يواجه منكوبو فيضانات ليبيا مصيرا مجهولا، بعد أن خسروا ممتلكاتهم، ومنازلهم التي تداعت تحت وطأة السيول الجارفة التي اجتاحت عدة مناطق في شرق البلاد.

وبعد نحو أسبوعين على الكارثة، لا تزال مئات العائلات تحتمي داخل المدارس التي صمدت أمام السيول، لكن وضعيتهم قد تسوء أكثر مع دخول العام الدراسي الذي يحتم عليهم إخلاء تلك المباني المؤقتة.

صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت قصص عائلات ليبية طُلب منها إخلاء المدارس، حتى يتسنى للتلاميذ استئناف الدراسة وقالت إنهم يتساءلون الآن ما إذا كان بإمكانهم الحصول على منزل مرة أخرى؟

نورة خليفة آدم وعائلتها، من البيضاء، وهي بلدة قريبة من ساحل البحر الأبيض المتوسط في ليبيا، مثال على أولئك الذين لا يزالون يحتمون في مدرسة محلية "وليس لديهم أي فكرة عن المكان الذي سيذهبون إليه بعد ذلك" تقول الصحيفة.

العام الدراسي على وشك البدء، لذلك، أخبرهم المسؤولون أنهم لن يتمكنوا من البقاء، "لكنهم أيضا لم يقدموا بديلا" وفق قولها.

قالت خليفة آدم (48 عاما)  "تجادلنا معهم، قائلين إنه ليس لدينا مكان آخر نذهب إليه" ثم تابعت "بالكاد ننام لأننا نقضي معظم الوقت في البكاء".

يعيش مع خليفة آدم في مدرسة "أسماء بنت أبي طالب" في البيضاء عشرات الناجين من المدينة نفسها ومن درنة "البعض في حالة صدمة وبالكاد يستطيعون التحدث" تقول وول ستريت جورنال.

"الوضع سيئ حقا"

جسد رمضان علي، مغطى بالكدمات والخدوش حيث جرفته الفيضانات في درنة. 

لم ينج علي إلا لأنه تمكن من الإمساك بجزء من شجرة كانت لا تزال متجذرة، فيما عثر على زوجته حية في أحد مستشفيات البيضاء، لكن 25 فردا من الأسرة ماتوا.

قال الرجل في حديث للصحيفة "كان الأمر فظيعا، لا أعرف كيف أصفه" مشيرا إلى أن المدرسة هي المأوى الوحيد الذي تمكنوا من العثور عليه.

وكدولة تعاني من صراع مسلح منذ أكثر من عقد منذ الإطاحة بنظام معمر القذافي ومقتله في عام 2011، لذلك شهدت نزوحا داخليا عدة مرات. 

وفرت العديد من العائلات في درنة بعد أن سيطر مسلحو "داعش" على المدينة في عام 2014. 

وتعطلت خدمات الإنترنت والهاتف في أكثر من مدينة، وطُلب من بعض منظمات الإغاثة الأجنبية المغادرة.

وقال جياكومو تيرينزي، مسؤول السياسات في المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة "الوضع سيئ حقا". 

البيضاء هي واحدة من العديد من البلدات والمدن التي ضربتها العاصفة دانيال في 10 سبتمبر. 

ولا يزال عدد القتلى جراء الكارثة غير واضح، لكن خبراء ومسؤولين في المجال الإنساني يقدرون العدد الإجمالي بأكثر من 6000 شخص، بينما لا يزال آلاف الأشخاص في عداد المفقودين.

ومع تعرض آلاف البنايات للفيضانات، بما في ذلك بعض المباني البعيدة عن مركز الكارثة، مثل تلك الموجودة في البيضاء، تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 43 ألف شخص لم يعد بإمكانهم العودة إلى ديارهم. 

وغالبية النازحين هم من درنة، حيث لا يزال هناك حوالي 24.500 شخص.

وتكافح بلدات، تضررت هي الأخرى، لاستيعاب تدفق الأشخاص الذين هم في أمس الحاجة إلى الغذاء والماء والمأوى. 

وتستضيف البيضاء حوالي 3000 نازح. 

ويغامر الكثيرون بالذهاب بعيدا إلى بنغازي والبعض حتى إلى طرابلس في الجزء الغربي من البلاد، والتي تشرف عليها حكومة مختلفة.

وتتنافس على السلطة في ليبيا حكومتان، الأولى تتخذ من طرابلس في الغرب مقرًا ويرأسها عبد الحميد الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في شرق البلاد الذي ضربته العاصفة، يرأسها أسامة حمّاد وهي مكلّفة من مجلس النواب ومدعومة من الرجل القوي في الشرق المشير خليفة حفتر.

في مدينة المرج الشرقية، أفادت التقارير أن العديد من السكان عادوا إلى ديارهم، بعد تصريف مياه الفيضانات من المباني، بحسب الأمم المتحدة.

وفي درنة، يحاول العديد من النازحين إيجاد مسكن، حيث يقيمون مع أقاربهم وأصدقائهم خارج المدينة، في الوادي حيث تتدفق مياه السد. 

واحتشد آخرون في المدارس ومرافق المستشفيات. 

وقد غادر البعض، بينما يحذر خبراء الصحة من المياه الملوثة بمياه الصرف الصحي ومياه البحر غير الصحية وخطر الإصابة بالأمراض المعدية.

قدرات محدودة

قال محمد بوسعيدة، مدرس الفلسفة بمدرسة ثانوية، والذي يقوم بتوزيع الطعام والفرش على الناجين في مدارس درنة، إن القطاع الخاص والسلطات ليس لديهما القدرة على التعامل مع مشروع إعادة البناء الضخم المطلوب.

وقال "إذا لم تتمكن الحكومة من التعامل مع النازحين خلال الحرب، فكيف ستتعامل هذه المرة؟".

وأضاف أن أيّا من الأسر التي نزحت بسبب القتال الأخير في درنة لم تعد إلى ديارها.

وأعلنت السلطات في شرق ليبيا، الجمعة، أنها ستنظم في العاشر من أكتوبر المقبل "مؤتمرا دوليا" في مدينة درنة، بهدف إعادة إعمارها.

نورة الكريمي (30 عاما) نجت من الفيضان في درنة، انتقلت هي وعائلتها إلى مدينة شحات،  في أقصى شمال شرق ليبيا، حيث تمكنوا من العثور على شقة للإيجار بما يعادل حوالي 100 دولار أميركي شهريًا.

قالت: "أريد فقط مستقبلا آمنا وجيدا لبناتي، أريد أن يعشن بسلام وأن يتمتعن بحياة جيدة".

وقالت أيضا إنها لم تتلق أي مساعدة غير الطعام، كما نفدت الأدوية اللازمة لوالدها البالغ من العمر 75 عاما، والذي يعاني من مشاكل في صحية.

وفي ليلة الفيضان، أمضت عائلتها بأكملها ما يقرب من ثلاث ساعات على سطح شقتهم مع العشرات من السكان الآخرين. 

وقالت الكريمي وهي تبكي: "كنا جميعا ننتظر أمر الله بالنجاة أو الموت".

وفي المدرسة الواقعة في البيضاء، كان معظم الناجين ينامون على السجاد أو المراتب على الأرض، وكانت متعلقاتهم متناثرة حول مكاتب المدرسة. 

وفي أحد الفصول الدراسية، أنشأت ممرضة عيادة مؤقتة لتوزيع الأدوية الأساسية.

أودت الفيضانات بـ3753 شخصا بحسب آخر حصيلة رسمية موقتة، لكن يُتوقع أن يكون العدد أعلى بكثير. 

وتخشى منظمات إغاثة دولية أن يكون نحو 10 آلاف شخص في عداد المفقودين.

وحتى الآن، يتم العثور على الجثث بأعداد كبيرة سواء تحت الأنقاض أو على الشواطئ حيث جرفت الفيضانات العديد من الأشخاص إلى البحر.

وأظهرت لقطات نشرت على منصات التواصل الاجتماعي، الجمعة، عشرات الجثث تم تسليمها في شاحنة وسيارتين (بيك أب) إلى مقبرة قرية مرتوبة، التي تقع على بعد 27 كيلومترا جنوب شرق درنة، لدفنها. 

وقالت وسائل إعلام ليبية إن 200 شخصا دُفنوا في المقبرة في يوم واحد.

وكانت المنظمة الدولية للهجرة، أعلنت، الخميس، أن المأساة تسببت بنزوح 43059 شخصا.

More than 43,000 people have been displaced after their homes were damaged or destroyed. “We have no other place to go.” https://t.co/psAHBElDcS

— The Wall Street Journal (@WSJ) September 22, 2023

وقالت إن "نقص إمدادات المياه قد يكون دفع الكثير من النازحين داخل درنة إلى مغادرتها للتوجه الى مدن أخرى في شرق وغرب البلاد".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: العدید من فی درنة أکثر من فی شرق

إقرأ أيضاً:

مليشيا الحوثي تختطف مسؤولاً لدى منظمة أممية بصنعاء وتنقله إلى مكان مجهول

اختطفت مليشيا الحوثي (المصنّفة على قائمة الإرهاب)، اليوم السبت 14 سبتمبر/ أيلول 2024، مسؤولاً يمنياً في برنامج الغذاء العالمي في صنعاء واقتادته إلى جهة مجهولة.

يأتي ذلك امتداداً لسلسلة اختطافات استهدفت محليين في المنظمات الأممية والدولية.

وأفادت مصادر حقوقية، بأن مليشيا الحوثي اختطفت "عبدالله البيضاني"، والذي يعمل في المجال الإنساني ومسؤولاً في قسم الـ(IT) في برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة.

وذكرت المصادر أن المليشيا اقتادت البيضاني إلى جهة مجهولة، ورفضت الكشف لعائلته عن مكان احتجازه، وسط مخاوف حقوقية من إخضاعه للتعذيب كغيره من زملائه السابقين وإجباره على الاعتراف بتهم كيدية تُنسب إليه.

مصادر مقربة من عائلة البيضاني، حمّلت مليشيا الحوثي كامل مسؤولية ما يتعرض له ابنها، مطالبة الأمم المتحدة بالضغط على المليشيا المدعومة إيرانياً لسرعة الإفراج عنه وبقية زملائه المحتجزين منذ أشهر.

وجاء الاختطاف الحوثي غداة تجديد المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ دعوته بالإفراج عن العاملين المحليين في المنظمات الأممية والدولية المختطفين في صنعاء منذ أكثر من مئة يوم.

وكانت مليشيا الحوثي اختطفت العاملين الإنسانيين، واخضعتهم للتعذيب النفسي والجسدي واجبرتهم على الاعتراف بتهم كيدية من بينها التخابر في المجالات الإنسانية والتعليمية والسياسية وغيرها.

وعمدت مليشيا الحوثي الإرهابية إلى هذه المنهجية لتضييق الفضاء المدني في المناطق التي تسيطر عليها بقوة السلاح، لتُمكن نفسها من فرض فكرها المستورد من إيران بشكل أكبر دون أدنى معارضة.

مقالات مشابهة

  • العثور على جثة شاب مجهول الهوية داخل مخزن مدرسة بالفيوم
  • لأول مرة.. دراسة ترصد التغيرات التي تطرأ على دماغ المرأة أثناء الحمل
  • ضبط 19 جركن زيت مجهول المصدر خلال حملة تموينية بالجيزة
  • أمانة جدة تضبط أكثر من 10 آلاف كيلو من التبغ مجهول المصدر
  • عمرو الفقي: «المتحدة» لديها مكتبة ضخمة تتضمن العديد من الأعمال الفنية
  • الشهري‬⁩: الهلال‬⁩ مع الفرق الأقل منه ينتظر إلى الدقيقة 60 ليسجل .. فيديو
  • عائلات الأسرى : توسيع الحرب بالشمال هو حكم بالإعدام على المختطفين
  • مليشيا الحوثي تختطف مسؤولاً لدى منظمة أممية بصنعاء وتنقله إلى مكان مجهول
  • أين وصلت مراجعة ساعات العمل بقطاع التعليم التي وعدت بها الوزارة كجزء من الاتفاق؟
  • "مجهول الهوية".. العثور على جثة شخص بشارع الهلالي بحى شرق أسيوط