جريدة الوطن:
2025-01-11@16:42:31 GMT

من دراسات الشورى «6ـ16»

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

من دراسات الشورى «6ـ16»

سادسا: «دراسة ضوابط وإجراءات تنظيم صَيْد الأسماك النادرة…»
قِطاع الأسماك من القِطاعات المهمَّة جدًّا التي تستثمر فيها الدوَل المطلَّة على البحار والمحيطات والخلجان، وتقرُّ التشريعات والقوانين التي تُشكِّل حماية لضبط وتنمية هذا القِطاع وتنظيم عمليَّات الصَّيْد، وحماية حقوق ومناطق الصيَّادين التقليديِّين، وتُقدِّم لهم الحكومات أشكالًا من الدَّعم والتَّحفيز لضمان استمرارهم في حرفة الصَّيْد وتطويره وتنميته، فالاستثمار فيه وفق خطط وبرامج ووسائل ذكيَّة ومبتكرة، وبأيدٍ وعقول خبيرة ومتخصِّصة، سوف يتحوَّل إلى موْردٍ سخي يتميَّز بالاستدامة، ويمتلك القدرة على الإسهام في تنويع مصادر الدخل، وتعزيز إمدادات الغذاء في الأسواق المحلِّيَّة، وتوفير فرص عمل للباحثين عَنْه، وإنشاء مصانع وأنشطة تجاريَّة خاصَّة باستثمار الإنتاج السَّمكي الفائض عن حاجة السُّوق… وعُمان من الدوَل التي تمتلك بحارًا وشواطئ طويلة وثروة ضخمة وأنواعًا عديدة من الأسماك التي يعتمد عَلَيْها ويعتدُّ بها لتحقيق تلك الغايات والأهداف الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، ولدَيْها تاريخ طويل من الخبرة في استثمار البحار وثرواتها.

ولكن ـ للأسف الشديد ـ تعرَّض هذا القِطاع لانتهاكات واسعة وعمليَّات صَيْد جائرة تسبَّبت فيها شركات عابرة للقارَّات مخالِفة لأنظمة وقواعد وأعراف الاستثمار في هذه الثروة، لا يهمُّها من الأمْرُ إلَّا تحقيق الربح السريع، مدعومة بلوبي من عددٍ من المسؤولين النافذين والمنتفعين من هذا التعاون والشراكة غير المسؤولة، وكذلك، من منافسة العمَّال الأجانب الذين سيطروا فعلًا لسنوات على مناطق الصَّيْد في عددٍ من المواقع والشواطئ المهمَّة، المليئة بالثروة السمكيَّة، والذين كذلك انتشروا فاتَّسعت تجارتهم وتجذَّرت أعمالهم وتأسَّست على كفالة العُمانيِّين أنفُسهم الذين ارتضوا وقنعوا بالكفاف في تبادل لمصالح غير متكافئة، فتضرَّر من ذلك الصيَّاد التقليدي الذي أنهكته المنافسة الشَّرسة وغير العادلة، ووجد نَفْسَه وحِرْفته بَيْنَ «فكَّيْ كمَّاشة»، فهجر جلُّهم مهنة الآباء التي يفترض أنَّها مربحة وتدرُّ دخلًا جيِّدًا، لصالح الوظيفة في القِطاعَيْنِ الحكومي والخاصِّ بأجورٍ متواضعة ومنافسة الباحثين عن عمل على الوظائف. المجلس، في مرحلتَيْه «الاستشاري» و»الشورى»، تنبَّه مبكِّرًا إلى هذه الظاهرة الخطيرة وآثارها الضارَّة اجتماعيًّا واقتصاديًّا، فتصدَّى لعمليَّة الهدر التي تتعرَّض لها هذه الثروة الوطنيَّة، فقام بزيارات ميدانيَّة متعدِّدة وعلى فترات، إلى مناطق الصَّيْد، والتقى بالصيَّادين التقليديِّين واستمع إلى معاناتهم وملاحظاتهم وأفكارهم الجادَّة، وناقش المسؤولين وعددًا من الخبراء وأهل الاختصاص، واطَّلع على القوانين والتشريعات المنظِّمة للصَّيْد وحمايته من الاستغلال المُدمِّر والاستثمار في القِطاع السَّمكي في عددٍ من بُلدان العالَم، وأعدَّ جملة من الدراسات والتقارير المتخصِّصة والرصينة التي رُفعت إلى المقام السَّامي، أو مجلس الوزراء، ضمَّنها جملة من التوصيات والرؤى لتنظيم عمليَّات وأساليب الصَّيْد، ووضع عقوبات مشدَّدة على التجاوزات الواسعة التي تشهدها البحار التي تقع ضِمْن نطاق السِّيادة العُمانيَّة… كما ناقش المجلس هذا المحور مع عددٍ من الوزراء إبَّان حضورهم لاستعراض بيانات وزاراتهم السنويَّة، وأحال مجموعة من الأسئلة وطلبات المناقشة والإحاطة في استثمار للأدوات البرلمانيَّة وتوظيفها لإلقاء الضوء على هذا القِطاع والتَّنبيه المستمر إلى ما يلقاه من تعدِّيات وهدرٍ وشُبه فساد لصالح شركات أجنبيَّة وعددٍ محدود من النافذين في البلاد. دراسة «ضوابط وإجراءات تنظيم صَيْد الأسماك النادرة في السَّلطنة»، من بَيْنِ مبادرات وتحرُّكات كثيرة تؤكِّد جهود وإنجازات المؤسَّسة الشورويَّة، ركَّزت على «النظر في الضوابط والإجراءات المتَّبعة في تنظيم صَيْد الأسماك النادرة في السَّلطنة، وتحديد الوسائل والتدابير التي تكفل تحقيق التوازن بَيْنَ عمليَّة المحافظة على هذه الثروة السمكيَّة وتنميتها وبَيْنَ إتاحة الفرصة للصيَّاد العُماني للاستفادة مِنْها واستثمارها»، وجاءت دراسة المجلس في عددٍ من الأقسام «عالج الأوَّل تقسيم مناطق صَيْد الأسماك في السَّلطنة» وتناول القِسم الثاني تحديد «مواسم صَيْد الأسماك النادرة»، والثالث «الضوابط الفنيَّة المتعلِّقة بصَيْد هذه النَّوعيَّة من الأسماك» وخصّص القِسم الرابع لـ»تنظيم عمليَّات صَيْد الأسماك» بأنواعه المختلفة لضمان استدامته وتكاثره ونُموِّه، واستثماره في التصنيع كذلك. مع الإشارة إلى أنَّ دراسة مجلس الشورى لهذا الموضوع تمَّت على ضوء التعليمات السَّامية، وهي من بَيْنِ الموضوعات «المحالة من جلالة السُّلطان»، فقَدْ أثار «الأهالي موضوع تنظيم صَيْد الأسماك النادرة في السَّلطنة مع جلالته أثناء جولته السَّامية في المناطق في مطلع عام 1993م»، ولا بُدَّ للمرء أن يتساءلَ: كمْ من الخسائر التي تكبَّدها هذا القِطاع منذ ذلك التاريخ وحتَّى اليوم؟ نوعيَّة الأسماك التي انقرضت، الثروة والأرباح الهائلة التي تدفَّقت لمصلحة شركات ومستثمرين أجانب، أو بضعة نافذين عُمانيين، وحرمت مِنْها الموازنات العامَّة للبلاد، عدد الصيَّادين الذين تركوا مهنة الصَّيْد بسبب المنافسة الشَّرسة…؟ ومن المؤسف كذلك أنَّ شركة وطنيَّة تعمل وتستثمر في هذا القِطاع المربح، وفَّرت لها الحكومة جميع احتياجاتها ودعمتها بسخاء لَمْ تتمكَّن على مدى عقود من تحقيق أرباح تُذكر تُسهمُ ولو بالقليل في تنويع مصادر الدخل، بل إنَّ خسائرها ظلَّت تنمو وتتراكم سنة إثر أخرى، آخر البيانات المنشورة أعلنت أنَّ المجموعة الوطنيَّة تكبَّدت صافي خسارة بلغت 8’1 مليون ريال عُماني في 2022م، مقارنة بـ6‘1 مليون في 2021م» ويشير التقرير إلى أنَّ «نتائج المجموعة أظهرت تعمُّق الخسائر بنسبة 11%» فماذا يُمكِن أن يقالَ في تشخيص هذا الواقع؟ يتطلع اليوم المُجتمع العُماني في ضوء الإصلاحات التي أُجريت على جهاز الاستثمار العُماني في هيكلته وتشريعاته وعمليَّات الدَّمج التي استُحدثت إلى أن يتمكَّنَ من الحفاظ على هذه الثروة الوطنيَّة وحمايتها واستثمارها وتنميتها وفق برامج وخطط تُحقِّق موردًا في الناتج المحلِّي الإجمالي، ويستعيدَ الصَّيْد التقليدي مكانته المفقودة وتوفير وظائف مُجْدية للعُمانيِّين.

سعود بن علي الحارثي
Saud2002h@hotmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: هذه الثروة الع مانی ع مانی فی الس التی ت

إقرأ أيضاً:

صحية الشورى تواصل تدارس مشروع قانون ذوي الإعاقة

عقدت اللجنة الصحية والاجتماعية بمجلس الشورى اليوم، لقاء مع عدد من أعضاء كل من الجمعية العمانية لمتلازمة داون وجمعية النور للمكفوفين؛ لمناقشتهم والاستئناس بآرائهم وملاحظاتهم حول مشروع قانون حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة المحال من الحكومة، والذي تعكف اللجنة على دراسته خلال دور الانعقاد الحالي.

جاء ذلك في إطار الاجتماع الخامس للجنة من دور الانعقاد العادي (2024م - 2025م) برئاسة سعادة منصور بن زاهر الحجري وبحضور أصحاب السعادة أعضاء اللجنة، وقد استمعت اللجنة خلال لقاء اليوم إلى أطروحات وملاحظات أعضاء تلك الجمعيات على مواد مشروع القانون المحال من قبل الحكومة، وتطرق اللقاء إلى اللائحة التنفيذية لمشروع القانون وأهميتها في تأطير مواده، إلى جانب الحديث عن مدى شمولية القانون في ضمان حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في التعليم والعمل وتكافؤ الفرص فيهما. كما تطرق اللقاء إلى مدى توافق مشروع القانون مع القوانين النافذة الأخرى والاتفاقيات الدولية التي انضمت إليها سلطنة عمان في هذا المجال.

من جانبهم، استفسر أصحاب السعادة عن آليات تصنيف فئة الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة وأن بعض حالات الاضطرابات أصبحت تُدرج ضمن هذه الفئة، حيث تمت الإشارة إلى بعض التحديات التي تواجهها الجهات الحكومية القائمة على وضع تلك التصنيفات، كما تم الحديث عن مدى ارتباط مشروع القانون بنظام الحماية الاجتماعية القائم في سلطنة عمان، خاصة فيما يتعلق بالمعونات والامتيازات التي تقدمها الحكومة، إلى جانب المعوقات الإجرائية التي تواجه هذه الفئات من خلال الممارسات الطبيعية في المجتمع.

مقالات مشابهة

  • مجلس الشورى: العدوان الصهيوأمريكي لن يثني الشعب اليمني عن مناصرة وإسناد غزة
  • الاقتصاد العُماني ينهي 2024 بتحسن مع توقعات بمواصلة النمو
  • الأسماك الملونة.. متعة وراحة بال تزين بيوت البغداديين (صور)
  • الأرقام صادمة.. دراسات تكشف العدد الحقيقي للقتلى في غزة
  • أسعار الأسماك اليوم الجمعة 10 يناير 2025
  • معهد دراسات الامن الصهيوني: لا حل سريع لـ”الحوثيين”  
  • د خالد بن شطيف يبحث مع وكيل وزارة الخارجية العُماني سبل تعزيز العلاقات الثنائية
  • أوراق الإمام محمد عبده المجهولة... ندوة بمكتبة الإسكندرية
  • صحية الشورى تواصل تدارس مشروع قانون ذوي الإعاقة
  • صدور عدد جديد من مجلة البحر الأحمر .. دراسات وتحليلات سياسية عميقة