قيس سعيّد يتحدّى الصهيونية العالمية
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
قيس سعيّد يتحدّى الصهيونية العالمية
يبقى السؤال مطروحا: لماذا اختار الرئيس سعيّد هذا التوقيت بالذات ليوجه قصفه نحو الصهيونية العالمية؟
شنّ قيس سعيّد هجوما قويا ضد الصهيونية العالمية، رغم أنه لم يطرأ جديد في هذه الفترة في الملف التونسي الإسرائيلي.
من حقّ السياسي رفع رأسه إلى السماء، لكن عليه أولا أن يثبّت أقدامه على الأرض، لئلا يهوي في حفرة عميقة، وحتى يتمكّن من إخراج شعبه من أزمته الخانقة.
انطلق سعيّد من كارثة درنة متسائلا: لماذا سمّي الإعصار دانيال وهو اسم نبي عبري وربط ذلك بأبراهام الذي سمّيت عليه المبادرة الأميركية "اتفاقية أبراهام" للتطبيع مع إسرائيل.
كان الرئيس غاضبا، ولكن ضدّ من؟ وما الدوافع وراء تصريح تضمّن رسائل لأكثر من طرف، وبالإضافة إلى إسرائيل، هناك انتقاد للإدارة الأميركية المستمرّة في توجيه انتقاداتها للنظام التونسي.
* * *
يواصل الرئيس التونسي قيس سعيّد توسيع اشتباكه مع جبهات متعدّدة داخليا وخارجيا. إذ يبدو أنه واثق في شخصه وفي نظامه، وفي تعاطف جزء عريض من التونسيين مع اختياراته وقراراته.
عاد، في الأيام الأخيرة، للاستناد إلى الملفّ الفلسطيني، حيث شنّ هجوما قويا ضد الصهيونية العالمية، رغم أنه لم يطرأ جديد في هذه الفترة في الملف التونسي الإسرائيلي، فخلال جلسة عقدها أخيرا مع رئيس الحكومة وبعض وزراء السيادة، انطلق سعيّد من الكارثة التي حصلت في مدينة درنة، متسائلا لماذا سمّي هذا الإعصار دانيال، وهو اسم نبي عبري، وربط ذلك بأبراهام الذي سمّيت عليه مبادرة "اتفاقية أبراهام" الأميركية الرامية إلى التطبيع مع إسرائيل.
ورأى في هذه التسميات مؤامرةً من الحركة الصهيونية التي "تغلغلت، وتم ضرب العقل والتفكير ليصبحوا في غيبوبة فكرية تماما". جاء ذلك كردّ فعل على اتهامه من المعارضة بالانخراط في سياسات التطبيع، فقال إن هذا المصطلح غير وارد في قاموسه، مؤكّدا من جديد إن التطبيع "خيانة عظمى" للشعب الفلسطيني وحقه في "كل فلسطين". والمعركة هي مع الحركة الصهيونية العالمية، وليست مع اليهود.
كان الرئيس غاضبا، ولكن ضدّ من؟ يبدو أن الدوافع وراء هذا التصريح الذي تضمّن رسائل موجّهة إلى أكثر من طرف، إذ بالإضافة إلى الدوائر الإسرائيلية، هناك انتقاد واضح للادارة الأميركية المستمرّة في توجيه انتقاداتها إلى النظام التونسي.
كما أن الأوروبيين معنيون بهذا التصريح، خصوصا بعد وفد البرلمان الأوروبي الذي كان يعتزم زيارة تونس للاطلاع على الوضع السياسي والحقوقي، لكن رئاسة الجمهورية رفضت السماح له بدخول التراب التونسي.
وقد ظنّ الرئيس سعيّد أن رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، قد فتحت له طريقا معبّدا سيمكّنه من تخفيف الضغوط المالية على تونس، فاذا بأغلب أعضاء الاتحاد الأوروبي يرفضون الاتفاق الذي تم. وكانت النتيجة أن الاتحاد لم يصرف يورو واحدا لتونس حتى اليوم.
هناك من مؤيدي الرئيس من اعتبر أنه اختار الوقت المناسب للهجوم على أميركا نظرا إلى الضعف الذي أصبحت عليه. وهو رأي ينقصه كثير من بعد النظر. فهذا البلد لا يزال مؤثرا في الأجندات العالمية، وليس من مصلحة تونس الدخول في مشاكساتٍ مع أقوى دولة، فالبلدان يختلفان في الوزن والأهمية، ولا يمكن المقارنة بينهما. أما بالنسبة للاتحاد الأوروبي فلطرد الوفد تبعات ستتجلّى تدريجيا.
رغم ذلك كله، يبقى السؤال مطروحا: لماذا اختار الرئيس سعيّد هذا التوقيت بالذات ليوجه قصفه نحو الصهيونية العالمية؟
مع انطلاق السنة السياسية الجديدة، يتّجه البرلمان الذي صنعه قيس سعيّد تحت أنظاره نحو مشروع قانون لتجريم التطبيع، وهو المشروع المؤجل منذ حصول الثورة، ولم يرغب أي طرف سياسي مؤثر في الشأن العام أن يتحمل تبعات إصداره، سواء أكان هذا الطرف في الحكم أم في مجلس النواب.
تم الاستناد إلى معطياتٍ عديدة لتبرير هذا التأجيل والتراخي. قد يكون الهجوم على الحركة الصهيونية دعما من الرئيس لتقنين هذا الإجراء، وغلق الباب نهائيا أمام الجميع.
هناك من يعتقد أن سعيّد يريد تحويل الرأي العام عن همومه اليومية وإقناعه بأن الحركة الصهيونية ليست بعيدة عما يجري في تونس، أو أنه يؤكّد للجميع أنه مستعد لمواجهة كل الاطراف، بما في ذلك الصهاينة، وأنه مستعد ليكون شهيدا في سبيل فلسطين.
يحبّ الشعب التونسي فلسطين، ويرفع رايتها. لكن أليس سقف ما يطرحه سعيّد بوصفه رئيسا للدولة لا كمواطن، عاليا جدا رغم صحته تاريخيا وأخلاقيا. ففي الذكرى الثلاثين لاتفاق أوسلو اتفق الجميع على موت فكرة حل الدولتين، فما بالك بتحرير كامل فلسطين.
من حقّ السياسي أن يرفع رأسه عاليا إلى السماء، لكن عليه قبل ذلك أن يثبّت أقدامه على الأرض، حتى لا يهوي في حفرة عميقة، وحتى يتمكّن من إخراج شعبه من أزمته الخانقة.
*صلاح الدين الجورشي كاتب وناشط في المجتمع المدني
المصدر | العربي الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تونس درنة الصهيونية قيس سعيد جورجيا ميلوني البرلمان الأوروبي الإدارة الأميركية الرأي العام التطبيع مع إسرائيل اتفاقيات أبراهام الحرکة الصهیونیة قیس سعی د
إقرأ أيضاً:
مشاركة الترجي بمونديال الأندية تفجر أزمة اللاعبين الأجانب بالدوري التونسي
تونس- عاد الجدل في أوساط كرة القدم بتونس حول قانون اللاعبين الأجانب المحترفين بأندية الدوري المحلي وذلك مع اقتراب مشاركة نادي الترجي في النسخة المقبلة من كأس العالم للأندية المقررة بالولايات المتحدة.
وقبل انعقاد الجمعية العمومية غير العادية للاتحاد التونسي لكرة القدم، مطلع عام 2025، أثار عدد من نوادي الدوري الممتاز ملف العدد الأقصى للاعبين الأجانب الذين يمكن التعاقد معهم والذين يتم إشراكهم في وقت واحد بالمباراة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2استبدله بعد 10 دقائق على مشاركته.. لاعب مصري يضرب مدربه ويعتزلlist 2 of 2موعد سحب قرعة كأس العالم للأندية 2025 والقنوات الناقلةend of listوقدّم بعض نوادي الدوري وفي مقدمتهم الترجي حامل لقب الدوري التونسي، مذكّرة لاتحاد كرة القدم من أجل تغيير القوانين الخاصة باللاعبين الأجانب وتبنّي القانون الجديد خلال الجمعية العمومية المقبلة.
ديون متراكمةوأعربت أغلب الأندية عن رفضها تبني المشروع الجديد باعتبار أن اللاعبين الأجانب شكّلوا خلال السنوات الماضية "كابوسا" لتلك الأندية بسبب تراكم مستحقاتهم والعجز عن دفعها ما تسبب في فرض عقوبة المنع من التعاقدات من قِبَل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) ضد أكثر من نصف فرق الدوري.
ويعدّ ملف اللاعبين الأجانب من أكثر الأسباب التي عمقت أزمات الأندية في تونس، إذ مع تراجع الإيرادات وتفاقم الصعوبات المالية بسبب الأوضاع العامة في البلاد، عجزت جلّ الأندية عن دفع رواتب لاعبيها الأجانب لينتهي الأمر في أغلب الحالات بين أروقة فيفا بعد رفع اللاعبين الأجانب شكاوى للحصول على مستحقاتهم.
إعلانوفي يوليو/تموز الماضي، سجّلت أندية دوري المحترفين (1) و(2) رقما سلبيا غير مسبوق عندما أصدرت غرفة النزاعات في فيفا أحكاما بمنع 11 ناديا تونسيا من بينها 9 أندية تنشط بالدوري الممتاز بالمنع من التعاقدات لفترات متفاوتة بسبب تفاقم ديونها لفائدة اللاعبين والمدربين الأجانب.
وشملت العقوبات 27 قضية رفعها لاعبون ومدربون سبق لهم الانتماء والعمل مع أندية تونسية دون أن يحصلوا على كامل رواتبهم.
قوانين الكرة التونسية تمنح حاليا أندية دوري المحترفين الحق في التعاقد مع 6 أجانب كحد أقصى (مواقع التواصل الاجتماعي)ويأمل الترجي التونسي في أن يرفع اتحاد كرة القدم سقف اللاعبين الأجانب في كل فريق حتى يتمكن من ضم لاعبين جدد تأهبا للمشاركة في كأس العالم للأندية المقبلة، كما يسعى النادي الأفريقي، متصدر الدوري الممتاز حتى الآن إلى الغاية نفسها لتعزيز حظوظه في التتويج باللقب.
وتدافع بعض الأندية وفي مقدمتها الترجي عن مشروع الرفع في عدد اللاعبين الأجانب لمواكبة التطورات التي تشهدها كرة القدم في العالم، خصوصا أن الفريق سيكون في مواجهات قوية في كأس العالم للأندية 2025.
ويرى مسؤولو الترجي أن النجاح في المسابقات القارية والعالمية يتطلب وجود لاعبين ذوي إمكانيات كبيرة عادة ما تتوفر في اللاعبين الأجانب.
أندية تعارضلكن عددا من أندية الدوري التونسي للمحترفين أبدت معارضتها لمشروع القانون الجديد، باعتبار أنه سيزيد في تكبيل تلك الأندية وتفاقم ديونها.
ويرى محمد محجوب رئيس الملعب التونسي، أن "سياسة التعاقدات الأجنبية لا بد أن تخضع لدراسة شاملة تأخذ بعين الاعتبار الكلفة المالية للاعب والتداعيات الممكن وقوعها".
وقال محجوب للجزيرة نت "الملعب التونسي يسعى للانفتاح على كرة القدم في بلدان أخرى وضم لاعبين أجانب، ولكن دون المس بالمبدأ الأساسي للفريق وهو تكوين الشبان ومنحهم الفرصة للعب في الفريق الأول، اللاعب الأجنبي مهم لكن يجب تفادي العقوبات الناتجة عن انفجار أجور بعض اللاعبين وعدم القدرة عن تسوية مستحقاتهم".
محمد محجوب: سياسة التعاقدات الأجنبية لا بد أن تخضع لدراسة شاملة (الجزيرة) عقوبات الفيفا: خطر محدقوسبق للكثير من الأندية التونسية أن عوقبت بالمنع من التعاقدات من قبل فيفا، بمن فيها الترجي نفسه، وذلك بسبب عدم تسديد مستحقات لاعبيها الأجانب قبل أن يتم رفع تلك العقوبات بعد تسوية النزاعات المالية.
ووجهت عدة أطراف داخل الأوساط الكروية في تونس اتهامات لمسؤولين بالإقبال على التعاقد مع لاعبين أجانب دون إدراك التداعيات المالية والقانونية لذلك.
إعلانوقال محمد هشام الذيب، عضو مجلس اتحاد كرة القدم السابق إن "رفع سقف التعاقدات الأجنبية والنسج على منوال دوريات أخرى سواء من دول الجوار أو في أوروبا من شأنه أن يرفع مستوى الدوري التونسي ويعزز حظوظ الأندية التونسية التي تخوض المسابقات الأفريقية والعالمية مثل الترجي".
محمد هشام الذيب: رفع سقف التعاقدات الأجنبية من شأنه أن يرفع مستوى الدوري التونسي (الجزيرة)وفي تصريحات خاصة للجزيرة نت قال الذيب، وهو محام متخصص في القانون الرياضي "مجال التعاقدات الأجنبية لا بدّ أن يواكب التطور الذي تشهده كرة القدم في العالم، بمثل هذه القوانين لا يمكن للترجي مثلا أو لغيره من الفرق أن ينافس على المسابقات القارية، ما فعله الترجي مثلا في الموسم الماضي بالوصول لنهائي دوري أبطال أفريقيا يشكل معجزة".
وتابع "عندما كنا في اتحاد الكرة (2020 ـ 2024) حرصنا على أن تواكب قوانين اللاعبين الأجانب ما تشهده الكرة الأفريقية من تطور، لا بد من منح اللاعبين الأجانب مكانة أكبر في الدوري التونسي حتى تصبح الأندية قادرة على المنافسة بقوة على الألقاب القارية".
وتمنح قوانين الكرة التونسية حاليا أندية دوري المحترفين الحق في التعاقد مع 6 أجانب كحد أقصى في الفترة الواحدة للانتقالات، فيما لا يتم احتساب اللاعبين الذين تقل أعمارهم عن 21 عاما، لكن تلك القوانين لا تسمح بإشراك أكثر من 4 لاعبين في وقت واحد على أرض الملعب.
وتضم أندية دوري المحترفين في تونس، ما يزيد على 80 لاعبا أجنبيا أغلبهم في الأندية الكبيرة مثل الترجي والأفريقي (7 لاعبين) والصفاقسي (6 لاعبين) والملعب التونسي (5 لاعبين).