الجزيرة:
2024-09-20@01:00:49 GMT

تاريخ وهوية.. المعالم الأثرية ضحية الحرب في السودان

تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT

تاريخ وهوية.. المعالم الأثرية ضحية الحرب في السودان

الخرطوم – لم تقتصر آثار حرب السودان -التي دخلت شهرها السادس- على الضحايا من المدنيين فحسب، بل امتدت إلى ذاكرة البلد الثقافية التي ظلت شاهدة على حقبها التاريخية المتعاقبة، حيث أدت المعارك المستمرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ منتصف أبريل/نيسان الماضي إلى تضرر وتدمير عدد من المباني الحكومية، من معالم تاريخية وأثرية وثقافية.

وفي الخرطوم التي اندلعت فيها شرارة الحرب، أصاب الضرر القصر الرئاسي الذي تُقدّر مساحته بحوالي 150 ألف متر مربع، ويضم قصرين (القديم والجديد).

ويعود تاريخ وضع حجر أساس القصر القديم إلى عام 1825، بجانب مطار الخرطوم الدولي، ومبنى الخطوط الجوية السودانية، ومباني شركة النيل الكبرى للبترول، وبرج وزارة العدل والمحاكم والمتحف القومي، ومكتبة مركز محمد عمر بشير للدراسات السودانية بجامعة أم درمان الأهلية، والتي تضم عديد الكتب والمؤلفات والمخطوطات النادرة.

ومع تمدد رقعة المعارك إلى بعض الولايات في إقليم كردفان ودارفور، امتد التدمير إلى أسواق نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وثاني أكبر مدينة تجارية في السودان، إضافة إلى احتراق أقدم الأسواق الشعبية وأشهرها المعروف بسوق التوابل، وجامعة زالنجي، وهي ولاية وسط دارفور.

الضرر امتد للقصر الرئاسي بالخرطوم الذي تقدّر مساحته بنحو 150 ألف متر مربع (غيتي) تحت مرمى النيران

ويُقر عدد من المسؤولين بصعوبة تقييم الأضرار بسبب وجود عدد من المعالم في مناطق الاشتباكات بين الجيش السوداني والدعم السريع.

وقال مدير إدارة الكشف الأثري بالهيئة العامة للآثار والمتاحف عبد الحي عبد الساوي، للجزيرة نت، إن عددا من المباني تقع في أرض المعارك، ولا يمكن تقييم الضرر الذي أصاب المواقع الأثرية خاصة في ولايات الخرطوم شمال دارفور وجنوبها، لصعوبة الوصول إليها مع استمرار الحرب.

وتحدث عن تدمير مبنى جراب الفول في مدينة الأبيض بولاية شمال كردفان جراء الاشتباكات، وهو من أقدم مباني الإدارة التركية ويعود تاريخه إلى خمسينيات القرن الـ19.

وأوضح عبد الساوي أن عددا من المعالم التاريخية يقع تحت خط النيران، منها متحف التراث الشعبي في الخرطوم، والمتحف القومي، وطوابي المهدية في أم درمان، ومبنى البريد القديم في شارع الجامعة وسط العاصمة الخرطوم، ووزارة المالية، وبوابة عبد القيوم في أم درمان، وسجن أم درمان، ومتحف بيت الخليفة.

وبحسب المسؤول نفسه، فإن متحف السلطان علي دينار في مدينة الفاشر، ومتحف نيالا بولاية جنوب دارفور، ومتحف السلطان بحر الدين في مدينة الجنينة غرب دارفور، كلها تقع تحت مرمى نيران الاشتباكات التي بدأت قبل 6 أشهر.

تدمير أسواق نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور وثاني أكبر مدينة تجارية في السودان (رويترز) خسارة

ولم يسلم من الحرب متحف السودان للتاريخ الطبيعي والذي أُنشئ عام 1929 وتم ضمه لجامعة الخرطوم خلال الحرب العالمية الثانية، والذي يحتوي على عينات مُحنطة تعود لمنتصف القرن الـ19.

وقالت مديرة المتحف سارة عبد اللّه إن إفادات عالقين وصور أقمار صناعية تابعة لجهات بحثية مختصة بمراقبة مواقع التراث الثقافي العالمي، أكدت سقوط مقذوفات على مبنى المتحف ما بين 17 و20 أبريل/ نيسان الماضي.

وأكدت للجزيرة نت "الثابت لديّ موت جميع الحيوانات بالمتحف حرقا، وخسارة عينات ومقتنيات المتحف التي تلفت بسبب حريق المبنى".

وتتمثل مهمة المتحف الرئيسية في الحفاظ على التراث الطبيعي السوداني من خلال حفظ عينات أنواع مختلفة من الحيوانات، والسجلات الجيولوجية، حيث ضم المتحف حيوانات مهددة بالانقراض، وقرابة 100 حيوان من الزواحف والأسماك والثدييات والعقارب.

كما يضم المتحف قاعة الطيور التي تحتوي على عينات جُمعت من السودان وجنوب السودان في الفترة الممتدة من 1885 إلى 1945.

تاريخ وهوية

"ليست مجرد مبانٍ، بل تاريخ وهوية"، هكذا عبّر عدد من المختصين عن خطورة تدمير المعالم التاريخية والمؤسسات الثقافية بالحرب الدائرة في السودان.

وفي ظل اتهامات وُجهت لقوات الدعم السريع بطمس الهوية السودانية، يقول الأستاذ الجامعي وعضو جمعية توثيق المعرفة السودانية فتح العليم عبد اللّه إن المقتنيات في المتاحف تغطي فترات زمنية امتد بعضها من 4 إلى 7 آلاف عام، وإن العبث بها أدى إلى تضرر الآثار والمقتنيات النادرة التي تغطي هذه الحقب التاريخية.

وكشف عبد الله للجزيرة نت عن تدمير قسم الترميم والعرض بمتحف السودان القومي، "الذيّ اتخذت منه قوات الدعم السريع ثكنة عسكرية قرابة الشهرين ولا توجد تقارير عن حجم الضرر"، بجانب متحفي القصر القديم والجديد اللذين تدمرت مقتنياتها بشكل كامل. كما تضرر متحف بيت الخليفة في أم درمان الذيّ يغطي حوالي 13 عاما من حكم الدولة المهدية، ودُمرت بعض آثاره.

خبراء يؤكدون تدمير معالم أثرية بالكامل في السودان في ظل استمرار المعارك (الفرنسية) وقف الحرب

من جهته، يرى الكاتب والمترجم آدم مريود وجود "مصداقية" في وصف طرفي الصراع السوداني الحرب بـ"العبثية"، وأنهما "تخليا بذلك عن أي مسؤولية تجاه أيّ شيء آخر غير المواجهة العسكرية".

وقال للجزيرة نت إن أغلب المباني الأثرية والمعالم التاريخية تقع في العاصمة الخرطوم، "وكلما توسعت دائرة المعارك، دخلت مبان جديدة منطقة الخطر".

ويرى مريود "عدم وجود إمكانية لترميم المباني المتضررة لأنه تم تدمير أغلبها، ولا حل آخر لسلامة المباني الأثرية والمعالم التاريخية إلا بوقف الحرب".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: فی السودان للجزیرة نت أم درمان عدد من

إقرأ أيضاً:

مبتعث في السودان

مبتعث في السودان؛ هو عنوان كتاب للمهندس السعودي حمزة الهاشمي. يحكي الكتاب قصة قبوله في جامعة الخرطوم في التسعينيات لدراسة الهندسة المدنية.
كان ينتظر البعثة في أمريكا أو بريطانيا…

لذا تلقى خبر قبوله في السودان بضحكة (هههههه) وقال في نفسه: ربعنا (جماعتنا) يذهبون إلى السودان للصيد والمقناص.

موظف في إدارة الابتعاث هنأه قائلا له: أحمد ربك أنهم قبلوك في السودان، نادرا ما يقبلون كم طالب كل أربع سنوات.
ينقل الكاتب مشاهدات ومواقف في السودان:

استوقفه مشهد سيد اللبن على حماره وهو يوزع الحليب الطازج بين الأزقة والحارات. اللغة التي يتكلم بها الناس بدت غريبة عليه. أحدهم استقبله في المطار وقال له: أسي – أي الآن – حوصلك للداخلية… فسأل نفسه: يأخذني للداخلية؟ وماذا في وزارة الداخلية الآن؟! لكنه عرف أن المقصود هو السكن الجامعي.

أما أقوى انطباع لديه فهو عن الأستاذ الجامعي السوداني بحزمه وصرامته في التدريس، وذلك سبب التميز والنجاح في مجال عمله لاحقا. وهو ما جعله يشعر بالفخر والامتنان لوجوده ودراسته في جامعة الخرطوم.

وإذا كان من تعليق سريع، فإن السودان في وقت من الأوقات صار قبلة لطلاب العلم من كل أنحاء العالم. حدثني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في الكونغو برازافيل كيف أن الطلاب كانوا يتوجهون نحو السودان فور انتهائهم من المرحلة الثانوية، وكانوا يصلون برا إلى الخرطوم، حتى إذا ما اشتعلت الحرب في دارفور انغلق طريق المعرفة والعلم.
بلغ عدد الطلاب السعوديين في نهاية التسعينيات نحو خمسة آلاف طالب.

سمعة الجامعات السودانية كانت طيبة جدا، وأذكر في عام ٢٠١٣م زرت جامعة إسلامية في أمريكا ناشئة، وفوجئت بطلب مديرها أن أساعدهم في تنسيب جامعتهم إلى إحدى الجامعات السودانية.

إن المرء لتصيبه الحسرة وهو يرى الجامعات السودانية تنزح من ديارها وتبحث عن أي مكان يعصمها من الضياع.

عثمان أبوزيد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • المبعوث الأميركي إلى السودان يطالب بهدنة إنسانية في دارفور
  • الحكومة السودانية تقود جهوداً لاستعادة آثارها المنهوبة
  • مبتعث في السودان
  • في خريف عمره بايدن يريد حلا لمشكلة السودان المستعصية التي أعيت الطبيب المداويا
  • تعذيب الأطفال واسترقاق النساء: جرائم تلاحق قادة الدعم السريع
  • بايدن يدعو الأطراف المتصارعة في السودان إلى استئناف المفاوضات لإنهاء الحرب
  • الأعلى للآثار: اتفاقية التعاون مع السفارة الأمريكية تشمل توثيق القطع الأثرية في المتاحف
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • امتحانات الشهادة السودانية ستنعقد (قريبا جدا)
  • تقرير تقصي الحقائق عن جرائم الحرب في السودان