قال رئيس مجلس السيادة وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، إنه منفتح على محادثات السلام ووضْع حدّ للحرب وتخفيف معاناة الشعب السوداني، متهماً قوات الدعم السريع بالوقوف في وجه تلك المساعي.

وفي حديث أمام الأمم المتحدة، الخميس، حثّ البرهان المجتمع الدولي على تصنيف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية، متهما إياها بارتكاب وبدعم جرائم قتل واغتصاب وتهجير قسري وسلب ونهب واتجار بالمخدرات وجلْب مرتزقة، وغير ذلك.

على الجانب الآخر، قال قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، إنه مستعد لوقف إطلاق النار.

وفي رسالة عبر الفيديو، للأمم المتحدة، أكد حميدتي استعداده للمشاركة في محادثات السلام.

ورأى إبراهيم إدريس، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الأفريقية، أننا إزاء “تصعيد دبلوماسي” من جانب البرهان يستهدف من ورائه “إعلاء سقف مستقبل الحوار فيما يخص الموقف الدولي لدعم الحكومة السودانية”.

وقال إدريس لبي بي سي: “هذا الاتهام سياسي، وأكبر من كونه مجرد اتهام بالإرهاب؛ إنما هو محاولة لكسب مواقع متقدمة في المفاوضات المقبلة”.

ورأى إدريس أنه بالنظر إلى التجارب السابقة، فضلا عن طبيعة مفهوم الإرهاب في حدّ ذاته، “ستكون هناك إشكالية في أن يتفاعل المجتمع الدولي مع دعوة البرهان وتصنيف قوات الدعم السريع منظمة إرهابية”.

لكن عثمان ميرغني، الكاتب والمحلل السياسي السوداني، يرى أن الجيش النظامي بقيادة البرهان “يعوّل الآن على إجراءات دولية بدأت بالفعل ضد قوات الدعم السريع، وحال استمرار تلك الإجراءات -ولا سيما بظهور لائحة اتهام من جانب المحكمة الجنائية الدولية- سيعني ذلك عملياً عدم قدرة قوات الدعم السريع على الاستمرار في المفاوضات”.

وقال ميرغني لبي بي سي: ” إذا ما استُجيبت دعوة البرهان وتم توصيف قوات الدعم السريع بأنها منظمة إرهابية، فستسقط بذلك عمليا إمكانية إقامة حوار مع الدعم السريع، بل لاستوجب ذلك قيام تحالف دوليّ مع الجيش السوداني لسحق هذه المنظمة باعتبارها تمثل تهديدا للإقليم وللمجتمع الدولي”.

ويرى ميرغني في حديث كل من البرهان وحميدتي عن محادثات السلام “محاولة للحصول على صورة ذهنية جيدة أمام المجتمع الدولي”.

ويؤكد رئيس تحرير صحيفة التيار المستقلة، أن محادثات السلام ليست هي الهدف، مشيرا إلى أنه كانت هناك مفاوضات متصلة لأكثر من شهرين بين الطرفين لكنها تجمّدت في نهاية المطاف من دون أن تسفر حتى عن فتْح ممرّات آمنة لتمرير المساعدات الإنسانية.

وقال ميرغني: ” هذا يعني عمليا أن استخدام لافتة السلام من جانب الطرفين هو مجرد تكتيك”.

فيما يرى إبراهيم إدريس أن حديث البرهان وحميدتي عن محادثات السلام إنما جاء لاقتناع الجنرالين أخيرا بعدم قدرة الخيار العسكري على حسم الصراع، وبأنه “ليس هناك حل آخر”.

وأشار إدريس إلى أن الجنرالَين كانا قد أعلنا في بداية الصراع، في أبريل/نيسان الماضي، عن حسْمٍ في مدى أقصاه ثلاثة أيام إلى أسبوع، “وهو ما ثبتت استحالته على أرض الواقع”.

وقال إدريس لبي بي سي: “ليس هناك غير المفاوضات، وممارسة الدور الضاغط من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي ومنظمة إيقاد (منظمة حكومية أفريقية شبه إقليمية) على طرفَي الصراع في السودان”.

وأضاف: “قد شهدنا تجربة الصراع بين الجبهة الشعبية لتحرير جنوب السودان في معاركها العسكرية ضد نظام عمر البشير والتي امتدت لأكثر من 20 عاما ولم تنته إلا بالمفاوضات، وكذلك أزمة دارفور لم تنته إلا بالمفاوضات رغم كل ما أريق بها من دماء”.

وفي حديثه أمام الأمم المتحدة، حذّر البرهان، من أن الحرب في بلاده قد تمتد إلى الدول الأفريقية المجاورة.

وفي هذا الصدد، ألمح البرهان إلى علاقات بين قوات الدعم السريع ومرتزقة فاغنر الروس المنخرطة في أعمال قتالية في أجزاء من أفريقيا.

وعن تلك التحذيرات، رأى عثمان ميرغني أن هذا “سيناريو شاخص ومحتمل، لكن لحسن الحظ لا تزال حتى الآن هناك فرصة لتجنّب حدوثه؛ إذا تمكنت الأطراف الدولية والإقليمية من التوصّل إلى معادلة تُنهي هذا الصراع وتفرض خارطة طريق على طرفَيه”.

واندلعت الحرب الأهلية في السودان في أبريل/نيسان عندما انتشر أفراد من قوات الدعم السريع في أنحاء البلاد في خطوة اعتبرها الجيش بقيادة البرهان “تهديدا”. وأسفر الصراع حتى الآن عن مقتل ما لا يقل عن 7500 شخص ونزوح الملايين.

بي بي سي عربي

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع محادثات السلام الأمم المتحدة بی بی سی

إقرأ أيضاً:

أطباء بلا حدود: قوات الدعم السريع هاجمت مستشفى بالعاصمة السودانية

قالت منظمة "أطباء بلا حدود"، مساء الجمعة، إن قوات الدعم السريع استهدفت مستشفى "بشائر" جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بإطلاق جنودها الرصاص داخل المستشفى، الأربعاء الماضي.

 

وأوضحت المنظمة الدولية، في بيان: "أطلق المهاجمون النار داخل قسم الطوارئ، وهددوا الطاقم الطبي بشكل مباشر، وعطلوا الرعاية المنقذة للحياة بشكل خطير".

 

وأضافت: "ندين بشدة التوغل العنيف لقوات الدعم السريع في غرفة الطوارئ بمستشفى بشائر التعليمي في جنوب الخرطوم، الأربعاء".

 

ودعت المنظمة، قوات الدعم السريع، إلى "احترام حياد المرافق الطبية وسلامة العاملين في مجال الرعاية الصحية".

 

وفي البيان، قال رئيس بعثة أطباء بلا حدود في السودان صامويل ديفيد ثيودور: "دخل العديد من جنود قوات الدعم السريع غرف الطوارئ وبدأ بعضهم في إطلاق النار على العاملين الطبيين، وهددوا المرضى وموظفي أطباء بلا حدود ووزارة الصحة".

 

وأضاف ثيودور: "ولحسن الحظ، لم يصب أحد بأذى".

 

وشدد على أن "الهجمات ضد المرافق الطبية والعاملين الصحيين غير مقبولة".

 

وأكد ثيودور، أنه "يجب أن تظل المستشفيات أماكن آمنة وخالية من العنف والترهيب، ولا يجوز تهديد حياة الموظفين أثناء تقديم الرعاية".

 

وأشار البيان إلى أن مستشفى بشائر التعليمي، يعد "أحد آخر المرافق الصحية العاملة في جنوب الخرطوم وسط الصراع المستمر، حيث حافظ موظفو أطباء بلا حدود بلا كلل على الأنشطة المنقذة للحياة في ظل ظروف صعبة للغاية".

 

ولم يصدر تعليق من قوات الدعم السريع حتى الساعة (21:50 ت.غ).

 

ومنذ منتصف أبريل/ نيسان 2023، يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

 

وتتصاعد دعوات أممية ودولية لإنهاء الحرب بما يجنب السودان كارثة إنسانية بدأت تدفع ملايين إلى المجاعة والموت جراء نقص الغذاء بسبب القتال الذي امتد إلى 13 ولاية من أصل 18.


مقالات مشابهة

  • ماذا تعني سيطرة الجيش على أكبر قواعد الدعم السريع بدارفور؟
  • الدعم السريع تستعيد السيطرة على قاعدة في دارفور
  • نصرالدين مفرح يوجه نداء إلى البرهان وحميدتي لإنقاذ الجزيرة أبا  
  • هل صارت الخدمات من أدوات الصراع السياسي في السودان؟
  • الأمم المتحدة: مقتل 782 مدنيا في حصار مدينة الفاشر غربي السودان
  • الفاشر – طويلة .. مواطنون يروون معاناتهم جراء تعرضهم لاعتداءات من قبل قوات الدعم السريع
  • أطباء بلا حدود: قوات الدعم السريع هاجمت مستشفى بالعاصمة السودانية
  • مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك: مقتل أكثر من 700 في حصار الفاشر بالسودان
  • مقتل أكثر من 700 في حصار الفاشر بالسودان
  • الأمم المتحدة: مقتل أكثر من 700 في حصار الفاشر بالسودان