جريدة الوطن:
2024-07-08@03:06:20 GMT

أكذوبة القومية والشعب الواحد: أزمات مجتمع هجين

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

أكذوبة القومية والشعب الواحد: أزمات مجتمع هجين

في القراءة السريعة للتحوُّلات الجارية داخل «المُجتمع اليهودي» على أرض فلسطين، بعد عقود من إقامة الكيان الصهيوني على الجزء الأكبر من أرض فلسطين التاريخيَّة وبالأخصِّ بعد العام 1990 وحتَّى العام 1995 حين قدِم إلى فلسطين نَحْوَ مليون ونصف من جمهوريَّات الاتِّحاد السوفييتي السَّابق، أنَّ «إسرائيل» ليست سوى كيان «هجين مُركَّب»، وقَدْ وضعت الأزمات الأخيرة هذا المُجتمع أمام حقيقته باعتباره مُجتمعًا قام كـ»كيان طافر» جاء في سياقات نتائج ما قبل وبعد الحرب العالَميَّة الثانية.


فــ»المُجتمع الإسرائيلي» هو عدَّة مُجتمعات هجينة ومُرَكَّبة على بعضها البعض، وهذا نتيجة طبيعيَّة لتجميع أعداد من اليهود وغير اليهود من شتَّى أنحاء الأرض. وكان الاعتقاد السَّائد هو أنَّ تعليم اللغة العِبْريَّة والثقافة اليهوديَّة سيكُونانِ أداة فعَّالة في تحقيق الاندماج وصولًا إلى تكوين «قوميَّة» و»شَعب واحد». وهي المراهنة التي انهارت، كما وأنَّها الأكذوبة المنافية للمنطق، فاليهوديَّة دين ولَنْ تكُونَ شَعبًا أو قوميَّة.
لكنَّ الحقيقة التي تنطق، تشير إلى أنَّ التمايزات بَيْنَ مُكوِّنات المُجتمع إيَّاه، قَدْ تعمَّقت بَيْنَ اليهود والعرب أصحاب الوطن الأصليِّين، وبَيْنَ اليهود أنفُسِهم ما بَيْنَ يهود غربيِّين (أشكناز)، ويهود شرقيِّين (سفارديم)، ويهود متديِّنين توراتيِّين شرقيِّين وغربيِّين، وكُلٌّ لهما حزبهما، وضِمْن كُلِّ فئة من هذه الفئات يوجد تسلسل هرمي تتابعي في تصنيف اليهود ودرجاتهم.
ويبرز ضِمْن التصنيف المتدرِّج ما يُسمَّى بـ»مُجتمع الحريديم» وهم المتديِّنون اليهود المتشدِّدون الذين يرفضون التعلُّم ويرفضون القيام بأيِّ خدمة عسكريَّة أو اجتماعيَّة ويعيشون عالة على الكيان وميزانيَّته. وهم الأسرع نُموًّا ديمغرافيًّا من بَيْنِ اليهود على أرض فلسطين.
ولا يفوتنا في هذا المجال للقول بأنَّ هناك أعدادًا وافرة ممَّن وصلوا من جمهوريَّات الاتحاد السوفييتي السَّابق إبَّان الهجرات اليهوديَّة الكبرى، ليسوا يهودًا، بل من منتحلي الهُوِيَّة اليهوديَّة، أو اليهود غير المتديِّنين، ويُصنَّفون ضِمْن النُّخبة الفنيَّة والعلميَّة، وهؤلاء ينظرون إلى «إسرائيل» بوصفها فرصة عمل مؤقَّتة بمجرَّد تغيَّرت الظروف فيها نَحْوَ الأسوأ، فهم مستعدُّون «للاستقالة» مِنْها والعودة إلى بلدانهم الأصليَّة وفق تقديرات الباحث الفلسطيني سلمان أبو أرشيد في دراسة له نشرها موقع (عرب 48) الإلكتروني.
إنَّ من مشاهد حالة التخبُّط في بنية «الكيان الإسرائيلي» واهتزازه المستمرِّ بالرغم من امتلاك «الكيان الإسرائيلي» لعوامل القوَّة العسكريَّة وحتَّى الاقتصاديَّة والصناعيَّة، ما يجري من تعديلات مُستمرَّة على الدستور ضِمْن الكنيست. وعلى سبيل المثال، ومن موقع المقارنة ودلالاتها القاطعة، نوردُ الآتي:
دخل دستور الولايات المُتَّحدة حيِّز التنفيذ في الرابع من آذار/مارس 1789، ومنذ ذلك الحين وعلى مدار 234 عامًا، تمَّ إدخال 27 تعديلًا فقط على الدستور. وفي إسبانيا تمَّ تعديل الدستور مرَّتيْنِ فقط منذ عام 1978، وفي فرنسا منذ عام 1953 تمَّت الموافقة على 15 تعديلًا على الدستور، أمَّا في إيطاليا منذ عام 1947 فتمَّ سنُّ 16 تعديلًا على الدستور. وفي «إسرائيل» وفقط بَيْنَ عامَيْ 1991 و2014، تمَّت الموافقة على 69 تعديلًا لقوانين أساسيَّة. وفي الكنيست الحالي، الكنيست الخامس والعشرين، تمَّ حتَّى الآن إقرار خمسة تعديلات على قوانين أساسيَّة في غضون نَحْوِ تسعة أشْهُر من تاريخ الكنيست.

علي بدوان
كاتب فلسطيني
عضو اتحاد الكتاب العرب
دمشق ـ اليرموك
ali.badwan60@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: على الدستور الم جتمع م جتمع ا تعدیل ا

إقرأ أيضاً:

"إحياء الإرث اليهودي".. أضخم مخطط تهويدي يُغير مشهد القدس تاريخيًا وحضاريًا

القدس المحتلة - خــاص صفا

كشف الباحث المختص في شؤون القدس فخري أبو دياب عن أضخم مخطط تهويدي جديد يعمل الاحتلال الإسرائيلي على تنفيذه في مدينة القدس المحتلة، ولاسيما في المناطق المحيطة بالمسجد الأقصى المبارك. 

وتحت عنوان "إحياء الإرث اليهودي" بدأت ما تسمى "وزارة التراث" الإسرائيلية بالتعاون مع عدة وزارات وجمعيات استيطانية تنفيذ المشروع التهويدي في المدينة، بتمويل مباشر من وزارة مالية الاحتلال.

وفي حديث خاص لوكالة "صفا" يقول أبو دياب إن الاحتلال يُسارع الخطى لتنفيذ مخططاته التهويدية بالمدينة المقدسة، مستغلًا الظروف الإقليمية وانشغال العالم بالحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

ويوضح أن العمل في المشروع الجديد بدأ بشكل مكثف عبر إحداث تغييرات على أرض الواقع، من خلال رفع أعلام الاحتلال، وتغيير أبواب البلدة القديمة والمزارات والمعالم القديمة التي تُدلل على هويتها العربية الإسلامية، وكذلك تشديد الإجراءات الأمنية في القدس.

ويشمل المخطط-وفق أبو دياب- هدم عشرات المنازل وتقليل عدد الفلسطينيين في المدينة، ومصادرة المزيد من الأراضي والممتلكات المقدسية، وتغيير بعض المعالم العربية ووضع رموز عبرية عليها. 

وخصص وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش لوزارة "التراث" ميزانية ضخمة بلغت 364 مليون شيكل لأجل تنفيذ المشروع التهويدي.

وجه القدس

ويُركز الاحتلال في مخططه على مناطق ما تسمى بـ"الحوض المقدس" التاريخي، البالغ مساحتها 27 ألفًا و500 دونم، والتي تبدأ من حي الشيخ جراح شمالًا، مرورًا بالبلدة القديمة، وصولًا إلى بلدة سلوان جنوب الأقصى.

ويهدف المخطط التهويدي إلى تغيير وجه القدس التاريخي والحضاري بشكل كامل، وتهويد معالمها الإسلامية والسيطرة على ما تبقى من أراضيها، تمهيدًا لحسم قضيتها وتحويلها إلى مدينة يهودية. 

وحسب أبو دياب، فإن سلطات الاحتلال استولت على 40 ألف دونم من أراضي شرقي القدس منذ احتلال المدينة عام 1967، أي ما نسبته 39٪، وتسعى حاليًا لمضاعفة هذه النسبة إلى ٦٠٪ من خلال الاستيلاء على مزيد من الأراضي لصالح المخطط الجديد. 

ويضيف أن الاحتلال يعمل وفقًا لهذا المخطط، على استهداف الذاكرة الفلسطينية، وتحويل الأراضي المقدسية التي سيتم الاستيلاء عليها إلى مستوطنات ومشاريع تهويدية، بالإضافة إلى استهداف المعالم العربية التاريخية وتهويدها وصبغها برموز عبرية تُحاكي أساطير وروايات تتماشى مع تاريخهم ورواياتهم التلمودية المزعومة. 

ومن أبرز المعالم التي يستهدفها المخطط أبواب البلدة القديمة، تلك المحيطة بالمسجد الأقصى، والأبنية التاريخية التي تعود للفترات اليونانية والأيوبية والعثمانية، بالإضافة إلى ثلاثة مستشفيات بُنيت بالفترة العثمانية، وبرج القلعة في باب الخليل، وبعض المدارس العثمانية القديمة، والمعالم المسيحية التاريخية، والمباني الضخمة مقابل باب الخليل، فضلًا عن عدد من الشوارع في مناطق باب العامود والمصرارة والمغاربة، وغيرها من المعالم التاريخية. 

ويبين الباحث المقدسي أن الاحتلال يحاول تهويد كل شيء في القدس، وزرع المزيد من المستوطنات فيها، بهدف تعزيز الاستيطان، وزيادة عدد المستوطنين، في مقابل تقييد حركة المقدسيين وتقليل عددهم، وزيادة القبضة الحديدية ضدهم.

ويسعى الاحتلال من خلال المخطط، إلى تغيير التركيبة السكانية وزيادة التواجد اليهودي في المدينة المحتلة عبر تنفيذ المزيد من المهرجانات التهويدية، وتنظيم مناسبات ومسيرات استفزازية، ليس فقط في فترة الأعياد اليهودية، وإنما بشكل دوري، بغية صبغها بأعلام الكيان بشكل دائم. 

مخاطر المشروع

ويحذر أبو دياب من مخاطر المخطط التهويدي على الاقتصاد المقدسي الذي يُعاني الأمرين بسبب قيود الاحتلال وإجراءاته الممنهجة، فضلًا عن خنق أسواق البلدة القديمة، ومنع الوصول إليها لأجل إبعاد الفلسطينيين عن المسجد الأقصى ومحيطه، وتشديد الخناق عليه لإفراغه منهم. 

ويشير إلى أن الاحتلال صعّد منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي، قبضته الحديدية بحق أهالي القدس، عبر وضع الحواجز العسكرية وعمليات التفتيش والتنكيل والاعتقال، والمنع من دخول الأقصى. 

ووفقًا لأبو دياب، فإن وزارة مالية الاحتلال حولت مبلغًا إضافيًا لقسم التنفيذ وإجراءات الهدم في بلدية الاحتلال بالقدس بقيمة 3 مليون شيكل، من أجل تنفيذ مزيد من عمليات الهدم في المدينة، وكذلك الضغط على المقدسيين وإجبارهم على "الهدم الذاتي". 

ويؤكد أن هناك حملة إسرائيلية ضخمة لتغيير المشهد التاريخي والحضاري بالقدس كاملًا، وفرض وقائع تهويدية عليها، خاصة في ظل ما تشهده المنطقة من ظروف وأوضاع صعبة، مع استمرار الحرب على غزة.

ويشدد على أن موضوع حسم قضية القدس بات مطروحًا بشكل كبير على طاولة حكومة الاحتلال اليمينية المتطرفة، والتي تُسخر كل إمكانياتها المادية والعسكرية واللوجستية لأجل تحقيق هذا الهدف.

مقالات مشابهة

  • خلال جلسة للحكومة الإسرائيلية.. نتنياهو ووزراء يهاجمون غالانت بسبب “الهزيمة في الحرب”
  • هذه الحرب أشعلها متمرد على الدولة والشعب يدعى حميدتي
  • سيدة بريطانيا الأولى.. من هي زوجة رئيس الوزراء الجديد؟
  • عوداً على بدء .. حرب المصطلحات وإبادة غزة
  • بعد مكوثه 534 يوماً داخل البرلمان.. بيانٌ من ملحم خلف
  • "إحياء الإرث اليهودي".. أضخم مخطط تهويدي يُغير مشهد القدس تاريخيًا وحضاريًا
  • عبد الواحد النبوي لـ الشاهد: دار الوثائق القومية تعرضت لهجوم من الإخوان في مجلس الشورى
  • إسرائيل تهنئ رئيس وزراء بريطانيا الجديد بعد تداول صورة له بالزي اليهودي
  • من هي فيكتوريا ستارمر “اليهودية” زوجة زعيم حزب العمال البريطاني ؟
  • سيدة بريطانيا الأولى.. يهودية متدينة ولديها عائلة في إسرائيل