لندن - صفا

رسائل طمأنة كثيرة حملتها ندوة تقديم نتائج الاستطلاع العالمي حول "الذكاء الاصطناعي وغرف الأخبار"، الذي أعلنت عنه "مبادرة غوغل للأخبار" وقسم الصحافة في جامعة لندن للاقتصاد، والذي يعد حاليا أكبر دراسة في العالم تقدم صورة واضحة عن اعتماد وسائل الإعلام العالمية على الذكاء الاصطناعي في عملها اليومي.

سؤال "هل سيعوض الذكاء الاصطناعي عمل الصحفيين؟" كان الشغل الشاغل لأغلبية الحاضرين للندوة التي احتضنها مقر صحيفة "فايننشال تايمز" في لندن، وأغلبهم من الصحفيين والباحثين في الإعلام.

الجواب تكفل به عدد من خبراء الإعلام البريطانيين، بعد تقديم نتائج الاستطلاع، الذي أنجزه البروفيسور شارلي بيكيت، مسؤول برنامج الصحافة في كلية لندن للاقتصاد، والإعلامية ميرة ياسين التي تكفلت بإدارة هذا الاستطلاع.

وشملت الدراسة 105 مؤسسات إعلامية في أكثر من 46 دولة حول العالم، وموضوعها الأساسي هو حول استعمال هذه المؤسسات للذكاء الاصطناعي، وتصور الصحفيين عن تقنيات الذكاء الاصطناعي، والموقف منه.

نتائج متفاوتة

تظهر نتائج الدراسة أن الفوارق في الإمكانيات بين وسائل الإعلام في الدول الغنية (دول الشمال) ونظيراتها في دول الجنوب، ستبقى حاضرة حتى من حيث استعمال تقنيات الذكاء الاصطناعي والوصول إليها، وتقول الدراسة إن أكثر من سيستفيد من الذكاء الاصطناعي من الناحية الاقتصادية والتقنية هي وسائل الإعلام في الدول الغنية؛ بسبب توفر البنية التحتية الضرورية، بينما ما تزال دول الجنوب "تعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية وثقافية لحد الآن".

وأكّد 75% من الذين شملهم الاستطلاع أنهم استعملوا الذكاء الاصطناعي لمرة واحدة على الأقل في عملهم الصحفي، والمثير أن ثلث غرف التحرير التي شملها الاستطلاع أكدت أنها وضعت بالفعل إستراتيجية لاستعمال الذكاء الاصطناعي، وأكد الثلث أيضا أنهم مستعدون لمواجهة التحديات التي سيفرضها الذكاء الاصطناعي على غرف التحرير.

وبيّن 40% من المستجوبين أن نظرتهم حول الذكاء الاصطناعي لم تتغير خلال السنوات الماضية، إما بسبب إنهم ما زالوا مبتدئين في هذا التخصص أو أن مؤسساتهم الإعلامية لا تشتغل بأي تقنية من تقنيات الذكاء الاصطناعي.

بينما عبّر 60% من الصحفيين عن مخاوفهم من عدم احترام برامج الذكاء الاصطناعي لأخلاقيات الممارسة الصحفية، وكيف يمكن لهذه البرامج أن تحترم الدقة في المعلومات والتوازن والحياد وكذلك الشفافية، وألا تتحول لوسيلة لنشر الأخبار الزائفة والتحريض على العنف.

ويُجمع أغلبية الصحفيين الذين شملهم الاستطلاع (بنسبة 80%) على أن الذكاء الاصطناعي سيصبح عنصرا أساسيا في العمل الصحفي، وسيدخل جميع غرف التحرير في المستقبل، وهي مرحلة يجب أن يستعد لها الصحفيون.

"التغيير قادم"

يؤكد البروفيسور شارلي بيكيت في تصريح للجزيرة نت أن "الذكاء الاصطناعي لن يقضي على الصحفيين، ولكن يجب الاستفادة من الفرص التي سيقدمها في العمل الصحفي، لأنني مقتنع أن التغيير قادم لا محالة"، مضيفا أنه لمس خلال إجراء هذا الاستطلاع "وجود تيارين في التعامل مع الذكاء الاصطناعي، تيار متخوف جدا من الأمر ويخشى أنه قد يفقد وظيفته، وتيار يعتقد أن الذكاء الاصطناعي بإمكانه عمل كل شيء نيابة عن الصحفي وهذا تصور خاطئ".

وتوقّع البروفيسور البريطاني أن الذكاء الاصطناعي "سيساعد الصحفيين في دول الجنوب، كما هو الحال في المنطقة العربية، وخصوصا الذين يشتغلون على صحافة التحقيق"، مضيفا أنه على الصحفيين في هذه المناطق أن يتعاونوا فيما بينهم "من أجل تقاسم الخبرات وحتى الإمكانيات، وأعتقد أن برامج الذكاء الاصطناعي ستسهل أيضا إمكانية جمع المعلومات وتدقيقها".

أما بالنسبة للصحفيين الذين يشتغلون في بيئات صعبة، حيث المراقبة الحكومية والتضييق على الحريات "فإن الذكاء الاصطناعي لن يغير من الواقع في شيء، ذلك أن الصحفيين الذين يشتغلون على التحقيقات في هذه المناطق سيكون عليهم مواجهة المخاطر كما العادة"، مضيفا أن "تلك الحكومات هي أيضا تستثمر في هذه البرامج من أجل نشر أخبار تناسب روايتها للأحداث".

مساعد وليس منافسا

تعترف جاين باريت المديرة العامة للوسائط الرقمية في وكالة "رويترز" في تصريحها للجزيرة نت، أنه من الصعب الحسم في إمكانية "حصول الصحفيين على الحماية وسلامتهم الشخصية، من خلال استعمال برامج الذكاء الاصطناعي"، مضيفة أنه "من الصعب الحكم على الأمر حاليا".

وأكدت باريت أن هناك إقبالا على برامج الذكاء الاصطناعي والحلول التي تقدمها "من طرف وسائل الإعلام -حتى في دول الجنوب- لكن في المقابل هناك نقص كبير في الموارد التقنية والبنية التحتية".

وعبرت باريت عن قناعتها بأن "الذكاء الاصطناعي لن يستعيض عن الصحفيين أبدا، وتقول "حاليا أستعمل تقنيات الذكاء الاصطناعي في عملي اليومي بشكل كبير وهي مساعدة لي، لكن لن تأخذ مكان الصحفي، والذي ممكن أن يعوض مكان الصحفي هو صحفي آخر يتقن استعمال الذكاء الاصطناعي".

وأشارت باريت إلى أنه على الصحفيين التعامل مع الذكاء الاصطناعي "كوسيلة جديدة تُضاف للوسائل التي بين أيديهم، لتسهيل عملهم وليس للقيام بعملهم"، كما دعت الصحفيين إلى "عدم النظر إلى الذكاء الاصطناعي كخطر ومحاولة تجاهله، بل على العكس يجب الاستفادة منه وتعلم تقنياته".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي تقنیات الذکاء الاصطناعی برامج الذکاء الاصطناعی وسائل الإعلام دول الجنوب

إقرأ أيضاً:

زوكربيرج يكشف عن خطة بـ65 مليار دولار لتعزيز أهداف الذكاء الاصطناعي

أعلن الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرج، عن خطط طموحة لزيادة الإنفاق على البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، حيث تخطط الشركة لإنفاق يصل إلى 65 مليار دولار خلال هذا العام. 

ويتضمن هذا الاستثمار الضخم توظيف المزيد من المتخصصين في مجال الذكاء الاصطناعي وبناء مراكز بيانات جديدة تصل قدرتها إلى 2 جيجاوات، والتي ستكون كبيرة بما يكفي لتلبية احتياجات جزء كبير من مدينة مانهاتن.

الهند تعفي واتساب من قيود مشاركة بيانات المستخدمين مع "ميتا"بعد خطوة ميتا المثير للجدل.. ارتفاع معدلات البحث عن حذف فيسبوك وإنستجرام

تستهدف “ميتا”، التي تعتبر من بين أكبر المشترين لرقائق نيفيديا، إنهاء العام برصيد يتجاوز 1.3 مليون معالج رسومي، كما تخطط لإضافة طاقة حاسوبية تصل إلى 1 جيجاوات عبر الإنترنت بحلول عام 2025. 

وفي منشور له على فيسبوك، صرح زوكربيرج بأن "هذه ستكون سنة حاسمة للذكاء الاصطناعي". هذه الجهود الكبيرة تعد بمثابة دفع لمنتجات الشركة الأساسية في السنوات المقبلة.

يأتي هذا الإعلان في وقت يتزايد فيه اهتمام شركات التكنولوجيا الكبرى بتطوير بنية تحتية متطورة للذكاء الاصطناعي بعد نجاح نموذج ChatGPT من OpenAI. كما جاء بعد إعلان مشترك من قبل OpenAI وSoftBank وأوراكل عن مشروع جديد يسمى Stargate، والذي يهدف إلى استثمار 500 مليار دولار في هذا المجال.

وفي وقت سابق من الشهر، أكدت مايكروسوفت أنها تعتزم استثمار حوالي 80 مليار دولار في السنة المالية 2025، بينما أعلنت أمازون أنها تخطط لإنفاق أكثر من 75 مليار دولار خلال العام المقبل.

ومن جانبهم، المحللون أوضحوا أن تصريحات زوكربيرج تأتي في سياق ضغوط السوق التي تتطلب سرعة في التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي، واعتبرت تلك الحكمة مبرراً لتوقيت هذه الخطط الطموحة. كما ارتفعت أسهم “ميتا” بنسبة 1%.

تسعى “ميتا” لتصبح لاعبا رئيسيا في السباق نحو الذكاء الاصطناعي من خلال تقديم بعض المنتجات المبتكرة مثل AI Chatbot ونظارات Ray-Ban الذكية، بالإضافة إلى اعتماد أسلوب مفتوح المصدر، مما يتيح للمستخدمين والشركات تجربة طرازات Llama AI بالمجان.

يتوقع زوكربيرج أن يسهم مساعد “ميتا” الذكي، المتاح عبر خدماتها، في خدمة أكثر من مليار مستخدم بحلول عام 2025، بزيادة ملحوظة عن 600 مليون مستخدم نشط شهريا كانوا يعتمدون على هذه الخدمات في السنة الماضية. 

ويمثل إنفاق الشركة المتوقع بين 60 إلى 65 مليار دولار لعام 2025 قفزة كبيرة مقارنة بالنفقات المقدرة بـ 38 إلى 40 مليار دولار التي تم إنفاقها في العام الماضي، كما يتجاوز توقعات المحللين البالغة 50.25 مليار دولار.

من المتوقع أن تعلن “ميتا” عن نتائج الربع الرابع من العام في 29 يناير، مما يزيد من اهتمام المستثمرين والمحللين بمستقبل الشركة ومكانتها في هذا المجال.

مقالات مشابهة

  • الذكاء الاصطناعي يميز بين أمراض الرئة بدقة عالية
  • "الذكاء الاصطناعي تحدٍ جديد" في معرض القاهرة الدولي للكتاب
  • معوقات تطوير الذكاء الاصطناعي في الصين
  • الذكاء الاصطناعي والعولمة ضمن نقاشات ثقافة الفيوم
  • صدمة عالمية.. "ديب سيك" الصيني يتربع على عرش تطبيقات الذكاء الاصطناعي
  • ديب سيك الصيني يُذهل العلماء ويتحدى عمالقة الذكاء الاصطناعي العالمي
  • الذكاء الاصطناعي ينجح في استنساخ نفسه ويثير قلق العلماء
  • ثلاثة أسباب قد تؤدي إلى تباطؤ زخم الذكاء الاصطناعي في 2025
  • زوكربيرج يكشف عن خطة بـ65 مليار دولار لتعزيز أهداف الذكاء الاصطناعي
  • الذكاء الاصطناعي ينجح في تشخيص أمراض الرئة بأستراليا