في خطوة تضاف إلى محاولات كسر العزلة الدبلوماسية عن الحكومة السورية، يشارك الرئيس السوري بشار الأسد بافتتاح دورة الألعاب الآسيوية السبت.

والتقى الأسد الرئيس الصيني شي جينبينغ في هانغجو شرق البلاد، حيث تنظّم الألعاب، وذلك في أول زيارة للرئيس السوري إلى الدولة الحليفة منذ عام 2004.

وقالت وكالة الأنباء الرسمية السورية “سانا” إن زيارة الأسد إلى هانغجو تضمنت توقيع ثلاث وثائق تعاون، منها مذكرة تفاهم تتعلق بالتعاون في إطار مبادرة “الحزام والطريق”.

ومبادرة “الحزام والطريق” أو “طرق الحرير الجديدة”، مشروع صيني ضخم لإقامة سكك حديد وبنى تحتية تربط الصين بآسيا وأوروبا وإفريقيا، وستمرّ عبر عدة دول. وكانت سوريا انضمت إلى هذه المبادرة العام الماضي.

وأعلن الرئيس الصيني شي جينبينغ خلال لقائه نظيره السوري الجمعة، أنّ الصين وسوريا أقامتا “شراكة استراتيجية”.

الصين ثالث دولة غير عربية يزورها الأسد منذ اندلاع النزاع المسلح المدمّر في بلاده، عام 2011.

وأجرى الأسد زيارة رسمية إلى روسيا في مارس/ آذار الماضي، حيث استقبل بحفاوة كبيرة، سبقتها اجتماعات مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا تندرج في إطار زيارات الدولة.

وفي أبريل/ نيسان 2022، التقى الأسد المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي، والرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي، في زيارة إلى إيران وصفت بأنها “نادرة”.

وتعدّ روسيا وإيران أبرز حليفتين للنظام السوري، وكان لهما دور عسكري مفصلي خلال الحرب.

ورغم حلفها مع الأسد، إلا أن الصين لم تشارك في دعمه عسكرياً، لكنها استخدمت حق النقد الفيتو لإعاقة تمرير قرارات ضده في مجلس الأمن.

كذلك، شهد العام الحالي استئناف دمشق علاقتها مع دول عربية عدة على رأسها السعودية، واستعادة مقعدها في جامعة الدول العربية ثم مشاركة الأسد بالقمة العربية في جدّة في أيار/مايو للمرة الأولى منذ أكثر من 12 عاماً.

على المقلب الآخر، لعبت الصين عبر قنواتها الدبلوماسية دوراً مهماً في استئناف العلاقات بين السعودية وإيران، في مارس/آذار الماضي، وسجل ذلك كانتصار سياسي لبكين، في مواجهة الدور الأمريكي.

ويرى محللون أن استقبال الصين للرئيس السوري خلال افتتاح دورة الألعاب الآسيوية، يعدّ خطوة مهمة في كسر الأسد الدبلوماسية، بعد سنوات من النزاع المدمّر.

يندرج ذلك ضمن سلسلة زيارات شهدتها الصين خلال العام الحالي، لرؤساء تعزلهم الولايات المتحدة دولياً. إذ سبق الأسد إليها، الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، والإيراني ابراهيم رئيسي، والبيلاروسي ألكسندر لوكاشنكو.

وأعلن الكرملين الأربعاء أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سيزور الصين أيضاً في تشرين الأول/أكتوبر، في وقت تواجه موسكو غضباً غربياً جراء حربها في أوكرانيا.

وقال المحلّل السياسي السوري أسامة دنورة لوكالة فرانس برس: “هذه الزيارة تمثّل كسراً لنطاق مهم من العزل الدبلوماسي والحصار السياسي المفروض على سوريا”.

وقالت الباحثة لينا الخطيب، مديرة معهد الشرق الأوسط في كلية الدراسات الشرقية والإفريقية التابعة لجامعة لندن، إن الأسد يحاول من خلال زيارته إلى الصين إيصال رسالة حول بدء “الشرعنة الدولية” لنظامه.

ولكن بعض المحللين يرون أن بكين قد لا تكون “ملتزمة بما فيه الكفاية للضغط من أجل رفع العقوبات عن النظام السوري”، بحسب ماتيو ليغرنزي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة البندقية الذي تحدث إلى وكالة رويترز.

ويرى ليغرنزي أن “الدور الصيني في الشرق الأوسط يميل إلى لعب دور من دون الانحياز إلى طرف دون الآخر”.

وكانت وكالة الأنباء الرسمية الصينية “شينخوا” قد نشرت مقابلة مع وزير الخارجية السوري فيصل مقداد في 21 سبتمبر/ أيلول الماضي، قال فيها إن الولايات “نهبت النفط والغاز الطبيعي وموارد أخرى من سوريا، مسببة خسائر بقيمة 115 مليار دولار”.

من جانبها، نشرت صحيفة “غلوبل تايمز” الصينية تعليقاً للباحث تيان وينلين من كلية العلاقات الدولية في جامعة رنمين الصينية قال فيه إن الولايات المتحدة لعبت الدور الأكبر في تدهور “سوريا من الاستقرار إلى الفوضى”. وقارن ذلك بالصين التي تدعو باستمرار إلى الحوار السلمي وتعارض “التدخل الأجنبي”.

تصاعدت خلال الفترة الأخيرة احتجاجات شعبية في عدد من المناطق السورية، وتركزت في محافظة السويداء جنوب البلاد، تحت شعارات اقتصادية معيشية، إلى جانب مطالبات بإسقاط النظام.

كذلك يواجه النظام في الداخل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، بعد سنوات من الحرب التي دمّرت البلاد، وتراجع قيمة الليرة السورية، وانهيار قيمة الرواتب، والحاجة إلى إعادة إعمار البنى التحتية.

ويرى محللون أن زيارة الأسد إلى الصين تأتي في إطار البحث عن دعم مادي جدّي لإعادة إحياء عجلة الاقتصاد في سوريا، في ظلّ العقوبات.

ويعدّ انضمام سوريا إلى مبادرة “الحزام والطريق” مؤشراً على إمكانية تنفيذ مشاريع صينية حيوية، خصوصاً أنها تقع بين العراق وتركيا، ما يجعلها ممراً حيوياً للطرق البرية نحو أوروبا.

فالعراق مصدّر أساسي للنفط إلى الصين، وتركيا هي نهاية الممرات الاقتصادية الممتدة عبر آسيا إلى أوروبا.

وتأتي زيارة الرئيس السوري إلى الصين بعد الإعلان عن الممر الاقتصادي من الهند إلى أوروبا عبر الخليج وميناء حيفا واليونان وصولاً إلى ألمانيا، في وقت تسعى بكين لتعزيز حضورها في الشرق الأوسط، وأفريقيا.

ولكن أي مشاريع صينية في سوريا، ستصطدم بالعقوبات الأمريكية، وقانون قيصر.

ويشكك بعض المحللين في أن تنفذ الشراكات الاستراتيجية والاقتصادية التي قد يعلن عنها على أرض الواقع، نظراً للوضع الأمني غير المستقر في سوريا، والحالة الاقتصادية المتهالكة.

وكانت شركات صينية قد استثمرت مبالغ طائلة في مشاريع داخل سوريا قبل اندلاع الحرب، إذ استثمرت شركتا “سينوبك” و”سينوكيم”، إلى جانب “مؤسسة البترول الوطنية الصينية”، 3 مليار دولار في سوريا، مدفوعة بدعوة بكين للاستحواذ على أصول عالمية في مجال النفط والغاز، بحسب وكالة رويترز.

تلك الاستثمارات لم تصمد خلال الحرب، ولكن المحلل السياسي أسامة دنورة يقول لوكالة فرانس برس إن “الصين لديها القدرة على إنجاز البنى التحتية في الإعمار في المناطق السكنية والمدنية بسرعة استثنائية”.

وكان سفير الصين في سوريا شي هونغ وي أعلن في أغسطس/ آب الماضي أن “الشركات الصينية منخرطة بشكل فعال في مشاريع إعادة إعمار في سوريا”.

من بين تلك المشاريع التي تحدث عنها السفير، ونقلها الإعلام الحكومي السوري، على سبيل المثال، مشروع بناء مصنع إسمنت بطاقة يومية 6500 طن في منطقة أبو شامات في ريف دمشق، إضافة إلى محطة كهروضوئية بقدرة 300 ميغاوات في منطقة وادي الربيع.

بي بي سي عربي

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: إلى الصین فی سوریا

إقرأ أيضاً:

الصين.. الكشف عن آليات تكوين “الأصوات في الدماغ ” لدى المصابين بانفصام الشخصية

الصين – حدد علماء الفسيولوجيا العصبية الصينيون خللا في عمل نوعين من سلاسل الخلايا العصبية في أدمغة مرضى الفصام، الذي يؤدي إلى تطور الهلوسة السمعية واللفظية.

ونشر العلماء مقالا بهذا الشأن في المجلة العلمية PLoS Biology .

وجاء فيه: “إن قمع عمل هذه المناطق من الدماغ أو استعادة أدائها الطبيعي سيخلص المرضى من “الأصوات” في الدماغ. وغالبا ما يسمع المرضى المصابون بالفصام أصواتا دون وجود محفزات سمعية ولفظية حقيقية. وأظهر بحثنا أن هؤلاء المرضى يفقدون القدرة على التمييز بين الواقع والخيال نتيجة لوجود خلل في سلاسل معينة من الخلايا العصبية التي تربط بين الأنظمة الحركية والصوتية للدماغ”.

وتوصل إلى هذا الاستنتاج فريق من علماء الفسيولوجيا العصبية الصينيين بقيادة تشانغ تشن الأستاذ في جامعة “جياوتونغ” في شنغهاي الصينية بعد دراسة وظيفة الدماغ لدى عشرين مصابا بمرض انفصام الشخصية، واشتكى نصفهم من وجود “أصوات في رؤوسهم”. بينما لم يكن لدى المرضى الآخرين مثل هذه المشكلة. وفي هذه التجارب طلب العلماء من المتطوعين قراءة مقطع لفظي تم عرضه على الشاشة بعد إشارة سريعة وصوتية، وفي هذا الوقت قاموا بمتابعة نشاط دماغهم باستخدام مخطط كهربية الدماغ.

وأظهرت القياسات التي أجراها علماء الأعصاب اختلافات في عمل مجموعتين من دوائر الخلايا العصبية التي تربط المناطق الحركية والحسية في الدماغ وتلعب دورا مهما في قدرة الشخص على تمييز الأفعال والأحداث في البيئة من الأفكار والتوقعات والنوايا. ومن أجل ذلك يقوم الدماغ بتصفية المعلومات الحسية بشكل مستمر، فهو يقارنها بالنوايا والتوقعات، وبعد ذلك يزيل منه البيانات غير الضرورية التي لا تتعلق بتصور العالم الحقيقي من حولنا.

في بعض الحالات لا تتوافق هذه التوقعات مع الواقع، ونتيجة لذلك يبدأ الشخص في تجربة الهلوسة الغريبة. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك أن الناس غالبا ما يتعثرون ويشعرون بأحاسيس غير عادية عندما يصعدون على سلم متحرك ثابت. ويحدث شيء مشابه باستمرار في أدمغة بعض المصابين بمرض انفصام الشخصية.

وخلص المقال إلى أن البيانات التي تم جمعها باستخدام مخطط كهربية الدماغ أظهرت أنه تتعطل لدى هؤلاء المرضى سلسلة الخلايا العصبية المسؤولة عن مقارنة البيانات من الأجهزة الحركية والحسية للدماغ، بينما تظهر في عمل سلسلة أخرى من الخلايا العصبية المسؤولة عن “إعادة إنتاج” الأفكار والنوايا كمية غير طبيعية للضجيج. وهذا يؤدي إلى أن الفرد يفقد القدرة على تمييز أفكاره عن المحفزات الخارجية ويبدأ في سماع “أصوات” في رأسه.

المصدر: تاس

مقالات مشابهة

  • الرئيس السوري يؤكد أن المقاومة ضد كل أشكال الاحتلال والقتل الجماعي حق مشروع
  • الرئيس السوري: المقاومة ضد كل أشكال الاحتلال والقتل الجماعي هي حق مشروع
  • “الزكاة” تنفّذ أكثر من 15 ألف زيارة تفتيشية على المحال التجارية بمختلف مناطق المملكة خلال سبتمبر 2024
  • “الزكاة والضريبة والجمارك” تنفّذ أكثر من 15 ألف زيارة تفتيشية خلال شهر سبتمبر الماضي
  • “الزكاة والضريبة والجمارك” تنفّذ أكثر من 15 ألف زيارة تفتيشية خلال شهر
  • أبو عبيدة تحدّث عن “حدث كبير” جرى في الجولان السوري المحتل
  • الصين.. الكشف عن آليات تكوين “الأصوات في الدماغ ” لدى المصابين بانفصام الشخصية
  • “المركزي”: ارتفاع سعر صرف الدرهم الإماراتي خلال يوليو الماضي
  • لماذا تعامل النظام السوري بشكل باهت مع التصعيد الإسرائيلي؟
  • المقداد يؤدي اليمين الدستورية نائبا للرئيس السوري