عقد الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم- جلسةَ مباحثات مع سماحة الشيخ راوي عين الدين -مفتي روسيا الإتحادية ورئيس الإدارة الدينية- لبحث أوجه تعزيز التعاون الإفتائي بين دار الإفتاء المصرية والإدارة الدينية لمسلمي روسيا الإتحادية، وذلك بحضور سعادة السفير نزيه النجاري، سفير مصر في روسيا.

وأشاد الشيخ راوي عين الدين بالمجهودات التي تقوم بها دار الإفتاء المصرية بقيادة المفتي لضبط بوصلة الإفتاء في الداخل والخارج، وتصحيح صورة الإسلام ومواجهة الفكر المتطرف، فضلًا عن تقديم برامج تدريبية وتأهيلية لإعداد علماء ومفتين قادرين على مواجهة تحديات الواقع المعاصر.

وأضاف أن دار الإفتاء المصرية تُعَدُّ أهمَّ مؤسسة إفتائية في العالم وبوصلة ترشد مؤسسات الفتوى في العالم، لذا فإن الجميع يتطلع إلى التعاون معها للاستفادة من خبراتها الكبيرة وتجربتها الرائدة في المجال الإفتائي.

وأبدى مفتي روسيا اعتزازه باتفاقية التعاون التي وقَّعتها الإدارة الدينية لمسلمي روسيا مع دار الإفتاء المصرية والمشاركة في كافة الفعاليات التي تنظِّمها دارُ الإفتاء والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم.

وأكَّد سماحته على أهمية الدَّور الذي تضطلع به دار الإفتاء المصرية في بناء قدرات المفتين وتأهيلهم بالعلوم والخبرات اللازمة التي تصنع مفتيًا قادرًا على إدراك الواقع وإصدار الفتاوى المنضبطة الرشيدة، مطالبًا فضيلة مفتي الجمهورية بالإشراف على تدريب وتأهيل أئمة روسيا الاتحادية.

كما أشاد بالنهضة الكبيرة التي تشهدها مصر في كافة المجالات في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.

من جانبه أكَّد مفتي الجمهورية إهتمام دار الإفتاء المصرية بتدريب وتأهيل المفتين، وأن الدار لديها إدارة متخصصة في ذلك يتلقَّى فيها المتدربون من مختلف دول العالم على الفتوى برامجَ متخصصة في التدريب على الفتوى مدَّتها تصل إلى 3 سنوات، وتخرَّج فيها عشرات المفتين من دول متعددة، وذلك لخلق جيل جديد من المفتين، قادر على إدراك الواقع وفهم النصوص الشرعية فهمًا رشيدًا ومستنيرًا لإصدار الحكم الشرعي الصحيح.

وأشار المفتي إلى أن دار الإفتاء بذلت الكثير من الجهود في مواجهة الفكر المتطرف وبيان صحيح الدين، فأنشأت مرصد الفتاوى التكفيرية عام 2014، الذي تطور وأصبح مركز سلام لدراسات التطرف، وهو مركز عالمي علمي وطني متخصص في دراسات التطرف ومواجهة الإرهاب، منبثق عن الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم، وهي المظلة الوحيدة والجامعة لكل دُور وهيئات الفتوى في العالم، وجاء تأسيسه كثمرة لجهود متوالية وخبرات طويلة وعمل دءوب لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم في مجال مكافحة التطرف والإرهاب على المستوى المحلي والعالمي.

وأضاف المفتي أن دار الإفتاء دائمًا ما تشتبك مع القضايا المعاصرة، وتبحث العديد من القضايا التي تشغل أذهان الناس وتحتاج إلى حلول ناجعة، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية ستعقد مؤتمرها العالميَّ الثامن تحت مظلة الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم في منتصف أكتوبر المقبل تحت عنوان: "الفتوى وتحديات الألفية الثالثة"، حيث يجتمع مفتو العالم لطرح رؤاهم وأفكارهم لمواجهة هذه التحديات التي يعاني منها العالم أجمع.

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: روسيا مفتي الجمهورية الإفتاء المصرية المفتي التعاون الإفتائي مفتي روسيا الإتحادية دار الإفتاء المصریة مفتی الجمهوریة أن دار الإفتاء دار الإفتاء ا مفتی ا

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: المدرسة الماتريديّة نشأت في بيئة ثقافيّة خصبة

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم،  أن المدرسة الماتريديّة نشأت في بيئة ثقافيّة خصبة، شهدت تداخلًا وتفاعلًا بين اتجاهات فكريّة متباينة، وأن هذا المناخ كان حافزًا لظهور منهج عقلانيّ متماسك تميّز به الماتريديون، موضحًا أن المدرسة الماتريديّة قد طوّرت أدوات معرفيّة رصينة قامت على التأمل العقليّ والاستدلال المنطقيّ، حيث نظر أئمّتها إلى العقل بحسبانه وسيلة لا غنى عنها لمعرفة الله تعالى، بل واعتبروا النظر العقليّ واجبًا أوليًا على كل مكلّف، مؤكدين أن صحّة الخبر والحسّ لا تثبت إلا من خلال صدق العقل ذاته، وأنه تميّز برؤية عقلانيّة عميقة الجذور لا تكتفي بتلقّي النصوص، بل تبني المعرفة من خلال أدوات يمكن التحقق من صدقها ضمن المشترك الإنسانيّ العام، منوهًا إلى أن الماتريديّة أرست موقفًا معرفيًا متينًا يتكئ على ثلاث دعائم هي: العقل السليم، والحواس الظاهرة، والخبر الصادق، معتبرًا أن كل علم حقيقي لا بد أن يصدر عنها، وبالتالي فقد أسهم هذا الموقف المعرفي الماتريدي في بلورة رؤية تتسم بالموضوعيّة والانضباط، حيث ظل العقل فيها هو الأداة الأهم لفحص مصادر المعرفة الأخرى، مع وعي تام بحدود العقل نفسه، وحاجته إلى النقل في قضايا الغيب وما لا يُدرك بالتجربة.

 

جاء ذلك خلال كلمته بالمؤتمر العلمي الدولي «الماتريدية مدرسة التسامح والوسطية والمعرفة»، الذي تنظمه لجنة الشؤون الدينية بجمهورية أوزباكستان، في الفترة من 29 إلى 30 أبريل الجاري، في مدينة سمرقند بجمهورية أوزباكستان

وأشار مفتي الجمهورية، إلى أن  الإمام الماتريديّ –رضي الله عنه– امتاز بمجموعة من الشمائل التّي جعلته يحتل مكانةً فريدةً في تراثنا العظيم، فلقد كان رحمه الله متحررًا من التعصب المذهبيّ، منصرفًا إلى البحث عن الحقيقة بتجرد، دون انقياد أو تقليد أعمى لآراء السابقين، كما امتاز  بنزعته الشموليّة في النظر والتحليل، حيث أظهر قدرةً فائقةً على الربط بين الجزئيات والكليات، وجمع الفروع تحت أصولها الكبرى، وهي قدرة تجلّت في تفسيره، وبرزت بوضوح في كتابه "التوحيد" ومن السمات اللافتة كذلك اهتمامه البالغ بالمضمون والمعنى، والتركيز على الجوهر والمقصد في تفسير النصوص، واللجوء إلى النكات البيانيّة أو اللفظيّة، إذا خدمت المعنى وأبرزت مغزاه، مؤكدًا بذلك أنّ الفكر لا قيمة له ما لم يرتبط بالعمل والتطبيق، ولذلك لم يكن تأثير المدرسة الماتريديّة حبيس بلاد ما وراء النهر فحسب، بل إن الأزهر الشريف بجامعه وجامعته  كان ولا زال يدرّس في أروقته العتيقة كتابي «العقيدة النسفيّة وتفسير أبي البركات النّسفيّ»، وكلاهما مدونات أصيلة في المذهب الماتريديّ.

وأوضح المفتي، أن المذهب الماتريدي، لم يكن يومًا مجرد منظومة فكريّة نظريّة، بل مثل امتدادًا عميقًا للروح الإنسانيّة في الإسلام، حيث نظر علماؤه إلى القيم الإنسانيّة كأصول عقديّة وأخلاقيّة يجب أن تغرس في الوعي والسلوك معًا، وقد تجلى هذا في حرص الإمام الماتريديّ في تفسيره لقول الله تعالى ﴿خلقكم مّن نّفس واحدة}، على تأكيد أنّ الأصل البشريّ واحد، وأنّ جميع الناس إخوة، مما ينفي أي مبرر للتفاخر بالأحساب والأنساب، وتكتمل هذه الرؤية في نقده العميق لظاهرة الكبر، التّي يراها وليدة الجهل بحقيقة النفس، حيث يقول رحمه الله "من عرف نفسه على ما هي عليه من الأحداث والآفات وأنواع الحوائج - لم يتكبر على مثله "وبهذا يرسّخ المذهب الماتريديّ مفهوم التواضع لا كفضيلة أخلاقيّة فحسب، بل كمعرفة وجوديّة نابعة من وعي الإنسان بضعفه وحاجته، ويعكس بذلك تفاعلًا حيًّا بين العقيدة والأخلاق، حيث تصبح المساواة والتواضع والعدل قيمًا متجذّرةً في رؤية الإنسان لذاته والآخر، مبينًا أن الوسطيّة-التّي نحن بصدد دراستها في هذا المؤتمر المهم- لا تعني أبدًا الوسط بين الهدى والضلال، وإنّما تعني الاعتدال في الفكر، والصدق في الاعتقاد، والتوازن في السلوك، والعدل في الحكم والشهادة، إنّها موقف أهل السنّة والجماعة الأصيل الذي يجمع بين «الروح والمادة»، وبين «العقل والنقل»، وبين «الحقوق والواجبات»، قال تعالى: ﴿وكذلك جعلناكم أمةً وسطًا﴾ [البقرة: 143]، قال الإمام الماتريديّ «وسطًا يعني عدولًا» في كل شيء؛ فالعدل هو الأوثق للشهادة على الخلق، والأجدر لقبوله.

 

واختتم المفتي حديثه بأن المدرسة الماتريديّة لم تقف عند حدود التسامح العقديّ، بل تجاوزته إلى التفاعل مع الفلاسفة والمتكلمين بنقد موضوعيّ هادئ، كما يظهر في أعمال النسفيّ وغيره، ممن جمعوا بين الإخلاص للأصول والانفتاح العقليّ، وبهذا كلّه تعدّ المدرسة الماتريديّة أنموذجًا أصيلًا في التعايش والتسامح، ومصدر إلهام فكريّ وأخلاقيّ يصلح للاهتداء به في عصرنا الراهن.

وقد أعرب  مفتي الجمهورية في ختام كلمته عن خالص شكره وتقديره للجنة المنظمة للمؤتمر وسعادته بالمشاركة في هذا الجمع العلمي المبارك، الذي حضره جمعٌ كبير من العلماء والباحثين من مختلف دول العالم، من بينهم فضيلة دكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ومفتي الديار المصرية الأسبق، والدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف وجمع كبير من العلماء.

مقالات مشابهة

  • "أمان" يعقد جلسة مع الهيئات المحلية لبحث جاهزيتها لتنفيذ خطة "فينيق غزة"
  • حسن عبد الله يلتقي الأمين العام للمجلس التنسيقي المصري السعودي لبحث أوجه التعاون المشترك
  • لقاء ليبي تركي في بنغازي لبحث تعزيز التعاون البرلماني والاقتصادي
  • شيخ الأزهر يستقبل وفدًا تايلانديًّا برئاسة نائب وزير الخارجية ‏لبحث تعزيز التعاون
  • مفتي الجمهورية: المدرسة الماتريديّة نشأت في بيئة ثقافيّة خصبة
  • شيخ الأزهر يستقبل وفدًا تايلانديًّا لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك
  • شيخ الأزهر يستقبل وزير المالية الإندونيسي الأسبق لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك
  • شيخ الأزهر يستقبل سفير كازاخستان لبحث تعزيز التعاون المشترك
  • وزير السياحة والآثار يلتقي رئيس هيئة الطيران المدني والخطوط الجوية الإماراتية لبحث تعزيز التعاون وزيادة الحركة السياحية إلى مصر
  • مباحثات سورية سويدية لتعزيز التعاون في مجالات النقل