هل سيكون هناك "لجوء للنجاة" بسبب تغير المناخ مثلما هناك لجوء سياسي بسبب الاضطهاد؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
هل يصبح المناخ الدافع الرئيسي للهجرة في المستقبل؟ من المؤكّد أن التغير المناخي هو حاليًا من العوامل خلف النزوح السكاني في العالم، إلا أنه نادرًا ما يبرر وحده حركات الهجرة، لا بل قد يساهم في وقفها. هذا ما كان موضع إجماع بين عدد من الخبراء الفرنسيين والدوليين جمعهم "معهد تقاربات الهجرات" في باريس.
اتفق الاختصاصيون خلال يوم علميّ نظّم حول هذه المسألة، على رفض التوقعات المقلقة الصادرة عن بعض المنظمات مثل البنك الدولي، الذي حذر من أن تبعات التغير المناخي ستدفع أكثر من مئتي مليون شخص إلى الهجرة، بحلول العام عام 2050.
وثمة اختلاف حول هذه المسألة كما حول الأفق المحدد مستقبلا.
وقال فرنسوا جيمين اختصاصي الهجرة، والعضو في الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي التابعة للأمم المتحدة: "الهجرة المناخية تقدّم بصورة منهجية على أنها ظاهرة مستقبلية. هذا يحجب واقع أن هناك منذ الآن ملايين النازحين نتيجة كوارث مناخية أو التبعات البطيئة الظهور للتغير المناخي".
ومعظم هؤلاء النازحين لا يغادرون دولا فقيرة للانتقال إلى دول غربية، بل هم في غالب الأحيان نازحون داخل بلدانهم.
غوتيريش يقول إن أزمة المناخ "فتحت أبواب الجحيم"خبراء يدقون ناقوس الخطر بشأن ارتفاع أسعار الأرز والمخاطر الغذائية الناجمة عن التغير المناخيدراسة جديدة تؤكد الدور الذي يلعبه تغير المناخ في موجات الحرّ الحاليةعامل يفاقم الظاهرةومن بين ستين مليون "نازح داخلي" أحصاهم في 31 كانون الأول/ديسمبر 2022 المركز الدولي لمراقبة النزوح، الذي تعتبر أرقامه مرجعية، نزح 32,6 مليون شخص بسبب حوادث طبيعية، ربعهم بسبب الفيضانات في باكستان، وأكثر من مليون منهم بسبب موجات الجفاف في الصومال.
وتظهر هذه الأرقام برأي أستاذ الجيوسياسة البيئية في معهد العلوم السياسية في باريس، أن "عدد النازحين الداخليين بسبب الكوارث الطبيعية يفوق عدد النازحين الداخليين، بسبب النزاعات أو أعمال العنف".
لكن فرنسوا جيمين لفت إلى أن من الصعب "عزل" العامل المناخي في حركات الهجرة عبر العالم، موضحا أن "البيئة تؤثر في قرار الهجرة، وتندمج مع مختلف العوامل التي تدفع على الرحيل".
وأضاف الخبير قوله: "حين يتبين أن 70% من الأسر في دول الساحل وحدها تعتمد على زراعة الكفاف، التي تبقى إلى حد بعيد رهن التغيرات في معدل هطول الأمطار أو في درجات الحرارة، فمن المؤكد عندها أن لتدهور البيئة وطأة مباشرة على موارد العائلات. وفي هذه الحالات، تكون العوامل الاقتصادية والمناخية للهجرة هي ذاتها إلى حد ما".
وأشار جيمين إلى أن مهاجرين "مناخيون" كما يصنّفون، قد يكونون من بين الأشخاص الذين وصلوا مؤخرا إلى جزيرة لامبيدوسا الإيطالية.
"لا تدفق" لمهاجرينوفي مطلق الأحوال، اعتبر عالم الجغرافيا إتيان بيغيه من جامعة نوشاتيل السويسرية، أنه "لن يحصل تدفق مهاجرين مناخيين" على أوروبا، متوقعا أن يكون "القسم الأكبر" من المهاجرين نازحين داخليين أو "بين دول الجنوب".
وهذا ما يجعل هذه البلدان نفسها تنضم إلى موقف الغربيين، في عدم تأييدها استحداث وضع "لاجئ مناخي"، وهو مفهوم طرح منذ بضع سنوات غير أنه استبعد على المستوى الدولي، ليبقى وضع اللجوء على ارتباط بالاضطهاد السياسي.
ورأى خبير الديموغرافيا فرنسوا إيران المشرف على دراسات الهجرة في معهد كوليج دو فرانس، أن الهجرة في الوقت الحاضر هي شكل من "التكيّف" مع التغير المناخي، يعطي نتائج "متباينة"، وقال: "إذا حل الجفاف ببلد، فهو يقلص موارد الأفراد، ما يحدّ من إمكانية الهجرة".
وأكدت الخبيرة الاقتصادية كاتي ميلوك أن "ارتفاع درجات الحرارة في الدول الأكثر فقرا، يميل إلى الحد من الهجرة الدولية" ويدفع الأشخاص المعنيين بظاهرة الهجرة إلى النزوح، بالأحرى داخل بلادهم.
وأقرت الخبيرة بعدم وجود "إجماع" علمي في الوقت الحاضر حول العلاقة السببية بين الهجرة والتغير المناخي. وهذا ما يجعل النقاش حول وضع اللاجئ المناخي "مضللا" برأي بيغيه، الذي يوضح أنه في ضوء "تعدد الأسباب" خلف هذه الظاهرة، إذ يتداخل المناخ تدريجيا مع النزاعات والفقر، فمن الأجدى طرح فكرة "لاجئ للنجاة".
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية برلين بصدد إنشاء نقاط تفتيش حدودية ثابتة لمكافحة الهجرة غير الشرعية المفوضية الأوروبية تعلن بدء دفع أموال لتونس "في الأيام المقبلة" بموجب اتفاق الهجرة سالفيني ولوبن يشكّلان جبهة موحّدة ضد "طوفان الهجرة" استعداداً للانتخابات الأوروبية البيئة فرنسا نزوح تنمية اقتصادية الهجرة تغير المناخالمصدر: euronews
كلمات دلالية: البيئة فرنسا نزوح تنمية اقتصادية الهجرة تغير المناخ فرنسا الحرب في أوكرانيا أزمة المهاجرين وفاة روسيا أوكرانيا إسرائيل إيران الهجرة غير الشرعية سياسة فرنسا الحرب في أوكرانيا أزمة المهاجرين وفاة روسيا أوكرانيا التغیر المناخی یعرض الآن Next
إقرأ أيضاً:
غدعون ليفي: بسبب غزة هذا ما يخطر ببالي الآن عندما تدوي صفارة الإنذار
كتب غدعون ليفي أنه سيقف كما كان يفعل كل عام منتبها عند سماع صفارة الإنذار، ولكنها اليوم تشوش أفكاره وتنقله إلى مشاهد غزة التي لم تعد تفارقه، بدلا من تذكيره بجده وجدته اللذين حُفر اسماهما على جدار النصب التذكاري في المقبرة اليهودية القديمة في براغ.
وذكّر ليفي -في زاويته بالصحيفة- بأنه كان كلما دوت صفارة الإنذار، يتخيل نارا هائلة تلتهم كل شيء، ويرى يهودا يحترقون فيها قبل حرب غزة، ولكنه هذا العام يرى الأطفال الرضع يحرقون أحياء في خيمة إيوائهم في خان يونس، ومعهم آلاف الأطفال والنساء والرجال الذين قتلتهم إسرائيل بلا رحمة.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتب هندي: الغرب يصمت أمام مجازر غزة الآن مثلما تجاهل الهولوكوست بالأمسlist 2 of 2تايمز: جاسوس روسي خطط لتفجير طرد مفخخ بطائرة متجهة لأميركاend of listوتساءل الكاتب "كيف يمكننا اليوم أن نقف منتبهين دون أن نفكر في التحقيق المروع الذي أجراه يانيف كوبوفيتش في إعدام 15 منقذا فلسطينيا على يد جنود إسرائيليين أطلقوا النار عليهم بدم بارد، ثم سحقوا سيارات الإسعاف ودفنوا الجثث في الرمال؟ ودون أن نفكر في أحد سكان سنجل في الضفة الغربية، أحرق المستوطنون منزله، ثم أطلق عليه الجنود الغاز المسيل للدموع حتى أصيب بنوبة قلبية وفارق الحياة".
وأضاف "كيف يمكننا أن نقف منتبهين دون أن نفكر في مجتمع أم الخير الرعوي المسالم في تلال الخليل الجنوبية، والمذابح المتواصلة التي يتعرض لها على أيدي الجيش والمستوطنين؟ وكيف يمكننا ألا نفكر في المقال الشجاع والصادم الذي كتبته أوريت كامير في هآرتس عن وقوف الإسرائيليين على الحياد في هذه الحرب، مما يلغي -حسب رأيها- حقهم في الشكوى من الألمان الذين فعلوا ذلك؟ وكيف يمكننا ألا نفكر في مقال دانيال بلاتمان في الصحيفة نفسها عن أطفال غزة وأطفال الهولوكوست، وقد ذكّر فيه بأن يوم استئناف القتال في غزة سيخلد في ذاكرة التاريخ اليهودي".
إعلان مجزرة وسط صمت ولا مبالاةوكتب بلاتمان أنه درس الهولوكوست مدة 40 عاما، وقرأ شهادات لا تحصى عن أبشع إبادة جماعية على الإطلاق بحق الشعب اليهودي وضحايا آخرين، "ومع ذلك فما كنت أقرأ عن جرائم قتل جماعي ارتكبتها إسرائيل، تذكرني في تشابه مرعب، بشهادات من أرشيف ياد فاشيم (مركز أبحاث وتخليد ذكرى الهولوكوست) وهو أمر لم أكن أتوقعه حتى في أسوأ كوابيسي".
ونفى بلاتمان أن تكون هذه مقارنة بالهولوكوست واعتبرها تحذيرا من مسار الأمور، وقال إن عدم التفكير في غزة اليوم ضياع للإنسانية وانتهاك لذاكرة المحرقة، وخيانة لذكرى الهولوكوست وضحاياه، بل ونذير شؤم لما هو آت.
ومع أنه لا وجود لمعسكرات أوشفيتز وتريبلينكا في غزة، فإن هناك معسكرات اعتقال، وهناك أيضا جوع وعطش، ونقل الناس من مكان إلى آخر كما تنقل الماشية، وحصار على الأدوية.
وختم ليفي بأن المحرقة لم تصل إلى ذروتها بعد، ولكن أحد عناصرها الأساسية أصبح قائما منذ زمن طويل، وهو نزع الصفة الإنسانية عن الضحايا الذي ترسخ لدى النازيين، وهو الآن يتحرك بكامل قوته في إسرائيل، مذكرا بأن مقتل 1600 فلسطيني منذ استئناف الحرب، مجزرة ينفذها خيرة أبنائنا وسط صمت ولا مبالاة مقززة من معظم الإسرائيليين.