تاريخ وهوية.. المعالم الأثرية ضحية الحرب في السودان
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
الخرطوم – لم تقتصر آثار حرب السودان -التي دخلت شهرها السادس- على الضحايا من المدنيين فحسب، بل امتدت إلى ذاكرة البلد الثقافية التي ظلت شاهدة على حقبها التاريخية المتعاقبة، حيث أدت المعارك المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي إلى تضرر وتدمير عدد من المباني الحكومية، من معالم تاريخية وأثرية وثقافية.
وفي الخرطوم التي اندلعت فيها شرارة الحرب، أصاب الضرر القصر الرئاسي الذي تُقدّر مساحته بحوالي 150 ألف متر مربع، ويضم قصرين (القديم والجديد).
ويعود تاريخ وضع حجر أساس القصر القديم إلى عام 1825، بجانب مطار الخرطوم الدولي، ومبنى الخطوط الجوية السودانية، ومباني شركة النيل الكبرى للبترول، وبرج وزارة العدل والمحاكم والمتحف القومي، ومكتبة مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية بجامعة أم درمان الأهلية، والتي تضم عديد الكتب والمؤلفات والمخطوطات النادرة.
ومع تمدد رقعة المعارك إلى بعض الولايات في إقليم كردفان ودارفور، امتد التدمير إلى أسواق نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وثاني أكبر مدينة تجارية في السودان، إضافة إلى احتراق أقدم الأسواق الشعبية وأشهرها المعروف بسوق التوابل، وجامعة زالنجي، وهي ولاية وسط دارفور.
الضرر امتد للقصر الرئاسي بالخرطوم الذي تقدّر مساحته بنحو 150 ألف متر مربع (غيتي) تحت مرمى النيرانويُقر عدد من المسؤولين بصعوبة تقييم الأضرار بسبب وجود عدد من المعالم في مناطق الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع.
وقال مدير إدارة الكشف الأثري بالهيئة العامة للآثار والمتاحف عبد الحي عبد الساوي، للجزيرة نت، إن عددا من المباني تقع في أرض المعارك، ولا يمكن تقييم الضرر الذي أصاب المواقع الأثرية خاصة في ولايات الخرطوم شمال دارفور وجنوبها، لصعوبة الوصول إليها مع استمرار الحرب.
وتحدث عن تدمير مبنى جراب الفول في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان جراء الاشتباكات، وهو من أقدم مباني الإدارة التركية ويعود تاريخه إلى خمسينيات القرن الـ19.
وأوضح عبد الساوي أن عددا من المعالم التاريخية يقع تحت خط النيران، منها متحف التراث الشعبي في الخرطوم، والمتحف القومي، وطوابي المهدية في أم درمان، ومبنى البريد القديم في شارع الجامعة وسط العاصمة الخرطوم، ووزارة المالية، وبوابة عبد القيوم في أم درمان، وسجن أم درمان، ومتحف بيت الخليفة.
وبحسب المسؤول نفسه، فإن متحف السلطان علي دينار في مدينة الفاشر، ومتحف نيالا بولاية جنوب دارفور، ومتحف السلطان بحر الدين في مدينة الجنينة غرب دارفور، كلها تقع تحت مرمى نيران الاشتباكات التي بدأت قبل 6 أشهر.
تدمير أسواق نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وثاني أكبر مدينة تجارية في السودان (رويترز) خسارةولم يسلم من الحرب متحف السودان للتاريخ الطبيعي والذي أُنشئ عام 1929 وتم ضمه لجامعة الخرطوم خلال الحرب العالمية الثانية، والذي يحتوي على عينات مُحنطة تعود لمنتصف القرن الـ19.
وقالت مديرة المتحف سارة عبد اللّه إن إفادات عالقين وصور أقمار صناعية تابعة لجهات بحثية مختصة بمراقبة مواقع التراث الثقافي العالمي، أكدت سقوط مقذوفات على مبنى المتحف ما بين 17 و20 أبريل/ نيسان الماضي.
وأكدت للجزيرة نت "الثابت لديّ موت جميع الحيوانات بالمتحف حرقا، وخسارة عينات ومقتنيات المتحف التي تلفت بسبب حريق المبنى".
وتتمثل مهمة المتحف الرئيسية في الحفاظ على التراث الطبيعي السوداني من خلال حفظ عينات أنواع مختلفة من الحيوانات، والسجلات الجيولوجية، حيث ضم المتحف حيوانات مهددة بالانقراض، وقرابة 100 حيوان من الزواحف والأسماك والثدييات والعقارب.
كما يضم المتحف قاعة الطيور التي تحتوي على عينات جُمعت من السودان وجنوب السودان في الفترة الممتدة من 1885 إلى 1945.
تاريخ وهوية"ليست مجرد مبانٍ، بل تاريخ وهوية"، هكذا عبّر عدد من المختصين عن خطورة تدمير المعالم التاريخية والمؤسسات الثقافية بالحرب الدائرة في السودان.
وفي ظل اتهامات وُجهت لقوات الدعم السريع بطمس الهوية السودانية، يقول الأستاذ الجامعي وعضو جمعية توثيق المعرفة السودانية فتح العليم عبد اللّه إن المقتنيات في المتاحف تغطي فترات زمنية امتد بعضها من 4 إلى 7 آلاف عام، وإن العبث بها أدى إلى تضرر الآثار والمقتنيات النادرة التي تغطي هذه الحقب التاريخية.
وكشف عبد الله للجزيرة نت عن تدمير قسم الترميم والعرض بمتحف السودان القومي، "الذيّ اتخذت منه قوات الدعم السريع ثكنة عسكرية قرابة الشهرين ولا توجد تقارير عن حجم الضرر"، بجانب متحفي القصر القديم والجديد اللذين تدمرت مقتنياتها بشكل كامل. كما تضرر متحف بيت الخليفة في أم درمان الذيّ يغطي حوالي 13 عاما من حكم الدولة المهدية، ودُمرت بعض آثاره.
خبراء يؤكدون تدمير معالم أثرية بالكامل في السودان في ظل استمرار المعارك (الفرنسية) وقف الحربمن جهته، يرى الكاتب والمترجم آدم مريود وجود "مصداقية" في وصف طرفي الصراع السوداني الحرب بـ"العبثية"، وأنهما "تخليا بذلك عن أي مسؤولية تجاه أيّ شيء آخر غير المواجهة العسكرية".
وقال للجزيرة نت إن أغلب المباني الأثرية والمعالم التاريخية تقع في العاصمة الخرطوم، "وكلما توسعت دائرة المعارك، دخلت مبان جديدة منطقة الخطر".
ويرى مريود "عدم وجود إمكانية لترميم المباني المتضررة لأنه تم تدمير أغلبها، ولا حل آخر لسلامة المباني الأثرية والمعالم التاريخية إلا بوقف الحرب".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی السودان للجزیرة نت أم درمان عدد من
إقرأ أيضاً:
قرار باستئناف الدراسة بمرحلة جديدة في الخرطوم وسط إجراءات أمنية بشرق النيل
كذلك قررت لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم تقديم دعم إضافي لمنطقة شرق النيل التي تواجه تدفقاً كبيراً من النازحين القادمين من شرق الجزيرة، بما يفوق إمكانيات المنطقة.
الخرطوم: التغيير
وافقت لجنة تنسيق شؤون أمن ولاية الخرطوم، برئاسة الوالي المُكلف، أحمد عثمان حمزة، على توصية وزارة التربية والتعليم باستئناف المرحلة الثانية من العام الدراسي 2023-2024 وفقاً لاشتراطات محددة.
وأكدت اللجنة وفق المنصة الإلكترونية لحكومة الولاية اليوم الخميس، حرصها على مستقبل التلاميذ رغم التحديات التي فرضتها الحرب، مما استدعى تنسيق الجهود بين مختلف الأجهزة لضمان استقرار الدراسة.
ومنذ اندلاع الحرب بالعاصمة الخرطوم منتصف أبريل 2023، لم تعد الحكومة التي يديرها الجيش تسيطر إلا على جزء كبير من مدينة أمدرمان مقر إدارة الولاية، إضافة إلى أجزاء محدودة من مدينتي الخرطوم وبحري، حيث تشكل المُدن الثلاث العاصمة السودانية، في وقت تسيطر قوات الدعم السريع على أجزاء واسعة من مناطق الولاية.
وبحسب المنصة ناقشت اللجنة كذلك الأوضاع الأمنية في الولاية، مشيدة بتحسن الوضع الجنائي بفضل جهود القوات المشتركة في مكافحة الجريمة وتأمين الأسواق.
وشددت اللجنة على ضرورة تكثيف الإجراءات الأمنية، لا سيما في ظل الجهود المتواصلة للقضاء على الجريمة المنظمة والخلايا النائمة.
وفي إطار المساعدات الإنسانية، قررت اللجنة تقديم دعم إضافي لمنطقة شرق النيل التي تواجه تدفقاً كبيراً من النازحين القادمين من شرق الجزيرة، بما يفوق إمكانيات المنطقة.
كما وافقت على توصية لجنة أمن محلية أم درمان بإغلاق سوق “القماير” عند الساعة الخامسة مساءً للحد من الظواهر السلبية.
تأتي هذه القرارات في ظل التحديات الأمنية والإنسانية التي فرضتها الحرب المستمرة في السودان منذ عدة أشهر، مما أثر على استقرار الأوضاع في العاصمة الخرطوم ومناطق أخرى، وزاد من حاجة المناطق المتضررة إلى المساعدات الإنسانية وضبط الأمن لضمان حياة المواطنين واستمرارية الخدمات الأساسية.
الوسومآثار الحرب في السودان محلية شرق النيل ولاية الخرطوم