تقرير: على واشنطن ألا تؤجج الصراعات في آسيا الوسطى
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
على الرغم من تراجع الأهمية الإستراتيجية لمنطقة آسيا الوسطى بالنسبة للولايات المتحدة، بعد انسحاب قواتها من أفغانستان قبل حوالي عامين، إلى أن الوجود العسكري لها في المنطقة يهدد بالتعرض لخسائر وتكلفة لا داعي لها، بسبب انخراطها في خلافات وصراعات المنطقة.
أي محاولة أمريكية لدعم طاجيكستان عسكرياً سيزيد التوترات مع الصين
وفي تحليل نشرته مجلة "ناشيونال إنتريست" الأمريكية، يقول المحلل السياسي أليكس ليتل المتخصص في شؤون آسيا الوسطى وروسيا، إن "الولايات المتحدة قد تجد نفسها في مواجهة غير مباشرة مع تركيا شريكتها في عضوية حلف شمال الأطلسي، لأن واشنطن تدعم طاجيكستان، في حين تدعم أنقرة قيرغيزستان اللتين اقتربتا من الانخراط في جولة صراع مسلح جديد بعد جولتي 2021 و2022".
ويقول ليتل خريج جامعة "جورجيا تك" الأمريكية، إنه منذ انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان في 31 أغسطس (آب) 2021، تراجع اهتمام واشنطن الأمني بمنطقة آسيا الوسطى مع إغلاق قواعدها العسكرية المؤقتة في كل من أوزبكستان وقيرغيزستان.
وعلى الرغم من ذلك مازالت واشنطن منخرطة في الشؤون الأمنية لدول آسيا الوسطى، حيث قدمت مساعدات أمنية لطاجيكستان منذ استقلالها عن الاتحاد السوفيتي السابق بنحو 330 مليون دولار، وضمت قائمة المساعدات مئات العربات العسكرية ومركز تدريب شامل ودعم جهود إدارة الحدود والجمارك.. ونتيجة لذلك أصبحت الولايات المتحدة أكبر دولة مانحة للمساعدات الأمنية لطاجيكستان، على الرغم من أن روسيا هي أهم شريك تجاري وأمني لها.
The potential for another border clash between Kyrgyzstan and Tajikistan is becoming more likely as the two countries engage in an arms race. https://t.co/DtRoampWFX
— National Interest (@TheNatlInterest) September 22, 2023وفي المقابل، فإن التضامن التركي الشامل يدفع تركيا لدعم قيرغيزستان في نزاعها مع طاجيكستان بتزويدها بالطائرات المسيرة "بيراقدار تي.بي2" وأكسونجور وأنكا، وكانت تركيا أول دولة تعترف باستقلال قيرغيزستان واعتبرت المحافظة على استقرارها وتنميتها أولوية تركية.. علاوة على ذلك، يمكن لتركيا توسيع نفوذها في الدول ذات العرقية التركية في آسيا الوسطى في حين تنشغل روسيا بالحرب في أوكرانيا.
ومع انحياز دولتين عضوين في الناتو إلى طرفين متصارعين سيتصاعد التوتر بين واشنطن وأنقرة من دون داع، ومنذ أوائل القرن الحالي تدهورت العلاقات بين البلدين بسبب الخلافات بينهما بشأن الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.. في الوقت نفسه فإن تنافس الولايات المتحدة غير المباشر مع تركيا من خلال تزويد طاجيكستان بالسلاح، يهدد علاقة دبلوماسية مهمة وإن كانت مضطربة بالنسبة لواشنطن.
والحقيقة هي أن الولايات المتحدة لن تتأثر بشكل مباشر بالتطورات الأمنية في آسيا الوسطى وبخاصة بعد انسحاب قواتها من أفغانستان، وعلى الرغم من الانسحاب تحتفظ واشنطن ببعثة هدفها المحافظة على سيادة دول آسيا الوسطى من خلال التعاون الأمني معها، عبر منظمة الأمن والتعاون في أوروبا وبرنامج الشراكة من أجل السلام الخاص بحلف الناتو والأمم المتحدة.
والأفضل أن تتولى الدول التي تتأثر بشكل مباشر بأي اضطرابات في آسيا الوسطى التعامل مع التحديات الأمنية في المنطقة، فمصالح الصين وروسيا في آسيا الوسطى كبيرة للغاية، حيث تعتبر موسكو أبرز مصدر للمساعدات الأمنية والعسكرية.. في حين أن بكين مستثمر مهم في المنطقة، وتستهدف روسيا بشكل أساسي منع انتشار خطر "الإسلام الأصولي" والذي ترى أن انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان أدى إلى تفاقمه في آسيا الوسطى، كما تضم قائمة الهواجس الأمنية الكبيرة لروسيا في آسيا الوسطى تهريب المخدرات وتهريب البشر والهجرة غير الشرعية والإرهاب.. كما أن الوجود الأمني الروسي في المنطقة يخدم الصين لأنه يحمي مصالحها الاقتصادية المتنامية في قطاعات النقل والطاقة بآسيا الوسطى.
ومع تراجع الحضور الأمني لروسيا في آسيا الوسطى نتيجة تركيزها على حربها ضد أوكرانيا، أصبحت الصين القوة الأمنية الأنسب للعمل في المنطقة، وتتجاوب طاجيكستان وقيرغيزستان مع الحضور الصيني في المنطقة والذي يشمل التدريبات العسكرية، ونقل المعدات العسكرية، وإقامة البنية التحتية الأمنية، ونشر شركات الأمن الخاصة.. لذلك فأي محاولة أمريكية لدعم طاجيكستان عسكرياً سيزيد التوترات مع الصين.
كما أن الولايات المتحدة لا تسيطر بالقدر الكافي على طريقة استخدام المعدات العسكرية والأسلحة بمجرد تسليمها لحكومة أجنبية.. وفي حين لا تعتزم الولايات المتحدة دعم طاجيكستان في صراعها ضد قيرغيزستان، فإن أغلب المعدات العسكرية لتي تقدمها لها مثل أجهزة الرؤية الليلية تستخدم في المنطقة الحدودية الملتهبة بين البلدين.. وبدلاً من المساهمة غير المطلوبة في تأجيج التوترات بآسيا الوسطى، على الولايات المتحدة التعاون مع تركيا من أجل تشجيع المحادثات الدبلوماسية بين دوشانبي وبشكيك.. وكعضوين في حلف الناتو، أمام واشنطن وأنقرة فرصة لتجنب أي تدهور جديد في العلاقات من خلال وضع حد لصراع بسيط لا يمثل أهمية إستراتيجية لواشنطن.
ويختتم ألكسي ليتل تحليله بالقول إنه "على الولايات المتحدة العمل على تقليص ثم وقف برامج إرسال المعدات العسكرية لدول آسيا الوسطى ومنها طاجيكستان، فمع الوجود العسكري الروسي والصيني والقدرات العسكرية في طاجيكستان يمكن القول إنها تستطيع الدفاع عن نفسها".. وفي المقابل لا يوجد أي سبب مقبول لكي تقوم الولايات المتحدة بدور روسيا والصين من خلال دعم القدرات الدفاعية لطاجيكستان، وقد حان الوقت لكي تنخرط واشنطن في المنطقة بطرق مختلفة تنأى بها عن ماضيها العسكري فيها.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: زلزال المغرب التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الملف النووي الإيراني أمريكا تركيا الصين آسيا الوسطى الولایات المتحدة المعدات العسکریة فی آسیا الوسطى من أفغانستان على الرغم من فی المنطقة من خلال فی حین
إقرأ أيضاً:
"واشنطن بوست": عمليات ترحيل المهاجرين في الولايات المتحدة تسجل رقما قياسيا
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تناولت صحيفة، واشنطن بوست، الأمريكية، بعض التقارير التي تفيد بأن إدارة الهجرة والجمارك الأمريكية رحلت 271 ألفا و484 مهاجرا إلى ما يقرب من 200 دولة في السنة المالية الماضية.
ولفتت الصحيفة إلى أن معظم المرحلين كانوا قد عبروا الحدود الجنوبية للولايات المتحدة بشكل غير قانوني، كجزء من عدد قياسي من الأشخاص الفارين من الفقر والانهيار الاقتصادي في نصف الكرة الغربي بعد الوباء. وغطى تقرير إدارة الهجرة والجمارك عمليات الإنفاذ من 1 أكتوبر 2023 إلى 30 سبتمبر 2024.
وبحسب الصحيفة، يعد التقرير هو الحساب الختامي لإدارة الهجرة والجمارك بشأن إنفاذ قوانين الهجرة في ظل إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته جو بايدن قبل تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه في 20 يناير المقبل.
ووعد ترامب بإطلاق أكبر حملة ترحيل في تاريخ أمريكا بشكل فوري، على الرغم من أنه قدم تفاصيل قليلة أو متضاربة حول كيفية إدارتها. وظلت مستويات توظيف ضباط إنفاذ قوانين الهجرة راكدة لسنوات.
وذكرت الصحيفة أن بايدن تولى منصبه في عام 2021، متعهدا بوقف عمليات الترحيل، وأرسل إلى الكونجرس مشروع قانون كان من شأنه أن يسمح لمعظم المهاجرين غير المسجلين البالغ عددهم 11 مليونا في الولايات المتحدة بالوصول إلى مسارات الحصول على الجنسية.. لكن زيادة عدد المعابر الحدودية أفسدت خططه، وانتهى الأمر بمسؤولي بايدن إلى توسيع عمليات الاحتجاز والترحيل بدلا من الحد منها.
وأشارت إلى أن عمليات الترحيل التي قامت بها إدارة الهجرة والجمارك خلال فترة ولاية ترامب الأولى بلغت ذروتها عند 267 ألفا و260 مهاجرا خلال السنة المالية 2019، وفقا للبيانات. وفي عهد ترامب، كان من المرجح أن يكون المرحلون أفرادا تم القبض عليهم في المناطق الداخلية من الولايات المتحدة، وليسوا عابري حدود حديثًا.
وقال مسؤولون فيدراليون في مجال الهجرة، إن هناك عدة عوامل دفعت إلى الزيادة الإجمالية في عمليات الإنفاذ والترحيل خلال العام الماضي، وخاصة إلى السلفادور وجواتيمالا وهندوراس، التي قبلت المزيد من الرحلات الجوية التي تنقل المرحلين من الولايات المتحدة.
كما وسعت إدارة الهجرة والجمارك بعد "جهود دبلوماسية مكثفة" عدد الرحلات الجوية المستأجرة العام الماضي إلى دول في نصف الكرة الشرقي، بما في ذلك أول رحلة ترحيل كبيرة إلى الصين منذ السنة المالية 2018. وذهبت رحلات أخرى إلى ألبانيا والهند والسنغال وأوزبكستان.
ووفقا للصحيفة، تُظهر السجلات أن بايدن أوفى إلى حد كبير بوعده بالتركيز على المهاجرين الذين يشكلون أولوية قصوى للترحيل، بما في ذلك الذين عبروا الحدود مؤخرا والأشخاص الذين يشكلون تهديدا للأمن القومي أو السلامة العامة.
ويعيش حوالي 11 مليون مهاجر غير موثق في الولايات المتحدة، ويقوم مسؤولو الهجرة عادة بترحيل جزء صغير منهم كل عام، ويرجع ذلك جزئيا إلى تراكمات طويلة الأمد في محاكم الهجرة الأمريكية، والقيود على الميزانية، والمعارضة العامة لعمليات الترحيل في العديد من الولايات.
ويظهر تقرير عام 2024 أن أعلى أعداد المهاجرين الذين تم إبعادهم من الولايات المتحدة ذهبت إلى المكسيك وجواتيمالا وهندوراس والسلفادور. وتتعاون هذه الدول عادة مع عمليات الترحيل ومن المرجح أن يكون مواطنوها أهدافا مهمة للترحيل في ظل إدارة ترامب القادمة.