صحيفة صدى:
2025-01-27@19:45:19 GMT

ألغاز اقتصادية تثري العقل !!

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

ألغاز اقتصادية تثري العقل !!

يبدأ علم الاقتصاد بفرضية هى أن كل السلوكات الإنسانية عقلانية، وبالطبع فإن هذه الفرضية ليست دائماً صحيحة بمعناها الحرفي، فمعظمنا يستطيع       أن يذكر استثناءات من بين أقرب الناس إليه.

بيد أن صحة الفرضية على نحو حرفي لا تعد شرطاً أساسياً للبحث العلمي، فمثلا إذا سألت عالم فيزياء كم من الوقت تستغرقه كرة البولينج لتهبط إلى الأرض إذا ألقيت بها من فوق سطح بيتك، عندئذ سيفترض مبدئياً أن بيتك قائم في الفراغ، ثم يبدأ بعد ذلك في إجراء الحسابات ليصل الى الجواب الصحيح.

وإذا طلبت من مهندس أن يتنبأ بمسار كرة بلياردو ضُربت من زاوية معينة، فإنه سيفترض مباشرة عدم وجود ما يسمى الاحتكاك، وإذا سألت عالم اقتصاد أن يتنبأ بالآثار المترتبة على ارتفاع قيمة الرسوم المفروضة على مبيعات البنزين، فسوف يفترض أن كل الناس عقلانيون ويمنحك جواباً أقرب ما يكون إلى الدقة.

ومما سبق نرى أن صحة الفرضية لا تقاس بلفظها وإنما بطبيعة نتائجها، وعلى ذلك المعيار يكون للعقلانية سجل جيد من النجاحات.

لذا ، تفترض العقلانية أن الناس يستجيبون للتحفيز، وهي مقولة تؤكدها كثير من الشواهد القوية، وتفترض أيضاً أن استعداد الناس لدفع المزيد في مقابل علبة كورن فليكس وزنها أكبر من استعدادهم لدفع المزيد في مقابل علبة وزنها أقل ، وأن العمال المهرة سيكسبون عادة أكثر من زملائهم الذين تعوزهم المهارة ،  وأن الأفراد المحبين للحياة لن يلقوا بأنفسهم من فوق جسر ، وأن الطفل الجائع سوف يملأ الدنيا صراخاً ليعلن عن احتياجاته، كل هذه الأشياء عادة صحيحة.

وعندما نفترض في الناس العقلانية، فإننا بذلك نتجاهل تماماً ميولهم، والمقولة اللاتينية ((إن أذواق الناس لا تخضع للمنطق)) إذ هي إحدى شعارات عالم الاقتصاد.

إذن ، كيف نتعامل مع هذه الظواهر؟ إن الإجابة المنطقية هي أن نقول:   ((لا يتصرف الناس بعقلانية طيلة الوقت، إنما في معظم الأحيان، ومبادئ علم الاقتصاد لا تنطبق على جميع التصرفات، إنما على بعضها، وتلك بعض الاستثناءات)).

أو هناك حل بديل، هو أن نتشبث بذلك الوهم الذي يفترض أن كل الناس يتصرفون بعقلانية طيلة الوقت، وأن نُصِر على ايجاد تفسيرات عقلانية – مهما كانت شاذة – لكل هذه التصرفات التي تبدو غير عقلانية.

إن كثيرا من المجتمعات الزراعية البدائية تشترك في صفة غريبة؛ فبدلاً من أن يمتلك المزارع الواحد قطعة واحدة واسعة من الأرض، تجده يمتلك عدة قطع صغيرة من الأراضي الزراعية المتفرقة في أنحاء القرية. وقد دار جدل طويل بين المؤرخين حول أسباب هذه الظاهرة التي يعتقد أنها السبب وراء الكثير من أوجه القصور، ومن الاحتمالات المطروحة أن يكون الميراث والزواج هما السبب، فمن جيل إلى آخر يجري إعادة تقسيم قطع الأرض التي تملكها العائلة بين الورثة، فتتحول إلى قطعة صغيرة، ثم تأتي مسألة الزواج، فتزداد قطع الأرض المملوكة للعائلة الواحدة تباعداً وانتشاراً. تعرض هذا التفسير لنقد شديد، فهو يقدم صورة من صور اللاعقلانية، إذا لم لا يتبادل المزارعون قطع الأرض فيما بينهم بصورة دورية بحيث يدمجون ممتلكاتهم ويعززون من قوتها؟

لقد جذبت هذه المشكلة اهتمام عالم الاقتصاد والمؤرخ دون ماكلوسكي الذي يتمتع بقدرة فطرية متفردة على ابتكار التفسيرات الاقتصادية العبقرية، فبدلاً من أن يسأل: ((أي العادات الاجتماعية أدت إلى هذا السلوك غير العقلاني؟)) طرح ماكلوسكي سؤالاً آخر، فقال: ((لماذا يعد هذا السلوك عقلانياً؟)) وأوصلته الدراسة المتأنية إلى نتيجة هي أن هذا السلوك نوع من التأمين، فمثلاً في حالة حدوث فيضان في القرية، يتعرض المزارع صاحب قطعة الأرض الكبيرة للتدمير الشامل لممتلكاته، ولكن بتوزيع هذه الممتلكات، فإن المزارع يضحي ببعض الزيادة المحتملة في الدخل في مقابل أن يضمن ألا تمحى ممتلكاته تماماً بفعل كارثة ما. إن هذا السلوك لا يعد سلوكاً شاذاً، وإنما كل أصحاب العقارات المؤمن عليها في عصرنا الحالي ينهجون النهج ذاته.

إن الكثير من السلوكات التي يعتبرها الآخرون أمراً مسلماً به تثير حيرة علماء الاقتصاد.

 

للتواصل : [email protected]

 

المصدر: صحيفة صدى

كلمات دلالية: هذا السلوک

إقرأ أيضاً:

7 أعمال لـ عبد الوهاب المسيري بمعرض القاهرة الدولي للكتاب

يصدر للكاتب والمفكر الراحل الدكتور عبد الوهاب المسيري كتابان جديدان في معرض القاهرة الدولي للكتاب في نسخته الـ56، ليصبح عدد الأعمال المشاركة له عن الدار 7 أعمال وهما كتاب "العلمانية والحداثة والعولمة"، وكتاب "الثقافة والمنهج".


العلمانية والحداثة والعولمة

يقدم الكتاب رؤية فريدة ومبتكرة تتناول العلمانية والحداثة بشكل عميق، مع تسليط الضوء على العلاقة بين الإنسان والطبيعة من وجهة نظر "المسيري"، ودور العقل في تشكيل المبادئ والقرارات الإنسانية.

كما يناقش تأثير التقدم التكنولوجي والثورات العلمية على الإنسان، مشيرًا إلى الجانب السلبي رغم الإيجابيات المتعددة.

الثقافة والمنهج

الكتاب طرحته دار دوٍّن، في صورة سؤال وجواب يُبسِّط الدكتور عبد الوهاب المسيري تكوينه الشخصي وتحولاته ورؤيته للحب والأسرة والثقافة والفن والمنهج وغير ذلك من القضايا التي دائماً ما سعى لنشرها ووصولها إلى أكبر عدد من القراء.

كما أن الكتاب جزء من سلسلة حوارات المسيري ومن تحرير سوزان حرفي. إذ كان الراحل مهتما بنقل معرفته وأفكاره للأجيال المختلفة. وأجرى عبد الوهاب المسيري حوارا مطولا مع “حرفي” ناقش فيه العديد من الموضوعات الهامة، منها رحلته الفكرية ورؤيته عن المجتمع والحضارة والثقافة، وموضوعات أخرى  تتعلق  بالعلمانية والصهيونية وصراع الحضارات.

الإنسان والحضارة

ستتعرف من خلال الكتاب على الفرق بين الإنسان والحضارة والمفهوم المركب للإنسان، والحضارة الإنسانية والتاريخ والأعراق والثقافات. وكذلك أسطورة العقل العربي والشخصية العربية، والانتفاضة الفلسطينية كنموذج الصهيونية وعلاقتها بالرومانسية. والإنسان ككائن اجتماعي مُركب منفصلًا عن الزمان والمكان والبيئة.

ستعيد اكتشاف مفاهيم لطالما تعودت عليها مثل اليهودي، الصهيوني، المستوطن، العربي، العقل العربي، النظام العالمي، الحضارة، التاريخ، الواقع المحيط. وذلك وفقا لمنهج تفسيري جديد يجعلك تنظر للأمور بشكل مُركب لفهم الإنسان والحضارة بعيدًا عن النماذج والطرق الاختزالية في التفكير.

الصهيونية والحضارة الغربية

يستعرض الكتاب أسباب التخلص من عبء اليهود على أوروبا بتصديرهم للشرق، والهدف الحقيقي وراء حركة الصهيونية. كما نعرف أكثر عن أصل ونشأة فكرة “الاسترجاع الصهيوني” العودة لفلسطين، وأزمة اليهود واليهودية في المجتمع الأوربي. ونشأة الصهيونية والفكر الاستعماري والعباءة الليبرالية.

بالإضافة إلى اطلاعنا على تاريخ الحركة وكيف نشأت الأزمة بين اليهود ودول أوربا وأصبح اليهود عبئًا على تلك الدول، فكانت الحاجة إلى تصدير تلك المشكلة للشرق. وكيف تقابل ذلك مع الحلم الاستعماري للفكر الصهيوني مع الواقع الاستعماري الغربي. ويلقي الضوء على تشريح هذا الفكر وعلاقته الحقيقية باليهودية.

الصهيونية واليهودية

عبارة عن حوارات مع المفكر الراحل، أجرتها سوزان حرفي. وفي ذلك الكتاب ستجد إجابات كثيرة ومفصلة له توضح لنا كيف يفكر أصحاب الفكر الصهيوني. وكيف كان لهم تأثيرا كبيرا في تغيير خرائط العالم، وهل ستكون لهم ليهم نهاية قريبة أم بعيدة، وما هي تفاصيلها. كل ذلك ستجده في الكتاب.

الفلسفة المادية وتفكيك الإنسان


يشرح الكتاب ما هي الفلسفة المادية وسر جاذبيتها عالميًا ومواطن قصورها، ويوضح كيف يمكننا أن نفهم أنفسنا بمعزل عن الآخر. فقد نقع في تقليد الآخر لأننا لا ندري أساسً ما هم وما نحن، وكيف نتمايز عنهم، وإن لم نعرف أنفسنا ضعنا في فلسفات وتفكير الآخرين. ويوضح لنا كيف يمكن تفسير ما قد يمر علينا من مواقف/ سلوكيات/ مشاعر/ أفكار/ قصص/ أفلام/ أشخاص، بتفكير يندرج ضمن الفلسفة المادية بغير وعي منا لذلك. وكيف يمكن لفهم الفلسفة المادية المادية أن تغير في طريقة وعينا بالأشياء.

إضافة إلى ما هو الوعي أصلا، وما هو العقل وما وراء العقل. وينتقل في رحلة إلى تطبيق وشرح كيف العالم والغرب تحديدا من منظور مادي ولماذا يرى الغرب نفسه ويرى بقية العالم هو الآخر. يختم الكتاب بفصل عن الفلسفة المادية والإبادة والصراع العالمي.

نهاية التاريخ

في الكتاب تبدأ رحلة استكشاف الصهيونية وكيف ترى العالم، وفكرتها عن “أرض الميعاد” وأسطورة “الأمة المختارة”، وأفكارها وأحلامها عن العودة وإنشاء ما يدعى بدولة إسرائيل، ورؤيتها للحرب والصراع لإثبات وجودها، ووسعيها لهزم العقل والمعتقد اليهودي من خلال استخدام سياسي، واستغلال الدين اليهودي لاكتساب مشروعية تاريخية وإنسانية.

كما يعتبر الكتاب عملا تأسيسيا في أصوله، ويشرح ويوثق بنية الفكر الصهيوني، وكيف يخطط للعالم، ونهاية تاريخ العالم.

مقالات مشابهة

  • مصر صوت العقل ويد العون في حرب غزة
  • متـى يجـب قلــع أضـراس العـقل؟
  • 7 أعمال لـ عبد الوهاب المسيري بمعرض القاهرة الدولي للكتاب
  • متى يجب قلع أضراس العقل؟
  • رئيس اقتصادية النواب: المشروعات الصغيرة والمتوسطة تساهم بشكل كبير في الناتج المحلي
  • رئيس "اقتصادية النواب": المشروعات الصغيرة والمتوسطة الركيزة الأساسية للاقتصاد الوطني
  • رئيس اقتصادية النواب: المشروعات الصغيرة تمثل 80% من الناتج المحلي المصري
  • دراسة إيطالية تُعيد رسم ملامح الزهايمر.. طفرة جينية نادرة تكشف ألغاز المرض
  • النمر: ارتفاع السكر في الجسم يضر العقل والقلب والكلى ..فيديو
  • د. عبدالله الغذامي يكتب: هل العقل رجلٌ والعاطفة امرأة؟!