كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" البريطانية أن تطبيق "تيك توك" يثير حالات جنون عبر الإنترنت تشجع على السلوك المعادي للمجتمع في العالم الحقيقي.

وقال موظفون سابقون في الشركة المشغلة للتطبيق إن هذه المشكلة لم تُعالج خوفا من التأثير سلبا على الوتيرة السريعة لنمو التطبيق الذي يُعد واحدا من أشهر وسائل التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة.



وذكر التحقيق المطول الذي أجرته الهيئة أن جنون "تيك توك" الذي يتمثل في استحواذ موضوعات على قدر كبير من التفاعل لا يتناسب مع أهميتها، ظهر في المقابلات التي أُجريت مع موظفين سابقين في شركة المشغلة له ومستخدمين للتطبيق وتحليل أجرته "بي بي سي" لبيانات تواصل اجتماعي على نطاق أوسع.



واكتشف التحقيق أن "خوارزميات وتصميم تيك توك يؤدي إلى أن يشاهد المستخدمون مقاطع فيديو غير موصى بها لهم، ما يدفعهم إلى القيام بأشياء غير عادية في مقاطع الفيديو الخاصة بهم على المنصة.

ونأت تيك توك بنفسها في السابق عن تهم الاضطرابات التي يسببها التطبيق في الواقع الحقيقي، مثل التهديد بالنهب في شارع أكسفورد في لندن الشهر الماضي، والذي ألقى السياسيون باللوم فيه على التطبيق الذي يبلغ عدد مستخدميه مليار مستخدما.

وحدد التحقيق عدة مظاهر في الأشهر القليلة الماضية لقيت تفاعلا غير متناسب عليها عبر تيك توك وكانت مرتبطة بسلوك ضار من قبيل:

- الهوس الذي انتشر عبر الإنترنت بقضية قتل في أيداهو في الولايات المتحدة أدى إلى اتهام أبرياء ليس لهم علاقة.

- التدخل في تحقيقات الشرطة في قضية نيكولا بولي في لانكشاير في المملكة المتحدة.

- انتشار الاحتجاجات الطلابية وأعمال التخريب في المدارس في أنحاء المملكة المتحدة.

- تصاعد أعمال الشغب في فرنسا، والتي انتشرت بكثافة غريبة وامتدت إلى مناطق غير متوقعة.

ويضيف التحقيق أن موظفين سابقين لدى تيك توك شبهوا هذه النوبات الجنونية من التفاعل بـ "حرائق الغابات" مؤكدين أنها خطيرة، خاصة وأن جمهور التطبيق أغلبهم من الشباب الذين من الممكن أن يتأثروا بسرعة بما يشاهدون من مقاطع فيديو.

ونقلت "بي بي سي" عن متحدث باسم التطبيق قوله، إن "الخوارزميات المستخدمة في التطبيق تستهدف دمج المجتمعات مع إعطاء الأولوية لسلامة المستخدمين"، مؤكدا أن الشركة توصي بأنواع مختلفة من المحتوى لإعاقة النماذج المتكررة وحذف "المعلومات المضللة" والحد من وصول مقاطع الفيديو التي تحتوي على معلومات لم يتم التحقق منها إلى أعداد كبيرة من المستخدمين.

واستحوذت جرائم قتل أربعة طلاب جامعيين في موسكو خلال تشرين الثاني/نوفمبر 2022 على اهتمام مستخدمي تيك توك كما تداول التطبيق تكهنات عن هوية القاتل دون أدلة.

وانتشرت الفيديوهات حول هذه القضية كالنار في الهشيم على تيك توك إلى حد الهوس، إذ وصل عدد مشاهداتها إلى ملياري مشاهدة في الفترة تشرين الثاني/ نوفمبر 2022 إلى آب/أغسطس 2023 مقارنة بـ 80 ألف مشاهدة فقط على يوتيوب لمقاطع الفيديو الخاصة بتلك الواقعة.

وأكد موظفون سابقون في الشركة المشغلة للتطبيق إن هذا يحدث نتيجة للطريقة التي صمم بها تيك توك، إذ يشاهد المستخدمون في أغلب الأحيان المحتوى من خلال صفحة "لك" الخاصة بهم، وهي صفحة تحتوي على مقاطع الفيديو القصيرة التي ترشحها الخوارزنيات المشغلة للتطبيق من أجل جذب كل مستخدم على حدة.

فعندما تنشر مقطع فيديو على تيك توك، سيظهر في صفحات "لك" لدى المستخدمين الذين يتوقع التطبيق أن تحوز اهتمامهم، وذلك بدلا من مجرد الترويج لما نشرت بين أصدقائك ومتابعيك كما هو الحال في شبكات تواصل اجتماعي أخرى.

واعتمادا على مدى تفاعل المستخدمين مع هذا الفيديو، قد تقرر الخوارزمية نشره بين ملايين آخرين بسرعة كبيرة وعلى نطاق أوسع مقارنة بما يحدث على منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، وفق التحقيق.

وبينما يميل المستخدمون لأغلب وسائل التواصل الاجتماعي إلى استهلاك المحتوى فقط، يصنع مستخدمو تيك توك محتوى مصور من إنتاجهم وينشرونها عبر التطبيق.

وقال متحدث باسم تيك توك لـ"بي بي سي" إن المستخدمين بطبيعة الحال أبدوا اهتماما أكبر بالقصص التي تظهر في "أوقات انشغال الرأي العام بقضايا معينة، وهو ما تتسارع وتيرته بسبب التقارير الإخبارية التي تظهر على مدار 24 ساعة". 

وأشار أيضا إلى أن شبكة "بي بي سي" نفسها نشرت على تيك توك العديد من القصص من هذا النوع.



وأظهرت الأحداث التي شهدتها مدارس في بريطانيا وشوارع في فرنسا كيف يمكن لتيك توك أن يساعد في تأجيج الاضطرابات وانتشارها من مكان إلى آخر.

وفي فبراير/ شباط 2023، نُشر فيديو على "تيك توك" لاحتجاج في مدرسة رينفورد الثانوية في ميرسيسايد على إجراءات اتخذتها المدرسة للتحقق من طول تنانير الفتيات. ولم تمر سوى ثلاثة أيام حتى نظمت طلاب أكثر من 60 مدرسة احتجاجات مماثلة وصوروها للنشر عبر التطبيق. 

ولم يكد يمر أسبوع حتى شارك في احتجاجات المدارس البريطانية طلاب من أكثر من مئة مدرسة، حيث خرج الأمر عن السيطرة في بعض الأحيان وحطمت بعض النوافذ وأُضرمت النيران في الأشجار كما تعرض بعض المعلمين للاعتداء.

ووفقا لتيك توك، أظهرت معظم مقاطع الفيديو التلاميذ وهم يشاركون في مظاهرات سلمية، لكن المعلمين والطلاب الذين تحدثت إليهم كانوا قلقين بشأن التأثير التراكمي لجميع مقاطع الفيديو، بحسب التحقيق.

وعقب احتجاجات بريطانيا المدرسية، انتشرت أعمال شغب في جميع أنحاء باريس وبقية فرنسا بعد مقتل الفتى نائل، 17 سنة، على يد شرطي فرنسي وجهت إليه تهمة القتل في وقت لاحق. 

وألقى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باللوم على تيك توك وسناب شات في هذا الاضطراب.

وتساءل التحقيق: "هل كان هناك جنون تيك توك من نوع آخر في ذلك الوقت؟ أم أن الرئيس الفرنسي كان يتهرب من المسؤولية فحسب؟".

ويقول معدو التحقيق، إن الشعور بالظلم بعد مقتل الفتى نائل يعني أن أعمال الشغب بدأت دون تأثير وسائل التواصل الاجتماعي، لكن الاهتمام الذي لقاه على تيك توك كان أعلى بكثير مقارنة بالمنصات الأخرى. 

وعثر التحقيق على مقاطع فيديو عامة على تطبيق سنابشات تستخدم اسم نائل حققت 167.700 مشاهدة وهذا الرقم لا يتضمن بعض المقاطع التي ربما تم تداولها في المحادثات الخاصة. 

ولفت إلى تحقيق الفيديوهات التي تتناول هذه القضية على تيك توك باستخدام وسم "نائل" 850 مليون مشاهدة.

وفي مدينة فيري شاتيلون، الواقعة على مشارف باريس، أظهرت مقاطع فيديو حافلة تشتعل فيها النيران ومحلات بيع الصحف تتعرض للنهب. 

وقال جان ماري فيلان، عمدة المدينة، إنه من النادر أن تخرج مظاهرات في هذه المدينة الصغيرة.

ونقل التحقيق عن فيلان قوله، "لسوء الحظ، بمجرد بدء أعمال الشغب، أصبح تيك توك أداة لإظهار أن هذا ما أنا قادر على فعله هل يمكنك أن تفعل ما هو أفضل؟". 

ويرى تحقيق الشبكة أن ما يدعم ما ذهب إليه عمدة فيري شاتيلون، هي مقاطع فيديو على تيك توك، أصبحت أكثر تطرفا مع استمرار أعمال الشغب.

وأضاف فيلان "أن مشاهدة أعمال التخريب التي تنشر على تيك توك على نطاق واسع جعلت هذه المشاهد هي القاعدة بالنسبة لبعض الناس".

ويورد تحقيق "بي بي سي" سؤالا عن الرابط بين ظهور المحققين الهواة في مسرح الجريمة، والسلوك المعادي للمجتمع في مدارس المملكة المتحدة وأعمال الشغب الفرنسية؟ 

وتشير الإجابة على هذا السؤال إلى أن هذا يقدم دليلاً "جنون" تيك توك.

ونقل عن موظفين سابقين في التطبيق في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة قولهم، إن الحد من جنون المحتوى الضار لم يكن من أولويات شركة التواصل الاجتماعي لأنه قد يؤدي إلى إبطاء من وتيرة نمو التطبيق.

وقال أحد هؤلاء الموظفين، الذي كان يعمل في استراتيجية البيانات وتحليلها في الشركة، "إن تيك توك لم يكن مصمما ليكون أكثر من مجرد تطبيق لجنون الرقص، لكنه حقق نموا سريعا لدرجة أنهم لم يتمكنوا من مواكبة ما يؤول إليه هذا التطبيق أو حتى التنبؤ بذلك".

وتابع، "لكن فيما يتعلق بالمحتوى الخطير، على الأقل لم أسمع عن أي محاولة للحد منه بشكل استباقي قبل أن يزداد خطره. بصفة عامة، إنهم لا يريدون ذلك، ولا يريدون الوقوف في طريق الترفيه الذي ينمو بسرعة عالية عبر منصتهم."

وقالت الشركة المشغلة للتطبيق "لبي بي سي"، "إن لديها أكثر من 40 ألف متخصص في مجال السلامة يستخدمون تكنولوجيا لإدارة المحتوى، ما أدى إلى تحقيق الغالبية العظمى من مقاطع الفيديو التي تحتوي على معلومات مضللة ضارة ولو مشاهدة واحدة.

ونقلت الشبكة عن المتحدث باسم الشركة قوله، "إن إعطاء الأولوية للسلامة ليس هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به فحسب، بل من المنطقي أيضا أن يكون الأمر كذلك من المنظور التجاري".

وأكدت تيك توك أنها تتعاون مع أكاديميين ووكالات إنفاذ القانون وغيرهم من الخبراء لتحسين تشغيل التطبيق واسع الانتشار.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا تيك توك الاضطرابات اضطرابات مواقع التواصل تيك توك علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا علوم وتكنولوجيا تغطيات سياسة تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا تكنولوجيا سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة التواصل الاجتماعی مقاطع الفیدیو مقاطع فیدیو أعمال الشغب على تیک توک بی بی سی أکثر من

إقرأ أيضاً:

دراسة: ضوء النهار يساهم في الإصابة بالسمنة لدى الأطفال

ذكر باحثون من الولايات المتحدة الأمريكية في أعمالهم العلمية أن ضوء النهار يساهم في الإصابة بالسمنة لدى الأطفال، في السنوات الأخيرة، أصبحت مشكلة السمنة لدى الأطفال حادة للغاية في أمريكا، وهي أيضًا مصدر قلق جزئي في بلدان أخرى حيث يستمر الأطفال في اكتساب الوزن الزائد.

 

وفي هذا الصدد يبحث العلماء عن أسباب مثل هذه المشاكل وطرق مكافحتها، كما اتضح عند البالغين، يعد ضوء النهار، إن لم يكن ضمانا، ثم حافزا لفقدان الوزن الزائد، لأنه مع ضوء النهار الكافي، يتم تسريع عملية التمثيل الغذائي وتعمل الساعة البيولوجية بشكل صحيح.

 

ويرجع ذلك إلى إيقاعات الساعة البيولوجية التي تؤثر بشكل عام على جسم الإنسان، وكان الاكتشاف غير المتوقع هو أن ضوء الشمس لا يؤثر على الأطفال بهذه الطريقة، بل إنه يعمل على العكس من ذلك - فهو يساهم في زيادة الوزن الزائد.

 

وخلال تجربتهم، لاحظ العلماء الأطفال الذين عاشوا نمط حياة طبيعي، وقبل البدء بالملاحظات، سجل العلماء وزن جسم الأطفال، وخلال التجربة نفسها أخذوا في الاعتبار كيف يأكل الطفل وكم ضوء النهار الذي يحصل عليه.

 

وتم تلخيص النتائج بعد أسبوعين من الملاحظات وتبين أن أطفال المدارس الذين أمضوا وقتًا أطول في الشمس اكتسبوا وزنًا زائدًا أكثر من أولئك الذين أمضوا وقتًا أقل في ضوء الشمس.

 

 وفي الوقت نفسه، أثرت مصابيح النهار الداخلية أيضًا على وزن الأطفال؛ كما ساهم ضوءها في زيادة الوزن الزائد، والعلماء ليسوا مستعدين بعد لشرح ما قد يكون مرتبطا به، لكنهم يواصلون أبحاثهم.

مقالات مشابهة

  • النهج النبوي حارب الأنانية والرأسمالية التي يتغول فيها الأغنياء على حساب الفقراء
  • حبس فتاة هددت أخرى بنشر صورها عبر مواقع التواصل الاجتماعي
  • «أكسيوس»: إقالة نتنياهو لوزير الدفاع وسط الأزمات الحالية في غزة ولبنان جنون
  • دراسة: ضوء النهار يساهم في الإصابة بالسمنة لدى الأطفال
  • صافي ربح الفدان يصل تصف مليون طن.. نقيب الفلاحين يكشف سبب جنون الطماطم
  • المندلاوي: مشروع قانون إعادة العقارات يساهم في تعزيز الاستقرار في مختلف المناطق
  • بآخر أيام التطبيق.."اليوم" ترصد مخالفات لقرار حظر العمل تحت أشعة الشمس
  • بآخر أيام التطبيق.."اليوم" ترصد مخالفات لقرار حظر العمل تحت أشعة الشمس - عاجل
  • بعد أزمة نقيب الممثلين.. التيك توكر شاكر يعلن تقدمه للدراسة بمعهد الفنون المسرحية
  • بوسعيد: الانحطاط السياسي يصدر عن أشخاص يحاولون ممارسة المعارضة بنشر المغالطات