عربي21:
2025-01-20@12:37:19 GMT

سدود خطرة.. عربي21 ترصد قنابل مائية تهدد 6 دول عربية

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

سدود خطرة.. عربي21 ترصد قنابل مائية تهدد 6 دول عربية

أثارت كارثة الفيضانات التي ضربت درنة الليبية وتسببت بانهيار سدي المدينة، مخاوف من سيناريوهات مشابهة في دول أخرى، خصوصا أن سبب الكارثة الأكبر كان التدفق الهائل للمياه الذي جرف جزءا من درنة نحو البحر وأدى لآلاف الضحايا والمفقودين.

وتعتبر السدود من أهم مشاريع الإنشاءات القومية التي يتم بنائها على الجداول المائية ومصبات الأنهار، حتى تحافظ على مخزون مياه هائل يقي البلاد مخاطر الجفاف ويساعد في ري الأراضي الزراعية.



 وتستخدم السدود لأغراض صناعية، كما تستثمر بالدرجة الأساس لتوليد الكهرباء والتي تعرف بالطاقة الكهرومائية، كما أن السدود تعمل على الحد من تصريف المياه التي تنتج من الفيضانات بسبب ذوبان الثلوج أو من العواصف.

في هذا التقرير ترصد "عربي21”, مخاطر السدود في الدولة العربية وتأثيراتها على السكان.

أبرز سدود الدول العربية
تمتاز المنطقة العربية بوفرة الأنهار فيها، ما جعلها منطقة تعج بعشرات السدود، منها الكبيرة والصغيرة، وتتوزع على طول خارطة الوطن العربي.

السد العالي - مصر
يقع السد العالي في مدينة أسوان على نهر النيل، ودخل العمل سنة 1971، حيث يعد من أكبر سدود العالم، إذ يصل ارتفاعه إلى 111 متر، ويبلغ طوله نحو 3830 مترا، وحجمه حوالي 44,300,000 متر مكعب.

وتصل سعته التخزينية والطاقة الإجمالية نحو 169 مليار متر مكعب، ويمتد عرض السد إلى 22 كيلومتر، ويصل عمق السد 90 متر تقريباً.

سد بني هارون - الجزائر
يعد من أكبر سدود الجزائر ويقع في ولاية ملية في شرقي البلاد على الوادي الكبير، حيث يمد ست ولايات بماء الشرب، بطاقة تخزين تصل لميار متر مكعب ودخل العمل عام 2003، بعد أن ستغرق إنجازه حوالي ثلاثين سنة وتم إنجازه من قبل شركة دراغادوس الإسبانية.

سد الموصل - العراق
يبعد سد الموصل "صدام سابقا" 50 كم شمالا من مدينة الموصل مركز محافظة نينوى على نهر دجلة، شمالي العراق، وتم افتتاحه عام 1986، ويبلغ ارتفاع السد 131 متر وطوله 3.2 كيلو متر، ويعد السد الأكبر في العراق.

سد مروي - السودان
يقع السد الكهرومائي على مجرى نهر النيل قرب الشلال الرابع في جزيرة مروي شمالي البلاد، وافتتح عام 2009, بطول يصل إلى 9.7 كم، وارتفاع يبلغ 67 مترا.

ويهدف إنشاء السد لتوليد الطاقة الكهربائية والحماية من الفيضان بالإضافة لتخزين مياه الري. 

سد الملك طلال- الأردن
يقع في محافظة جرش، وافتتح عام 1987، ويستعمل في توليد الكهرباء والري، حيث تصل سعته التخزينية إلى 75 مليون متر مكعب، بارتفاع يصل 108 أمتار، وطول 350 مترا.

سد الملك فهد - السعودية
يقع جنوب المملكة في منطقة عسير على وادي بيشة، ويعد السد الذي افتتح عام 2009, أكبر سدود السعودية من حيث الطاقة التخزينية التي تصل لـ 193.64مليون متر مكعب من المياه

سد الوحدة-المغرب
يعتبر أكبر سدود البلاد والثاني في أفريقيا بعد السد العالي، ويقع في إقليم تاونات، وتصل الطاقة الاستيعابية للسد الذي افتتح عام 1997, إلى ثلاثة مليار و800 مليون متر مكعب.

مخاطر انهيار السدود
على الرغم من الفوائد الجمة لإنشاء السدود إلا أنها تحمل بذات الوقت مخاطر كارثية ومدمرة حال انهيارها، وهذا ما يجعلها أشبه بقنابل موقوتة تهدد حياة ملايين البشر.

وتتنوع مخاوف انهيار السدود من بنية السد ذاته، حيث من الممكن أن يسبب تآكل الجدارن بسبب قدم السد انهياره، أو من طبيعة الأرض التي أقيم عليها السد، بالإضافة للكوارث الطبيعية كالزلازل القوية والفيضانات المدمرة التي تفوق طاقة السد الاستيعابية هذا فضلا عن تأثيرات الحروب والنزاعات.



سدود خطرة
منذ عدة سنوات تتوالى التحذيرات من خطر انهيار بعض السدود في الدول العربية ورغم التطمينات التي تقابل تلك المخاوف، إلا أن كارثة درنة أعادت تسليط الضوء على السدود الخطرة في العالم ككل وفي المنطقة العربية بشكل خاص.

سد النهضة الإثيوبي
منذ بدء أديس أبابا بناء السد عام 2011, تصاعدت التحذيرات من خطورة بنائه واحتمالية انهياره، إلا أن أثيوبيا مضت قدما بإنشائه حتى أكملت الملء الرابع الشهر الماضي.

تمكن خطورة سد النهضة في حجمه الهائل وتأثيراته التي تتجاوز إثيوبيا إلى مصر والسودان حيث يهدد انهياره حياة الملايين وقد يدمر مدنا بأكملها.

وكانت آخر التحذيرات على لسان عالم الجيولوجيا المصري عباس شراقي، الذي أكد أن سد النهضة أكبر من سدي درنة معا بحوالي 3000 مرة، ومنطقة سد النهضة تزيد عن درنة فى خطورة الفيضانات السنوية والانحدارات الشديدة، وفي النشاط الزلزالي الأكبر في القارة الأفريقية.

وقال شراقي إنه حال الانهيار فقد تتعرض مصر والسودان لـ"قنبلة مائية" تعادل 1000 قنبلة مثل التي أطلقت على مدينة هيروشيما اليابانية، بحسب ما ذكر لموقع قناة "روسيا اليوم".

وأضاف  أن سد النهضة دخل بالفعل دائرة الخطر الكارثي على كل من السودان ومصر بعد انتهاء التخزين الرابع وحجز حوالي 41 مليار متر مكعب، ووفقا لمقاييس تقسيم السدود الخطرة فهو يعد من أشد السدود خطورة".

وبمقارنة سريعة لأرقام سدود درنة والنهضة يمكن تصور حجم الكارثة، فسدي درنة اللذان تسببا بموت الآلاف لم تتجاوز سعتهما التخزينية 28 مليون متر مكعب فقط، بينما سعة سد النهضة إلى 74 مليار متر مكعب.

ويعتبر انهيار سد النهضة بمثابة تسونامي نهري مرعب، حيث ستتجه المياه المتدفقة منه إلى سد الروصيرص السوداني وهذا بدوره لن يستطيع استيعات الكميات الهائلة من المياه، ليسقط منهارا وبذلك يزيد من كميات وقوة المياه الي ستذهب لتدمر سد سنار السوداني وبذلك تغرق البلاد بأكملها، ثم يأخذ طريقه نحو مصر.

يشار إلى أن التصميم الأولي للسد كان بطاقة استيعابية لا تتجاوز الـ 11 مليار متر مكعب، لكن عمدت إثيوبيا لزيادة سعته خصوصا مع عجز الخرطوم والقاهرة عن استحصال حقوقها المائية من أديس أبابا.

سد الموصل - العراق
منذ بناء السد في ثمانينيات القرن الماضي، كشف خبراء ومنظمات دولية عن خطأ اختيار الموقع، حيث تمتاز تلك المنطقة بالصخور الكلسية المتآكلة سريعة الذوبان ما يهدد بانهيار السد في أي لحظة خصوصا مع النظر إلى الأوضاع المضطربة التي شهدها العراق.

ومنذ بناء السد تعمل الحكومات العراقية المتعاقبة على تدعيم أساسه بضخ مادة إسمنت خاصة في الفجوات التي تظهر تحت البناء، وفي حال توقف هذه العملية المستمرة فإن احتمالية انهياره تكون وشيكة جدا.

وكانت شبكة "ناشيونال جيوغرافيك" الأمريكية آخر من دق ناقوس الخطر حول السد الذي وصفته بأنه الأخطر في العالم، والذي سيؤدي في حال انهياره إلى خسائر بشرية وأضرار كبيرة في المواقع الأثرية.

وتوقع التقرير أن انهيار الموصل سيؤدي إلى مقتل مليون ونصف المليون شخص، ممن يعيشون على ضفاف نهر دجلة في حال لم يتم إخلاء مسار الفيضان في الوقت المناسب في غضون ثلاث أو أربع ساعات.

وأضاف أن المياه ستغمر مدينة الموصل، بارتفاع 21 مترا خلال ساعات من انهياره، وكذلك تندفع موجة مد داخلية لمسافة 280 كيلومترا باتجاه الجنوب على طول نهر دجلة.

ومنذ عدة سنوات توالت التحذيرات من خطر انهيار السد حتى طلبت السفارة الأمريكية في بغداد عام 2016 من مواطنيها الاستعداد لمغادرة العراق في حال وقوع كارثة انهيار سد الموصل.

وعقب الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003، وضعت الأمم المتحدة أجهزة إنذار مبكر لحالات الطوارئ لتحذير السكان في حال انهيار السد والتسبب بفيضانات كبيرة.

وتمكن خطورة السد حال انهياره بقدرته الهائلة على تشكيل تسونامي يضرب طول مجرى نهر دجلة كنا سيتسبب بانهيار سدود صغيرة آخرى في طريقة، وسيغرق مراكز المدن الواقعة على نهر دجلة.

ورجح خبراء في وقت سابق أن تغمر المياه مدينة الموصل حال انهيار السد بمستوى 11 مترا فيما ستغرق بغداد بنحو مترين، هذا فضلا عن الدمار الهائل الذي سيسببه في بقية المدن.

سد بني هارون - الجزائر
في تموز/ يوليو 2020 ضربت هزتان أرضيتان شرقي الجزائر وتسببت بتضرر وتشققات ظهرت في جسم سد بني هارون، إلا أن السلطات الجزائرية نفت ذلك مؤكدة أن السد مصمم لمقاومة الزلازل، ولا حاجة لتفريغه.

في عام 2007 هدد الرئيس الجزائري السابق عبد العزيز بوتفليقة بإغلاق السد نهائيا حفاظا على حياة آلاف المواطنين بعد تقارير عن ظهور بعض التسربات والتشققات فيه ومماطلة الشركات المشرفة عليه في صيانته.

وتهدد التسريبات جسم السد ما يضع حياة مئات الآلاف في خطر، ويهدد بإغراق خمس ولايات جزائرية على امتداد مجرى الوادي الكبير،.

وتتركز تلك التشققات وتسريبات المياه في الجهة اليسرى لأساسات السد، والتي ظهرت في أحد أنفاق المراقبة داخل جسم السد إلى أن بلغت قوتها أكثر من 12 بارا، بحيث بدأت الأساسات تنغمر بالمياه بشكل كلي، حيث وصل تسرب المياه إلى حوالي 270 ألف لتر في الساعة.

وذكرت مواقع جزائرية حينها أن انهيار السد سيفجر مليار متر مكعب من المياه على شكل تسونامي يجتاح كل المناطق الجنوبية الشرقية لولاية جيجل وبعض مناطق ولاية ميلة  ثم إلى بلدية سيدي معروف والمشاتي وبقية المناطق على ضفاف الوادي حتى يلتقي بالبحر الأبيض المتوسط في منطقة الجناح بسيدي عبد العزيز وعلى مسافة تقدّر بحوالي 40 كيلومترا، كما سيدمر الفيضان آلاف الهكتارات من الأراضي الزراعية.



سد مأرب - اليمن
في آب/أغسطس 2020 تصاعدت المخاوف حول من انهيار سد مأرب التاريخي، جراء السيول الجارفة التي لم يشهدها اليمن منذ عقود طويلة، حيث تصاعدت كمية المياه التي استقبلها خلال الأيام الماضية حتى زادت عن المستوى الطبيعي لأول مرة منذ إعادة بنائه عام 1986.

وتبلغ مساحة بحيرته 30 كيلومترا مربعا ويتسع لـ 400 مليون متر مكعب من الماء، فيما تعمل بوابة التصريف الخاصة به بطاقة قدرها 35 مترا مكعبا في الثانية وذلك لزوم ري حوالي 16 ألف هكتار من الأراضي الزراعية.

وفاض السد من ممراته الطبيعية باتجاه منطقة حديرجان من جهة الشرق، ما تسبب في جرف وتهدم مساحات زراعية واسعة، وسط تحذيرات من وصول مياه السد لمستوى قياسي غير مسبوق مع استمرار تدفق السيول، التي تشكل خطراً على السد والساكنين بجواره.

وليست السيول والفيضانات وحدها التي تهدد سد مأرب، فهنا الطمي "الطين" الذي يشكل خطورة بالغة على جسم السد حيث أشارت بعض التقرير إلى ارتفاع نسبة الطمي في سد مأرب بنحو 80 مليون متر مكعب من أصل السعة الاستيعابية الكلية لخزان السد.

وتزداد احتمالية انهيار السد مع كل فيضان في بحيرته، غزارة الأمطار في الأعوام الأربعة الأخيرة، واستمرار تدفق السيول القادمة من أربع محافظات يمنية إلى السد بالتزامن مع انعدام جهود الصيانة.

سد الوحيدي - الأردن
مع تزايد معدلات هطول الأمطار مطلع العام الجاري توالت التحذيرات من احتمالية انهيار سد الوحيدي الذي سيغرق مدينة معان بالكامل، عقب تسرب المياه من أحد جوانبه.

وحذر عضو مجلس النواب الأردني تيسير كريشان من أن مدينة معان قد تغرق بأكملها في حال انهيار سد الوحيدي الذي استقبل كميات كبيرة من المياه مؤخرا بسبب الهطل المطري الغزير خلال المنخفضات الجوية.

وأوضح كريشان ، أن سد الوحيدي في معان يشكل خطرا على المدينة بشكل عام وسعته لا تستوعب الكميات التي ترد إليه، وهو بحاجة إلى ممرات لتصريف المياه.

وذكر موقع "خبرني" الأردني أن كريشان "حذر من مغبة حدوث كارثة جراء هذا السد في حال انهياره"، وأنه ناشد وزارة المياه وسلطة وادي الأردن ووزارة الأشغال العامة والإسكان.

من جهته قال رئيس بلدية معان ياسين صلاح، إن السد قد وصل إلى أقصى طاقته التخزينية خلال المنخفض الأخير والتي تبلغ نحو 750 ألف متر مكعب.

سد دربندخان - العراق
يتعرض العراق كل عام وخاصة حين يتعرض العراق لهزات أرضية تزايدت مؤخرا، بسبب قربه من خط الزلزال الذي يمر بإيران صعودا باتجاه تركيا.

وتتزايد المخاوف من أن تؤدي إحدى الهزات لانهيار السدود الكبرى في البلاد القريبة من خط الزلازل لاسيما سد دربندخان في محافظة السليمانية شمال شرق العراق، خصوصا أنه مضى على إنشائه أكثر من 60 عاما.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر عام 2017, تضرر جسم السد بشكل كبير جراء الزلزال الذي ضرب مدينة كرمنشاه الإيرانية وأدى لمقتل أكثر من 500 شخص.

وتأثر السد الذي تقدر طاقته الاستيعابية بـ 3.7 مليار متر مكعب. ملايين متر مكعب، بالانهيارات الأرضية التي دفعت الصخور الثقيلة والركام على ممر السد. وقد نصحت السلطات سكان السد بأن يكونوا يقظين وجاهزين للاخلاء، في حالة إصدار تنبيه طارئ.

وأكد وزير زراعة إقليم كردستان العراق وقتها عبد الستار مجيد أن سد دربندخان تعرض لأضرار كبيرة نتيجة الهزة الأرضية الأخيرة، مشيرا إلى أن السد انحرف 48 سم.

وقال مجيد إن سد دربندخان انحرف 48 سم متجها ما بين 10ـ20سم نحو النهر، مبينا أن الأمر خطير وحساس حيث سيتسبب انهيار السد خسائر بشرية ومادية ومائية هائلة في عدد من محافظات العراق.

معاندة الطبيعة
ويمكن للمتتبع مسار الكوارث المحتملة بسبب السدود في الدول العربية، أن يرى السبب الرئيسي فيها هو إهمال المخاطر الطبيعية وعدم الأخذ بنظر الاعتبار الظواهر المدمرة التي وإن كانت نادرة الحدوث إلا أنها هائلة التدمير والأثر.

وكما في الجزائر والعراق ومصر واليمن، أهمل المسؤولون عن بناء السدود مخاطر الزلازل والفيضانات بالاعتماد على قوة السد المحددة بقدر معين لقوة الزلزال أو لكمية الفيضانات ما يجعلها عرضة للانهيار إن تجاوز الزلزال أو الطوفان قدرة تلك السدود.

وبالنظر إلى التغير المناخي الذي يشهده الكوكب وما يصاحبه من ظواهر متطرفة، فإن احتمالية حدوث كوارث غير متوقعة باتت متوقعة أكثر، كما جرى في درنة الليبية أو زلزال العراق النادر عام 2007.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفيضانات درنة السد انهيار الزلازل انهيار السد درنة فيضان زلازل تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار متر مکعب ملیون متر مکعب التحذیرات من انهیار السد متر مکعب من سد الموصل من المیاه أکبر سدود سد النهضة بناء السد انهیار سد نهر دجلة إلا أن

إقرأ أيضاً:

خطر جديد يلوح في الأفق.. لبنان على أبواب أزمة مائية والأرقام تتحدث

تستمر نتائج العدوان الإسرائيلي على لبنان في الظهور يوماً بعد يوم، حيث تزداد المخاطر التي خلفها هذا الاعتداء. من دمار المباني إلى تدمير الزراعة، وصولاً إلى تهديد الموارد المائية التي لم تسلم من شر العدو الذي لا يميز بين الحجر والبشر. لبنان، الذي يعدّ بلداً غنياً بالموارد الطبيعية التي يطمع فيها العدو، يواجه الآن أزمة جديدة قد يكون تأثيرها بعيد المدى، يتجاوز اليوم ليطال السنوات المقبلة. نهر الليطاني، أطول أنهار لبنان وأكبرها وأكثرها أهمية استراتيجياً، يعاني حالياً من أزمة تتعلق بارتفاع ملحوظ في مستويات الفوسفور والفوسفات، بالإضافة إلى مشكلة شحّ الأمطار والمتساقطات التي تواجه لبنان هذا العام. فما هي الآثار المترتبة على هذا الوضع؟ وهل سيواجه لبنان أزمة مائية قادمة؟
في إطار متابعة جودة المياه في نهر الليطاني، أشار تقرير اطلع عليه "لبنان 24" إلى أنه بعد جمع أربع عينات من المياه من مناطق الخردلي، الغندورية، طيرفلسية والقاسمية بواسطة الفرق الفنية التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، أظهرت التحاليل ارتفاعاً ملحوظاً في مستويات الفوسفور والفوسفات، حيث بلغت هذه المستويات نحو 20 ضعف المعدل المعتاد خلال السنوات الخمس الماضية.
وفي هذا السياق، كشف المدير العام للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني الدكتور سامي علوية لـ "لبنان 24" عن التغييرات التي طرأت بالأرقام، حيث أعلن أن "نسبة الفوسفات في نهر الليطاني في حوضه الأدنى خلال شهر كانون الأول 2024 كانت على النحو التالي: في القاسمية سجلت 2.63 بينما كانت سابقاً 0.86، وفي طيرفلسية سجلت 4.8 مقارنة بـ 1.55 في السابق، وفي الغندورية كانت النسبة 4 بينما كانت 1.3 سابقاً، أما في الخردلي فسجلت 3.83 بعدما كانت 1.25. وتجدر الإشارة إلى أن الحد الأقصى لنسبة الفوسفات في مياه الري يجب أن لا يتجاوز 2، ليظل الماء صالحاً للاستخدام الزراعي. وبالنظر إلى هذه الأرقام، فإن المياه في القاسمية فقط تقترب من هذا الحد، حيث تصل النسبة إلى 2.6، ما يعني أنه يمكن استخدامها بشكل محدود في الزراعة. إلا أن ذلك لا يخفف من خطورة الوضع، إذ أن هذه الزيادة في الفوسفات تمثل مشكلة بيئية وصحية خطيرة تهدد الصحة العامة للمواطنين".
أضاف: "نحن نقوم بشكل دوري بأخذ عينات كل أسبوعين أو شهر، حيث نقوم بتحليل المياه لتحديد ما إذا كانت التربة هي المصدر الرئيسي للتلوث. وسنقوم أيضاً بأخذ عينات من المياه والتربة لمقارنة النتائج، بهدف تحديد ما إذا كان التلوث ناتجاً عن انصباب مباشر نتيجة القصف المباشر على النهر، أو إذا كان التلوث ناجماً عن ترسبات التربة. وإذا كانت المياه ملوثة بسبب الترسبات، فإن ذلك يشكل تهديداً أكبر بكثير"، مشيراً إلى أن "هذه المياه تُستخدم في ري مناطق الجنوب كافة ونحن حالياً نتابع تأثيرات هذه الوضعية وكيفية تحسنها مع زيادة المتساقطات. وانه في هذا السياق، برزت لدينا مشكلة جديدة تتمثل في شحّ الأمطار، وهو الخطر الأكبر، إذ إن تساقط الأمطار يمكن أن يساهم في تقليص كميات الفوسفات والفوسفور الموجودة في مياه الليطاني".
من جهته، أكد رئيس الحزب البيئة العالمي الدكتور دوميط كامل لـ "لبنان 24" أن "الوضع المائي في لبنان يشهد تحديات كبيرة، حيث نلاحظ أننا في منتصف شهر كانون الثاني ولا توجد كميات كافية من المتساقطات أو الثلوج، وهي أقل بنسبة 50% مقارنةً بالعام الماضي". كما أشار إلى أننا "متأخرون بحوالي 150 يوماً عن المعدل الشتوي المعتاد. وهذا يعني أن كميات الفوسفور والفوسفات والمواد الكيميائية الأخرى التي كان من المفترض أن تتواجد في ألف متر مكعب من المياه في الليطاني، أصبحت الآن محصورة في خمسين مترا مكعبا".
وفي هذا السياق، شدد دوميط على ضرورة إيلاء الوضع المائي في لبنان اهتماماً خاصاً، حيث أن البلاد على أبواب مرحلة من ندرة المياه خلال الخمسين سنة المقبلة، وهو ما سيؤثر سلباً على كل الكائنات الحية. وأكد أن "الدول بحاجة ماسة للمياه، وفي حال استمرار تأثيرات الاحتباس الحراري كما هو الحال اليوم، فقد نشهد صراعات مائية في منطقة الشرق الأوسط".تراجع ملحوظ في معدلات الأمطار في لبنانبدوره، كشف رئيس دائرة التقديرات السطحية في مصلحة الأرصاد الجوية، محمد كنج عبر "لبنان 24" أن معدلات الأمطار خلال العام الماضي سجلت 706.7 ملم، بينما سجلت هذا العام حتى الآن 418 ملم، ما يعكس انخفاضاً ملحوظاً. وفي بيروت، بلغت كمية المتساقطات العام الماضي 661.4 ملم، بينما سجلت هذا العام 399 ملم حتى الآن، أي بتراجع نسبته 60%. أما في زحلة، فقد سجلت 304 ملم حتى الآن مقارنة بـ 407.8 ملم في العام الماضي، أي بتراجع يقارب 50% عن المعدل المعتاد.
وأشار كنج إلى أن "هذا التراجع الكبير في كمية الأمطار يثير القلق"، مؤكداً أن "هذا العام لم يشهد منخفضات جوية فعالة أدت إلى تساقط الثلوج على المرتفعات دون 1000 متر. كما أن المنخفضات الجوية التي شهدناها كانت قصيرة المدة ولم تستمر أكثر من يومين أو ثلاثة، ولم تحمل فعالية ملموسة، حيث كانت الأجواء نسبياً دافئة".
وأضاف كنج أن" كميات المياه المتجمعة في السدود، بما في ذلك بحيرة القرعون، منخفضة بشكل كبير حتى الآن". وأعرب عن أمله في أن تتحسن الأوضاع مع نهاية الشهر الجاري وشهر شباط، حيث يُنتظر بعض المتساقطات التي قد تساعد في تحسين الوضع.
وأكد كنج أن "هذا الوضع يشكل تهديداً حقيقياً على الموارد المائية في لبنان، حيث سيؤثر بشكل مباشر على المياه الجوفية والينابيع. من المتوقع أن تبدأ هذه التأثيرات بالظهور في أواخر الربيع وبداية الصيف، مما ينذر بأزمة مائية قد تؤثر بشكل كبير على مختلف المناطق اللبنانية".
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • حريق داخل مرفأ بيروت.. صور ترصد المشهد
  • خطر جديد يلوح في الأفق.. لبنان على أبواب أزمة مائية والأرقام تتحدث
  • صحيفة عربية: مقترح تعيين مبعوثة جديدة يطيح بالعملية السياسية التي تتزعمها خوري
  • دراسة أميركية: الأقمار الصناعية تظهر تدهور سدود درنة قبل انهيارها
  • إصابة 30 شخصا بعضهم بجروح خطرة بحادثة مصعد التزلج في منتجع إسباني في جبال البرانس
  • وزير الخارجية: المياه قضية وجودية لمصر والسودان.. وموقف الدولتين متطابق من السد الإثيوبي
  • صباح «بلا قنابل» فى غزة
  • هذه هي نسبة إمتلاء السدود الجزائرية
  • الجيش:بتفجير قنابل عنقودية في كفرملكي – صيدا
  • باحث تونسي لـ عربي21: لا بديل عربيا عن الديمقراطية والتداول على السلطة