التقنيات المتطورة تُعيد صياغة المشهد الإعلامي
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
تشهد صناعة الإعلام على مستوى العالم تحولاً جذرياً يعتمد على توظيف التقنيات الحديثة والمتطورة في تقديم المحتوى الإعلامي والذي بات يرسي قواعد جديدة للعمل الإعلامي من شأنها أن تعيد صياغة المشهد الإعلامي.
وشكل التطور التكنولوجي المتسارع قاطرة تطوير قطاع الإعلام بما أحدثه من تغييرات جذرية في مناهج وأساليب العمل والإنتاج الإعلامي والذي أسهم في فتح نوافذ أكثر تطورا تتيح فرصا غير محدودة للإبداع الإنساني في مجالات صناعة الإعلام.
ولعل من أبرز التطورات التقنية والتكنولوجية التي شهدها قطاع الإعلام الوطني ، النشر الرقمي والصحافة عبر الإنترنت وعبر الهواتف الذكية، استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الواقع الافتراضي والمعزز في تقديم القصص الإخبارية إضافة إلى البودكاست والبث المباشر وصحافة البيانات وتكنولوجيا البلوكشين ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من الابتكارات التي أسهمت في تعزيز المشهد الإعلامي على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
وشهدت السنوات الأخيرة، تزايد دور المنصات الرقمية، حيث بلغ عدد المشتركين لأكبر 3 منصات رقمية حول العالم نحو 1.1 مليار شخص، بالمقارنة مع عدد يقل عن 400 مليون مشترك في عام 2016.
ومع هذه الأرقام ، تزايد حجم الاستثمار في سوق التحليل البياني لوسائل الإعلام، حيث وصل إلى 2.2 مليار دولار، فيما بلغت إيرادات سوق الواقع الافتراضي والواقع المعزز نحو 13.4 مليار دولار أمريكي.
ومع التأثيرات التقنية على القطاع الإعلامي، تبرز مكانة الكونغرس العالمي للإعلام كمنصة مثالية تتيح التواصل مع نخبة عالمية من قادة الفكر في القطاع والتعرف على أحدث التوجهات وتعزيز التعاون المشترك لبلورة أفكار جديدة ومبتكرة ورسم ملامح مستقبل القطاع الإعلامي وذلك في إطار ما يشهده القطاع من تغييرات متسارعة تدفع المؤسسات الإعلامية إلى مواكبتها لضمان تحقيق أعلى مستويات النمو والازدهار.
وخلال الدورة الماضية، أطلق الكونغرس العالمي للإعلام “منصة الابتكار” التي تستضيف مجموعة من أبرز الشركات الناشئة على مستوى العالم في مجالات التكنولوجيا، والإعلام وصناعة المحتوى لتستعرض منتجاتها وخدماتها أمام أهمّ الجهات والمؤسسات في قطاع الإعلام العالمي، لتسليط الضوء على أحدث الابتكارات والتطورات التقنية التي يشهدها قطاع الإعلام على مستوى العالم.
الجدير بالذكر أن الكونغرس العالمي للإعلام 2023 يوفر منصة عالمية مهمة للمؤسَّسات الإعلامية الوطنية والإقليمية والعالمية، لاستشراف مستقبل قطاع الإعلام العالمي ودوره المحوري في دفع مسيرات التنمية المستدامة على مستوى العالم، إضافة إلى إتاحة الفرصة لتعزيز التعاون وعقد الشراكات الإعلامية التي تعزِّز تطوُّر قطاع الإعلام واستدامته، وتقديمه محتوى موثوقاً ومتجدِّداً ومتنوِّعاً يواكب التطوُّر التقني المتسارع الذي يشهده العالم.وام
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
ضياء الدين بلال يكتب: القوة الخفية التي هزمت حميدتي (2-2)
سألني كثيرون عن عدم ذكر شرائح مجتمعية مهمة كان لها إسهام كبير في هزيمة مشروع حميدتي الانقلابي.
لكن القائمة التي أوردتها لم تكن حصرية لمصادر القوة الخفية الناعمة في الدولة السودانية، بل كانت مجرد نماذج، دون أن يعني ذلك امتيازها على الآخرين.
بدأت أشعر بالقلق من أن معارك جديدة ستنشب بعد الحرب الحالية، محورها: من صنع النصر؟ ومن كانت له اليد العليا فيه؟!
لا شك أن هناك من لعبوا أدوارًا مركزية في هزيمة مشروع الميليشيا بعيدًا عن الأضواء، وسيأتي ذكرهم في يوم ما.
بعض الأصدقاء والقراء لاموني على عدم ذكر مشاركة السلفيين وجماعة أنصار السنة، وآخرون تساءلوا عن عدم الإشارة إلى دور الشعراء وكبار المغنيين، مثل الرمز والقامة عاطف السماني.
أما اللوم الأكبر فجاء من عدد كبير من القراء، بسبب عدم التطرق لدور الإعلاميين، لا سيما في الفضائيات ووسائل التواصل الاجتماعي.
نعم، لم تكن الحرب التي اندلعت في السودان يوم 15 أبريل 2023 مجرد مواجهة عسكرية تقليدية بين جيش نظامي ومجموعة متمردة، بل كانت حربًا شاملة استهدفت الدولة والمجتمع معًا.
فبينما كانت الرصاصات والقذائف تحصد الأرواح، كانت هناك معركة أخرى، لا تقل ضراوة، تدور في ميدان الوعي والمعلومات، حيث لعب الإعلام الوطني الحر دورًا محوريًا في التصدي لهذا المشروع الغاشم.
في بدايات الحرب، أصيبت مؤسسات الدولة بالشلل، وغابت الأجهزة التنفيذية والإعلام الرسمي.
أما القوات المسلحة، فكانت محاصرة بين الهجمات الغادرة ومحاولات التمرد فرض واقع جديد بقوة السلاح.
وفي تلك اللحظة الحرجة، برز الإعلام كسلاح أمضى وأشد فتكًا من المدافع، يخوض معركة الوعي ضد التزييف والخداع، ويقاتل بالحجة والمنطق لكشف الحقائق ودحض الأكاذيب.
راهن المتمردون ومناصروهم على التلاعب بالسردية الإعلامية، فملأوا الفضاء الرقمي بالدعاية والتضليل، محاولين قلب الحقائق وتقديم أنفسهم كقوة منتصرة تحمل رسالة الحرية والديمقراطية.
لكن الإعلام الوطني الحر كان لهم بالمرصاد، فكشف فظائعهم، وفضح انتهاكاتهم، وعرّى أكاذيبهم.
لم تعد جرائمهم مجرد روايات ظنية مبعثرة، بل حقائق موثقة بالصوت والصورة، شاهدة على مشروعهم القائم على النهب والدمار وإشاعة الفوضى.
لم يكتفِ الإعلام بتعرية التمرد، بل حمل لواء المقاومة الشعبية، فكان منبرًا لتحفيز السودانيين على الصمود، وحشد الطاقات، وبث روح الأمل.
اجتهد الإعلام الوطني في رفع معنويات الجيش، مؤكدًا أن هذه ليست نهاية السودان، وأن القوات المسلحة ستنهض مهما تكالبت عليها المحن، وأن الشعب ليس متفرجًا، بل شريك أصيل في الدفاع عن وطنه.
لم يكن هذا مجرد تفاعل إعلامي عابر، بل كان إعادة تشكيل للوعي الجمعي، وصناعة رأي عام مقاوم يحمي السودان من السقوط في مستنقع الفوضى.
ومع مرور الوقت، استعاد الجيش أنفاسه، وعاد أكثر تنظيمًا وقوة، والتحم بالمقاومة الشعبية التي بشّر بها الإعلام.
وهكذا، تحولت الحرب من مواجهة بين جيش ومتمردين إلى معركة وطنية كبرى ضد مشروع تدميري عابر للحدود.
لقد أثبت الإعلام الوطني أن الكلمة الصادقة، حين تكون في معركة عادلة، تملك من القوة ما يعادل ألف طلقة، وأن الوعي، حين يُدار بذكاء وصدق، يصبح درعًا لا يخترقه التضليل، وسيفًا يقطع أوهام الباطل من جذورها.
هكذا انتصر السودان في معركة الوعي، وهكذا هُزم التمرد قبل أن يُهزم في ميادين القتال.
ضياء الدين بلال
إنضم لقناة النيلين على واتساب