إقليم ناغورني كاراباخ - ما دور روسيا في الأزمة الجديدة؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
قالت روسيا إن جنودها ساعدوا في إجلاء أكثر من ألفي شخص من إقليم ناغورنو كاراباخ
ترى أذربيجان أن هجومها الأخير على إقليم ناغورني كاراباخ ذي الغالبية الأرمنية كان بمثابة "عملية مكافحة إرهاب محلية"، فيما ينظر مراقبون إلى الخطوة باعتبارها حلقة أخرى من سلسلة الحرب التي اندلعت عام 2020، ما أجبر أرمينيا على تقديم تنازلات مؤلمة بموجب اتفاق سلام جاء بوساطة روسية.
ومع تورط روسيا في حربها بأوكرانيا منذ فبراير / شباط العام الماضي، فإن أرمينيا وأذربيجان كان يمكن أن ينزلقا إلى صراع واسع النطاق جراء نزاعهما على إقليم ناغورني كاراباخ لعقود، وهو ما كان سينذر بدخول روسيا والعالم في أزمة أخرى طويلة الأمد.
بيد أن هذا السيناريو لم يتحقق، إذ خلال يوم واحد وافق قادة جمهورية ناغورني كاراباخ، المعروفة باسم "جمهورية آرتساخ" غير المعترف بها دوليا، والذين يحكمون الإقليم منذ عام 1991، على سحب قواتهم مع تعهد أذربيجان بتوفير ممر آمن لهذه القوات.
وفي العاصمة الأرمينية يريفان، رفض رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان نشر قوات من جيش بلاده لدعم الإقليم ذي الأغلبية الأرمنية؛ رغم الضغوط التي تعرضت لها حكومته، فيما يتضمن الاتفاق مغادرة جميع الجنود الأرمن الإقليم. وتعد هذه القضية ذات حساسية لحكومة باشينيان، التي تصر على عدم وجود قوات لها في ناغورني كاراباخ.
وفي ذلك، قال المحلل السياسي المقيم في أذربيجان فؤاد شهبازوف إن "أيدي الحكومة الأرمنية مقيدة لأن أي تدخل من جانبها ضد جارتها الأكبر مساحة والأغنى، أذربيجان، من شأنه أن يثير حربا تقليدية كبيرة ... لأن أذربيجان ستعتبر هذا العمل شكلا من أشكال العدوان".
قوات حفظ السلام الروسية؟
أما روسيا التي تعد الحليف التقليدي لأرمينيا وقامت بنشر ألفي جندي لحفظ السلام في الإقليم، فقد سعت إلى تهدئة الوضع، فقد توسطت في إبرام اتفاق وقف إطلاق النار، فيما أفادت التقارير أن الجنود الروس شاركوا في عمليات إجلاء المدنيين من الصراع.
ووصف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف الأزمة بأنها "شأن داخلي خاص بأذربيجان"، فيما أعرب بوتين "عن ارتياحه من إمكانية التغلب على هذه المرحلة بالغة الحساسية من الصراع".
أما في أذربيجان، فتستعد الحكومة في الوقت الراهن لبدء مفاوضات لدمج سكان الإقليم من الأرمن، بينما الغموض مازال يكتنف الأمر.
وفي هذا الصدد، قال شاهبازوف: "لقد خلقت القوات الأذربيجانية وأذربيجان أيضًا ظروفا مواتية لأولئك الذين يريدون فقط مغادرة كاراباخ وعدم العيش تحت سيادة أذربيجان. وسيتم السماح للأرمن بالمغادرة بمساعدة قوات حفظ السلام الروسية".
وفي المقابل، ترى الصحافية الألمانية سيلفيا شتوبر، المتخصصة في شؤون منطقة جنوب القوقاز، أن اتفاق السلام "يُعَدّ بمثابة استسلام من قبل المنتمين للعرقية الأرمنية في ناغورني كاراباخ ولحظة تاريخية"، بعد أكثر من ثلاثة عقود من الصراع.
مختارات بوتين أم أردوغان ـ من انتصر على من في كاراباخ؟ اتفاق روسي-تركي لبناء مركز مشترك لمراقبة تطبيق اتفاق السلام في كاراباخالبحث عن حلفاء جدد
وفي ضوء هذه المعطيات، يطرح مراقبون تساؤلات حول السبب الذي دفع روسيا إلى عدم دعم أرمينيا رغم تحالفهما الذي دام لأكثر من 30 عاما.
ويعزو مراقبون ذلك إلى موقف يريفان حيال الإقليم، حيث أعلن رئيس الوزراء في وقت سابق من هذا العام الجاري أن بلاده تعترف بسيادة أذربيجان على الإقليم، في خطوة تشير إلى أن أرمينيا غير مستعدة للمخاطرة بتعرضها لهزيمة مذلة أخرى عقب ما وقع عام 2020.
ويرجع آخرون السبب إلى التوترات الأخيرة بين حكومتي روسيا وأرمينيا، حيث أبدت الأخيرة مساعي للاقتراب من الدول الغربية وتحدي الكرملين، وهو ما تمثل في رفض المشاركة في تدريبات عسكرية مشتركة مع روسيا، فيما واصلت التعاون مع الجيش الأمريكي.
وتصاعد التوتر بين البلدين عقب تسليم أرمينيا مساعدات إنسانية لأوكرانيا في سبتمبر/ أيلول وقيام زوجة رئيس الوزراء بزيارة العاصمة كييف، فيما بلغ التوتر ذروته عندما اعتبر رئيس حكومة أرمينيا اعتماد بلاده الأمني على روسيا "خطأ استراتيجياً" في ضوء تورط روسيا في أوكرانيا.
وأبدى باشينيان انزعاجه من عدم تحرك قوات حفظ السلام الروسية ضد إغلاق باكو العام الماضي ممر لاتشين، وهو الطريق الوحيد الذي يربط المنطقة بأرمينيا.
وفي مقابلة مع صحيفة بوليتيكو الأسبوع الماضي، قال رئيس الوزراء الأرميني: "كل هذا ... كان من المفترض أن يكون ضمن نطاق مسؤولية قوات حفظ السلام الروسية، وبقدر وجود هذه القضايا، تكون قوات حفظ السلام الروسية قد فشلت في مهمتها".
وفي مقابلة مع DW، اتهم المحلل الأرمني وعضو البرلمان السابق، ستيوبا سافاريان، موسكو بمحاولة "معاقبة أرمينيا على ما تراه خيانة، وهي تعاقبنا بأيدي أذربيجان"، مضيفا "ما وقع يحمل في طياته تشابها للعدوان الروسي على أوكرانيا. إنه نفس الوضع تماما".
عرض أذربيجاني لروسيا
من جابنه، يرى شتيفان مايستر، الخبير في شؤون جنوب القوقاز في المجلس الألماني للعلاقات الخارجية، أن هناك بعض الدوافع وراء إقدام روسيا على تغيير نهجها في الإقليم.
وقال في مقابلة مع DW: "روسيا معنية بعدم نشوب صراع كبير في منطقة سوفيتية سابقة بسبب استنزاف مواردها في أوكرانيا، فضلا عن أذربيجان الغنية بالنفط قدمت على الأرجح عرضا لروسيا لتسهيل وصول ممر إلى إيران، فيما قد يشمل صفقات أخرى تتعلق بالنفط والغاز".
وأشار إلى أن باكو باتت في وضع تفاوضي جيد بسبب الحرب في أوكرانيا وضرورة بحث روسيا عن "طرق تجارية بديلة للتغلب على العقوبات الغربية".
وألمح إلى أن أذربيجان تستخدم في الصراع بإقليم ناغورني كاراباخ نفس الأسلوب الذي تمارسه روسيا في أوكرانيا، مضيفا: "باكو تستخدم الممرات الإنسانية لإخراج الناس وهو أسلوب روسي، لكننا نراها للأسف في أذربيجان".
"انقطاع" حبل الود بين روسيا وأرمينيا
وعلى وقع ذلك، يعتقد روبن إنكوبولوف، الباحث في معهد برشلونة للاقتصاد السياسي والحوكمة، أن هذه المعطيات تفرض سيناريو واحدا فيما يتعلق بمصير إقليم ناغورني كاراباخ.
وقال في مقابلة مع DW: "يتمثل هذا السيناريو الوحيد في خضوع الإقليم لسيادة أذربيجان الكاملة"، محذرا من أن الأمر قد ينتهي "بزوال كل ما هو أرمني في الإقليم".
لكنه يأمل في ألا يرتقي النزوح إلى مستوى التطهير العرقي، مرجحا أن ينطوي على "إجلاء قسري".
ورغم توتر العلاقات مع روسيا، إلا أن إنكوبولوف يعتقد أرمينيا ستظل بحاجة إلى الحفاظ على العلاقات مع موسكو باعتبارها الشريك التجاري الأكبر، مضيفا: "لكن، يمكن القول إن حبل الود بين البلدين قد انقطع".
داركو جانيفيتش / م.ع
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: أذريبجان ناغورني كاراباخ روسيا تركيا إقليم ناغورني كاراباخ أذريبجان ناغورني كاراباخ روسيا تركيا إقليم ناغورني كاراباخ قوات حفظ السلام الروسیة ناغورنی کاراباخ إقلیم ناغورنی رئیس الوزراء فی مقابلة مع فی أوکرانیا
إقرأ أيضاً:
الدعم السريع: الحكومة الجديدة تهدف لتحقيق السلام والوحدة
سكاي نيوز عربية – أبوظبي/ قال مستشار الدعم السريع، مصطفى محمد إبراهيم، إن الحكومة الموازية في السودان المزمع توقيع ميثاقها السياسي في العاصمة نيروبي، تهدف إلى تحقيق السلام والوحدة في البلد الذي يشهد حربا منذ أبريل 2024 بين الجيش والدعم السريع.
الحكومة الموازية التي يعتزم الدعم السريع ومجموعة من القوى السياسية والحركات المسلحة الإعلان عنها في مناطق سيطرة الدعم السريع، تأتي في وقت عصيب يمر به السودان، حيث تعاني البلاد من انقسام سياسي وحالة من الفوضى الأمنية.
وفي مقابلة مع سكاي نيوز عربية، أؤكد مصطف إبراهيم أن الهدف من الحكومة الجديدة هو "توفير الأمن والخدمات الأساسية" للمواطنين الذين يعانون من التوترات اليومية بسبب النزاعات المسلحة.
في حديثه عن وضع المدنيين، شدد على أن "حماية المواطنين هي الأولوية"، مشيرًا إلى الأضرار الجسيمة التي تسببها العمليات العسكرية، سواء من قبل الجيش أو المليشيات. هذا التركيز على السلام والأمن يعكس وعيًا عميقًا بالتحديات الاجتماعية والاقتصادية التي تواجه البلاد.
وأثارت خطوة تشكيل حكومة في مناطق سيطرة قوات الدعم السريع، في ظل وجود حكومة يقودها الجيش في بورتسودان جدلا كبيرا وأدت إلى انقسام في التحالف المدني المؤيد لوقف الحرب الذي كان يعرف بتحالف "تقدم"، وتشكيل تحالف جديد سمي بتحالف "صمود" بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك الذي اعلن وقوف التحالف الجديد في موقف الحياد.
وأوجد التباين داخل "تقدم" موقفين يرى أحدهما مواصلة النضال بوسائل العمل المدني الديمقراطي دون تشكيل حكومة وتبنته المجموعة التي انضوت تحت "صمود"، وآخر يرى أن تشكيل حكومة هو أحد الأدوات المطلوبة وهو الموقف الذي تبنته المجموعة المجتمعة حاليا في نيروبي.
وأعلنت نحو 60 من الأجسام السياسية والمهنية والأهلية والشخصيات المكونة لتحالف "صمود" في بيان الثلاثاء رفضها لمقترح تشكيل الحكومة الموازية، وقالت إنها ستلتزم طريقاً مستقلاً لا ينحاز لأي من أطراف الحرب ولا ينخرط فيها بأي شكل من الأشكال، وأكدت أنها ستتصدى لكل فعل أو قول يهدد وحدة البلاد ويمزق نسيجها الاجتماعي.
ورأت مجموعة "صمود" إن الخطوة ستعقد أوضاع البلاد التي تمر بحرب "إجرامية خلفت أكبر كارثة إنسانية في العالم ولا زالت رحاها تدور بشكل وحشي يتزايد يوماً بعد يوم، ليدفع ثمنها ملايين السودانيين الأبرياء، ويتكسب منها دعاة الحرب وعناصر النظام السابق الذين يريدون تصفية ثورة ديسمبر واحكام الهيمنة على البلاد، وإعادة إنتاج نسخة أكثر توحشاً من نظامهم الفاشي الإجرامي صاحب الباع الإرهابي الطويل في زعزعة الاستقرار والمجرب ومعروف النتائج والأثار في محيط جوارنا الإقليمي والدولي".
في ظل الأوضاع الميدانية الحالية وتقاسم الجيش وقوات الدعم السريع السيطرة على العاصمة الخرطوم، أثارت الخطوة مخاوف من احتمال ان تؤدي إلى تقسيم السودان.