بينما توجه منظمات حقوق الإنسان غير الحكومية تنديدا بالظروف المزرية في مراكز استقبال طالبي اللجوء الوافدين إلى المملكة المتحدة، ومع التركيز المتزايد للحكومة على تقليل أعداد الوافدين، ظهرت تقارير إعلامية تكشف عن انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان تعرض لها المهاجرون غير الشرعيين في أحد مراكز الاحتجاز في بريطانيا.


يجدر بالذكر أن هذا الحادث ليس الأول من نوعه على الإطلاق وقد وقع في ظل سلسلة من القرارات التي اتخذتها الحكومة البريطانية لتقليل تكلفة إيواء طالبي اللجوء الذين تم توجيههم إلى فنادق، وهو ما دفع الحكومة لنقلهم إلى مراكز أقل تكلفة، فيما وصفت بعض وسائل الإعلام البريطانية هذا الإجراء بأنه "متابعة لسياسات فاشلة"، مما يعزز سلبية سمعة بريطانيا كوجهة غير مرغوب فيها للهجرة غير الشرعية، ويشير إلى أن بريطانيا قد تعتزم تنفيذ هذه السياسة كجزء من استراتيجيتها "أوقفوا القوارب".


في هذا السياق، نشرت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية مقالة تحت عنوان "مركز المهاجرين: عبء يكشف عن عدم رحمة حكومتنا".


في مقالتها، تسلط الصحيفة الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه إدارة الهجرة غير النظامية. وتشدد على أن شعار "أوقفوا القوارب"، ورغم وحشيته، يحظى بالتأييد من قبل مختلف الأطراف، لأنه يعكس الخطورة التي تنطوي عليها الهجرة التي تديرها العصابات الإجرامية، والتي غالبا ما تؤدي إلى مأساوي.


وتشير الصحيفة إلى أن الطريقة التي تعامل بها المملكة المتحدة مع المهاجرين الواصلين في ظروف صعبة يجب أن تتميز بالحذر والرفق، سواء كانوا طالبي لجوء أم مهاجرين بحثًا عن فرص اقتصادية. وتؤكد على أهمية معاملتهم بإنسانية، وتندد بفرض ظروف قاسية تصل في بعض الأحيان إلى حد التعذيب.


ووفقًا للصحيفة، تبين أن النهج الإنساني لم يُطبق بمركز احتجاز بروك هاوس المخصص للمهاجرين غير النظاميين، وفقًا لمقالة نشرتها صحيفة "الإندبندنت".


وقالت الصحيفة إن التحقيق المستقل الذي أُجري برئاسة كيت إيفز بشأن بروك هاوس أسفر عن استنتاجات تثير القلق بشدة، إذ كشف عن تعرض المحتجزين الضعفاء هناك لمعاملة غير إنسانية ومهينة. وعلى الرغم من أن التحقيق يعود إلى بضع سنوات مضت، إلا أنه لا يوجد دليل مقنع على تحسن الأوضاع في هذه المراكز بشكل كبير في الوقت الحالي.


وأشارت الصحيفة إلى أن التفاصيل التي تضمنها التقرير ينبغي أن تثير استياءً حتى لأكثر المراقبين قسوة. فالأشخاص الذين تم احتجازهم في المركز، بغض النظر عن دوافعهم، كانوا يُعامَلون بمثابة سجناء، حيث كانوا يعيشون في ظروف تشبه السجون، وكان لديهم مشاكل نفسية ناجمة عن ذلك، والتي ربما أسهمت في تفاقم معاناتهم.


وأوضحت الصحيفة أن المحتجزين تعرضوا للإهانة والتعذيب النفسي، وكانوا يتعرضون لاستخدام "لغة عنصرية ومهينة" ضدهم، بالإضافة إلى فقدان حرياتهم الدينية والعيش في ظروف غير صحية.
وكشف تحقيق مفاجئ أن ضباطًا في مركز احتجاز بروك هاوس قاموا بخنق المهاجرين وإساءة معاملتهم وإجبارهم على الخروج من زنازينهم وسط "ثقافة سامة" حيث يتعرض المعتقلون لسوء المعاملة في ظروف "تشبه السجن".


وذكر تقرير مؤلف من ٨٠٠ صفحة بشأن الأوضاع في مركز بروك هاوس لترحيل المهاجرين في غرب ساسكس، أن الحراس استخدموا العنف الجسدي "لمعاقبة" المحتجزين، في حين تم رفض السلوك "غير المقبول، والمسيء في كثير من الأحيان" باعتباره "مزاح".


وفي إحدى الحوادث "المرعبة" المفصلة في التقرير، وضع ضابط الاحتجاز في الموقع الذي كانت تديره شركة "G٤S" للخدمات الأمنية سابقًا، بالقرب من مطار جاتويك يديه حول رقبة أحد المحتجزين المنكوبين وقال: "يا لك من قطعة قذارة".، لأنني سأضعك في نوم عميق.


وشملت الحوادث المروعة الأخرى نقل الرجال قسرًا من زنازينهم وهم عراة أو شبه عراة، في حين تبين أن الضباط استخدموا بشكل متكرر لغة تجردهم من إنسانيتهم، بما في ذلك عبارات ساخرة مثل: "إذا مات، يموت".


ووجد التقرير، الذي نظر في الظروف في المركز بين أبريل وأغسطس ٢٠١٧، أيضًا، ما يلي:
١٩ مخالفة لقوانين حقوق الإنسان تتعلق بالتعذيب والمعاملة اللاإنسانية أو المهينة.
أمثلة على الموظفين الذين يستخدمون "لغة مسيئة وعنصرية ومهينة" تجاه المحتجزين.
أدلة على احتجاز الرجال في ظروف "قاسية" و"شبيهة بالسجن"، بما في ذلك - إجبارهم على تقاسم زنزانات قذرة ذات تهوية سيئة ومراحيض غير مغطاة.
أمثلة على الموظفين الذين يتسببون في الألم "بشكل غير لائق" ويستخدمون معدات مثل دروع مكافحة الشغب والأقنعة بطريقة "تخويفية".
وقالت الرئيسة كيت إيفز إنها "رفضت الرواية" الواردة من وزارة الداخلية وG٤S بأن الأحداث التي وقعت في "بروك هاوس" كانت نتيجة "أقلية صغيرة" من موظفي G٤S.
وقالت أيضًا إنها "منزعجة بشكل خاص" من الأدلة التي قدمها بعض هؤلاء الموظفين الذين ما زالوا يعملون في "بروك هاوس"، مشيرة إلى "الافتقار إلى التفكير حتى بين أولئك الذين يشغلون الآن مناصب عليا".
وأضافت:"هذا يلقي بظلال من الشك على مدى ترسيخ التغييرات الثقافية التي وصفت لي.. وأخشى أنه لا يزال هناك طريق طويل لنقطعه".
ودعت السيدة إيفز إلى تغييرات واسعة النطاق لضمان أن "الناس لا يعانون بنفس الطريقة التي عانى منها أولئك الذين يعيشون في بروك هاوس"، بما في ذلك إدخال حد زمني للاحتجاز مدته ٢٨ يومًا.
من جانبه؛ قال وزير الهجرة في حكومة الظل العمالية، ستيفن كينوك، إن بعض الأدلة المقدمة للتحقيق كانت "مروعة للغاية" وأظهرت أن الحكومة "لم تقدم أي سيطرة أو تعاطف".
وانتقد التقرير المؤلف من ٨٠٠ صفحة، الموقع نفسه، الذي تم تصميمه وفقًا لمواصفات سجن من الفئة ب، بما في ذلك "سياج طويل من الأسلاك الشائكة"، على الرغم من أن المحتجزين ليسوا سجناء.
ووصف الشهود الذين أدلوا بشهادتهم التحقيق بأنه "غير ملائم للغرض"، وقالوا إن المركز لا يملك المرافق اللازمة لإيواء المعتقلين "لأكثر من بضعة أيام"، على الرغم من أن العديد منهم يقضون وقتًا أطول بكثير هناك.
 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: بريطانيا انتهاكات بما فی ذلک فی ظروف

إقرأ أيضاً:

الاتحاد لحقوق الإنسان: ندعم التدابير المحلية والدولية لمكافحة كراهية الإسلام

أكدت جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان، دعمها للتدابير المحلية والدولية الرامية لمكافحة كراهية الإسلام، مشيدة بالخطوات الحضارية التي تنتهجها الإمارات العربية المتحدة في تعزيز صوت الاعتدال، والتصدي للتميّز الديني والعنف ضد الإسلام وتدنيس الكتب المقدسة.

وأثنت بمناسبة اليوم الدولي لمكافحة كراهية الإسلام، الذي يصادف 15 مارس (أذار) من كل عام، بالقرارات التي اتخذتها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لمكافحة "الإسلاموفوبيا" وخطاب الكراهية والتطرف والتعصب الديني.

حصار خطاب الكراهية

واستذكرت الجمعية، في بيان أصدرته اليوم الجمعة، الجهود الحثيثة التي بذلتها الإمارات مع شقيقاتها في منظمة التعاون الإسلامي لحصار خطاب الكراهية، وأسفرت عن اعتماد مجلس الأمن الدولي في 15 يونيو (حزيران) 2023، قراراً تاريخياً رقم 2686 يُقـرُّ للمرة الأولى بأن خطاب الكراهية يمكن أن يؤدي إلى التطرف واندلاع النزاعات.

مجابهة الإسلاموفوبيا

وقالت "لطالما كان موقف الإمارات متقدماً وواضحاً في مجابهة الإسلاموفوبيا والدعوة إلى التسامح ونبذ الكراهية، مبيّنةً أن لقاء الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذي تم تنظيمه بأبوظبي في فبراير (شباط) 2019، وتوقيع "وثيقة الأخوة الإنسانية" من بين أبرز المحطات العالمية المشهودة في هذا الصدد.

مكافحة التمييز والكراهية

وأضافت الجمعية، أن الإمارات تصدّت للكراهية على مستوى تشريعاتها، وأصدرت القانون الاتحادي رقم 34 لسنة 2023 في شأن مكافحة التمييز والكراهية والتطرّف، الذي يحظر الإساءة إلى الأديان والأنبياء والكتب السماوية ودُور العبادة، ويقضي بتجريم الأفعال المرتبطة بازدراء الأديان. كما أطلقت الجوائز العالمية التي تحتفي بتعزيز السلام العالمي، ومنها جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للسلام العالمي، وجائزة الإمارات العالمية لشعراء السلام، وجائزة زايد للأخوة الإنسانية، وجائزة محمد بن راشد للتسامح.

نبذ خطاب الكراهية

ولفتت إلى نجاح الإمارات في نبذ خطاب الكراهية، حيث أنشأت المركز الوطني للمناصحة عام 2019، ومركز "صواب" عام 2015 لدعم جهود التحالف الدولي في حربه ضد الإرهاب، ووزارة التسامح والتعايش عام 2016، وأسست "مجلس حكماء المسلمين" عام 2014 بأبوظبي لتعزيز السِلم في العالم الإسلامي، كما أسست "المنتدى العالمي لتعزيز السلم في المجتمعات المسلمة" للتصدي للتحديات الفكرية والطائفية، وافتتحت مركز التميز الدولي لمكافحة التطرف العنيف "هداية" عام 2012.
وقالت جمعية الاتحاد لحقوق الإنسان إنه وخلال عام 2024 استضافت الدولة قمة التحالف العالمي للتسامح التي شهدت صدور "النداء العالمي المشترك للتسامح والتعايش"، ونظمت أعمال "المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح"، الذي ناقش أهمية احترام الاختلافات الحضارية، وأطلقت برنامج "فارسات التسامح" لتمكين المرأة وتعزيز دورها في نشر قيم التسامح والتعايش.

مقالات مشابهة

  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى مواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة
  • «الوطنية لحقوق الإنسان» تشارك باجتماع المؤسسات الوطنية في جنيف
  • “الوطنية لحقوق الإنسان” تشارك في الاجتماع السنوي للمؤسسات الوطنية بجنيف
  • «الوطنية لحقوق الإنسان» تشارك في اجتماع جنيف
  • تايمز: ما قصة الثورة التي يريد ستارمر إطلاق شرارتها في بريطانيا؟
  • حقوق الإنسان الأممية: ناقشنا بجلسات استماع الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين في غزة
  • المندوبة الوزارية لحقوق الإنسان تدعو إلى وضع لحد لسجن الأطفال وإيجاد حلول بديلة
  • "الوطنية لحقوق الإنسان" تشارك بصفة "مراقب" في اجتماع المؤسسات الوطنية بجنيف
  • «الاتحاد لحقوق الإنسان»: ندعم التدابير المحلية والدولية لمكافحة كراهية الإسلام
  • الاتحاد لحقوق الإنسان: ندعم التدابير المحلية والدولية لمكافحة كراهية الإسلام