الطريق التجاري الجديد الذي أعلنته السعودية.. استبعاد مقصود لليمن أم النزاعات اليمنية طاردة للاستثمار؟ "تقرير"
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
الموقع بوست/ خاص:
خسر اليمن شمالا وجنوبا أكبر مشروع اقتصادي في القرن 21، بعد استبعاده من طريق التجارة الجديد التي أعلنت عنها السعودية بداية الشهر الجاري الذي يربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا، لكنها ستبقى حاضرا بشكل فاعلا في مشروع الصين العملاق "الحزام والطريق".
ويمر الطريق التجاري الجديد من الهند عبر مضيق هرمز والخليج العربي والإمارات، مرورا برا من السعودية إلى البحر المتوسط وأوروبا، حيث تشارك السعودية في هذا المشروع الولايات المتحدة والهند والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي، لمناهضة مشروع الصين.
وفي 10 سبتمبر الجاري، وقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الهند، مذكرة تفاهم بشأن مشروع إنشاء ممرٍ اقتصادي جديد يربط الهند والشرق الأوسط وأوروبا، بينما اتفق مع نيودلهي ضخ استثمارات قيمتها نحو 100 مليار دولار، في أكثر من 50 اتفاقية، ضمن هذا المشروع الاقتصادي الضخم.
وأكد ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في كلمة له على هامش أعمال منتدى الاستثمار السعودي الهندي في 10 سبتمبر الجاري إن الممر الاقتصادي الرابط بين الهند وأوروبا مرورا بالسعودية، "سيحقق المصالح لمختلف الشركاء"، حيث جاء تتويجا لما تم العمل عليه في الأشهر الماضية لبلورة الأسس التي بنيت عليها هذه المذكرة.
وكان قادة العالم أعلنوا على هامش قمة مجموعة العشرين في نيودلهي عن الاتفاق إنشاء مشروع ممر للربط بين الهند وأوروبا عبر الشرق الأوسط.
وأضاف بن سلمان أنه سيتم تطوير البنى التحتية التي تشمل السكك الحديدية وربط الموانئ وزيادة مرور السلع والخدمات وتعزيز التبادل التجاري بين الأطراف المعنية ومد خطوط أنابيب الطاقة".
اليمن ليس طرفا بالصراع العالمي
ويقول استاذ الاقتصاد في جامعة تعز الدكتور محمد قحطان إن الطريق الجديد لن تجاهل اليمن، بسبب أنها ليس طرفا في الصراع العالمي على طرق التجارة العالمية، لكنها تستهدف الوقوف ضد المشروع الصيني "الحزام والطريق" الذي تعمل الصين على تنفيذه.
ويضيف "قحطان" لـ"الموقع بوست" أن الطريق الاقتصادي الجديد المدعوم من أمريكا يتجاهل الممرات التي اختارتها الصين لمشروعها الدولي العملاق، مشيرا إلى أن مشروع الصين يمر في اليمن أما المشروع الأمريكي فقد بني على أساس طرح مشروع جديد يمر في مناطق أخرى غير مناطق المشروع الصيني.
أضعاف الموانئ اليمنية
ويؤكد أن اليمن مع المشروع الأمريكي سيفقد أهمية موقعها الجيو استراتيجي المطل على ممر التجارة الدولي "باب المندب"، لان التجارة الدولية من الهند فدول الشرق الأوسط، بما فيها دول الخليج وصولا إلى أوروبا فامريكا لن تكون بحاجة لطريق باب المندب، ما سيضعف أهمية الموانئ اليمنية.
ويشير استاذ الاقتصاد إلى أن الصين لن تترك مشروعها العملاق، لكنها ستسرع في تنفيذه، حتى سيكون للموانئ اليمنية وممر باب المندب أهمية في هذا الإطار وهو المشروع الأكثر أهمية.
وتوقع انه المشروع الأكثر واقعية والذي يمكن أن يتحقق قبل أن يرى المشروع الأمريكي النور، بينما في حالة تنفيذ المشروعين فإن اليمن لن تخسر شيئا بل ستظل أهمية موانئها والممر الدولي الذي تطل عليه قائما.
مخاوف أمنية وسياسية
ويرتبط استبعاد اليمن من طريق التجارة الجديد الذي أعلنت عنه السعودية ويربط الهند بالشرق الأوسط وأوروبا بدوافع سياسية ومخاوف أمنية، بفعل أن البلاد لاتزال يمر بأزمة سياسية وصراع مسلح يجعل منه بيئة طاردة للاستثمار، وفق أستاذ علم الاجتماع السياسي عبدالكريم غانم.
ويقول "غانم" لـ"الموقع بوست" إن مثل هذه المشاريع العملاقة يرتبط بها من بنى تحتية وسكك حديد وموانئ حديثة تلزم وجود استقرار سياسي واستتباب أمني غير متوفر في اليمن، الذي يصعب تحققه على المدى المتوسط والقريب.
ويؤكد أن الاعتبارات الأمنية ليست وحدها التي أعاقت انضمام اليمن إلى طريق التجارة الجديد، لكن تنامي الدور الإقليمي والدولي لكل من الإمارات والسعودية كان له تأثيره في هذا الجانب، نتيجة اعتماد هذه الدول التنمية والرفاهية الاقتصادية بديلا للديمقراطية والتغيير السياسي.
اتهامات بمعاقبة اليمن
ويتهم استاذ علم الاجتماع السعودي التحالف السعودي الإماراتي بسعيه بمعاقبة اليمن بتغيير وطموحات شعبه في التحول نحو الديمقراطية والدفع باتجاه تقويض الرفاهية الاقتصادية وتقويض أمن واستقرار البلدان الساعية نحو التغيير السياسي.
ويمثل طريق التجارة الجديد بالنسبة لليمن استعادة لمكانته الحضارة، كحلقة وصل بين تجارة الشرق والغرب، وتفعيل موانئه وموقعه الاستراتيجي المتحكم في أهم الممرات المائية في العالم، فنهضة اليمن قديمه وحديثه مرهونة بتفعيل دوره في الملاحة والتجارة الدولية، بحسب غانم.
ويتوقع "غانم" أن يطول المخاض العسير الذي تمر به اليمن جراء عدم ربطه بطريق التجارة الجديد، ليس جراء حرمانه من المكاسب الاقتصادية والفرص الاستثمارية الناجمة عن هذا المشروع بل كذلك لأن هذا الاستبعاد من شأنه أن يحد من اهتمام المجتمع الدولي بأمن واستقرار اليمن.
مشروع لجر السعودية
ويقول وزير النقل اليمني السابق صالح الجبواني إن الإعلان عن طريق التجارة الهندي عبر ثلاث دول عربية إلى إسرائيل وأوربا، من أجل ربط السعودية بإسرائيل عبر هذا المشروع بعد أن فشلت كل المحاولات السابقة لجر السعودية للتطبيع مع إسرائيل.
ويضيف "الجبواني" في تغريدة له على "إكس" أن رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد يسعى أن تكون السعودية ممر للبضائع والبشر فقط لأن الطريق يمر في الصحراء، في إطار التنافس مع الصين ما يحد جهود السعودية لان تكون قوة إقليمية كبرى بل قوة عالمية صاعدة ذو علاقات متوازنة ومتكافئة في الأغلب.
ويشير إلى أن استمرار الرياض في هذا المشروع سيأخذ من رصيدها الكثير أمام الدول العظمى وعلاقتها المتميزة مع الصين وإيران وتركيا، بينما لايزال لدى القيادة السعودية الوقت الكافي لمراجعة المشروع ومصالحها القليلة فيه وخسائرها الفادحة منه.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن السعودية طريق التجارة الشرق الأوسط الهند
إقرأ أيضاً:
مكتب أبوظبي للاستثمار يعزِّز برنامجه للشراكة بين القطاعين العام والخاص
يواصل مكتب أبوظبي للاستثمار تعزيز برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في أبوظبي، ونجح هذا البرنامج في تمكين القطاع العام في أبوظبي من عقد صفقات بقيمة 2.4 مليار درهم في الفترة من عام 2020 إلى عام 2024، ما يرسِّخ مكانة الإمارة وجهةً استثماريةً رائدةً.
وتُعَدُّ مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص من العوامل الرئيسية الداعمة لتحقيق التنمية الاقتصادية وتعزيز النمو المستدام، وتمثِّل آلية فعّالة لتحقيق الأهداف الاقتصادية، بفضل دورها في توظيف المزايا التي يتمتَّع بها القطاعان العام والخاص لتطوير مشاريع نوعية تعود بالنفع على الاقتصاد والمجتمع.
وتُسهم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تعزيز التنمية الاقتصادية عالمياً، حيث تشير بيانات البنك الدولي إلى أنَّ مشاريع الشراكة في البلدان النامية جذبت استثمارات تزيد قيمتها على 83 مليار دولار في عام 2020، على الرغم من التحديات الاقتصادية العالمية. ووفقاً لتقرير المنتدى الاقتصادي العالمي، تتطلّب البنية التحتية نحو 15 تريليون دولار بحلول عام 2040، وبإمكان مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص الإسهام في سدِّ فجوة تمويل هذه البنية، مع تحقيق الكفاءة بتقليل تكاليف التشغيل بنسبة تصل إلى 25% وفقاً لتقديرات شركة «ماكنزي».
وتُسهم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص في نقل المعرفة والتكنولوجيا؛ فوفقاً للبنك الدولي تتيح هذه المشاريع للقطاع العام الاستفادة من خبرات القطاع الخاص في مجالات إدارة المشاريع والتكنولوجيا، ما يؤدّي إلى تحسين أداء الخدمات العامة وزيادة الإنتاجية. ويشير تقرير صادر عن شركة «برايس ووترهاوس كوبرز» إلى أنَّ نقل المعرفة في هذه المشاريع يرفع كفاءة العاملين في القطاع العام بنسبة تصل إلى 30%، ويُسرِّع من اعتماد الابتكارات والتقنيات الرقمية بنسبة 40% مقارنةً بالمشاريع التقليدية. ووجدت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنَّ الدول التي تعتمد على الشراكات في مشاريع البنية التحتية تشهد زيادة في النمو الاقتصادي بمعدل 1.5% سنوياً، نتيجة توفير بيئة محفِّزة للاستثمار الخاص وتعزيز التنمية المستدامة.
ويؤدِّي برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مكتب أبوظبي للاستثمار دوراً مهماً في استراتيجية إمارة أبوظبي لتنويع الاقتصاد واجتذاب الاستثمارات الأجنبية. ويُعَدُّ برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص من المبادرات الرئيسية التي تُسهم في تعزيز الروابط بين المستثمرين المحليين والدوليين والجهات الحكومية، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الاقتصادية الاستراتيجية في الإمارة، ما يعزِّز قدرتها التنافسية ويكرِّس ازدهارها، حيث يُسهم البرنامج في إشراك القطاع الخاص في تطوير البنية التحتية العامة وتقديم خدمات ذات قيمة مضافة، لا سيما في مجالات الطاقة المتجددة والنقل والرعاية الصحية.
ومن أبرز الأمثلة الناجحة لبرنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في أبوظبي، مشروع مدارس مدينة زايد، وهو أول مشروع وطني لتطوير المدارس ينفَّذ بالتعاون بين القطاعين العام والخاص في الدولة. ويؤكِّد هذا المشروع التزام إمارة أبوظبي بتطوير بنية تحتية تعليمية تدمج مبادئ التصميم المستدام، لتحفيز الإلهام الإبداعي والتعليمي. ويقام المشروع بالتعاون مع دائرة التعليم والمعرفة – أبوظبي، ويهدف إلى بناء ثلاث مدارس حديثة قادرة على استيعاب أكثر من 5,000 طالب من مختلف المراحل الدراسية، بدءاً من مرحلة رياض الأطفال وحتى المرحلة الثانوية. وفاز بعقد تصميم المدارس وبنائها وتمويلها وصيانتها، ومدته 22 سنة، تحالف مجموعة «بيسيكس» البلجيكية ومجموعة «بيليناري» الأسترالية.
ويُعَدُّ مشروع إنارة طرقات أبوظبي بمصابيح إل إي دي، المشروع الأول من نوعه الذي يقام بالشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال إنارة الطرقات على مستوى منطقة دول مجلس التعاون الخليجي. ويهدف المشروع إلى إعادة تركيب 176,000 وحدة إنارة إل إي دي لإنارة الطرقات في الإمارة لتوفير الطاقة، وخفض الانبعاثات وتعزيز السلامة على الطرق. ويُنفَّذ المشروع بالتعاون مع دائرة البلديات والنقل، ويتألف من مرحلتين بمدة زمنية تبلغ 12.5 سنة لكلٍّ منهما. وفاز بعقد تطوير المشروع كلٌّ من شركة «تطوير» الإماراتية وتحالف شركتي «إي دي إف» و«إنجي للطاقة» الفرنسيتين.
واستكمل فريق برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مكتب أبوظبي للاستثمار عملية تقديم العطاءات لمشروع السكن الجامعي لطلاب جامعة خليفة، الأكبر من نوعه في المنطقة، ويضمُّ 3,260 غرفة سكنية حديثة، ومرافق مشتركة ضمن حرمين جامعيين. وما يزيد من أهمية المشروع أنه أول صفقة شراكة بين القطاعين العام والخاص تتكامل مع برنامج المحتوى الوطني، الذي يهدف إلى توجيه مشتريات المشروع إلى الشركات الوطنية. ويؤكِّد المشروع إمكانات برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في تحقيق فوائد اقتصادية كبيرة بالتوافق مع الأهداف الوطنية. ويتضمَّن المشروع عقد امتياز مدته 23 عاماً مُنِح لتحالف شركات «كونكتيد ليفينج» بقيادة مجموعة «بيليناري» الأسترالية، ومجموعة «بيسيكس» البلجيكية الفرنسية، و«المزروعي العالمية»، وبالتعاون مع جامعة خليفة.
وتسهم هذه الصفقات في توفير ما يقرب من 5,000 وظيفة في قطاع البناء، و450 وظيفة تشغيلية، ما يعكس التأثير المباشر لهذه الاستثمارات في توظيف الكفاءات الوطنية. ويهدف برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص إلى التوظيف الأمثل للميزانية العامة، حيث تمكَّنت دائرة المالية – أبوظبي من تحقيق وفورات قدرها 1.4 مليار درهم في النفقات الرأسمالية والنفقات التشغيلية، وتكاليف الطاقة في هذه المشاريع.
واكتسبت عملية الشراء وهيكلة الصفقات التي يتّبِعها مكتب أبوظبي للاستثمار إشادة دولية، حيث فازت مشاريع مدارس مدينة زايد، والمرحلة الثانية من إنارة طرقات أبوظبي بجائزة صفقات العام المرموقة في جوائز «آي جيه جلوبال» في عامي 2022 و2023. ويؤكِّد هذا التقدير قدرة الإمارة على تنفيذ مشاريع عالية الجودة، ما يعزِّز سمعتها على الساحة العالمية.
وأسهم فريق برنامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مكتب أبوظبي للاستثمار بشكل كبير في تعزيز اللوائح، وتحسين الحوكمة، وتشجيع الابتكار في تطوير المشاريع. وبالتعاون مع دائرة المالية – أبوظبي، وضع الفريق سياسة شاملة للمحاسبة والميزانية لبرامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ما عزَّز من مكانته كفريق رائد في برامج الشراكة بين القطاعين العام والخاص على مستوى المنطقة. وتُسهم هذه المكانة في تعزيز الإقبال على المشاركة في المناقصات، والاستفادة من فرص الاستثمار في البنية التحتية، ما يكرِّس مكانة أبوظبي وجهة عالمية للتعاون الفعّال بين القطاعين العام والخاص.