نيويورك تايمز: مفاوضات مضنية وتحديات كبيرة سبقت إطلاق السجناء الأمريكيين الخمسة
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية تفاصيل جديدة عن اتفاق توصلت إليه الولايات المتحدة وإيران بوساطة سرية قطرية وخليجية لإطلاق سراح 5 أمريكيين مقابل إلغاء تجميد أموال لطهران، وإلغاء تجميد نحو 6 مليارات دولار من عائدات النفط الإيراني.
وأوضحت الصحيفة في تقرير مطول، أن قصة المفاوضات أطلعت عليها من قبل مسؤولين في الولايات المتحدة وإيران وقطر؛ وأقارب ومحامين لبعض السجناء؛ إضافة إلى ممثلي منظمات أخرى كان لديها إطلاع على المفاوضات السرية للإفراج عن المعتقلين لدى إيران.
ولفتت الصحيفة أن بداية العمل على الاتفاق كانت في وقت مبكر من عام 2021 بعد أسابيع من تولي الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه.
وذكرت الصحيفة أن إتمام الاتفاق سبقته مفاوضات مضنية مع الإيرانيين ومراحل صعبة وتحديات كبيرة، لكنه يظل في نهاية المطاف دليل على أن الخصوم اللدودين يمكن أن يجدوا في بعض الأحيان طريقهم للتوصل إلى اتفاق.
وأشارت الصحيفة إلى أن معانين بارزين للرئيس الأمريكي جو بايدن أبرموا اتفاقا مع طهران في 6 يونيو/حزيران لتحرير 4 أمريكيين من سجن سيء السمعة بالدولة الفارسية.
في مقابل إطلاق سراح السجناء الأربعة، ستقوم الولايات المتحدة بفك جميد 6 مليارات دولار من إيرادات النفط الإيرانية وتراجع تهم ضد الإيرانيين المتهمين بانتهاك العقوبات الأمريكية.
وأشارت الصحيفة إلى أن السلطات الإيرانية قامت بتجميع السجناء الأمريكيين وتحضريهم لمغادرتهم الوشيكة وتم إبلاغهم أن عودتهم إلى بلادهم ستكون في غضون 3 أيام.
لكن بعد يوم واحد من التوصل للاتفاق المذكور علم ضباط مكتب التحقيقات الفيدرالية أن إيران ضبطت مواطنة أمريكية متقاعدة من كاليفورنيا كانت تشارك بأعمال إغاثة في أفغانستان.
وفي غضون ذلك، لم يكن من الواضح إذا كان قرار احتجاز المواطنة الأمريكية قرارًا استراتيجيًا أم أنها وقعت ببساطة في براثن شبكة أمن إيرانية.
في كلتا الحالتين، شعر المسؤولون الأمريكيون بالغضب، ولم يكن هناك أي وسيلة تجعل بايدن قادر على التوقيع على اتفاق من شأنه أن يتركها المواطنة وراءه؛ ونتيجة لتلك التطورات انهارت الاتفاق، وأعادت إيران احتجاز السجناء الأمريكيين الأربعة، الذين كانوا يتوقعون عودة وشيكه لوطنهم في أي وقت.
وأوضحت الصحيفة أن انهيار الصفقة بين واشنطن وطهران، جاء قبل أسابيع من تمكن مسؤولون أمريكيون- كانوا لا يزالون يعملون سرا – بوضع المفاوضات على المسار الصحيح، بمساعدة من دبلوماسيين في عُمان وقطر والإمارات.
وذكرت الصحيفة أن الرئيس بايدن أعلن أخيرًا الاثنين أن الأمريكيين - بمن فيهم المواطنة - كانوا في طريقهم إلى المنزل، مشيرة إلى أن هذا الإعلان كان بمثابة تتويج لسنوات من المفاوضات الدقيقة ليس فقط على تحرير السجناء، ولكن أيضًا للجهود المبذولة لنزع فتيل التوترات مع إيران ومواجهة ما تعتبره الولايات المتحدة أنشطة إيرانية مزعزعة للاستقرار في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
الاتفاق النووي
ووفق مصادر نيويورك تايمز، أن العمل على إعادة المواطنين الأمريكيين من إيران بدأ في وقت مبكر من عام 2021، بعد أسابيع فقط من تولي السيد بايدن منصبه، مشيرة إلى أن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن ظل لعدة أشهر يحمل في جيبه أسماء المعتقلين.
وقالت الصحيفة إن بايدن ومستشاريه كانوا لديهم تصميم قوى على إطلاق سراح المعتقلين الأمريكيين بأي طريقة، لكن الولايات المتحدة وإيران كانتا في حاجة إلي إلى إيجاد طرق للحديث عن قضايا أوسع.
وطوال عام 2021 والنصف الأول من عام 2022، كانت واشنطن وطهران تأملان أن تتمكنا من إحياء الاتفاق النووي الذي أبرم في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، والذي حد من برنامج إيران النووي مقابل تخفيف العقوبات. وهو الاتفاق الذي تخلي عنه سلفه الرئيس السابق دونالد ترامب في 2018 وأعاد فرض العقوبات على الدولة الفارسية.
وذكرت الصحيفة أن مشاركة المسؤولون الأمريكيون والإيرانيون في محادثات غير مباشرة في فيينا، دفعت إدارة بايدن لإيجاد طريقة لإطلاق سراح الأمريكيين المسجونين، ولكن بحلول أغسطس/ آب من العام الماضي، انهارت تلك المحادثات تماما.
وكانت إيران تطرح مطالب بشأن برنامجها النووي لم يكن بوسع الولايات المتحدة قبولها، فقد قامت بزيادة تخصيب اليورانيوم بسرعة إلى 20%، ثم 60 %، وخزنت ما يتجاوز المستويات التي تمت الموافقة عليها في صفقة أوباما التي انسحب منها بايدن.
وأعقب ذلك، انحياز كبار المسؤولين الإيرانيين إلى جانب روسيا في غزوها لأوكرانيا، وظهرت تقارير عن بيع طائرات إيرانية بدون طيار إلى روسيا واستخدامها لاستهداف المدنيين.
وخلف الكواليس، أصبحت المناقشات حول إطلاق سراح الأمريكيين المسجونين متشابكة بشكل كبير مع الاتفاق النووي، المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة، وبالنسبة للمفاوضين من كلا الجانبين، وفي ظل انهيار مفاوضات الاتفاق النووي، بدا واضحا أن الولايات المتحدة لن توافق على صفقة مكلفة لتحرير السجناء.
صفقة منفصلة
وقال علي فايز، مدير شؤون إيران في مجموعة الأزمات الدولية، والذي كان على دراية بالمفاوضات إنه على مدار عام 2021 بأكمله ومعظم عام 2022، بدا أن الولايات المتحدة تفضل إدراج صفقة المعتقلين في اتفاق لاستعادة خطة العمل الشاملة المشتركة من الجانبين الأمريكي والإيراني.
وأضاف "لم يتم التفكير في صفقة قائمة بذاتها بشأن المحتجزين إلا في أواخر العام الماضي، عندما أُغلقت النافذة على الدبلوماسية النووية".
وذكرت الصحيفة أن إيران أرادت أن تكون قادرة على الوصول إلى 6 مليارات دولار من عائدات النفط التي كانت مجمدة بحسابات في كوريا الجنوبية، وهي غير قابلة للاستخدام تقريبًا بسبب مشاكل العملة، وطالب المفاوضون الإيرانيون بنقل الأموال بطريقة يمكنهم استخدامها.
في المقابل كانت الولايات المتحدة تصر على وجوب إيداع الأموال في حسابات مقيدة، مع ضوابط تجعل من المستحيل استخدامها في أي شيء آخر غير الغذاء أو الدواء أو الأجهزة الطبية أو الزراعة، وقد رفض الإيرانيون هذا الاقتراح بشكل قاطع.
وبعد شهر من هذه المواقف المتناقضة، في منتصف سبتمبر/أيلول، اندلعت احتجاجات على مستوى البلاد في جميع أنحاء إيران في أعقاب وفاة مهسا أميني أثناء احتجازها من قبل شرطة الأخلاق.
اقرأ أيضاً
«أصدقاء الشيطان»: العلاقات الأمريكية الإيرانية أبعد من مجرد اتفاقٍ نووي
وردت الحكومة الإيرانية باستخدام القوة الوحشية، وتصدرت هيمنت مشاهد إطلاق النار على الشباب وقتلهم وضربهم واعتقالهم على عناوين الأخبار في إيران.
وفي غضون ذلك، كثفت القوات الإيرانية هجماتها على القوات الأمريكية في سوريا، ونظم العديد من الإيرانيين الأمريكيين في الشتات احتجاجات في مدن عبر الولايات المتحدة وضغطوا على واشنطن لإنهاء جميع المفاوضات مع إيران ودعم الإيرانيين الذين يناضلون من أجل التغيير الديمقراطي.
وبحلول ذلك الوقت، كانت إيران قد اعتقلت أميركياً رابعاً، وهو رجل أعمال وعالم تم حجب هويته. وواصلت إدارة بايدن الضغط من أجل إطلاق سراحهم.
ولكن بحلول ربيع هذا العام، بدا التوصل إلى اتفاق بشأن أي شيء يتضمن تنازلات لإيران على بعد مليون ميل.
وساطة خليجية
في شهر مايو/ أيار، وصل دبلوماسيون أميركيون إلى عمان بجرعة كبيرة من الشك في وجود حلول.
وكانت إيران قد أرسلت عبر وسطاء رسالة مفادها أن طهران تريد خفض التوترات.
قبل أسابيع فقط، كان بايدن قد أمر الطائرات المقاتلة الأمريكية بمهاجمة مستودع ذخيرة في شرق سوريا مرتبط بأجهزة المخابرات الإيرانية.
واعتقدت إدارته أن الهجوم، الذي كان ردا مباشرا على تواطؤ إيران في مقتل أول مقاول أمريكي في سوريا منذ سنوات، قد أثار قلق الإيرانيين.
لكن المسؤولين الأمريكيين، بمن فيهم بريت ماكجورك، الدبلوماسي المخضرم في الشرق الأوسط، كانوا متشككين في جدية إيران.
اجتمع ماكجورك وفريقه الأمريكي في إحدى غرف فندق في مسقط، واجتمع الوفد الإيراني برئاسة نائب وزير الخارجية علي باقري كاني في مكان آخر.
ولساعات، كان الوسطاء العمانيون يتنقلون ذهابًا وإيابًا بين المجموعتين، حيث كان بإمكانهم رؤية بعضهم البعض من خلال النوافذ.
وكانت الرسالة من جانب السيد ماكجورك بسيطة: إذا أرادت إيران الحد من التوترات، وربما حتى استئناف المناقشات حول البرنامج النووي للبلاد، فعليها أن تتوقف عن مهاجمة القوات الأمريكية، وإطلاق سراح الأمريكيين الأربعة لديها.
ومن خلال النوافذ، تمكن السيد ماكجورك من رؤية الإيرانيين وهم يتجادلون، في إشارة إلى أنه لم يكن هناك إجماع تقريبًا.
لكن وفقا للصحيفة فإن الرسائل التي أعادها الوسطاء العمانيون تضمنت مفاجأة، إذ أراد الإيرانيون الحصول على تنازلات بشأن تخفيف تطبيق العقوبات على مبيعات النفط، وقالوا إنهم على استعداد للنظر في المطالب الأمريكية بعملية تبادل من شأنها إطلاق سراح الأمريكيين المسجونين.
وفي غضون أسابيع، تم الترتيب لمزيد من المحادثات في دولة قطر، والتي كانت تحاول لسنوات المساعدة في التوسط في إطلاق سراح الأمريكيين.
وقال جيس جوريشي، المحلل السياسي في إيران الذي يقدم المشورة لوزير خارجيتها: "قررت إيران أنه إذا لم يكن من الممكن التوصل إلى اتفاق نووي مع الولايات المتحدة، فعليها حل مشاكلها الأصغر مثل تبادل السجناء وخفض التوترات في المنطقة".
وأضاف: "كان النهج هو أننا إذا قمنا بفك بعض العقد في نهاية المطاف، فقد يؤدي ذلك إلى انفتاح أكبر، وتخفيف العقوبات، والتوصل إلى اتفاق نووي وما شابه ذلك".
وفي 6 يونيو/حزيران، وبينما كان القطريون بمثابة الوسيط في الدوحة، توصل المسؤولون الأمريكيون والإيرانيون إلى اتفاق مكتوب.
وبموجب الاتفاق سيتم إطلاق سراح الأمريكيين، وستسمح الولايات المتحدة لإيران بشراء السلع الإنسانية باستخدام 6 مليارات دولار من أرباحها من مبيعات النفط التي كانت عالقة في البنوك في كوريا الجنوبية. كما ستسقط الولايات المتحدة التهم الموجهة إلى خمسة إيرانيين متهمين بانتهاك العقوبات الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أنه بالنسبة لماكغورك وآخرين في البيت الأبيض وفي وزارة الخارجية، كانت موجة الدبلوماسية في عمان وقطر في ربيع هذا العام بمثابة لحظة أمل. ربما كانت هناك فرصة لإعادة الأمريكيين إلى وطنهم بعد كل شيء.
تأخير أخير
وذكرت الصحيفة أن اعتقال إيران للمواطنة الأمريكية الخامسة في أفغانستان قضى على أي أمل في التوصل إلى حل سريع.
وعلى مدار أسابيع حاول ماكجورك وآخرون في الولايات المتحدة إحياء الاتفاقية التي وقعوا عليها في السادس من يونيو.
وأضافت أنه من خلال العمل من خلال وسطاء مرة أخرى، أوضح المسؤولون الأمريكيون أن الطريقة الوحيدة للمضي قدمًا في الصفقة هي إطلاق سراحها أيضًا. وقد استغرق الأمر بعض الوقت لتسوية الوضع، وفقا لمسؤولين أمريكيين تحدثوا للصحيفة.
لكن بمجرد موافقة الإيرانيين على مطلب إطلاق سراح السجناء الخمسة، وصلت المفاوضات إلى نقطة تحول.
وفي أوائل أغسطس/ آب، بعد زيارة قام بها محمد الخليفي، وزير الدولة القطري، إلى طهران، توصل الجانبان إلى اتفاق نهائي يحدد الشروط، بما في ذلك تبادل الأسرى وآلية تحويل الأموال.
وفي الفندق الذي كانوا فيه قيد الإقامة الجبرية، كان السجناء الأمريكيون الخمسة على استعداد أيضًا للمغادرة إلى المطار، حيث انتظرتهم طائرة قطرية تنقلهم إلى الدوحة ومن ثم تقوم بلادهم بإعادتهم لوطنهم.
لكن ثمة تأخير أخر لعملية إطلاق سراحهم، إذ زعم المسؤولون في إيران أن الأموال القادمة من كوريا الجنوبية لم تصل جميعها إلى الحساب المصرفي في قطر، وأنهم لن يسمحوا للأمريكيين المحتجزين بالمغادرة إذا لم يتم تحديد مصير الأموال وظل الجميع لأكثر من ساعتين قيد الانتظار.
وفي نيويورك، حيث وصل الرئيس ومساعدوه لحضور الجمعية العامة للأمم المتحدة المقبلة، كان مسؤولو الأمن القومي ينتظرون بفارغ الصبر، وعندما أكد المسؤولون الإيرانيون أنهم راضون عن وصول الأموال، استقل الأمريكيون السيارات في رحلة تستغرق 40 دقيقة بالسيارة إلى مطار طهران.
وفي الساعة الخامسة والنصف من صباح الثلاثاء، وبعد توقف قصير في الدوحة، نزل الأمريكيون من الطائرة في قاعدة عسكرية في شمال فيرجينيا، وهم أحرار للمرة الأولى منذ اعتقالهم.
اقرأ أيضاً
اتفاق«تركي-أمريكي» على تدريب المعارضة السورية المعتدلة بتركيا
المصدر | نيويورك تايمز- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: إيران اتفاق تبادل السجناء المسؤولون الأمریکیون الولایات المتحدة ملیارات دولار من الاتفاق النووی نیویورک تایمز التوصل إلى إلى اتفاق فی غضون من خلال عام 2021 إلى أن لم یکن
إقرأ أيضاً:
"فاينانشيال تايمز": فوز ترامب بالرئاسة الأمريكية يهدد بإرباك مبادرات مجموعة العشرين
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة يهدد المبادرات الدولية بشأن تغير المناخ والضرائب، بينما يكافح الدبلوماسيون من أغنى دول العالم للحفاظ على إجماع هش عشية قمة مجموعة العشرين في البرازيل.
وقال أشخاص مطلعون على المفاوضات -في تصريحات لصحيفة "فاينانشال تايمز"- إن الأرجنتين ورئيسها خافيير ميلي -الحليف الوثيق لترامب- هددا بعرقلة بيان مشترك من المقرر أن يتبناه زعماء مجموعة العشرين في اجتماع ريو دي جانيرو الذي يبدأ غدًا الاثنين، بسبب الاعتراضات ذات الصلة بفرض الضرائب على الأثرياء والمساواة بين الجنسين.
وقال الأشخاص إن الدبلوماسيين كانوا يتسابقون للوصول إلى إجماع نهائي بشأن البيانات المتعلقة بتمويل المناخ والقضايا الجيوسياسية مثل العمليات العسكرية الروسية في أوكرانيا، مع بدء وصول الزعماء إلى المدينة البرازيلية.
وأضاف المفاوضون من الدول العشرين المشاركة، بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، أن نصًا توافقيًا تم تداوله للموافقة الأولية مساء اليوم الأحد، ولكن لم يكن من الواضح ما إذا كانت جميع الدول ستوافق عليه في نهاية المطاف، وقال أحد الأشخاص المطلعين على المحادثات إن المسؤولين البرازيليين كانوا يتوقعون مفاوضات ثنائية مع الوفد الأرجنتيني.
وأشارت الصحيفة -من جانبها- إلى أن الجهود الحثيثة للاتفاق على مقدار ما ينبغي للدول النامية أن تساهم به في الجهود المالية لمكافحة الانحباس الحراري العالمي يعكس وضع المفاوضات في مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP29) الذي عقد في باكو عاصمة أذربيجان.
وأضافت "فاينانشيال تايمز" أن موقف رئيس الأرجنتين خافيير ميلي أدى إلى زيادة مخاوف العديد من الدبلوماسيين الغربيين الذين يخشون أن يشجع انتخاب ترامب حلفاءه المحافظين ويشعل شرارة هجرة البلدان من الاتفاقيات الطموحة بشأن قضايا مثل الاحتباس الحراري العالمي، وتعهد ترامب بسحب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ.
ونسبت الصحيفة إلى أحد المسؤولين البرازيليين قوله: "تريد (الحكومة الأرجنتينية) أن تجعل من قمة العشرين في البرازيل اختبارًا بين القوى القديمة والجديدة، فبعد عام من المفاوضات بشأن الضرائب والإجماع، يختلقون مشاكل بشأن أشياء قبلوها من قبل".
وجاءت معارضة الأرجنتين للبيان الأولي الذي أعده ممثلو الزعماء في المدينة البرازيلية في أعقاب اجتماع ميلي مع ترامب في فلوريدا يوم الخميس الماضي، في أول اجتماع للرئيس المنتخب للولايات المتحدة مع زعيم أجنبي منذ فوزه في الانتخابات.
وتعد قمة ريو دي جانيرو -حيث سيعقد الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا مناقشات تركز على مكافحة الفقر وإصلاح الحكم في المؤسسات الدولية والمناخ- هي أول تجمع لقادة من أقوى دول العالم منذ التصويت الأمريكي، بعد أن غاب العديد عن قمة المناخ.
وقال مسؤول أوروبي مشارك في مفاوضات البيان الختامي: "من المفترض أن نجلس جميعًا هناك ونتحدث عن مستقبل التعاون العالمي ونتظاهر بأنه هذا الرجل ليس في طريقه (إلى البيت الأبيض) وهو لا يكترث، فمن الصعوبة بمكان أن نرى كيف يمكن لأي شيء يتم اتخاذه (هنا) أن يكون له مستقبل كبير".
وقال إيان ليسر، وهو زميل بارز في صندوق مارشال الألماني: "إن نوعية القضايا التي وضعتها البرازيل على جدول الأعمال هي على وجه التحديد النوع من القضايا التي قد تكون الأكثر عرضة للخطر، ففي ظل إدارة ترامب، هذه الأنواع من المنظمات المتعددة الأطراف تجسد بالضبط نوع الهياكل التي لا يحبها الرئيس المنتخب ترامب وفريقه".
وتابع المسؤولون أن ميلي عارض أيضًا الإشارة إلى اتفاق باريس والالتزام بـ"البقاء متحدين في السعي لتحقيق أهداف الاتفاق"، وكانت الإشارة إلى أجندة الولايات المتحدة 2030 بشأن التنمية المستدامة نقطة أخرى من نقاط المقاومة الأرجنتينية، فقد سحب الزعيم الأرجنتيني فريقه من المفاوضين من قمة المناخ الأخيرة، في اليوم التالي لمكالمته الهاتفية مع ترامب.
ويوم أمس السبت، كتب الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل رسالة يدعو فيها زعماء مجموعة العشرين إلى "إرسال إشارات عالمية واضحة للغاية"، حيث كافح المفاوضون في قمة أذربيجان لإحراز تقدم في التوصل إلى اتفاق لجمع المزيد من الأموال العالمية لتمويل المناخ.