الشرعية وإعادة الإعمار.. هل وجد الأسد في الصين ما يبحث عنه؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
يبدو أن غرض رئيس النظام السوري بشار الأسد من الزيارة التي يجريها للصين، هو البحث عن دعم مالي للخروج من الأزمة غير المسبوقة التي يعاني منها اقتصاده، عبر بوابة "إعادة الإعمار".
وبرفقة وفد اقتصادي، وصل الأسد الخميس الصين، للمشاركة في افتتاح دورة الألعاب الآسيوية بنسختها التاسعة عشرة، والتقى الجمعة بالرئيس الصيني شي جين بينغ في مدينة خانجو التي تستضيف الدورة.
وخلال اللقاء أعلن الرئيس الصيني أن بلاده بصدد إقامة "شراكة استراتيجية" جديدة مع سوريا، لتصبح محطة مهمة في تاريخ العلاقات الثنائية.
وأكد أن الصين مستعدة لمواصلة العمل مع سوريا، والدعم القوي المتبادل بينهما، وتعزيز التعاون الودي، مشدداً على دعم بكين للتسوية السياسية للقضية السورية وتحسين علاقات سوريا مع الدول العربية الأخرى، وعلى دعم جهود إعادة الإعمار وتعزيز بناء القدرات في مجال مكافحة الإرهاب.
وبحسب بيان مشترك، وافقت الصين وسوريا على إقامة علاقات الشراكة الاستراتيجية للدفع بالتعاون الودي في كل المجالات على نحو شامل، بما يخدم شعبي البلدين بشكل أفضل.
كذلك جرى توقيع اتفاق "تعاون اقتصادي" بين البلدين، ومذكرة تفاهم مشتركة للتبادل والتعاون في مجال التنمية الاقتصادية، ومذكرة تفاهم حول السياق المشترك لخطة تعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق".
الأسد يريد تحفيز الصين
وتركيزاً على دلالات ونتائج الزيارة، يقول أستاذ في الجامعات الصينية لـ"عربي21"، إن "الاقتصاد" هو العنوان الأبرز للزيارة، مؤكداً أن "الأسد يريد تحفيز الصين على الدخول اقتصادياً في سوريا".
ويستدرك بقوله: "لكن إعمار سوريا يحتاج إلى "قرار دولي" قبل أن تبدأ الدول في استثمار أموالها"، لافتاً إلى أن "الصين تريد ضمانات سيادية، في حين أن روسيا وإيران اقتربتا من الاستحواذ الكامل على تلك المقدرات".
وبذلك يرى الأستاذ الجامعي الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، أن الصين لا ترى في سوريا "وجبة مشبعة" حتى تنافس روسيا وإيران عليها، ويقول: "ترى الصين في سوريا ورقة لمناكفة الولايات المتحدة بالدرجة الأولى وأوروبا ثانياً، لكن من دون أن يصل الأمر إلى تحدي إرادة المجتمع الدولي، بمعنى أن الصين هي كانت من بين الأطراف الموقعة على قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي يدعو إلى حل سياسي قبل البدء بإعادة الإعمار".
ويعتقد أنه من "غير الممكن" على الصين تخطي القرار الأممي بشكل منفرد، وخاصة أن الولايات المتحدة وأوروبا تشكلان أكبر سوق لاقتصاد الصين، ما يعني أن الصين لن تجازف بخسارة علاقتها التجارية مع الغرب، وخاصة أن الاقتصاد الصيني ليس بأفضل حالاته.
"الصين لن تقدم سوى مشاريع صغيرة"
ورغم الزخم الكبير للزيارة لم توقع الصين إلا على اتفاقية "تعاون اقتصادي" واحدة ومذكرتي تفاهم، ويقول: "كل ما جرى هو تفاهمات بالخط العريض، ولم تُعلن الصين بشكل واضح أنها ستدخل السوق السورية".
ويستدرك الأستاذ في الجامعات الصينية، لكن ما سبق لا يُلغي احتمالية أن تدفع الصين ببعض شركاتها "الصغيرة" إلى الاستثمار في سوريا، لكن في مشاريع صغيرة، لأن الصين شأنها شأن بقية الدول؛ لن تجازف بضخ الأموال في بلد غير مستقر، ويتعرض للعقوبات.
ويضيف أن الصين تنتظر الفرصة المناسبة للاستثمار في سوريا، والفرصة لن تكون مناسبة إلا بعد الحل السياسي.
علاقة قديمة جديدة
أما الباحث في الاقتصاد الدولي أحمد القاروط، فيقول إن العلاقة بين سوريا والصين قديمة جديدة، وبعد اندلاع الثورة السورية والحرب، لم تبد الصين اهتماماً بأن تكون طرفاً في الصراع.
وفي حديثه لـ"عربي21" يعتقد أن "معادلة الانتصار" التي استطاع النظام السوري أن يفرضها، غيرت من طريقة تعاطي الدول معه، ومنها الصين.
من جانب آخر يربط القاروط بين توقيع الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والهند وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والاتحاد الأوروبي على مذكرة تفاهم لإنشاء ممر اقتصادي (ممر الهند)، وهو المشروع الذي يحاول تخريب تنفيذ مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وبين زيارة الأسد للصين.
ويقول: إن الزيارة ترتبط بشكل وثيق بالصراع بين مبادرة "الحزام والطريق" و"ممر الهند"، ومن المعلوم أن موقع سوريا يساعدها على التنافس بين المشروعين، علما أن النظام وقع في وقت سابق على مذكرة تفاهم مع الصين، بخصوص الانضمام لمبادرة "الحزام والطريق".
"سوريا ليست أولوية"
لكن، مع ذلك يرى القاروط أن الصين غير جادة في سوريا، ولا تراها ضمن أولوياتها، لأن بمقدورها لو أرادت نقل سوريا من الفشل إلى نموذج للنجاح بعيداً عن المحور الأمريكي.
وفي الإطار ذاته، لفت الباحث إلى أن الصين حرصت على عدم إعطاء زيارة الأسد الصفة الرسمية، بحيث كان عنوانها المشاركة في حدث رياضي، وقال: "قد يكون ذلك لأجل اختبار رد فعل الولايات المتحدة وأوروبا على استقبال الأسد".
أما عن إعادة الإعمار، فقد استبعد المحلل أن تدخل الصين في هذه المرحلة، لأن إعادة الإعمار غير ممكنة بدون تقديم "منح دولية" وليس عبر القروض، لأن سوريا تعاني من انهيار المنظومة الاقتصادية.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية إعادة الإعمار الصين سوريا سوريا الصين إعادة الإعمار سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة الحزام والطریق إعادة الإعمار فی سوریا أن الصین
إقرأ أيضاً:
خبير يمني: المواطن في مناطق الشرعية يعيش اليوم حالة من الغليان واليأس
أكد الدكتور مساعد القطبي، الخبير الاقتصادي اليمني، أن “الواقع الذي تعيشه المناطق، التي تسيطر عليها الحكومة الشرعية، بالغ التعقيد والقسوة”.
وأضاف في حديثه لـ”سبوتنيك”، يوم الخميس، أن “التضخم الحاد والانهيار المستمر في سعر العملة الوطنية أدّى إلى تآكل القدرة الشرائية للمواطنين بشكل غير مسبوق، مما جعل تأمين أبسط مقومات الحياة اليومية من غذاء ودواء وخدمات، يشكّل عبئًا لا يُحتمل”.
وقال القطبي: “الموظفون الحكوميون، وهم الشريحة الأوسع التي كانت تعتمد على الرواتب كمصدر دخل رئيسي، باتوا اليوم غير قادرين على مجاراة الارتفاع الجنوني للأسعار في ظل ثبات الأجور والمرتبات الحالية، في المقابل زادت الفجوة بين طبقات المجتمع اتساعًا في ظل تنامي الفساد بصورة ملفتة، مما ضاعف من معاناة المواطن وعمّق الفجوة بين الطبقات”.
وأشار الخبير الاقتصادي اليمني إلى أن “الأمر لا يقف عند الوضع المعيشي فقط، بل يمتد إلى تدهور حاد في الخدمات الأساسية كالكهرباء، والمياه والتعليم والصحة، وسط ضعف القدرة التمويلية للحكومة بسبب توقف تصدير النفط وتراجع الإيرادات العامة، هذا العجز المالي الشديد انعكس على أداء مؤسسات الدولة، وأدى إلى تردي الخدمات العامة لدى معظم مؤسسات الدولة”.
ولفت القطبي إلى أن “المواطن يعيش اليوم حالة من الغليان الصامت واليأس المتصاعد، في ظل غياب أي حلول استراتيجية جادة أو تدخلات توازي حجم الأزمة، وإذا لم يتم إطلاق حزمة إنقاذ اقتصادي عاجلة، فالقادم سيكون أكثر إيلامًا وتهديدًا للنسيج الاجتماعي والوطني في آنٍ واحد”.
ويشهد اليمن تهدئة هشة منذ إعلان الأمم المتحدة، في الثاني من أكتوبر/ تشرين الأول 2022، عدم توصل الحكومة اليمنية وجماعة “أنصار الله” إلى اتفاق لتمديد وتوسيع الهدنة، التي استمرت 6 أشهر.
ويعاني البلد العربي للعام العاشر تواليًا، صراعًا مستمرًا على السلطة بين الحكومة المعترف بها دوليًا وجماعة “أنصار الله”، انعكست تداعياته على مختلف النواحي، إذ تسبب في أزمة إنسانية تصفها الأمم المتحدة بأنها واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على مستوى العالم.
وتسيطر جماعة “أنصار الله”، منذ سبتمبر/ أيلول 2014، على غالبية المحافظات وسط وشمالي اليمن، بينها العاصمة صنعاء، فيما أطلق تحالف عربي بقيادة السعودية، في 26 مارس/ آذار 2015، عمليات عسكرية دعمًا للجيش اليمني لاستعادة تلك المناطق من قبضة الجماعة.
وأودت الحرب الدائرة في اليمن، حتى أواخر 2021، بحياة 377 ألف شخص، كما ألحقت بالاقتصاد اليمني خسائر تراكمية تقدر بـ126 مليار دولار، في حين بات 80 في المئة من السكان البالغ عددهم نحو 35 مليون نسمة، بحاجة إلى مساعدات إنسانية، حسب تقارير الأمم المتحدة.
وكالة سبوتنيك
إنضم لقناة النيلين على واتساب