الذكاء الاصطناعي بوابة «الصم» لوظائف المستقبل.. «التكنولوجيا للجميع»
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
لم يعد فهم لغة الإشارة أقصى أمنيات «الصم» للتواصل مع المجتمع، إنما اقتحام عالم الذكاء الاصطناعي هو سبيلهم الوحيد للتأهيل لسوق العمل، وهو ما فطن إليه الدكتور سعيد سامي، مُعلم ومترجم لغة إشارة، بتنظيم دورات متخصّصة فى البرمجة والذكاء الاصطناعي، وبرامج تكنولوجية متنوعة، تستهدف الصم وضعاف السمع، بشكل مختلف يواكب وظائف المستقبل والتطورات والأدوات الحديثة، بمساعدة زميلته الدكتورة شيماء البحراوى.
كما قرّرت بسنت عواد، مُعلّمة لغة إشارة، أيضاً، أن تجوب محافظات الجمهورية لتعليم لغة الإشارة لموظفى شركات الكهرباء والمياه والغاز، بناءً على رغبتهم، بما يسمح لهم بالتواصل مع الصم أثناء تحصيل الفواتير، وحل مشكلاتهم ومساعدتهم.
دخول الصم وضعاف السمع عالم الذكاء الاصطناعي
نموذجان مشرفان، يعملان لخدمة الصم وضعاف السمع، بالتزامن مع اليوم العالمى للغة الإشارة: «هدفنا نؤهل الصم لسوق العمل ونساعدهم يغيروا مسار حياتهم من التدريبات المهنية التكنولوجية، بحيث يواكبوا وظائف المستقبل»، يقولها «سامى» موضحاً أن الدولة بدأت الاهتمام بالصم وضعاف السمع بشكل ملحوظ منذ عام 2015، حين سمحت لهم بالالتحاق بكلية التربية النوعية أقسام التكنولوجيا والتربية الفنية والاقتصاد المنزلى، بما يتوافق مع رؤية مصر، التى تبنّتها للتنمية المستدامة والاستثمار فى رأس المال البشرى، وتمكين ذوى الإعاقة.
«سامى» من أوائل مدرسى لغة الإشارة بكلية التربية النوعية، قسم التكنولوجيا بجامعة الزقازيق، ولمس الصعوبات التى يتعرّض لها الصم، بسبب عدم توافر مناهج بلغة الإشارة، ونُدرة التكنولوجيا التى تساعدهم على التعلم والتدريب: «قدرنا نحول المصطلحات التكنولوجية الجديدة للغة إشارة يقدر يفهمها الصم».
قرّر «سامى» و«شيماء» التقديم فى برنامج أطلقته وزارة الشباب والرياضة، هدفه تقديم أفكار جديدة تخدم المجتمع، واقترحا تأسيس شركة تنظّم دورات تدريبية للصم فى مجال التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي ، وتم قبول الفكرة وتنفيذها وتقديم الدعم لها: «وفّرنا برامج تعليمية مترجمة وتطبيقاً يحتوى على الكلمات التكنولوجية الصعبة على الصم، وماشيين بخطوات ممتازة، والشباب بيتعلم وبيطور من نفسه بسرعة».
دورات لتعليم لغة الإشارة في كافة المحافظات
فيما تجوب «بسنت» محافظات مختلفة، منها الإسكندرية والغربية والإسماعيلية وبورسعيد والبحيرة وغيرها، لتقديم محاضرات للعاملين فى شركات الكهرباء والغاز وغيرها، بالإضافة إلى بعض المؤسسات التى تتعامل مع المواطنين من الصم وضعاف السمع، لمساعدتهم وتسهيل الأمور الحياتية عليهم: «درّبت أكتر من ألف موظف إلى الآن، وبازور محافظة كل أسبوع، والناس متحمّسة تفهم لغة الإشارة».
زاد حماس «بسنت» شعورها بسعادة المشاركين فى المحاضرات للتواصل مع الصم وضعاف السمع وفهم لغتهم: «بقالى شهرين بادرب موظفين فى محافظات مختلفة، وزُرت مناطق كتيرة داخل وخارج القاهرة»، لافتة إلى أنها تستعد لتدريب موظفى البريد المصرى قريباً على لغة الإشارة، لسهولة التواصل مع الصم: «لم يتم تحديد موعد تدريب موظفى البريد، ودرّبت ناس كتيرة فى الجامعات».
لاحظت «بسنت» الإقبال الشديد على المشاركة فى دورات لغة الإشارة، من قِبل شركات ومؤسسات خاصة لتعليم موظفيها وتدريبهم على لغة الصم: «فيه موظفة قالت لى أنا كنت مبسوطة لما عرفت أتعامل مع الأصم وفهمته وحليت له مشكلته».
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: اليوم العالمي للغة الإشارة لغة الإشارة الذكاء الاصطناعي الصم وضعاف السمع لغة الإشارة
إقرأ أيضاً:
%92 من الطلاب يستخدمونه.. الذكاء الاصطناعي يهدد جوهر التعليم الجامعي
أثار تقرير حديث يحذر الجامعات البريطانية من ضرورة "اختبار إجهاد" التقييمات في ظل استخدام 92% من الطلاب للذكاء الاصطناعي، جدلاً واسعاً حول مستقبل التعليم الجامعي ودور الذكاء الاصطناعي فيه.
يشير البروفيسور أندرو موران من جامعة لندن متروبوليتان إلى أن الجامعات، التي كانت تعتبر لقرون مخازن للمعرفة والحقيقة، بدأت تفقد هذا الدور عندما تراجعت قيمة الخبراء وضعف التفكير النقدي واستقطب الخطاب العام بشكل متزايد.
ندرة المعرفة وتحديات المصادر التقليديةفي هذا العالم، يتم رفض المصادر التقليدية للمعرفة بشكل متزايد، الكتب والمقالات الصحفية ووسائل الإعلام القديمة تواجه تحديات من خلال التطورات في عرض المعلومات واسترجاعها، وعلى رأسها التطبيقات ووسائل التواصل الاجتماعي، وأدى ذلك إلى "ندرة المعرفة"، على حد تعبير موران.
قوائم القراءة المنسقة، التي يقضي الأكاديميون وقتًا في البحث عنها وتسليط الضوء على المفكرين والكتابات الرئيسية، غالبًا ما يتم تجاهلها من قبل الطلاب لصالح بحث جوجل.
وإذا لم يعجب الطالب ما يقرأ، يمكنه ببساطة التمرير إلى اليسار، ويمكن للخوارزميات بعد ذلك إرسال الطلاب في اتجاهات غير متوقعة، غالبًا ما تحولهم عن الصرامة الأكاديمية إلى موارد غير أكاديمية.
يؤكد موران أهمية توفير مواد التعلم للطلاب على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، لكنه يتساءل: "هل تصبح المعرفة سلعة استهلاكية أخرى؟" فهي متاحة بلمسة زر عبر الإنترنت، ويتم توصيلها بشكل فعال إلى بابك، وهناك العديد من المنافذ للاختيار من بينها.
قد تكون هناك كمية، ولكن ليس بالضرورة جودة: الذكاء الاصطناعي هو السلعة الاستهلاكية المطلقة.
يثير هذا الأمر تساؤلات جوهرية حول ليس فقط ما نعنيه بالمعرفة، ولكن أيضًا ما سيكون دور التعليم والأكاديميين في المستقبل.
ويقول موران: "أستطيع أن أقدر فوائد الذكاء الاصطناعي في العلوم أو الاقتصاد أو الرياضيات، حيث الحقائق غالبًا ما تكون غير قابلة للشك، ولكن ماذا عن العلوم الإنسانية والاجتماعية، حيث الكثير قابل للطعن؟"
ويحذر من أننا نفقد أرضية بسرعة أمام تغييرات مجتمعية عميقة يمكن أن يكون لها عواقب لا يمكن تصورها على الجامعات إذا لم نستجب بسرعة.
التفكير النقدي في مواجهة الذكاء الاصطناعيمن جهته، يعبر محاضر جامعي في العلوم الإنسانية عن عدم استغرابه من الزيادة الهائلة في استخدام الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى أنه يتم الترويج له بقوة من قبل شركات التكنولوجيا باعتباره سلعة موفرة للوقت، والخطاب السياسي الأوسع يعزز هذا الرأي دون التشكيك في قيود الذكاء الاصطناعي وأخلاقياته.
بينما قد يكون الذكاء الاصطناعي مفيدًا في العديد من السياقات الأكاديمية - في كتابة التقارير الأساسية وإجراء البحوث الأولية على سبيل المثال - فإن استخدامه من قبل الطلاب لكتابة المقالات يشير إلى التقليل من قيمة موضوعات العلوم الإنسانية وسوء فهم ما يتيحه الكتابة الأصلية في تخصصات مثل التاريخ والأدب والفلسفة: التفكير النقدي.
ويستشهد المحاضر بقول الروائي العظيم إي إم فورستر: "كيف يمكنني أن أعرف ما أفكر فيه حتى أرى ما أقول؟" كان يقصد أن الكتابة هي شكل متطور من أشكال التفكير، وأن تعلم الكتابة بشكل جيد، والشعور بالمرء وهو يشق طريقه عبر تطوير فكرة أو حجة، هو جوهر الكتابة.
عندما نطلب من الذكاء الاصطناعي كتابة مقال، فإننا لا نقوم ببساطة بالاستعانة بمصادر خارجية للعمل، بل نستعين بمصادر خارجية لتفكيرنا وتطويره، مما سيجعلنا بمرور الوقت أكثر ارتباكًا وأقل ذكاءً.
في عصر تكنولوجي نيوليبرالي نهتم فيه غالبًا بالمنتج بدلاً من العملية التي تم من خلالها صنعه، ليس من المستغرب أن يتم تجاهل القيمة الحقيقية للكتابة.
فيما يأخذ الطلاب ببساطة إشاراتهم من عالم يفقد الاتصال بالقيمة التي لا يمكن تعويضها للإبداع البشري والتفكير النقدي.