ذاع صيت تقنية الهولوجرام مؤخرًا بشكل كبير، بعد أن تم تطوير إمكانياتها وقدراتها لتصبح النتائج مخيفة لدرجة كبيرة جدا، وهذه التقنية عبارة عن صور مجسمة تعتمد على تقنية تُعيد تكوين صورة الأجسام بأبعادها المختلفة فى الفضاء المطلق، حيث تعتمد على الموجات الضوئية التى تتولى مسؤولية التصوير ثلاثي الأبعاد للأجسام بكفاءة عالية.

 

 

وتستعرض «البوابة نيوز» عبر التقرير التالي أبرز المعلومات عن تقنية الهولوجرام وكيفية عملها، والحكم الشرعي في استخدامها، خلال السطور التالية:

 

 

تقنية «الهولوجرام»

تطبيق الهولوجرام يعمل باستخدام خاصية الليزر وذلك لإنتاج واقع افتراضي على هيئة أشكال مجسمة، وهذه التقنية تنشئ صور ثلاثية الأبعاد باستخدام أشعة الليزر ويعطي صورًا تخيلية مجسمة ثلاثية الأبعاد مسجِّلة لكل المعلومات والتي تنتج الهولوجرام، وكان له السبق قبل استخدام الكمبيوتر لهذا المجال. 

 

ما هي خاصية «الهولوجرام»؟


هي عروض مرئية تقوم بإنشاء الصور وعرضها بصور ثلاثية الأبعاد بطريقة عالية الجودة، لتظهر الصورة فى الهواء على شكل مجسم ثلاثي الأبعاد ويظهر كطيف مـن الألوان يتجسد على الشكل المراد عرضه.

 كيفية عمل الهولوجرام؟


فكرة عملها تقوم على حدوث تصادم بين الموجات الضوئية والشيء الذي يرغب المستخدم فى تصويره وعرضه، فبالنسبة لأجهزة الهولوجرام المتخصصة، يقوم الجهاز بتخطيط الجسم المراد تصويره ثم نقل المعلومات اللازمة حوله، ويتيح هذا الجهاز إمكانية تكرار إنشاء الموجة مرة أخرى فى حالة إضاءة جهاز الهولوجرام، كذلك فقد بدأت بعض التطبيقات العادية على الهواتف الذكية بتوفير تقنية الهولوجرام للمستخدمين العاديين من خلال بعض التطبيقات والأدوات البسيطة بشكل كبير.

 


لابد من توافر عناصر مهمة لإنتاج صورة الهولوجرام أولًا: توافر الليزر؛ ليعمل إلى جانب مجموعة من العناصر مثل المرايا العاكسة، وطبقة رقيقة تستقبل ضوء الليزر، ويتم تسليط شعاعين من الليزر؛ الأول رئيسي لقياس نسبة الاختلاف مع شعاع ثانٍ، وإصدار شعاع آخر من الليزر يسقط على الجسم المراد إنتاجه، وينعكس الشعاع الثاني من على الجسم إلى المرايا العاكسة عدة مرات حتى يصل إلى الوسط.

وإحداث فرق في التوقيت بين وصول الشعاعين يصنع فرقًا في مسار الشعاعات؛ مما يحدث تداخلًا بينهما عند الوصول إلى الوسط، الشيء الذي ينتج بقعًا مضيئة وأخرى مظلمة تمثل صورة الجسم المراد تصويره كما يحدث في عملية التصوير الفوتوغرافي، وبذلك نكون قد حصلنا على إضاءة وألوان الجسم، ويتبقى جانب العمق الذي ينتجه الهولوجرام.

لتأتي المرحلة الأخيرة بإنزال شعاع الليزر الأصلي على الوسط دون أن يتقاطع مع الشعاع الآخر، فنزول الشعاع على الوسط بعد طبع الصورة الناتجة من الشعاع الأول ينتج صورة مجسمة في الجانب الآخر من الوسط بتقنية الهولوجرام.

 

استخدامات الهولوجرام

- يمكن الاستفادة من تقنية  الهولوجرام في مجالات كثيرة ومتنوعة منها:

المجال الطبي: يتم الاستفادة من التقنية بعرض صور ثلاثية الأبعاد تكون أكثر فاعلية في عملية التشخيص.
الاستخدامات العسكرية: يمكن عرض تضاريس المناطق بشكل مجسم المتواجد فيها الجنود للمساعدة في عمليات التدريبات العسكرية.
الحماية من الاحتيال: وذلك بوضع صور تم صنعها بواسطة الهولوجرام ووضعها على النقود الورقية وبطاقات الائتمان، لتكون علامة للحماية ومكافحة التزوير. 
في مجال الفنون: وذلك باستخدام التقنية لتجسيد الكثير من الأعمال الفنية القديمة وتقديمها للمتلقي في عروض مسرحية، ومن الأمثلة على ذلك: معرض الصور الذي أقيم في وسط مدينة لندن.
-وكذلك تتيح التقنية للمستخدمين إمكانية مشاهدة الأجسام ورؤيتها من كافة الاتجاهات، ويمكن استخدامه لالتقاط ورصد أكثر من صورة، إضافة إلى إمكانية استخدامه حاليًا لعرض بعض الصور، والترويج لعدد من الأشياء فى شكل حي وملموس.

 

تقنية الهولوجرام في التعليم

تساعد تلك التقنية المتعلمين في الحفاظ على رصيد مهم من المعلومات، يمكن استخدام تقنية الهولوجرام في نهج التعلم التفاعلي لتعزيز عملية التعلم، فتوظيف هذه التقنيات الحديثة في خدمة التعليم وسيلة من الوسائل التي تدعم العملية التعليمية وتنقلها من طور التلقين إلى طور الإبداع والتفاعل وتنمية المهارات.ويعتبر هذا التوظيف من أهم المؤشرات والدلالات على تحول المعلم إلى معلم رقمي يستطيع دمج التقنية في العملية التعليمة.

 

استخدامات الهولوجرام في التعليم

يمكن للطلاب باستخدام تقنية الهولوجرام حضور المحاضرات وهم في منازلهم كما لو أنهم حاضرين بالفعل مع إمكانية التفاعل مع المعلم.
وكذلك يمكن للطالب وبسهولة القدرة على الغوص في أعماق البحار والتعرف على الحياة البحرية.
يستطيع المعلم تقديم دروسه لأكثر من فصل بنفس الوقت ومن أي مكان وبالتالي تتلاشى حواجز المكان والزمان.


أما في مجال الطب فيمكن للمحاضرين إجراء محاكاة حية لطلابهم لتعلم إجراء الجراحة.
ومن خلال استخدام تلك التقنية يستطيع الطلاب العيش في أحداث تاريخية بواسطة إعادة نفس الحدث، وبالتالي يستطيع الطلاب التعرف على حروب تاريخية عظيمة في جو شبيه بالواقع

 أم كلثوم تظهر من جديد بتقنية الـ«هولوجرام»

كثيرًا منا تمنى رؤية أشخاص فقدناهم منذ زمن بعيد أو حضور حفلة لأحد المطربين الراحلين، ولكن تبقى تلك الأمنية مستحيلة، إلا أن ظهرت تقنية الهولوجرام للتصوير المجسم ثلاثي الأبعاد لتفتح الباب بالفعل لتحقيق هذه الأمنية بشكل افتراضي، فبفضل تقنية الهولوجرام في عالم المؤثرات البصرية عادت سيدة الغناء العربي أم كلثوم إلى قصر عابدين لتحيي سلسلة من الحفلات الافتراضية في مصر مؤخرًا. وذلك بعدما أحيت حفلات سابقة على خشبة المسرح في دار الأوبرا، وفي السعودية والإمارات، واُستخدمت تلك التقنية من قبل لتجسيد شخصيات شهيرة في أماكن مختلفة، منهم المغنيان الراحلان مايكل جاكسون وإلفيس بريسلي.

ولاقت الحفلات إقبالًا كثيرًا من محبي كوكب الشرق، ومطالبات بإحياء عروض مماثلة لعبد الحليم حافظ ومحمد عبد الوهاب وغيرهما من أساطين الفن العربي، الأمر الذي اعتبره البعض بأنه عودة لإثراء الحياة الثقافية في مصر.

تجسيد يوم القيامة والملائكة
انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في صيف 2023 فيديوهات لتجسيد يوم القيامة بخاصية تقنية  الـ"هولوجرام" ثلاثي الأبعاد، ليجسد الهولوجرام في هيئة الدجال لتسريع القيامة، وتداول سكان محافظة الإسماعيلية فيديو منذ وقت سابق، قيل تم أنه تم تصويره بالمدينة، يظهر فيه أشكال غريبة ظهرت بشكل مفاجئ في السماء، والأشكال بدت متناسقة وتتحرك في انسجام، واعتقد البعض أنها ملائكة تنزلت في العشر الأواخر من رمضان، فيما قال آخرون إنها نهاية العالم، غير أن الرأي الأرجح، يقول أن الأمر يعود لعرض فني تم بفندق الزاكي بتقنية “الهولوجرام”.

 

الحكم الشرعي في استخدام تقنية «الهولوجرام»


توصلت التكنولوجيا الحديثة «الهولوجرام» في ظهور أم كلثوم بشكل ثلاثي الأبعاد، الأمر الذي أصاب الحاضرين خلال الحفل بالدهشة، وجذب الجميع حول تلك التقنية المبهرة، الأمر الذي سبب جدل كبير حول ما إذا كانت تلك التقنية حرام أو لا، وبناءً على رأي البعض من العلماء، فقد أشاروا إلى إذا اقتصرت التقنية فقط على رسم وتجسيد ذوات الأرواح تُعد حرام، وفي نفس السياق أوضح العلماء أن ذلك ليس شركًا بالله ولكنه من الكبائر، لكونه يُقدم محاكاة لما تم صناعته من الله عز وجل.

وعن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت: قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ).

يشار إلى أن تلك التقنية متوفرة في الوقت الحالي من خلال نوعان أساسيان، هما:

الهولوجرام الشريحي الرقيق: وتم الاستعانة به في العمليات الأمنية والأغراض المتعلقة بها مثل الوثائق الرسمية، ويستخدم فيه شريحة رقيقة من تلك التقنية.
الهولوجرام الحجمي السميك: ويعتبر أحدث من النوع الأول وأكثر تطورًا، ويتم من خلاله رؤية المجسمات لأشخاص أو أي غرض آخر بدقة ثلاثية أبعاد يُمكن تحريكها ودقتها عالية جدًا تكاد تكون حقيقة.
وبالتالي تعامل هذه التقنية مثل التصوير الفوتوجرافي أي أنها ليست حرام في المجمل، لكن المحرم منها الذي يكون تشكيل لذوات الأرواح.

 

الفرق بين «الهولوجرام» و«الواقع الافتراضي والمعزز»

الهولوجرام يختلف عن الواقع الافتراضي والمعزز في عدم استخدامه نظارات لعرض الصورة التي يتم إنتاجها، فالواقع الافتراضي مفهومه يقوم على نقل المتلقي إلى عالم آخر غير العالم الحقيقي الذي يعيش فيه ببيئة جديدة؛ وذلك من خلال النظارات.

وأما تقنية الواقع المعزز تعمل على تعزيز الواقع الحقيقي ببعض الإضافات الرقمية التي تظهر على الشاشة ولكن لا تحتاج إلى نقل المتلقي من مكانه، فالإضافات تظهر على الشاشة، وفي الواقع الافتراضي والمعزز تكون التجربة فردية، أما في تقنية الهولوجرام فتكون التجربة جماعية

 

تاريخ الهولوجرام


يرجع تاريخ تلك التقنية لعام 1947 على يد العالم «دينيس غابور» وكانت تقوم على تحسين قوة تكبير الميكروسكوب الإلكترونى، وبسبب موارد الضوء المتاحة فى ذلك الوقت، والتى لم تكن متماسكة، أى أحادية اللون أدى إلى تأخر ظهور التصوير التجسيمى إلى عام 1960 وقت ظهور الليزر، وفى العام 1967 استطاع كل من العالم جيوديس اوباتنكس والعالم ايميت ليث من جامعة ميشيغان، عرض أول هولوجرام بعد العديد من التجارب.

 

عيوب «الهولوجرام»


على الرغم من كل الخدمات التي تقدمها تلك التقنية ولكن من الممكن أن تتسبب ممستقبلًا في إلحاق الأذى بالأشخاص أو الترويج لشيء غير شرعي أو غير قانوني، وكذلك من الممكن أن يكون وسيلة لاعتماد اللصوص عليه في أعمال في السرقة.

لذلك يجب أن نتوخى الحذر ونتجنب أضرار التكنولوجيا بما فيها «الهولوجرام».

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: البوابة نيوز الهولوجرام الواقع الافتراضی ثلاثیة الأبعاد ثلاثی الأبعاد من خلال

إقرأ أيضاً:

خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين: الأبعاد القانونية وسبل المواجهة

خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين: جدل سياسي وتحديات قانونية

في عالم تحكمه المصالح الإستراتيجية والسياسات الجغرافية، أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب جدلًا واسعًا بخطته الرامية إلى تهجير 2.2 مليون فلسطيني من قطاع غزة إلى مصر والأردن.

هذه الخطة، التي بررت بعبارات مثل "تطهير" غزة من سكانها بعد حرب مدمرة استمرت 15 شهرًا، تواجه عقبات قانونية ودولية كبرى، مستوحية إستراتيجيات تاريخية سبق أن فشلت في تحقيق أهدافها.

في هذا المقال، نستعرض الأبعاد القانونية لهذه الخطة المثيرة للجدل، ونلقي الضوء على المحاولات التاريخية للتهجير القسري، ونبحث في الآليات التي يمكن من خلالها لمصر والأردن، إلى جانب المجتمع الدولي، التصدي لهذه المخططات، مع التركيز على تعزيز صمود الفلسطينيين كخيار إستراتيجي يحافظ على حقوقهم وهويتهم الوطنية.

السياق الدولي لخطة ترامب

جاءت تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب بشأن خطة ترحيل الفلسطينيين من غزة إلى مصر والأردن في سياق دولي معقد يتسم بتوترات متصاعدة في الشرق الأوسط، حيث شهدت غزة حروبًا إسرائيلية متكررة أدت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية.

هذه التصريحات ارتبطت بخطة "صفقة القرن" التي أطلقها ترامب كجزء من تسوية سياسية تهدف لتعزيز مصالح إسرائيل عبر تقديم وعود اقتصادية للفلسطينيين دون تلبية حقوقهم السياسية المشروعة، وهو ما قوبل برفض واسع.

إعلان

كما تزامنت مع دفع إدارة ترامب نحو توقيع اتفاقيات تطبيع بين إسرائيل وعدد من الدول العربية (اتفاقيات أبراهام)، وهو ما أسهم في تقليص الضغوط على إسرائيل تجاه القضية الفلسطينية. دوليًا، جاءت الخطة في ظل توترات أميركية مع إيران، التي تدعم الفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة، بهدف إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة.

داخليًا، كان ترامب يسعى لتعزيز شعبيته لدى قاعدته المؤيدة لإسرائيل، خاصة المسيحيين الإنجيليين، في سياق الاستعداد للانتخابات، مع ممارسة ضغوط على مصر والأردن لتحمل مسؤوليات إضافية تجاه اللاجئين الفلسطينيين، بما يخفف عن إسرائيل أي أعباء سياسية أو اقتصادية أو أمنية.

الخطط التاريخية لترحيل الفلسطينيين وأسباب فشلها

شهد التاريخ محاولات متعددة لترحيل الفلسطينيين أو إعادة توطينهم خارج وطنهم، وجميعها فشلت في تحقيق أهدافها بسبب التعقيدات السياسية والمقاومة الشعبية.

من أبرز هذه المحاولات مشروع التوطين في سيناء عام 1955، الذي اقترحته إسرائيل بدعم بريطاني وأميركي لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في شمال سيناء، لكنه واجه رفضًا مصريًا حازمًا بقيادة جمال عبدالناصر ومعارضة فلسطينية شديدة.

كما برزت محاولات توطين الفلسطينيين في الأردن خلال الستينيات والسبعينيات، والتي تسببت في تصاعد التوتر بين الفصائل الفلسطينية والنظام الأردني، وانتهت بأحداث سبتمبر/ أيلول الأسود عام 1970.

كذلك، طرحت الأمم المتحدة ودول غربية خططًا مثل برامج التوطين الدولي عبر "الأونروا"، التي دعت إلى توطين الفلسطينيين في دول مضيفة مقابل دعم مالي، لكنها قوبلت برفض حاسم من اللاجئين الفلسطينيين الذين تمسكوا بحق العودة، والدول العربية التي خشيت من تصفية القضية الفلسطينية أو الإخلال بالتوازن السياسي. أسباب فشل هذه المحاولات تعود إلى تمسك الفلسطيني بحقوقه الوطنية، ورفض الدول العربية تحميلها مسؤولية حل القضية نيابة عن إسرائيل.

إعلان محاولات إسرائيل لتهجير الفلسطينيين: تسلسل زمني لأهداف معلنة وإخفاقات مستمرة

سعت إسرائيل منذ عقود إلى تهجير الفلسطينيين، خصوصًا في قطاع غزة، مستخدمة ذرائع أمنية وعسكرية لإخلاء المناطق السكنية وخلق تغيير ديمغرافي يخدم مصالحها الإستراتيجية. بدأت هذه المحاولات مبكرًا لكنها ظهرت بشكل واضح خلال عملية عسكرية أسمتها الجرف الصامد عام 2014، حيث استهدف جيش الاحتلال مناطق شمال القطاع مثل بيت حانون وبيت لاهيا بالقصف المكثف، مع توجيه إنذارات للسكان لإخلاء منازلهم. ورغم نزوح مؤقت لبعض العائلات إلى مراكز الإيواء، فإن معظم السكان عادوا فور انتهاء القتال، مما أدى إلى فشل محاولة إسرائيل إحداث تغيير ديمغرافي دائم.

في السنوات اللاحقة، أصبحت الأهداف الإسرائيلية أكثر وضوحًا من خلال تصريحات مسؤولين بارزين، أكدت السعي لتهجير الفلسطينيين أو تصفيتهم. على سبيل المثال، دعا وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، إلى "إعادة توطين مئات الآلاف من سكان غزة"، بينما دعم وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إجراءات تهدف إلى تغيير ديمغرافي في القطاع. هذه التصريحات أثارت استنكارًا دوليًا واسعًا ووصفت بأنها دليل على النوايا الإسرائيلية لإحداث تغيير جذري في تركيبة غزة السكانية.

خلال الحرب الأخيرة على غزة عام 2023، تصاعدت المحاولات الإسرائيلية لتحقيق هذه الأهداف. كما أعلنت إسرائيل صراحةً هدفها إخلاء شمال القطاع بزعم القضاء على أنفاق المقاومة والبنية التحتية لحركة حماس. حيث لجأت إسرائيل إلى استخدام القصف المكثف والإنذارات الجماعية لإجبار السكان على النزوح إلى الجنوب.

ورغم شدة القصف واستهداف مناطق واسعة مثل جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون وكذلك البنى التحتية الصحية خصوصًا مستشفى كمال عدوان، قاوم الفلسطينيون هذه الضغوط، معتبرين أن الإخلاء يمهد لعملية تهجير قسري دائم. ومع انتهاء العمليات، عاد السكان تدريجيًا إلى منازلهم، مما أظهر فشل إسرائيل في فرض تغيير ديمغرافي دائم.

إعلان

في هذا السياق، يُبرز المؤرخ الإسرائيلي بيني موريس في كتاباته، مثل "1948 وبعد ذلك" و"النكبة: قصة الصراع العربي- الإسرائيلي"، أن السياسات الإسرائيلية تجاه الفلسطينيين كانت دائمًا تتضمن عنصر التهجير القسري كجزء من خطة إستراتيجية.

يشير موريس إلى أن النزوح الفلسطيني خلال النكبة عام 1948 لم يكن مجرد نتيجة للحرب، بل كان جزءًا من سياسة متعمدة لتطهير عرقي بهدف تقليل عدد السكان العرب داخل الأراضي المحتلة. يؤكد أيضًا أن المحاولات اللاحقة، بما فيها الحروب الكبرى مثل الجرف الصامد والحرب على غزة عام 2023، كانت تهدف إلى تحقيق الهيمنة الديمغرافية الإسرائيلية، لكنها فشلت بسبب الصمود الفلسطيني والضغط الدولي.

وإلى جانب العمليات العسكرية، أشار تحقيق لمنظمة العفو الدولية إلى أن إسرائيل ترتكب أفعالًا ترقى إلى الإبادة الجماعية، تشمل القتل المتعمد وإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بالسكان، بالإضافة إلى إخضاعهم لظروف معيشية قاسية تهدف إلى تدميرهم. هذه السياسات تعكس محاولة إسرائيلية واضحة لتصفية الوجود الفلسطيني في غزة عبر مزيج من التهجير والإبادة.

محاولات إسرائيل لترحيل الفلسطينيين، رغم شراستها وتصعيدها المستمر، كشفت عن عجز دائم في تحقيق أهدافها. يعود ذلك إلى صمود الفلسطينيين وإصرارهم على التمسك بأرضهم.

القانون الدولي ومواجهة التهجير القسري: نصوص قوية وتحديات التنفيذ

القانون الدولي يرفض التهجير القسري بشكل قاطع، مستندًا إلى نصوص رئيسية تدين هذه الممارسات في أوقات الحرب والسلم. اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تنص في المادة 49 على حظر النقل الجبري للسكان من الأراضي المحتلة، وتصف المادة 147 التهجير القسري بأنه انتهاك جسيم وجريمة حرب.

كما يعزز النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (روما 1998) هذا الموقف، حيث تجرّم المادة 8 (2) (ب) (8) التهجير غير القانوني، بينما تعتبر المادة 7 (1) (د) التهجير القسري جريمة ضد الإنسانية إذا تم بشكل واسع النطاق أو منهجي.

إعلان

إضافة إلى ذلك، يشدد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على حق الأفراد في حرية التنقل واختيار مكان إقامتهم، بينما تؤكد قرارات الأمم المتحدة، مثل القرار 242 (1967) والقرار 194 (1948)، على رفض الاستيلاء على الأراضي بالقوة وضمان حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة.

إن تهجير الفلسطينيين لا يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي فحسب، بل يعني عمليًا تصفية القضية الفلسطينية ودفن تطلعات الشعب الفلسطيني في بناء دولته.

فكيف يمكن الحديث عن دولة فلسطينية دون وجود شعب على الأرض؟ سواء في الضفة الغربية أو قطاع غزة أو القدس، فإن التهجير يهدف إلى اقتلاع الشعب الفلسطيني من جذوره التاريخية وتحويل الأرض إلى مشروع استيطاني إسرائيلي بالكامل، مما يجعل أي مسار نحو حل الدولتين مستحيلًا.

توفر القوانين الدولية إطارًا قويًا لإدانة التهجير القسري، حيث تمثل نصوصها مرجعية لفرض ضغط سياسي ودبلوماسي على إسرائيل من خلال المنظمات الدولية مثل الأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.

ومع ذلك، يواجه تطبيق هذا القانون تحديات كبيرة؛ فغياب آليات التنفيذ الفعالة يعتمد بشكل كبير على تعاون الدول، مما يجعل تنفيذ الأحكام صعبًا في حالة رفض الأطراف المتهمة الالتزام.

بالإضافة إلى ذلك، توجد ازدواجية في المعايير الدولية حيث تقوم القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة بحماية إسرائيل من العقوبات الدولية، كما هو موثق في العديد من القرارات التي حُجبت في مجلس الأمن.

كما أن البيئة الجيوسياسية الحالية تضع حواجز أمام تحقيق توافق دولي كافٍ لفرض عقوبات، مثلما حدث في الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث رفضت بعض الدول الاعتراف بالتهجير كجريمة. لتحقيق نجاح فعلي، يجب تعزيز الإرادة السياسية الدولية، زيادة الضغط الشعبي والحقوقي، واستغلال المنصات القانونية لرفع قضايا متماسكة تفضح هذه الممارسات وتضع إسرائيل تحت المساءلة الدولية. دون هذا، سيظل القانون الدولي أداة قوية على الورق لكنها محدودة التأثير في الواقع.

إعلان الموقف العملي لمصر والأردن في مواجهة خطة تهجير الفلسطينيين

تعارض كل من مصر والأردن أي محاولات للتهجير القسري للفلسطينيين باعتبارها انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، خصوصًا اتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 التي تحظر النقل الجبري للسكان، والنظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية الذي يصنف التهجير القسري كجريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. كما أنه يتعارض مع بديهيات الأمن القومي العربي وعنوانه دعم القضية الفلسطنية.

رفضت الدولتان سابقًا خططًا مشابهة بسبب تأثيرها المباشر على الاستقرار الداخلي فيهما، إضافة إلى عدم تقديم إسرائيل أو حلفائها الغربيين حلولًا سياسية مقبولة.

مواقف مصر والأردن الرسمية والدبلوماسية، المعلنة ببيانات واضحة، تزيد من الضغط الدولي على إسرائيل وتُعرضها لانتقادات واسعة، مما يدعم صمود الفلسطينيين على أرضهم ويمنع منح أي غطاء سياسي لمحاولات التهجير.

عمليًا، يمكن لمصر والأردن اتخاذ خطوات مدروسة لمنع تنفيذ أي خطط تهجير قسري. يجب تعزيز مراقبة الحدود لضمان عدم تهجير الفلسطينيين قسرًا، مع ضمان تدفق آمن ومستدام للمساعدات الإنسانية إلى غزة لتخفيف الضغوط الاقتصادية والإنسانية التي قد تدفع السكان للنزوح.

في هذا السياق، ينبغي لمصر، خاصة، مواجهة الضغوط الإسرائيلية والأميركية التي قد تعرقل دخول المساعدات أو عبور الأفراد لأغراض إنسانية.

كما يتعين على البلدين دعم الفلسطينيين داخل القطاع عبر التعاون مع المنظمات الدولية، مع تفعيل التنسيق الإقليمي والدولي من خلال جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي لحشد موقف عربي موحد يعزز عزلة إسرائيل على الساحة الدولية.

هذه الجهود تمنع أي تغييرات ديمغرافية في غزة وتُبقي القضية الفلسطينية في دائرة الاهتمام الدولي، مع التأكيد على حق الفلسطينيين في العودة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

إعلان

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • حالة من الغضب.. فيديو تشييع جنازة بالرقص والغناء يثير الجدل
  • أبرزها أكل الموتى.. تعرف على أغرب التقاليد فى العالم وسر الإيمان بها
  • كاردو تُطلق نظارات cardoO VR للواقع الافتراضي
  • رئيس البرلمان التركي يعلق على خطة ترامب بشأن غزة.. ستبقى إلى يوم القيامة للفلسطينيين
  • الرحبي: مشاركة عمان في معرض الكتاب فرصةً لاستعراض المشهد الثقافي العُماني وتجسيد روح التواصل مع مصر
  • خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين: الأبعاد القانونية وسبل المواجهة
  • الرئيس أردوغان: الشعب السوري الذي ألهم المنطقة بعزيمته على المقاومة قادر على إعادة إحياء بلده 
  • أمريكا تختبر سلاح الليزر المدمر HELIOS لتدمير الطائرات بسرعة الضوء .. فيديو
  • بعد نهاية نافذة الانتقالات الشتوية.. دوران الأبرز والأغلى.. والمواهب الشابة تزين دوري روشن
  • المتحدث باسم وزارة الأوقاف أحمد الحلاق لـ سانا: منذ اليوم الأول للتحرير عملنا في وزارة الأوقاف على تشكيل لجان لإحصاء المساجد والمنشآت التعليمية الشرعية المهدمة جراء القصف الهمجي الذي شنه النظام البائد على المدن والأرياف، حيث لم تسلم أي محافظة من المحافظات