سلماوي: يكشف موقف هيكل معه عقب فصله من الأهرام
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
قال الكاتب الكبير محمد سلماوي، إن الراحل محمد حسنين هيكل الذي تحل اليوم مئوية ميلاده، ترك أثرا فى الصحافة المصرية على امتداد تاريخها أعمق من كل الذين سبقوه، ولقب بجدارة بلقب «الأستاذ».
وأضاف سلماوي، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، أن هيكل بجانب موهبته الصحفية الفذة وقدراته الشخصية المتفوقة، كان أستاذا لجيل بأكمله، وكان معنيا بشكل شخصي بتربية جيل من الصحفيين الأكفاء الذين أثروا الصحافة المصرية والعربية من بعده، وكل من عمل معه يذكر الدروس التي تعلمها منه.
وتابع: لن أنسى يوم فصلت من الأهرام عام ١٩٧٣ ضمن قائمة من ١٠٤ كتاب وصحفيين ضمت أحمد بهاء الدين ويوسف إدريس وأحمد حمروش وغيرهم، وطلب منا أن نسلم أنفسنا لمصلحة الاستعلامات الحكومية ففعلنا، وكان هيكل فى رحلة للشرق الأقصى، وبعد عودته حرص على أن يستدعيني لمقابلته وقال لى: هل سلمت نفسك بالفعل لمصلحة الاستعلامات؟ قلت: نعم. قال: لماذا؟ قلت: كان قرارا من الرئيس السادات، فقاطعني قائلا: الرئيس السادات من حقه أن يصدر ما يريد من قرارات كرئيس للجمهورية، لكنك أنت وحدك الذى تملك أن تحول نفسك من صحفي إلى موظف حكومة، فندمت على الخطأ الذى ارتكبته فى حق نفسى، وأدركت أن لى إرادة حرة تسمح لى بالتمسك بصفتي الصحفية، وبمعرفة متى أرفض ما يعرض علىً، وكان ذلك درسا مهما فى بداية حياتي الصحفية اهتديت به طوال عملي بالصحافة والذى امتد نصف قرن من الزمان.
وأكمل: تعلمنا أيضا من مواقف هيكل الشخصية ما لم يلقنه لنا، وقد حرص هيكل بعد أن ترك الصحافة أن ينشئ مؤسسة صحفية تواصل رعايته لشباب الصحفيين بعد رحيله، وهى مؤسسة هيكل التي سنحتفل معها اليوم بتقديم جوائزها السنوية لجيل تتالى لنا من شباب الصحفيين.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: محمد حسنين هيكل الصحافة المصرية احمد بهاء الدين
إقرأ أيضاً:
سناء حمد: نوّر بيتنا ..شارع بيتنا
كان يا ما كان …والآن ، شارع بيتنا في حي الصحافة الفاصل بين مربعين سكنيين، شارع آمن مترابط ، حين يصرخُ منادٍ فيه يفزعونه دون ان ينتظروا ليعرفوا حاجته ، كانت النسوة يلتقين في جلسات الونس والجبنة فتسمع الضحكات والأصوات الصاخبة من بعيد .
في شارعنا ، كان هناك دكان مسعود، اعتدت تحيته سلامات ، وبابتسامة مشرقة يرد وعليكم السلام ، كان مسعود قبطياً من الدبة فجمعت بيننا وإياه الأرض و اللهجة! ولم تفرّقه عنّا ديانته ، وكم كان رحيله أليماً .
كان هناك بنات فكرية لا تستطيع ان رأيت صفاء او اماني ان تتجاوزهن بالسلام فقط .
اطرق باب منزل عم حسن صالح ، وامد راسي لأسلم عليه ، ويقول ادخلي ..أنا والله يادوب راجعة البيت ،كدي خشي ،وتجي الحبيبةخالتي فاطمة عليك الله خشي ، كدي يا يابتي ، عليك الله و تشّرك لي … بعندنا قراصة بويكة بيضا طاعمة ، حينها يغلب على عشقي للويكة البيضا وهي سلطانه في صنعتها ، وادخل ثم لا أنتبه إلا وبابهم يقرع وعندي مرسال من امي !! لا أتذكر يوماً دخلت منزلنا دون ان امر عليهم ، وفي يوم آخر وانا راجعة من الزلط ارى عم عوض بطارية جالس على إطار مغروس في الأرض قريباً من باب منزله ، أنادي من بعيد بالسلام ، أحياناً اكتفي بذلك واتجه نحو بيتنا ، واحياناً اتجه نحوه وأسلم وادخل البيت ، واسرح في الوناسة مع خالتي مريم وأمل وأماني ، حتى يأتيني المنادي فأغادرهم .
حليل عمر مبشر وقد تغرّب بعيداً ، كان “يكورك ” الليلة عاملين فتة ” ما عافية ليكم كان فتوني واكلتوها ، وفعلا يعملا بالطش !! ويا نادي تعالي ” طوقيها ” قبل الهدافين ديل يصلوا والله حتة ملصقة في الطش دا ما تلقيها اسمعيني انت الكنت طالعة في راس البيت امس ؟! ايوة كنت بزبط في الفلنكوت ..ياخ ما تنادينا ! ياخ أنا بحب شغلتني دي ..الصنايعية كرهونا ، يشتغلوه كدة اول ما المطرة تصب ، نجري نلقط الحِلل والجرادل قصاد نقط المطر ، أنا احسن منهم ، وطلوع راس البيت دا تخصصي . ( ياخ كانت أيام يا حليلا )
في المساء نقعد في الشارع ننصت لقصص الحبيبة حنان هاشم وأمل وأماني بطارية وفدوى هاشم وأي واحدة من بنات الحلة مرت بينا ، نتبادل قصص الحلة وحفلاتها ، كان شارعنا لا يبحث عن سبب لقيام حفلة فيه كيف لا ، وفيه يسكن خالد هاشم ، والخالدي رحمه الله ، ومحمد إسماعيل ،ومعتصم ستيتة صديق لخالد الصحافة ! كان شبابه وفتياته يتجهزون لكل حفلة وكأنها أول مرة يحضروا فيها حفلة رغم ان آخر حفلة كانت اول امس !!
بمرور الأيام والسنوات ، الناس كبروا ، و فقد الحي الكثير من رموزه ، وغادرته انا لسنوات ، ثم عدنا للسكن مع امي ورغم ذلك ما زال الحي حي ، و فيه كل يوم قصة و ” مش حا تقدر تغمض عينيك فيه ” .
امس كنت في هذا الحيّ بعد ان تم تحريره ، كنت في حلتنا وشارعنا ، وقد ” برد حيلي ” وانا امشي فيه هل دا شارعنا !؟ كان موحشاً ، تردمت في مدخله السيارات المنهوبة خالٍ من أهله واصحابه ، جميع البيوت منهوبة وبعضها به حريق ، هذا الحيّ كان ضحيّة لديمقراطية آل دقلو وجنودهم القساة الاوباش ، وهو مثال لكراهيتهم لدولة 56 ، فهذا الحي كان حي الموظفين والعمال ، حي الذين بنوا فعلياً دولة السودان بعد الاستقلال ، لم يبنها الساسة الذين شغلتهم صراعاتهم وقصر نظرهم عن الالتفات لعملية البناء ، آباء الذين في الصحافة الان لكلٍ منهم سهم في عملية البناء غير المسيس للسودان ، ،
كانت البيوت تحكي قصة خوف ورعب تظهر فيها شواهد العنف فالرصاص لم يترك بيتاً لم يصله ، ولم ينجو فيه بيت من السرقة ، لم ارى في الحي اي من قاطنيه ،فقد هرب الجميع .
زرت الصحافة لساعات والبيوت حالها كحال اي دار التي هجرها أهلها كرهاً او طوعاً نبتت فيها الحشائش والمتسلقات من النباتات،
ما تركه الجنجويد من أشياء لم يرحم اللصوص اهله ، ،نهبت كوابل الكهرباء وملحقاتها ، الأثاثات والأدوات الكهربائية والملابس . التي غطت الارض بعد ان اختار اللصوص الأفضل منها ، وكذلك الكتب الممزقة والاوراق الرسمية الـمشتته .
هناك مشكلة مياه من الشبكة ، ولكن هناك مياه عبر الكارو ، وهناك مخبز يعمل كما علمت من ناس 24 الصامدين ، كما ظهر الخضار خاصة الطماطم في سوق 26.
رغم المعاناة لكن مهم ان يعود الناس لبيوتهم وقد بدأ قسم الشرطة عمله وانتشرت ارتكازات الجيش .
البيوت يحرسها وينظفها أهلها ، نحتاج ان نعمر هذا الحي الحيّ …وكل الصحافة التي نحب ، يد على يد نستطيع ان نفعلها ، والذي لا نستطع فعله نتكاتف ونطلب ممن نظن بهم الخير العون … أتطلع للعودة لبيتنا رغم انه نهب ودمر ما بقي فيه …لكن سنبدأ من ان لنا سقف فوق رؤوسنا ..و اول الألف ميل خطوة ..
د. سناء حمد
إنضم لقناة النيلين على واتساب