هل استنفدت القرية أغراضها روائيًا؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
سليمان المعمري: التعقيد والتشابك في العلاقات طال القرية كالمدينة -
أحمد القرملاوي: مقولة «الرواية ابنة المدينة» تحصرها في نطاق مكاني ضيق -
ألدو نيكوسيا :الأدب الجديد يمزج بين الواقعية والخيال أكثر من اهتمامه بالتحولات -
منصورة عز الدين :يمكن للروائي الجيد كتابة عمل مهم أيًا كان مسرح الأحداث -
فهد العتيق :الكتابة عن القرية ستستمر لأنها الأم القديمة للمدينة -
علي خيّون :لن تنتهي الكتابة بحبٍ عن نهر أو ترعة أو شجرة أو حبيبة -
يرى كثير من الكتَّاب والنقاد أن الرواية هي ابنة المدينة، بدليل أن التخطيط لكتابتها يشبه التخطيط لبناء مدينة معقدة، بتنوع معمارها، وشبكة طرقها، وتعقّد العلاقات بين سكانها، وطبقات مجتمعاتها، وهذا الحكم يُخرِج القرية من حسابات الرواية، مع أن مبدعين كبارًا في العالم العربي استلهموا عالم الريف وقدموا نماذج روائية رائعة.
في البداية يقول الكاتب المصري محمد إبراهيم طه: «إذا كنت تقصد الكتابة عن القرية القديمة، القرية الخالصة في مقابل المدينة الخالصة، فقد استنفدت أغراضها وعُبّر عنها لدى طه حسين ويوسف إدريس وخيري شلبي وعبد الحكيم قاسم ويوسف القعيد ويوسف أبو رية». لكن مع تمدين القرية وترييف المدينة بالهجرة للتعليم أو العمل أو الحياة، بحسب طه، ذابت الفواصل بين القرية والمدينة، وتقاربت أنماط الحياة وأساليبها الحديثة والمعقدة. لم تعد هناك قرية نقية ولا مدينة نقية، ومن ثم اختفت تقسيمة أدب القرية وأدب المدينة، وستستنفد الكتابة عن الريف النقي أغراضها لصالح الكتابة الجديدة التي تُعنى بالمكوِّن الاجتماعي للشخوص من معتقدات وموروثات دينية وشعبية وثقافية بغض النظر عن المكان، قرية أو مدينة».
أسأله: هل الرواية هي فعلًا ابنة المدينة؟ فيجيب: «الرواية ابنة المدينة في أوروبا، لكنها ابنة القرية في مصر والمنطقة العربية التي تغلب عليها الطبيعة الزراعية والرعوية. المدينة بالطبع أغنى بزحامها وتنوُّعها وثرائها الاجتماعي بالموضوعات الروائية والدرامية، وتكفي وحدها ظاهريًا للتعبير روائيًا عن قضايا وأحلام الإنسان المعاصر على نحو ما نرى في عوالم نجيب محفوظ، لكننا سرعان ما سنكتشف أن نجيب محفوظ ابن المدينة يكتب فقط عن نصف العالم حين نقرأ الآخرين».
ولو وجد لديك تجربة تخص القرية كيف تتناولها؟ يقول: «السردية الريفية عندي، شأنها كشأن شخوصي التي تنشأ وتتكون في القرية، ثم تتفاعل وتواجه الأحداث والمصائر في المدن وفق التكوين الذي شكلته موروثات وقيم وثقافة الريف، حيث تشكلوا في القرية، وتلقوا العلم في القرية والمدينة، وعملوا وعاشوا في القرية والمدينة الصغيرة، أو العاصمة، وطبيعي أن تخفت الفروق في هذه السردية بين القرية والمدينة لكنها لا تختفي، وتظل مميزة كالعلامة المائية في النقود باقترابها من قيم العولمة بالقدر نفسه الذي تنتمي فيه إلى ثقافة محلية ذات طابع ريفي».
الرواية ابنة الإنسان
أما الكاتب العماني سليمان المعمري فيرى أن «الرواية هي ابنة الإنسان في المقام الأول، الإنسان ببيئته (المدنية أو القروية، لا فرق) وتاريخه، وذاكرته، ومزاجه الشخصي، والمزاج العام حوله، والمواقف التي عاشها، والحَكايا التي سمعها». كل هذه، كما يذهب المعمري، تنصهر داخل الروائي وتخرج على هيئة رواية، لا تحاكي الواقع وإنما تُعيد صنعه حتى يبدو أجمل بكثير من الواقع الحقيقي. ولأنها ابنة الإنسان فإنها تُعيد إنتاج مشاعره وأحاسيسه من حب وغضب وكراهية وحقد وغيرة، إلخ، ونحن نعلم أن هذه المشاعر لا تنفد أبدًا ما بقيتْ الخليقة، ولذلك فإن الرواية أيضًا لا يمكن أن تستنفد أغراضها، فالرواية ليست مجرد حكاية تحدث في هذه المدينة أو تلك القرية، وإنما رؤية للعالَم من قِبَل الروائي، وتخييل وأسلوب أصيل، ولغة خاصة، كلها تجتمع فتشكّل هذا العمل الإبداعي.
ويقول: «عندما وصف جورج لوكاتش الرواية بأنها «ابنة المدينة» فلأن الرواية نشأت أصلًا مع نشأة المدينة، وكان طبيعيّا أن تعبِّر عن تعقيداتها وتشابك علاقات أهلها وهم متنوعو الأعراق والاهتمامات، وعلاقاتهم متشابكة ولا يصلح للتعبير عنها إلا الرواية. ولكن، كما تطورت الرواية مع مرور الزمن فإن القرية أيضًا تطورت، ولم تعد ذلك المكان الهادئ، القارَّ، الساكن، الذي لا يصلح لإنتاج رواية، لا أقول إنها تحولت إلى مدينة، بل إن التعقيد والتشابك في العلاقات طالها هي الأخرى فباتت جاهزة لإنتاج الرواية». ويُنهي كلامه قائلًا: «علينا أن نتذكّر أن الرواية ليست قالبًا واحدًا جامدًا، بل كائن حيّ متطوّر، لا يرضى بشكل وحيد، ويُحدِّث نفسه باستمرار، من هنا أفهم عبارة جان ريكاردو – أحد منظِّري الرواية الجديدة - بأن الرواية الكلاسيكية هي سرد مغامرة، بينما الرواية الحديثة هي مغامرة سرد».
الكتابة الواقعية المطمئنة
وتبدأ الكاتبة المصرية منصورة عز الدين كلامها بالتأكيد على أن التصنيفات والتقسيمات لا تستهويها، وتعتقد أن ثنائية القرية/ المدينة ثنائية قديمة لا تناسب تعقّد العالم الآن، ولا التطورات الحادثة في الكتابة الإبداعية. تعلق: «لِنَقُل إنها ابنة الكتابة الواقعية المطمئنة إلى تقسيمات بعينها ولا تتصور الخروج عليها. المكان في الرواية أكثر تركيبًا من هذا، قد يكون فضاء مخترعًا بالكامل، غريبًا في جغرافيته وطبوغرافيته ونمط الحياة وتركيبة المجتمع فيه عن المألوف في الواقع، وقد يكون ديستوبيا مستقبلية أو خرائب «بوست أبوكاليبسية»، أو صحراء مهجورة لا يكاد يحدث فيها شيء».
في السياق نفسه، والكلام لمنصورة، يمكن للكاتب الجيد أن يكتب عملًا مهمًا أيًا كان الموضوع أو المسرح الذي تدور فيه الأحداث، ومثلما تكمن البراعة في أن يبتكر الكاتب جديدًا في موضوعات تبدو مطروقة كثيرًا لدرجة أن يصنِّفَها البعض بأنها صارت مبتذلة، تكمن كذلك في أن يخرج بجديد من أماكن مطروقة بحيث يقدم عوالمها بشكل مختلف ويطرح عبرها أسئلة إشكالية وملهمة.
الريف بالَغَ في التمدن
من جهته يرى الكاتب السعودي فهد العتيق أن الرواية هي ابنة المكان، أيًا كان قرية أو مدينة. والكتابة عن القرية سوف تستمر لأنها الأم القديمة للمدينة، ولأن روح المكان تأتي من الذين مكثوا فيه ومن الذين مروا من هنا أيضًا ومنحوه من أرواحهم وحكاياتهم وهمومهم وأسئلتهم لتظل ذاكرة فردية وجماعية لا تُمحى بسهولة. لكنَّ كثيرًا من القرى العربية فقدت قرويتها للأسف. فطبيعة المكان الريفية تمدنت كثيرًا بمبالغة. والقرية فقدت شكلها القديم وروحها القديمة لكنها لا تزال محتفظة بطابع الهدوء في النهار والليل الساحر والبراري الماتعة المحيطة بها. يكمل: «لاحظت من سنوات أن هناك هجرة خجولة نحو القرية ونحو المدن الصغيرة في السعودية. وهي هجرة لم تصل إلى حد الظاهرة لكن توفر المدارس والجامعات والسكن غير المُكلِف في القرى والمدن الريفية الصغيرة شجَّع البعض على الهجرة المعاكسة نحو القرية أو المدينة الصغيرة، بالذات من بعض الشباب في بداية حياتهم العملية وبعض المتقاعدين الذين يهربون من زحام المدينة وتكلفة مصاريفها».
ويمنحنا مثالًا عن كتابة القرية برواية «الوسمية» للكاتب السعودي الراحل عبدالعزيز مشري، حيث رصدت في معظم مشاهدها تفاصيل الحياة الماتعة في الريف بجنوب السعودية. يعلق: «إنها من أجمل روايات القرية. ونرجو أن تعود القرية كما عرفناها بطابعها البسيط وروحها المتميزة».
أبي ساعدني على التخيّل
الروائي العراقي علي خيّون أكد أنه فوجئ بتوقيت التحقيق، فقد دفع قبل وقت قليل إلى المطبعة في بغداد، روايته الجديدة «أمطار متأخرة»، وستصدر قريبًا، وهي عن قرية في جنوب العراق أطلق عليها «أم الخير»، ولم يشأ أن يذكر اسمها الذي سمعه من أبيه.
يعلّق: «لم يكن يخطر في بالي أن أكتب رواية عن القرية، لأنني وُلدت ونشأت ودرست في بغداد، ورواياتي السابقة كلها تدور في المدينة، بيد أن أحاديث أبي الذي أمضى طفولته وصباه وبعض شبابه في القرية، ظلت ماثلة في ذهني، وما يعجبني فيها هو حكايات تُروى عن حياة معاشة بكبرياء ومحبة وطيبة ومواقف تُروى وتستحق التوثيق، وقد صادف أن سألني مذيع في تلفزيون يبث من عمان: بمن تأثرت؟ فقلت بحكايات أبي التي عملت على توسيع مخيلتي، وكانت تدور عن قرية لم أرها إلا مرة في طفولتي البعيدة، ثم شغلتني الحياة عن السفر والمتابعة، لأن عائلتي كلها اختارت العمل في بغداد منذ نهاية الخمسينات، وكان من نتيجة ذلك أن وُلِدت في بغداد، فقال لي: اكتب عن تلك الحكايات إذن».
حفزه ذلك على أن يعود فيكتب نصًا طويلًا يجري في تلك القرية البعيدة، ولا يدري أية متعة أحسَّ بها وهو يروي الحكاية تلو الحكاية بين أشجار النخيل، ويصف الأحداث بعين أبيه ووفق رؤيته، محاطًا بالحنان والحب. يقول: «من هنا، تأتي الإجابة صريحة واضحة بالنسبة لي في الأقل، وهي أن الكتابة عن القرية لم تنتهِ ولن تنتهي، مع أن الرواية حقًا هي ابنة المدينة، لأسباب كثيرة معروفة، تتعلق بمجرى الأحداث وتعقيداتها التي تتطلبها الرواية، والشخصية المركبة الصعبة لابن المدينة، على خلاف القرية التي يندر أن يصدر فيها ما يكوّن ثيمة يحتاج إليها بناء الرواية المعقد، مع أننا قرأنا روايات ماتعة عن الأرياف كتبتها أقلام مرموقة، لكتَّاب خبروا عالم القرية»، ويضيف: «في روايتي، تناولت الطيبة المتناهية التي تزخر بها القرية، وتلك الحكمة التي تظهر واضحة في العلاقات الاجتماعية، والحب الذي يسري في القلوب لنهر أو ترعة أو شجرة أو حبيبة. والحق، أن الكتابة عن القرية لن تنتهي، لأنها الحب الأول، لمن عاش فيها أو عاش أهله فيها من قبل».
القرية والكتابة للطفل
أما الكاتبة السعودية نجوى العتيبي فتقول: «أتاح لنا تحديث الوزارات واستحداث الهيئات في السعودية اكتشاف وجوه عدة من القرى، والاهتمامَ بالآخر الذي غُيِّبت ثقافته في كثير من الأحيان، بسبب النمو العمراني وتسارعه في المدن الكبرى والانتقال إليها. ما تمَّ التنبُّه له في التجربة السعودية يكمن في ثراء القرية وعدم محدوديتها، فبتغيُّرِ المكان يظهر وجهٌ آخر من القرية وتبرز مجتمعات مختلفة ترتبط فيما بينها بثقافة تميّزها، تنطبع على لباسهم وألفاظهم وعاداتهم، والسعودية غنية بذلك».
لفتَ نظرها هذا الانفتاح فوجدته مجالًا جديدًا يمكن أن تنطلق منه عبر أدب الطفل، لربط الصغار بثقافتهم وهيئاتهم مباشرة، وهذه إضافتها في الموضوع، من أجل تفعيل المسؤولية بما يثري الهوية، فالملحوظ على عمل هذه الهيئات دعمها للهوية بمكوناتها الصغرى والكبرى في عملية التحديث وجذب الاهتمام. تعلّق: «من هنا كانت رواية «حديث السماء» -التي كتبتُها قبل عام ونصف تقريبًا- موجهة للأطفال واليافعين، وتُعنى بإبراز خصوصية القرية وثرائها بتاريخها وثقافتها، مدعَّمة بروح العصر من خلال العناية بالتراث والتواصل مع هيئته للحفاظ على مَعلَم تاريخي في القرية».
وترى نجوى أنه يمكن الادِّعاء بأنَّ القرى فقدت تجاربها الجديدة، لكن استمرار ظهور الأعمال عنها وعما جاورها يثبت تجدُّدها؛ فقد صدر في عام ٢٠٢٢ عمل للكاتب الأديب محمد علوان بعنوان «تَهْلل» وهو الجبل المعروف في أبها، ورُشِّحت روايتان للبوكر هما: «مَنَّا: قيامة شتات الصحراء» للكاتب الأديب الصديق حاج أحمد، و«صندوق الرمل» للكاتبة القديرة عائشة إبراهيم، وكلها أعمال استلهمت من القرى وحكاياتها وأحداثها تجارب جديدة لم تُطرح سابقًا. وتنهي كلامها قائلة: «تظل القرى رافدًا مهمًا في عمليات التحديث والكتابة حتى لأبناء المدن والمهاجرين. ولعلي لا أبالغ إن قُلتُ بأنها مدَدٌ لوحدها يمكن أن يضخ الرواية بموضوعات ستحظى بالاهتمام إن عولجت بشكل جيد».
سياسات التهميش
المترجم والناقد الإيطالي ألدو نيكوسيا بدأ كلامه بالعودة إلى فترة زمنية سابقة، فخلال السبعينات والثمانينات شهدت كل البلدان العربية ظاهرة نزوح مئات الآلاف، من القرى النائية نحو المدن الكبرى لكسب لقمة العيش. وذلك، كما يقول، بسبب سياسات التهميش الحكومية الممنهجة. ويضيف أن الأدب دائمًا يواكب التغيرات الاجتماعية التي تطرأ في أي بلد فالكاتب (والقارئ أيضًا) ابن المدينة بطبيعة الحال، حتى لو كان أصله القرية. وإننا إذا حللنا عناوين بعض الروايات العربية المنشورة في الألفية الجديدة، التي تحتوي على كلمة «قرية»، نجد فيها كلمات مرتبطة بالماضي والذكريات القديمة وأجيال الشيوخ أو أجواء الطفولة أو الحنين إلى الضيعة (في فترة ما قبل احتلال فلسطين، مثلًا). كما يوجد في القطب المعاكس حداثة المدينة وقيمها التقدمية إضافة إلى تناقضاتها وفساد سكانها أيضًا.
على إثر النزوح، والكلام لألدو، صارت المدن الكبرى محاطة بأحياء سكنية مهمشة بلا خدمات كافية. الضواحي وضحاياها استبدلت القرى لتتحول إلى أوكار للجماعات المتطرفة ولشباب بلا آمال. المفارقة أن كلمة «حضارة» تأتي من الحضر لكن منذ عقود طويلة اختفى التحضر المديني وبقي التلوث والصراعات الطبقية. ومما أثار إعجابي في أدب القرن الجديد هو المزج بين الواقعية والخيال ومحو عنصر الزمان، أكثر من اهتمامه برصد التحولات الاجتماعية التي شهدتها القرية، كما تدهشني القوة الأسطورية لذلك الأدب، القوة التي تؤثر في الشخصيات وتخلق الأحداث.
ويختم كلامه قائلًا: هنا سأكتفي بذكر عنوان قصة طويلة وهو «النوم عند قدمي الجبل» لحمور زيادة، وقد ترجمتها أنا لأول مرة إلى الإيطالية، وكذلك رواية «تغريبة القافر» لزهران القاسمي. حيث تدور أحداث كلا العملين في أجواء مرتبطة بالمياه أو بنقصها: من ناحية: نهر النيل، ومن ناحية أخرى: البحث عن المياه الجوفية. وعدم تحديد الزمان الروائي في النصّين يزيد الشحنة الرمزية فيهما».
تعقيدات النفس
الكاتب المصري أحمد القرملاوي يرى أن مقولة «الرواية ابنة للمدينة»، تحصر الرواية في نطاق مكاني ضيق، بينما هي ابنة للتجربة الإنسانية وتعقيداتها اللانهائية. وليس غريبًا أن تكثر العوالم الروائية المستلهَمة من حياة المدينة، فهي النموذج الذي يشهد تعقيدات لا حصر لها تمنح الروائيين مادةً متجددة لتخليق الشخصيات وبناء الدراما على أسس من صراعات الحياة وأزماتها المتشابكة. وقد بلغ الفن الروائي ذروته في المدينة إثر نزوح البشر من الريف إلى المدن نتيجة للثورة الصناعية بين منتصف القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فاصطدم الريفيون بحياة المدينة وتعقيداتها وانهمك الروائيون في التعبير عن الواقع الاجتماعي الجديد وتأثيراته العميقة على النفس البشرية.
لا يعني هذا، بحسب القرملاوي، خُلُوَّ عالم القرية من تعقيداتٍ شبيهة تفتح فضاءً للتعبير عن تعقيدات النفس وأزماتها. فمَن ينسى كيف صنع مو يان من القرية ساحةً للصراع الإنساني في أعقد صُوره، وكيف صَوَّر جون شتاينك عالمًا محتشدًا بالأزمات الإنسانية والصراعات النفسية داخل نطاق القرية، ومَن ينسى ريفَ هنري فوكنر وقرية كزانتزاكس حيث يدور الصراع على مختلف المستويات النفسية والعقائدية والوجودية؟
ويختم حديثه قائلًا: «لا يفوتني أن أُشير للرحلة العكسية من المدينة إلى القرية وما ينتج عنها من أزمات لا تقل ضراوة. وبصفتي ابنًا للمدينة فقد واجهتُ أزمة من هذا النوع طَفَتْ على سطح وعيي أثناء كتابة رواية «ورثة آل الشيخ»، فعالجتُ أزمة الفتى ابن المدينة الذي يسافر إلى القرية فيحِلُّ ضيفًا عليها لعدَّة أشهر، وبرغم كونه معززًا مكرمًا لدى كبار القرية فإن الصغار كثيرًا ما يكون لهم رأي آخر يُعبِّرون عنه في مواجهاتهم مع الفتى الخجول ابن المدينة، فيغتصبون منه شعورًا بالضآلة والصَّغار عكس ما يبدو فوق السطح من تفوقه الاجتماعي».
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: فی القریة الروایة ا من القرى فی بغداد من هنا کثیر ا ا ابنة عالم ا التی ت
إقرأ أيضاً:
كاتب صحفي: مصر بذلت جهودا كثيرة لتنمية الصعيد ومنها «حياة كريمة»
قال الكاتب الصحفي بلال الدوي، إنّ هناك تنمية حقيقية في كل أرجاء مصر ناتجة عن خطط متوازنة، موضحا أنّ الصعيد نال أهمية كبيرة من المشروعات القومية وتطوير البنية الأساسية، مما يهدف إلى عملية بناء الإنسان المصري.
وأضاف «الدوي»، خلال مداخلة هاتفية عبر فضائية «إكسترا نيوز»، أنّ مشروع حياة كريمة ساهم في تطوير القرى الأكثر فقرا واحتياجا في الصعيد، مشيرا إلى أن هذه القرى أصبحت الآن ضمن اهتمامات الدولة المصرية، كما أن مبادرة حياة كريمة كان لها دور رائد في رفع كفاءة هذه القرى وتحويل المناطق العشوائية وغير الآدمية التي لا تليق بالمواطن المصري إلى مناطق لائقة ومتطورة.
وتابع: «الدولة استفادت خلال الـ10 سنوات الماضية بزيادة المناطق المعمورة في مصر والتوسع في إنشاء المدن الجديدة، كما أن هناك بعض الأسر في الصعيد مستفيدة من برنامج تكافل وكرامة، إذ إن وزارة التضامن الاجتماعي حققت نوعا من العدالة الاجتماعية».