أعلام يمانية.. باكورة أعمال المؤرخ إبراهيم الكازمي عن مركز نشوان الحميري
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
أعلن مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام اليوم عن إصدار تاريخي موسوعي متميز وملهِم حمل عنوان “أعلام يمانية – بصمات خالدة في صفحات التاريخ”، باكورة إصدارات الباحث والمؤرخ الشاب إبراهيم الكازمي.
الكتاب المقسم إلى ثلاثة فصول أساسية، موزعة على 488 صفحة، يمثل عصارة جهد لسنوات تقصى فيها الباحث في سيَر ومنجزات شخصيات يمنية على امتداد ثلاث مراحل، بدءاً بعضور الحضارة اليمنية القديمة مروراً بالعصر الإسلامي ثم التابعين، حيث قدم لنحو 100 شخصية تركت بصمتها في التاريخ اليمني والإنساني، في مراحل متفاوتة، مع مدخل أساسي ومقدمة لكل فصل من فصول الكتاب.
ويوضح المؤلف الكازمي في مقدمته أن الكتاب يأتي انطلاقاً من كون علم التاريخ يُعد من أهم وأنبل العلوم الإنسانية، وهو ذاكرة الأمة والذاكرة للأمة، كالذاكرة للفرد تمامًا، من خلالها تعي الأمة ماضيها، وتفسر حاضرها، وتستشرق مستقبلها. وامتثالًا لقول تعالى “فاقصص القصص لعلهم يتفكرون”.
ويضيف “بدأت مستعينا باللّه -سبحانه- في جمع هذه السلسة المتواضعة والتي أسميتها أعلام يمانية، نتحدث فيها عن كوكبة من عظماء اليمانية الذين تركوا بصمات واضحة في تاريخ الأمة اليمانية والعربية بل وفي تاريخ البشرية جمعاء”. وذلك “في محاولة مني وبجهد متواضع أن نعطيهم ولو يسيرًا من حقهم، وأن نظهر تاريخهم بالوجه الحقيقي والمشرق الذي كانوا عليه، كي تعي أجيالنا أننا أحفاد رجال عظماء دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه، علّنا نقتدي بهم ونسير على خطاهم”.
اقرأ أيضاً كتاب “أعلام يمانية” للكازمي.. منهج ينبغي أن يقرر لطلبة الجامعات كتاب جديد ينفي علاقة جزيرة سقطرى باليمن.. ومستشار بن زايد يعلق!! كتابة فوق ماء مالح عصابة حوثية تعتدي بالضرب على الصحفي ”مجلي الصمدي” بصنعاء وتحذره من الكتابة عن المرتبات ”صور” عناصر حوثية تهاجم صحفي في صنعاء بدراجة نارية بسبب كتابته عن فساد الجماعة الامام البخاري وكتابه الجامع الصحيح بعد حملة لناشطين يمنيين لنصرة الثورة .. أول أكاديمي حوثي يتبرأ من حذف أهداف الثورة من الكتاب المدرسي المسؤول عن تحريف أهداف ثورة 26سبتمبر في كتاب الوطنية.. شاهد ماذا كان يعمل ”الدريب” قبل الانقلاب بصعدة بمشاركة أكثر من 100 دور نشر.. حضرموت تستعد لاحتضان المعرض الدولي للكتاب باسم الأديب الكبير علي أحمد باكثير قراءة في كتاب معركة الوعي في اليمن شاعر يمني يرسم ملامح الحالمة في ”كتاب تعز” فصل أحد السائقين من وظيفته بصنعاء بعد كتابته هذه العبارة المشينة على الشاحنة (صور)كما يؤكد “نحن اليمانيون كنا في الصدارة ولابد أن نعود إليها، وفي مقدمة الركب الحضاري لا في مؤخرته، ونحن أحفاد من ملأوا الأرض والدنيا بالقصص والأحداث والوقائع”.
سلسلة ذهبية
ويقول وزير الأوقاف والإرشاد اليمني السابق أحمد عطية في تقديمه للكتاب إنه “تضمن سلسلة ذهبية من تبابعة وأقيال ودهاة وأساطين العرب الأقحاح عبر التاريخ”، ويضيف أن “المؤلف لم يسلك طريقة التراجم المعروفة حول تاريخ الرجال، لكنه سلك في البحث مسلكاً جديداً ونادراً إذ أنه ربط تاريخ كل شخصية وقيل من هؤلاء الأقيال بالبيئة التي عاش فيها من حيث العمارة، والخط، والديانة، وطبيعة الأرض التي نشأ فيها هذا العلم اليماني، والقيل العربي”.
سِفر عظيم ونفخة صور
من جهته، يقول رئيس مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام عادل الأحمدي إن “في هذا السِّفر العظيم الذي عكف عليه القيل اليماني إبراهيم الكازمي سنوات عديدة، نفخةُ صورٍ للموتى من أبناء اليمن تبعثهم من الأجداث إلى عالم الكينونة والحضور المتجدد لكي يكملوا مسير الآباء في صناعة الحياة وخدمة الإنسانية وبلورة الحب والخير والجمال”.
ويتابع في تقديمه للكتاب: “جمع الكازمي في باكورة أعماله سِيَراً وتراجم لأكثر من 100 يمني، صاروا مضرب المثل عند شعوب المعمورة في كل فنون الحياة. ومن تراجم العظماء يولد العظماء، ومن سير الأفذاذ يولد الأفذاذ”، ولهذا “فإن هذا الكتاب هو رسالة بالغة التأثير، عبقرية التوقيت، يهديها ابن الكوازم لشعبه جنوبه وشماله.. ولقد كان مصدر فخر لنا في مركز نشوان الحميري للدراسات والإعلام أن يكون هذا الكتاب صادراً عن المركز، فيا له من شرف ويا له من فخار”.
ويخلص الأحمدي إلى أن الكازمي احترف “مهنة الغوّاص الأمين الذي يغوص في أعماق البحر اليمني الهادر ليعود بثمين اللآلئ ونادر الجواهر، قائلا: أيها اليمني لا تستسلم ولا تستكِن.. هذا أنت وهؤلاء آباؤك. فلا يستخفنّ بك الأعداء لتكون مطيةً لأطماعهم وضحيةً لعنصريتهم”.
يصدر الكتاب متزامنا مع احتفالات شعبنا بأعياد الثورة اليمنية الخالدة 26 سبتمبر و14 أكتوبر. وقريبا بمشيئة الله تكون النسخة الإلكترونية متاحة لجمهور القراء. على موقع مركز نشوان الحميري للدراسات بالإنترنت .
المصدر: المشهد اليمني
إقرأ أيضاً:
تهجير الفلسطينيين من غزة جريمة طبقتها إسرائيل قبل أن ينظّر لها ترامب.. كتاب جديد
الكتاب: التهجير القسري الإسرائيلي للفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967 (قطاع غزة دراسة حالة)الكاتبان: إلهام جبر شمالي وإبراهيم أكرم حمد
الناشر: مركز فينيق للأبحاث والدراسات الحقلية فينيق غزة ـ فلسطين 2025
عدد الصفحات: 340 صفحة
ـ 1 ـ
يعدّ الاستعمار الإسرائيلي لفلسطين من أسوأ أنواع الاستعمار. فليس هو توسعا لدولة على حساب أخرى، تعود إثره وبعد انتزاع الدولة المستعمرة لحق تقرير المصير إلى مساحتها الأصلية. وإنما انتزاع للأرض من أهلها وإحداث لكيان جديد مستمد من الأساطير تحت عنوان إيجاد وطن قومي لليهود الذين يعيشون في الشتات وإحلال لشعب مكان آخر. فيُجلب المهاجرون اليهود من كل أصقاع العالم مقابل طرد السكان الأصليين الفلسطينيين ليعيشوا تغريبتهم في الشتات عبر سياسات الإبادة الجماعية والتطهير العرقي والفرض التهجير القسري. وقبل قيام هذا الكيان الغاصب تولت عصابات يهودية كبالماخ و الهجاناه كإرجون وبيتار وشتيرن وبلماح والمستعربين، بتواطؤ من الاحتلال البريطاني، تفريغ الأراضي الفلسطينية من سكانها الأصليين لصالح إنشاء مستوطنات يهودية، وإحداث تغييرات ديموغرافية وجغرافية تعزز سيطرتها على الأرض.
التهجير أسلوب متأصل في السياسة الإسرائيلية لجأت إليه حكوماتها المختلفة بطرق متعدّدة. وهذا بديهي. فبواعثه قائمة في جذور الفكر الصهيوني الذي يبني تصوره للذات اليهودية انطلاقا من النظرة الدونية للآخر التي تتضمنها عقيدة الأغيار أو غير اليهود والتي تبيح أغلب مذاهبها قتلهم واستباحة أعراضهم وممتلكاتهم.يحلّل الكتاب "التهجير القسري الإسرائيلي للفلسطينيين من الأراضي الفلسطينية المحتلة 1967 (قطاع غزة دراسة حالة)" للباحثين إلهام جبر شمالي وإبراهيم أكرم حمد السياسات الإسرائيلية المتعلقة بالتهجير القسري للفلسطينيين. فيوضّح الأبعاد التاريخية والقانونية لممارسات التهجير. ويبحث في التداعيات السياسية والقانونية لهذه السياسات على حقوق الفلسطينيين، بما في ذلك حقهم في تقرير المصير. ويتتبع جذور حركة التهجير القسري، عبر المراحل الزمنية المختلفة معولا على منهج وصفيٍ تحليليٍ ، يعرض اللوائح والقوانين الإسرائيلية المتعلقة بالتهجير و آثارها متخذا من التهجير القسري في قطاع غزة أنموذجا ليكشف كيفية تنفيذ إسرائيل لسياساتها بما في ذلك أفعال الإبادة الجماعية التي تصاعدت منذ السابع من أكتوبر 2023.
ـ 2 ـ
يحاول البحثان التبسط في عرض مفهوم التهجير القسري عبر تعامل المجتمع الدولي والمؤسسات القانونية معه في الأطوار المختلفة. فقد ظهر مفهوم "الجرائم ضد الإنسانية" بنهاية الحرب العالمية الثانية وأشير إلى التهجير باعتباره أحد الأفعال المشكلة له. ثم جرى استعماله بعدئذ من قبل المحكمة الجنائية لنورمبرغ التي نشأتها قوات الحلفاء بعد الحرب العالمية الثانية لمحاكمة كبار مسؤولي ألمانيا النازية. فأشار نظامها إلى مجموعة من الأفعال التي تصنّف ضمن الجرائم ضد الإنسانية. فعدّ النفي والترحيل، عملين غير إنسانيين. وأسس لفكرة تجريم عمليات نقل السكان المدنيين من مناطق سكناهم بصورة غير مشروعة وقسرية وترحيلهم، لكنه لم يقدّم تعريفا للنفي والإبعاد، وإنما اقتصر على ذكره بما هو عمل إجرامي ضد الإنسانية. ثم جاء نظام المحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة عام 1993 ليبلور قواعد القانون الدولي الجنائي ومنه تجريم التهجير القسري وحظر إبعاد المدنيين، وعدّه أحد أخطر جرائم العصر.
ـ 3 ـ
على مستوى لوائح الأمم المتحدة وضمن ما يُعهد لها من ضبط للقواعد القانونية الدولية تمت المصادقة على اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين في وقت الحرب المؤرخة في 12 آب/أغسطس 1949 من قبل المؤتمر الدبلوماسي لوضع اتفاقيات دولية لحماية ضحايا الحروب. وتعدّ، بمعية البروتوكولين الإضافيين الملحق بها، النواة الأولى الحقيقية لتجريم التهجير القسري للمدنيين خلال النزاعات المسلحة. فقد جاء في مادتها 49 [يحظر النقل الجبري الجماعي أو الفردي للأشخاص المحميين أو نفيهم من الأراضي المحتلة إلى أراضي دولة الاحتلال أو إلى أراضي أي دولة أخرى، محتلة أو غير محتلة، أياً كانت دواعيه] ثم [ لا يجوز لدولة الاحتلال أن تحجز الأشخاص المحميين في منطقة معرضة بشكل خاص لأخطار الحرب، إلا إذا اقتضى ذلك أمن السكان أو لأسباب عسكرية قهرية]. ثمّ [لا يجوز لدولة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها].
وانطلاقا من هذه النصوص المختلفة يحاول الباحثان تجاوز الفراغ المفهومي وصياغة مفهوم دقيق للتهجير القسري للمدنيين. فيعرفانه بكونه ممارسة مرتبطة بالتطهير وبإجراءات تعسفية قهرية تقوم به حكومات أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعة عرقية أو دينية معينة، وأحيانًا ضد مجموعات عديدة بهدف إخلاء أراض معينة لنخبة بديلة، أو فئة معينة، وهو ما سارت عليه المادة الثانية من اتفاقية الأمم المتحدة لمنع الإبادة الجماعية. ويؤكدان اندراج مثل هذه الأعمال ضمن جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية.
ـ 4 ـ
اتخذ التهجير القسري في قطاع غزة ما بعد طوفان الأقصى مظاهر كثيرة. أولها إعادة احتلال القطاع وجعله تحت القصف المكثف الذي كان يتم تحت عنوان ملاحقة المقاومة بينما كان في حقيقة الأمر تدميرا ممنهجا لكل مكونات البنية التحتية ومقومات للحياة المدنية والخدمات الأساسية بما في ذلك الطرقات والمدارس والأسواق والمستشفيات وقوارب الصيد بحيث أضحى ما يزيد عن ثمانين بالمائة من المباني غير صالح للسكن. واستهدف الصحفيين والطواقم الطبية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بشكل مكثّف لإرهاب موظفيها. وكان الهدف غير المعلن هو إبادة أكبر قدر من الغزاويين وإرغام من يبقى منهم حيا على ترك أرضه. فيكون التغيير الديموغرافي الناجم عن التهجير القسري في قطاع خطوة نحو تهويد الأرض وتصفية القضية الفلسطينية..
والتهجير أسلوب متأصل في السياسة الإسرائيلية لجأت إليه حكوماتها المختلفة بطرق متعدّدة. وهذا بديهي. فبواعثه قائمة في جذور الفكر الصهيوني الذي يبني تصوره للذات اليهودية انطلاقا من النظرة الدونية للآخر التي تتضمنها عقيدة الأغيار أو غير اليهود والتي تبيح أغلب مذاهبها قتلهم واستباحة أعراضهم وممتلكاتهم. ثم جاءت المرحلة الاستعمارية التي تميّزت بروز فكرة الأنا الناشئة عن النزعات القومية التي ظهرت في الدول الأوروبية خلال القرن التاسع عشر. فقد أذكت المنافسة الصناعية بينها استعمار الدول بحثا عن المواد الأولية. ولمنح نهب ثروات الشعوب بعدا إنسانيا نبيلا تم تطويع الدين وتصوير الحركة الاستعمارية باعتبارها حماية للدول وجلبا للحضارة لها.
واستغلت الصهيونية هذا السياق لعقد صفقة مع الأوروبيين مدارها على ترك اليهود لأوروبا المنزعجة باستمرار من وجودهم فيها وسيطرتهم على محركات الاقتصاد هناك مقابل حصولهم على فلسطين باعتبارها "وطنا قوميا" لهم. وشرعت في تزييف الحقائق بالاستناد إلى ذرائع دينية وتاريخية لا صلة لها بالواقع واستدعت مقولات تزعمها المعتقدات اليهودية كالأرض الموعودة، وجبل صهيون، وشعب الله المختار. وأشاعت شعار [أرض بلا شعب لشعب بلا أرض]. وأسست إستراتيجيتها كلّها على فكرة نفي الفلسطيني وإلغاء وجوده من أرضه.
ـ 5 ـ
يسهم استمرار العدوان الإسرائيلي ـ منذ 7 أكتوبر 2023 ـ في تعميق معاناة الشعب الفلسطيني. ولئن مثل عدوانها في الماضي عملا على تفكيك وحدة الفلسطينيين المادية والجغرافية للأراضي فإن عدوان مرحلة ما بعد طوفان الأقصى اتخذ في غزة شكلا جديدا. فبدا جليا أن إسرائيل لا ترمي إلى ملاحقة عناصر حماس أو استرجاع الرهائن بقدر ما تتخذ من حربها تعلة للتسريع من تهجير الفلسطينيين قسريا وتطهير غزة عرقيا، بحيث لا تجعل سلطة حماس عاجزة عن ممارسة السيادة الفعلية على أراضي القطاع وعلى موارده الطبيعية فحسب وإنما تجعل الحياة نفسها غير قابلة للاستمرار. وهذا من شأنه أن يدفع السكان إلى النزوح القسري ويمثل أخطر تهديد وجودي للشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية.
ورغم المفارقة بين تجريم التهجير القسري والوقع على الأرض يواجه الفلسطينيون تحديات قانونية وسياسية معقدة تؤثر في تحقيق العدالة الدولية، يردها الباحثان إلى كون الاعتراف الأممي بفلسطين باعتبارها دولة قائمة الذات لا يزال غير كاف لتحقيق السيادة الفعلية في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وإلى التفاعلات الإقليمية والدولية التي أصبحت تدفع الحكام إلى أن يتغاضوا عن الانتهاكات الإسرائيلية خدمة لمصالحهم ولبقائهم في الحكم المرتبط إلى حدّ كبير بالولاء إلى اللوبي الصهيوني صاحب النفوذ العالمي.
أضف إلى ذلك تصاعد نفوذ اليمين الإسرائيلي واختفاء الأصوات الداعية للسلام مع الفلسطينيين والانقسام الداخلي الفلسطيني الذي بات يهدد المشروع الوطني الفلسطيني أو انتخاب دونالد ترامب ـ رئيس الولايات المتحدة سابقا ـ لفترة جديدة الذي يمثل تحديا كبيرا للقضية الفلسطينية بسبب سياساته الداعمة لإسرائيل.
بدا جليا أن إسرائيل لا ترمي إلى ملاحقة عناصر حماس أو استرجاع الرهائن بقدر ما تتخذ من حربها تعلة للتسريع من تهجير الفلسطينيين قسريا وتطهير غزة عرقيا، بحيث لا تجعل سلطة حماس عاجزة عن ممارسة السيادة الفعلية على أراضي القطاع وعلى موارده الطبيعية فحسب وإنما تجعل الحياة نفسها غير قابلة للاستمرار.ورغم التحديات الكثيرة شأن بقاء الاحتلال جاثمًا على أرض القطاع وتدميره لمقومات البقاء فيه وقضائه على الأساسيات الحيوية فيه وتوسيعه للمنطقة العازلة باقتطاع شريط أمني من أراضي القطاع لصالح تحقيق أمن مستوطنات الغلاف، يعوّل الباحثان على الموقف المصري الرافض لعملية التهجير ونشره لجيشه على الحدود مع فلسطين، والرفض الأردني الصريح لأي ضغوط خارجية. ولا بدّ أن نشير هنا إلى أنّ الكتاب نشر قبل تصريح ترامب بسعيه إلى تهجير الغزاويين خارج القطاع والسيطرة عليه عسكريا و أحدث من تفاعلات.
ـ 6 ـ
ينتهي الباحثان إلى اقتراح جملة من التوصيات لمواجهة خطر التهجير القسري ودعم المبادرات الدولية والإقليمية للحفاظ على الهوية الوطنية والثقافية الفلسطينية. فعلى المستوى الاجتماعي يؤكدان ضرورة إعادة إحياء المقاومة المجتمعية، وذلك عبر دعم المبادرات التي تسعى إلى الحفاظ على بقاء الفلسطينيين في أراضيهم، وتعزيز الوعي داخل المجتمع الفلسطيني حول أهمية مقاومة التهجير والتمسك بالأرض.
ولا يتسنى ذلك إلاّ بتعزيز الروابط الاجتماعية والثقافية داخل المجتمع ووضع الخطط لإعادة النازحين إلى أراضيهم الأصلية، واستعادة الكثافة السكانية في المناطق المتضررة. ويدعوان، على المستوى السياسي والدبلوماسي إلى تعزيز العمل لإعادة تفعيل القضية الفلسطينية وجعلها أولوية على أجندة المجتمع الدولي والتركيز على بناء تحالفات إقليمية ودولية لدعم الحقوق الفلسطينية، ومواجهة الرواية الإسرائيلية إعلاميا بإطلاق حملات عالمية تظهر حجم الجرائم المرتكبة في غزة وتسلط الضوء على الاحتلال الإسرائيلي المطول غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، وتعزّز الدعم الإنساني والإغاثي لها، من خلال توفير الدعم الدولي لوكالة الأونروا لضمان استمرار خدماتها في القطاع، وإنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار البنية التحتية المدمرة، وضمان استمرارية الحياة المدنية.
أما على المستوى الحقوقي والقانوني فيؤكدان ضرورة مطالبة المؤسسات الدولية بتفعيل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بإنهاء الاحتلال، وبحق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم ودعم تطبيق الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية حول عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 ومساندة التحركات الفلسطينية أمام المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية لفتح تحقيقات في جرائم الإبادة الجماعية والتهجير القسري. ويجدان في الجهود القانونية الدولية المحاسبة إسرائيل، فرصة لدعم الدعوى المقدمة من جنوب إفريقيا أمام محكمة العدل الدولية وللضغط على المجتمع الدولي لتطبيق قوانين حماية المدنيين في النزاعات المسلحة بما فيهم الصحفيين والعاملين في الطواقم الطبية، والعمل على تطوير آليات الرصد وتوثيق الانتهاكات ضد العاملين في المجال الإعلامي والطبي.