لماذا تواصل أوكرانيا قصف شبه جزيرة القرم؟
تاريخ النشر: 23rd, September 2023 GMT
يواصل الجيش الأوكراني قصف شبه جزيرة القرم الخاضعة لسيطرة روسيا، وذلك في محاولة منه لإضعاف القدرات العسكرية الروسية من جهة والتأكيد على أنها أراض أوكرانية لن يتم التنازل عنها بالتقادم من جهة أخرى.
وفي هذا السياق أعلنت وزارة الدفاع الروسية يوم الجمعة تضرر المقر التاريخي لمقر أسطولها في البحر الأسود جراء هجوم صاروخي شنته أوكرانيا على مدينة سيفاستوبول غربي شبه جزيرة القرم.
وبحسب وزارة الدفاع الروسية فإن الهجوم الصاروخي الأوكراني أودى بحياة جندي، وتمكنت الدفاعات الجوية من إسقاط 5 صواريخ، بحسب تأكيد الوزارة.
ومن الناحية العسكرية، يؤكد الاستهداف الأوكراني الواضح لشبه جزيرة القرم -التي سيطرت عليها موسكو عام 2014- أهميتها للروس، فمن خلالها تتمكن القوات الروسية من شن هجوم بري على المناطق الجنوبية من أوكرانيا، ومنها أيضا تنطلق الهجمات الجوية على العمق الأوكراني.
ومن هذا المنطلق، يرى الأوكرانيون شبه جزيرة القرم هدفا مهما للغاية من الناحية العسكرية، أما من الناحية السياسية، فإن كييف تسعى للتأكيد على أنها أرض أوكرانية لا يمكن التنازل عنها بالتقادم.
ووفقا للمنظور السياسي، تبحث كييف عن دعم عسكري غربي، حيث يناقش الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع الكونجرس الأميركي ومسؤولي إدارة الرئيس جو بايدن السياسيين والعسكريين طلب تقديم دعم يقلب موازين الحرب.
وفي حين يبدو أن استهداف القرم المتواصل لن ينهي الحرب، إلا أنه قد يحقق للأوكرانيين ما يبحثون عنه من إضعاف القدرات العسكرية الروسية في الجبهة الجنوبية بعد أكثر من 600 يوم من القتال.
ويمثل مقر أسطول البحر الأسود الذي استهدفته كييف موقعا إستراتيجيا بالنسبة لموسكو، وهو عبارة عن وحدة فرعية ضخمة في البحرية الروسية، ويمتد نطاق عملياته من البحر الأسود إلى البحر الأبيض المتوسط.
وترسو سفن الأسطول في عدة موانئ على البحر الأسود وبحر أزوف وتوكل إليه مهمة تأمين حدود روسيا الجنوبية، وهو يضم غواصات وسفنا قادرة على العمل في البحار البعيدة والقريبة.
كما يضم الأسطول مقاتلات وطائرات حاملة للصواريخ وأخرى مخصصة لمكافحة الغواصات، بالإضافة إلى وحدات قوة خفر السواحل.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: شبه جزیرة القرم البحر الأسود
إقرأ أيضاً:
هل تستطيع أوروبا تعويض كييف المعدات العسكرية التي أوقفتها واشنطن.. خبراء يجيبون
لا شك أن تجميد المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا لفترة طويلة سيكون له تأثير كبير في المجالات التي يصعب على الأوروبيين التعويض عنها، لكن بعض المجالات أسهل من غيرها مثل القذائف، وفقا لخبراء.
يرى معهد كيل الألماني أن الولايات المتحدة قدمت بمفردها نحو نصف قيمة المساعدات العسكرية لأوكرانيا في الفترة من 2022 إلى 2024. ويقول مصدر عسكري أوروبي لوكالة "فرانس برس" إن جزءا من المساعدات سُلم بالفعل، ولكن إذا لم يشهد الوضع على الجبهة تحولا في مواجهة الروس "فسيكون الأمر معقدا في أيار/ مايو وحزيران/ يونيو، بدون مساعدات جديدة" بالنسبة للأوكرانيين.
ويقول المحلل الأوكراني فولوديمير فيسينكو: "إذا أخذنا في الحسبان ما تم تسليمه وما لدينا وما ننتجه، فإننا قادرون على دعم المجهود الحربي لستة أشهر على الأقل من دون تغيير طبيعة الحرب بشكل كبير".
ويرى يوهان ميشال، الباحث في جامعة ليون 3، أن "في معادلة حرب الاستنزاف أنت تضحي إما بالرجال أو بالأرض أو بالذخيرة. وإذا نفدت ذخيرتك، فإنك إما أن تنسحب أو تضحي بالرجال".
في ما يلي أربعة مجالات عسكرية قد تتأثر بتعليق المساعدات الأمريكية:
الدفاع المضاد للطائرات
تتعرض أوكرانيا باستمرار لوابل من الصواريخ والمُسيَّرات ضد مدنها وبلداتها أو بنيتها التحتية. تؤدي هذه الهجمات الكبيرة إلى إنهاك الدفاعات الأوكرانية وإجبارها على استخدام كميات كبيرة من الذخيرة.
بعيدا عن خط المواجهة، تمتلك أوكرانيا سبعة أنظمة باتريوت أمريكية حصلت عليها من الولايات المتحدة وألمانيا ورومانيا، ونظامين أوروبيين من طراز "SAMP/T" حصلت عليهما من روما وباريس لتنفيذ عمليات اعتراض على ارتفاعات عالية. ولدى كييف قدراتها الخاصة وحصلت على أنظمة أخرى تعمل على مدى أقل.
يقول الباحث الأوكراني ميخايلو ساموس، مدير شبكة أبحاث الجغرافيا السياسية الجديدة، وهي مؤسسة بحثية في كييف، إن "الصواريخ البالستية مهمة جدا لحماية مدننا، وليس قواتنا. لذا فإن ترامب سيساعد بوتين على قتل المدنيين".
ويشرح ليو بيريا-بينييه من مركز إيفري الفرنسي للأبحاث "مع الباتريوت، كما هي الحال مع جميع الأنظمة الأمريكية، لدينا مشكلتان، مشكلة الذخائر ومشكلة قطع الغيار للصيانة. في ما يخص قطع الغيار، هل سنتمكن من شرائها من الأمريكيين وتسليمها للأوكرانيين أم أن الأمريكيين سيعارضون ذلك؟ لا نعلم".
لتوفير ذخائر الباتريوت، تقوم ألمانيا ببناء أول مصنع لها خارج الولايات المتحدة، ولكن من غير المتوقع أن يبدأ الإنتاج قبل عام 2027. وسوف تجد أوروبا صعوبة في تعويض أي نقص في هذا المجال.
ويقول ميشال: "إن أوروبا تعاني من بعض القصور في هذا المجال؛ فأنظمة "SAMP/T" جيدة جدا ولكنها ليست متنقلة، ويتم إنتاجها بأعداد صغيرة جدا. لابد من زيادة الإنتاج، حتى ولو كان ذلك يعني تصنيعها في أماكن أخرى غير فرنسا وإيطاليا". لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت. ويؤكد بيريا-بينييه أن "العملية كان ينبغي أن تبدأ قبل عامين".
ويضيف يوهان ميشال: "إن إحدى طرق التعويض تتمثل في توفير مزيد من الطائرات المقاتلة لتنفيذ عمليات اعتراض جوي وصد القاذفات الروسية التي تضرب أوكرانيا"، فالأوروبيون زودوا أوكرانيا بطائرات "إف-16" و"ميراج 2000-5"، ولديهم مجال لزيادة جهودهم في هذا المجال.
ضربات في العمق
يمكن للمعدات الأمريكية توجيه ضربات من مسافة بعيدة خلف خط المواجهة، وهو ما يجعلها بالغة الأهمية بفضل صواريخ "أتاكمس أرض-أرض" التي تطلقها راجمات "هايمارز" التي أعطت واشنطن نحو أربعين منها لأوكرانيا.
ويشير ميشال إلى أنها "إحدى المنصات القليلة في أوروبا".
ويقول بيريا-بينييه: "إن أولئك الذين يملكونها يبدون مترددين في التخلي عنها، مثل اليونانيين". ويقترح ميشال أن "هناك أنظمة تشيكية، ولكنها أقل شأنا. يتعين على الأوروبيين أن يطوروا بسرعة أنظمة خاصة بهم، أو إذا كانوا غير قادرين على ذلك، أن يشتروا أنظمة كورية جنوبية".
ويشير ساموس إلى أن هناك إمكانية لتوجيه ضربات عميقة من الجو، ولدى "الأوروبيين والأوكرانيين الوسائل التي تمكنهم من ذلك"، مثل صواريخ "سكالب" الفرنسية، و"ستورم شادو" البريطانية.
ولكن بيريا-بينييه يشير إلى أن "المشكلة هي أننا لسنا متأكدين على الإطلاق من أن هناك أوامر أخرى صدرت بعد تلك التي أُعلن عنها".
القذائف المدفعية والأنظمة المضادة للدبابات
في هذا المجال، الأوروبيون في وضع أفضل.
يقول ميشال: "ربما يكون مجال الأسلحة المضادة للدبابات هو الذي طور فيه الأوكرانيون أنظمتهم الخاصة. فالصواريخ، مثل صواريخ جافلين الشهيرة التي زودتهم بها الولايات المتحدة، تكمل أنظمة المُسيَّرات "FPV" بشكل جيد".
وفي ما يتعلق بالمدفعية، يشير بيريا-بينييه إلى أن "أوروبا حققت زيادة حقيقية في القدرة الإنتاجية، وأوكرانيا في وضع أقل سوءا".
في أوروبا، تسارعت وتيرة إنتاج القذائف وتسليمها إلى أوكرانيا، ويخطط الاتحاد الأوروبي لإنتاج قذائف عيار 155 ملم بمعدل 1,5 مليون وحدة بحلول عام 2025، وهذا يزيد عن 1,2 مليون وحدة تنتجها الولايات المتحدة.
الاستطلاع/الاستعلام
تشتد الحاجة إلى الولايات المتحدة في هذا المجال الأساسي بفضل أقمارها الاصطناعية وطائراتها ومُسيَّراتها التي تقوم بجمع المعلومات ومعالجتها.
ويقول فيسينكو: "من المهم جدا أن نستمر في تلقي صور الأقمار الاصطناعية".
ويشير ميشال إلى أن "الأوروبيين لديهم بعض الأدوات، ولكنها ليست بالحجم نفسه على الإطلاق، والعديد منهم يعتمدون بشكل كامل على الولايات المتحدة في هذا المجال".