس الخطر وجاءنا الإنذار من مدرسة دولية كبيرة ومن قلب القاهرة الجديدة.
من هنا كان الاهتمام الإعلامى بهذا الحدث.. ومن هنا جاءت حالة الاستنفار سواء على المستوى الرسمى أو الشعبى.
هذا الحادث أو «خناقة» طالبات مدرسة التجمع كما سماها الإعلام كشفت عن أزمة أخلاق باتت تهدد المجتمع بأسره وتستدعى اليقظة والانتباه قبل فوات الأوان.
الأطراف كثيرة والتفاصيل مؤلمة والحل لا يجب أن يتوقف عند القرارات العقابية وإن كانت حتمية ويجب أن تصل إلى درجة المحاكمة.. ولكن المشكلة أكبر من ذلك بكثير وتتطلب التكاتف والاستنفار.. والبداية تكون بالعودة إلى التربية أولًا قبل التعليم ولن يكون ذلك إلا من خلال إحياء دور البيت والمدرسة من جديد.
الألفاظ التى سمعناها من البنات فى «الخناقة» هى ألفاظ صادمة وخادشة للحياء ومؤلمة ومتدنية وهذا أقل ما يمكن قوله.. والغريب أنها صدرت من بنات وليس من أولاد.. والأغرب أنها صادرة من وسط اجتماعى يضم الطبقة العليا والمتوسطة العليا، والأسر التى تنتمى إلى هذه الطبقة لديها الإمكانات المادية التى تؤهلها للاستثمار فى التعليم والإنفاق على أولادهم فى مدارس دولية باهظة التكاليف.. وهذا له ما يبرره لأن هذه المدارس تقوم بتدريس مناهج دولية عالمية مثل الـIG والـIB والبكالوريا الأمريكية وهو تعليم مختلف ينتج عنه مخرجات تختلف عن مخرجات التعليم العادى.. إلى هنا والأمور طبيعية.. ولكن غير الطبيعى هو تركيز الأسر على الناحية العلمية فقط وتجاهلها للأهم وهى التربية.. تجاهلت الأسر أهمية التربية التى تأتى فى المرتبة الأولى قبل التعليم الذى يأتى فى المرتبة الثانية.. دخلت هذه الأسر سباق التعليم وهى لا تدرك أن الشهادة الدراسية ليست غاية فى حد ذاتها وإنما هى وسيلة لبناء الشخصية، وأن هذه الشهادة لن تبنى وحدها الشخصية والكيان، ولن تحقق الغاية، وأن هناك مقومات أخرى أكثر أهمية وهى التربية والأخلاق.
ما حدث فى مدرسة كابيتال الدولية من «خناقة» سمعنا فيها ألفاظًا نابية وقبيحة هو أمر يؤكد غياب دور الأسرة فى التربية واقتصار الأمر على تدبير مصروفات باهظة من أجل تعليم منقوص منزوع الأخلاق حتى وصلنا إلى خناقة وضرب وكسر أنف وأقسام شرطة ونيابات وقريبًا محاكم.. هذه هى النتيجة الطبيعية لغياب دور البيت فى التربية.. وهو ما يفرض علينا سرعة تدارك تلك الجريمة والعودة إلى القواعد والأصول.. قواعد التربية وأصول الأخلاق.