درنة وأخواتها..المعاناة مستمرة
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
لم يكن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيرش، مبالغا عندما حمَّل الساسة المتنفذين في ليبيا مسؤولية كارثة درنة وأخواتها، فالصراع على السلطة والسعي للتحكم في القرار بأي طريقة كانت انعكس بشكل مباشر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية وعطل سبل معالجة الأوضاع المتردية في البلاد بما في ذلك البنية التحتية.
أرجع إلى تقييم المعنيين بالأزمة واستمع إلى تصريحات المهمومين بدرنة وأخواتها عبر وسائل الإعلام ليتبين لك أن وضع سكانها الذين دمر الإعصار والسيل مساكنهم في تردي ومعاناة وأزمتهم مستمرة وإلى تفاقم وأن الحكومات لم تقم بشي ذي بال يخفف من معاناتهم.
مؤشرات الإدارة الجيدة للأزمات والكوارث تبدأ من المعلومات الصحيحة عن نتائج الأزمة أو الكارثة وتوابعها، وقد مر على الفاجعة اسبوعان دون أن تعلن الجهات الرسمية عن أرقام صحيحة أو قريبة من الحقيقة فيما يتعلق بأعداد الضحايا، وأعداد المفقودين، وأعداد من يتلقون علاجا، وأعداد من يحتاجون إغاثة ورعاية اجتماعية ونفسية، وأعداد من شردهم الإعصار ونزوحوا داخل مدنهم أو إلى غيرها من المدن.
دقة المعلومات هي أولى الخطوات الرئيسية لمجابهة الأزمات والكوارث، والارتباك والاضطراب دليل على ضعف في إدارتها وارتباك شديد في مواجهتها، ولأن الاضطراب في الأرقام هو الغالب فإنك ترى أن الارتباك والفوضى هي الشعار عند تقييم التعاطي الرسمي مع فاجعة درنة وأخواتها.
والمعلومات لا تقتصر على معرفة ما خلفه الإعصار من آثار مباشرة يتم الوقوف عليها حال توقفه، بل تستمر في كل مرحلة وطور من أطور الأزمة أو الكارثة، فالضعوط قد تكون أشد في الفترات اللاحقة، والمعاناة تتحول إلى وضع صعب جدا يتطلب رصدا وتقييما مستمرا.
المعلومات تؤكد أن كثيرا من المنكوبين في درنة وأخواتها لا تتوفر لهم احتياجاتهم الأساسية، فكيف يمكن القبول بهذا الوضع وقد مر على الفاجعة أسبوعان؟! وهل سيرسل هكذا وضع رسائل مطمأنة للمنكوبين وهم بعشرات الآلاف من أن المستقبل أفضل؟!من مؤشرات الاضطراب في إدارة الكارثة في الشرق الليبي ما يصفه أهل الاختصاص بـ "ضعف منظومة القرار"، وفي الحالة الليبية جعل الصراع والانقسام منظومة القرار في أدنى درجات ضعفها، وهو ما يتجلى في موقف السلطات من الفاجعة وتداعياتها، فلا ظهر ما يشير إلى إمكانية إدارة تداعيات ما بعد الإعصار والسيول بجهد محلي، خاصة عشرات الآلف الذين هم في العراء وما يحتاجونه من مأوى وخدمات صحية وتعليمية..ألخ، أو الالتجأ إلى المجتمع الدولي ليتولى الأشراف على استراتيجية بناء ما دمره الإعصار وجرفته السيول أو المساهمة المباشرة في تخفيف معاناة المتضررين.
الكوارث والأزمات تحتاج إلى تخطيط لمجابهتها، وعندما تكون نتائجها وتداعياتها بحجم مع وقع لدرنة وأخواتها، فإن خطة التعافي واستراتيجية البناء تصبح أساسية، وأي تفكير بعيد عن هذا المسار لا يمكن أن يحتوي ما وقع، ويبدو أن الوضع السياسي يحول دون السير في هذا الاتجاه، ما يعني أن البديل هو العشوائية في التعامل مع آثار الإعصار والسيول، وانتهاج سياسة الفعل بعد تفاقم الوضع وتكشُّف مظاهر جديدة للمعاناة وليس العكس، فالتخطيط يسبق الأحداث بتوقع أثارها المنظورة وغير المنظورة ويدفع إلى الاستعداد لها بكل السبل الملائمة قبل تفاقم الوضع، وهو ما تفتقده درنة وأخواتها اليوم.
ما ينبئ عن ضعف منظومة القرار والعشوائية في مجابهة الواقع المرير القابل للتفاقم كل يوم هو الارتباك في مجابهة الآثار والتداعيات المباشرة للكارثة، فأعداد المشردين من بيوتهم والنازحين داخل المدينة وخارجها قدرته منظمة الهجرة الدولية بما يزيد عن 43 ألف، ويعتقد أن الرقم أكبر ذلك أن عمليات الإحصاء ما تزال بعيدة عن بعض القرى المنكوبة في الشرق، فتقديم الخدمات العاجلة ثم الحلول الناجعة لأوضاع هؤلاء مسؤولية دولة وحكومة ولا يمكن التعويل على "فزعة الخوت" لتلافيها.
المعلومات تؤكد أن كثيرا من المنكوبين في درنة وأخواتها لا تتوفر لهم احتياجاتهم الأساسية، فكيف يمكن القبول بهذا الوضع وقد مر على الفاجعة أسبوعان؟! وهل سيرسل هكذا وضع رسائل مطمأنة للمنكوبين وهم بعشرات الآلاف من أن المستقبل أفضل؟!
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه ليبيا تداعيات ليبيا فيضانات رأي تداعيات مقالات مقالات مقالات صحافة رياضة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
المبعوث الخاص لترامب: أوكرانيا لا يمكن أن تكون جزءاً من الناتو
أوكرانيا – أكد المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لشؤون أوكرانيا وروسيا كيث كيلوغ، إن أوكرانيا “لا يمكن أن تكون جزءاً” من حلف شمال الأطلسي (الناتو).
جاء ذلك في مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، امس الاثنين، تحدث فيها عن السلام المحتمل في أوكرانيا واحتمالات انضمام كييف لحلف شمال الأطلسي.
وأكد كيلوغ أن مسألة عضوية أوكرانيا في الناتو “أمر غير وارد”، قائلا: “الناتو خارج نطاق النقاش. لن تكونوا جزءاً منه”.
وأوضح كيلوغ أن الإدارة الأمريكية تُجري مفاوضات متعددة تتعلق بإمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب الروسية الأوكرانية.
وأشار إلى أن هناك العديد من القضايا التي ينبغي على الولايات المتحدة الانخراط فيها على الصعيد العالمي، مضيفاً أن الحرب الطويلة بين روسيا وأوكرانيا “قد تُتيح فرصة ما”، دون تفاصيل عن ذلك.
وفي 18 مارس/ آذار، بحث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التفاصيل المتعلقة بوقف إطلاق النار بين روسيا وأوكرانيا في اتصال استغرق نحو ساعتين ونصف.
وعقب الاتصال، أعلن ترامب على منصة “تروث سوشيال” أنه اتفق مع بوتين، على وقف فوري لاستهداف منشآت الطاقة والبنية التحتية في كل من أوكرانيا وروسيا.
من جانبه أفاد الكرملين في بيان، أن بوتين رحب بمقترح ترامب بشأن امتناع كييف وموسكو عن استهداف منشآت البنية التحتية للطاقة لمدة 30 يوما.
كما شهدت مدينة جدة السعودية، في مارس الماضي محادثات أمريكية أوكرانية لبحث التوصل إلى وقف لإطلاق النار بين كييف وموسكو، وذلك برئاسة وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو ونظيره الأوكراني أندريه سيبيها.
ومنذ 24 فبراير/ شباط 2022 تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا وتشترط لإنهائه تخلي كييف عن الانضمام لكيانات عسكرية غربية، وهو ما تعتبره كييف “تدخلا” في شؤونها.
الأناضول