موقع النيلين:
2024-09-18@23:45:49 GMT

فلسفة الصمت وفنون الكلام

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

فلسفة الصمت وفنون الكلام


نتعرض أحيانًا إلى الانجراف في الحديث مع هؤلاء الأشخاص الذين دفعت بهم الحياة في طريقنا مصادفة، نجد أنفسنا في مواجهتهم فننساق وراء حديثهم، ونسير إلى جانبهم في طرق وعرة كنا نرفضها من قبل ونرفض السير فيها، لولا تدخل هؤلاء الأشخاص والتسرع بإبداء رأيهم فيما نقوله أو نفعله عن قناعة منا دون تحيز ودون تملق ودون زيادة أو تقتير، نجد أنفسنا نندفع نحوهم بكل قوة محاولين التفسير والتبرير، وكان هذا هو الخطأ الوحيد والكبير.

إن هذه الشخصيات التصادمية اعتادت البحث دائمًا عن نقاط للخلاف، وسعت لذلك بكل طاقتها وتعمدت تحليل الأمور وتفسيرها على طريقتها ومنهجها، إنهم يفسرون ما نصوغه من كلمات أو ندونه من أحاسيس تعكس مشاعرنا الصادقة بحسب هواهم، يجيدون خلق مساحات تضج بصيحات من وهم كاذب وخيال معاق، مساحات من جهل لا ينقصها إلا هذه الأدوات “بلورة ساحر ووعاء بخور”.

إنها إحدى السمات الشخصية للعديد من الأفراد في مجتمعاتنا العربية المحبة للخلاف والجدال على الدوام، يتفوقون في خلق المشكلات من العدم لتعقبها أحكام سريعة جائرة وظالمة تنبع من سوء ظن وسوء اختيار لما يجب أن يروى أو يقال، سوء اختيار الكلمات والألفاظ ينهي الحوار بالنزاع والشجار، وربما يتطور الأمر إلى حالة من حالات الاشتباك والاقتتال.

حديثك عنوان لك، اختيارك لمفرداتك التي تنطق بها بكل دقة وعناية دليل رقيك وحسن معرفتك بما يجب أن يقال، فقضيتنا الأزلية هي الحكم المسبق على الأقوال والأفعال، إن هذه النقطة بالتحديد ليست ملكًا لأحد سوى خالقنا الذي يطلع على ما في صدورنا ويعلم نوايانا، ولهذا فنحن نتعرض لانتقاد أغلب شعوب العالم التي تصفنا بأننا شعوب الثرثرة والهمجية وعدم الالتزام وخاصةً في أدب الحوار.

ترهقنا هذه الشخصيات التي تؤمن بمبدأ خالف تعرف، تزعجنا بظلمها وسعيها الدؤوب لتأويل ما نعبر عنه بحسب هواها تربكنا وتدخلنا معها إجباريًا داخل دوائر الخلاف، تأخذ من سلامنا النفسي، تقتسم مع الجدال نصيبه المفروض بكل حماقة لتحوله إلى سلاح مدمر تصوبه نحو صدور الأنقياء، تطلق طلقات الغدر على من صدقوا مع ربهم بصفائهم فيما تحدثوا به من أقوال وما طبقوه من أفعال، اليوم سنوجه حديثنا إليهم قائلين: “لاحاجة لنا بالخلاف معكم فالخلاف هو الخطر الأكبر الذي يهدد وجودنا جميعًا، ويحرمنا من العيش في وطن ينعم بالسلام والازدهار”.

دعونا نلتزم الصمت الآن، اتركونا نخرج من دوائر حواركم الضيقة، فإما أن تنضجوا انفعاليًا وفكريًا، وإما أن تغيبوا عن سمائنا بتمردكم وتعنتكم وحكمكم المسبق على كل ما يدور.

ليس عيبًا أن نفتح نوافذنا الآن لنطردكم من بيننا دون أسف على فراقكم، دون أدنى شعور بالذنب، ونحن نراكم تتسابقون لتلوذوا بالفرار، دعونا نكمل مسيرتنا كما أردنا وارتأينا، فعزيمتنا لا ولم ولن تلين، اغربوا عن سماء من اعتنقوا الحق وآثروا الصمت أمام كل محاولة جديدة منكم لجذبهم عمدًا بإيجاد نقاط أخرى للخلاف.

وفاء أنور – بوابة الأهرام

 

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

(الإجراءات الجنائية).. وإجراءات الحوار!!

(كما يقال الخلاف فى الرأى لا يفسد للود قضية )، نأمل ان تحكمنا هذه القاعدة الذهبية عند الحوار فى الجلسة العامة لمجلس النواب، حول تعديلات قانون الاجراءات الجنائية التى ولدت من مناقشات الحوار الوطنى، فى شكل توصيات رفعت للقيادة السياسية، فانحازت لها على الفور وطالبت البرلمان بتقنينها، وعلى رأسها تضييق الحبس الاحتياطى، وتصحيح تشابه الاسماء، وضمان حماية حق الدفاع والقضاة عند ممارسة عملهم.

ورغم ان اللجنة التشريعية فتحت أبواب الحوار من البداية عند المناقشة، حيث أخذت ببعض تعديلات نقابه المحامين، واسقطت المادة 267 التى اعترضت عليها نقابة الصحفيين، وارجأت بعض التعديلات الأخرى التى طالبت بها النقابتان، الا ان بيانها عقب موافقتها المبدئية على القانون، جاء حادا يحمل بين ثناياه لوما بطريق غير مباشر (لنقابة الصحفيين) على وجه الخصوص، فى محاولة لاثنائها عن رؤيتها، فى حين ان التوافق على هذه التعديلات بين كل الأطراف يعود بالفائدة على الجميع، ويرسخ العدالة الناجزة فى الممارسة القانونية.

واذا كنا نشيد بدور اللجنة التشريعية فى البداية، باشراك كافة الأراء حول تعديل القانون، فاننا بنفس القدر نلومها على الانحياز لرؤيتها فقط مع اغفال الأراء التى تخالفها أو تتعارض معها، خاصة حول بدائل الحبس الاحتياطى كالمراقبة الالكترونية، وحق نشر المعلومات عن سير الجلسات، وكذلك قيمة التعويض عن الحبس الخاطئ إلى جانب حق الدفاع عن المتهم وتمكينه من عرض وجهة نظره دون تضييق من المحكمة.

فى الحقيقة نحن أمام قانون يمثل العمود الفقرى لحقوق الإنسان، ويحتاج إلى مزيد من التروى فى النقاش خلال عرضه بالجلسة العامة، مع الأخذ بإجراءات موضوعية عند فتح المناقشات ووضع اليات منطقية للاخذ بها، اسوة بالقوانين المشابهة فى هذا المجال، حتى لا يصدر القانون بعيدًا عن الدستورية، كما أشار إلى ذلك الفقيه القانونى عصام الاسلامبولى الذى عدد 25 طعنا فى دستوريته ينبغى الرد عليها وتفنيدها، قبل أن نلجأ مرة أخرى إلى تعديل التعديل، عندما تفاجئنا ثغرة عند التطبيق لا يمكن تجاوزها!!

والحال هكذا فإن ذلك يتطلب نقاشًا واسعًا داخل مجلس النواب عند عرضه فى مع توسيع دائرة الضمانات، وتمديد فترة طرحه، حتى يأخذ حقه فى المناقشة قبل التصويت النهائى خاصة ونحن فى رحاب مجلس النواب الذى ينبغى ان يتسع صدره، للرأى والرأى الآخر تجسيدا الديمقراطية الشعبية الذى يتخذها شعارًا، بدلًا من الانحياز لرؤية لجنته التشريعية وما عداها محل تشكيك ونقد، حتى لو جاءت هذه التعديلات من الأطراف الخاصة بتطبيقه، الأمر الذى يتطلب اجراءات موضوعية لسلامة الحوار، حول قانون الاجراءات الجنائية، قبل صدوره فى شكله النهائى.

مقالات مشابهة

  • وزير الخارجية ونظيره الأمريكي يترأسان الحوار الاستراتيجي المشترك بين البلدين
  • "أبوظبي للغة العربية" يُصدر"دوستويفسكي ونيتشه: فلسفة المأساة"
  • ما هى فلسفة بدائل الحبس الاحتياطى فى القضايا البسيطة؟
  • (الإجراءات الجنائية).. وإجراءات الحوار!!
  • محاولة أولية في فهم فلسفة القانون وفي أخلاقه القرآنية.. مقدمات منهجية
  • النص: في ظلِّ الظلِّ
  • "المجاهدين" تدين استمرار الصمت على مجازر حرب الإبادة بغزة
  • الخارجية الأميركية: بلينكن يتوجه إلى مصر للمشاركة في الحوار الاستراتيجي بين البلدين
  • ضياء الدين داوود: فلسفة قانون الإجراءات الجنائية قائمة على فكرة إلغاء الأحكام الغيابية
  • برسالة من سجنها.. نرجس محمدي تدعو الأمم المتحدة لكسر الصمت