جمعيات الجاليات ضرورة للمقيمين

تتنوَّع مجالات أنشطة الجمعيَّات، فهي تخدم فئات مختلفة من المُجتمع، فبعض الجمعيَّات تخدم المرأة، والبعض تخدم الطفل، والبعض الآخر يخدم المعوّقين، كما تتخصص بعض الجمعيَّات في خدمة مِهن معيَّنة كالأطبَّاء والمُعلِّمين، والمحاسِبين، كما تختصُّ بعض الجمعيَّات في خدمة الشَّباب. ووقفتنا اليوم مع الجمعيَّات التي تخدم المقيمين في البلد.

من الطبيعي أن يكُونَ في كُلِّ دَولة من دوَل العالَم مقيمون من جنسيَّات مختلفة في بلدهم، وهم عبارة عن المغتربين، وهم الذين يقِيمون في بلد غير بلدهم إمَّا بغرض العمل وطلب الرزق، أو للاستثمار أو الزواج من مواطن، ويُسمَّى التجمُّع الذي ينشأ من المقيمين والمُكوَّن من نَفْسِ الجنسيَّة جالية، فمثلًا يُسمَّى تجمُّع المصريِّين الذين يعملون في بلد ما، الجالية المصريَّة، وكذلك المقيمون الهنود الذين يعملون في بلد ما الجالية الهنديَّة، وهكذا يسري الحال على نَفْسِ باقي الجنسيَّات، وعادةً ما يطلق مُسمَّى الجالية إن كان عدد المقيمين من نَفْسِ البلد كبيرًا يتجاوز المئة فما فوق لِيكُونَ لهذا التجمُّع اهتمامًا ومتابعة من المعنيِّين.
ويتجمع أعضاء الجالية في تجمُّعات اجتماعيَّة لِيخفِّفوا على أنفُسهم مشاعر الشوق لوطنهم، وآلام الغربة، ويؤازر بعضهم البعض في غربتهم، وتكُونُ هذه التجمُّعات إمَّا للاحتفال بالمناسبات السعيدة كأعيادهم، واليوم الوطني لبلدهم، وللاحتفال بالمناسبات الاجتماعيَّة الخاصَّة بهم كحفلات الزواج، وتخرُّج أبنائهم وغيرها. كما يجتمعون في المناسبات الحزينة، كالتعازي، ومساندة بعضهم البعض وقت المشاكل والأمراض، كُلُّ هذه الأنشطة والتجمُّعات تكُونُ عادةً تحت مظلَّة جمعيَّة تسجَّل في البلد الذي يقيمون فيه لدى الوزارة المعنيَّة بتسجيل الجمعيَّات، واستنادًا لقانون الجمعيَّات، كأن تسجَّل جمعيَّة الجالية المصريَّة، وجمعيَّة الجالية التايلنديَّة، وجمعيَّة الجالية الفرنسيَّة وغيرها بهذا الاسم في سجلَّات الوزارة المعنيَّة. ويقُودُ هذا التجمُّع مجلس إدارة مُكوَّن من رئيس ونائبه، وأمين سرٍّ، وأمين مالي، وأعضاء، ويُمثِّل الرئيس أعضاء الجالية أمام الغير، مِثل سفارة بلدهم والجهات المختلفة، وعادةً ما تهتمُّ السفارة المعنيَّة بأعضاء جالية بلدهم وتُقدِّم لهم الدَّعم والمساندة، وتعامل الوزارة التي تشرف على الجمعيَّات جمعيَّات الجاليات نَفْس معاملة باقي الجمعيَّات من حيث الدَّوْر الإشرافي والرقابي، فعَلَيْهم الالتزام بتنفيذ القانون، فيلتزمون بعقد انتخابات دَوْريَّة، ومنح بطاقات عضويَّة لأعضاء الجالية، وتسليم التقارير الماليَّة والإداريَّة بشكلٍ دَوْري.
يهتمُّ مجلس الإدارة بتوفير مقرٍّ لأفراد الجالية، وعادةً ما يوفّر مبنى بدعم من السفارة يضمُّ قاعة تجمُّعات اجتماعيَّة واحتفالات، وقاعة ألعاب، وكافتيريا أو مطعمًا، ومسبحًا، وملاعب رياضيَّة، بحيث يقضي أعضاء الجالية أوقات إجازتهم في تجمُّع مع أبناء وطنهم وقضاء وقت ممتع. كما يستفيد أعضاء الجالية من قاعات الجمعيَّة لمناسباتهم الاجتماعيَّة كحفلات الزواج، وتقبُّل التعزية، كما ينظِّم مجلس الإدارة أنشطة لأفراد الجالية كالحفلات، والمسابقات الثقافيَّة والاجتماعيَّة، والمنافسات الرياضيَّة، وإقامة المعارض، وتنظيم الرحلات الداخليَّة في البلد أو خارجها، كما تقدِّم جمعيَّات الجاليات الدَّعم لأعضاء الجالية الجُدد لمساعدتهم على التأقلم في البلد مِثل تدريبهم على عادات وتقاليد البلد، والتأكيد على أهمِّية احترام ثقافة البلد، كما يتمُّ تدريبهم على لُغة البلد إن لزم الأمْرُ، وتدريبهم وتوعيتهم بأنظمة وقوانين البلد وحثُّهم على احترامها ومعالجة مشاكلهم وتذليل الصعوبات التي يلاقونها في بداية إقامتهم في البلد وغيرها، كما تقدِّم الجمعيَّة دعمًا مادِّيًّا لأفراد الجالية وهو ممثّل في الحصول على بطاقات تخفيضات من المحال التجاريَّة، وإنشاء صندوق تجمع فيه الجمعيَّة التبرعات لدعم أعضاء الجالية عِنْد الحاجة، حيث يتمُّ دعم الأُسر الفقيرة، ودعمهم عِنْد المرض، كما تدعم المواطنين في بلدهم عِنْد وقوع كوارث.
ومن الأدوار التي تؤدِّيها جمعيَّات الجاليات تعريف المواطنين بثقافة بلدهم، عن طريق إقامة المعارض التي تعرض ملابسهم، وأوانيهم، وحليَّهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وأنواع أكلاتهم الشَّعبيَّة، وآلاتهم الموسيقيَّة. ثمَّ يقومون بدعوة المواطنين لحضور هذا المعرض ومشاركتهم أنشطتهم الشَّعبيَّة كالألعاب الشَّعبيَّة، والأكلات، والغناء. ولا يكتفي دَوْر الجمعيَّات بفتح قنوات التواصل الاجتماعي بَيْنَ أفراد الجالية والمواطنين، بل يمتدُّ لتعزيز علاقاتهم في مجالات التبادل التجاري، والثقافي، والزراعي بَيْنَ أفراد الجالية والمواطنين.
ويستعين أعضاء الجالية بالجمعيَّة عِنْد المشاكل والصعوبات التي قَدْ تلاقيهم في غربتهم. كما يتولَّى رئيس مجلس إدارة الجمعيَّة دَوْر توثيق التعاملات الاجتماعيَّة بَيْنَ أعضاء الجالية، لا سِيَّما الجاليات الذين يدينون بديانة غير التي يدين بها البلد الذي يقيمون به، فيتولَّى رئيس الجمعيَّة التوقيع على عقود الزواج، وتوثيقها، ومتابعة قضايا الميراث، والطلاق وغيرها من التعاملات المتعلقة بالأحوال الشخصيَّة. من هنا نرى أنَّ لرئيس مجلس الإدارة دَوْرًا بارزًا في دعم أعضاء الجالية، لذا يتمُّ اختياره بعناية أثناء عمليَّة الانتخابات. وعمومًا فإنَّ جمعيَّة الجاليات تُشكِّل وطنًا مصغَّرًا لأفراد الجالية في بلد الغربة… ودُمْتُم أبناء قومي سالمين.

نجوى عبداللطيف جناحي
كاتبة وباحثة اجتماعية بحرينية
متخصصة في التطوع والوقف الخيري
najanahi@gmail.com
Najwa.janahi@

المصدر: جريدة الوطن