أيقونة الصحافة العربية، وصحفي القرن، وواحد من أعلام الفكر والثقافة، إنه محمد حسنين هيكل الذي تحتفل الأوساط الثقافية بمئويته، بعدما أثرى الصحافة المصرية والعربية بكتاباته وتحليلاته السياسية التي تناولت فترات ممتدة من تاريخ مصر والأمة العربية، فكان شاهدا على أحداث ومحطات تاريخية هامة في التاريخ المعاصر، فضلا عن إسهاماته العديدة من خلال الكثير من المؤلفات التي تناولت العديد من الأزمات والأحداث التي مرت بها مصر ومنطقة الشرق الأوسط .

يعد هيكل ذاكرة حقيقية للوطن، فقد ترك رصيدا هائلا من المؤلفات الرصينة والقيمة التي أصبحت ذخيرة صحفية وثقافية للأجيال المقبلة، وثق من خلالها بتفرد كامل، تاريخ مصر والمنطقة، ومن بين تلك الكتب كان كتابه "أزمة العرب ومستقبلهم" الذي يتناول فيه دور العالم الخارجي في تحقيق مطامعه في الأمة العربية وكيف واجه العرب ذلك.

وذكر أن هناك أربعة مشاهد مرت على مصر كانت هي الفارقة في التاريخ العربي الحديث، وكانت البداية من عند مشروع محمد علي باشا وهو المشهد الأول، فذلك المشروع كان يقوم على بناء دولة عصرية في مصر والشام، إلا أن هذا المشروع ضُرب بواسطة تحالف  القوى الأوروبية التي لا تريد قيام دولة عربية قادرة على أن تحكم مصر والشام.

وكان المشهد الثاني، عند المشروع التنويري لعصر إسماعيل باشا في مصر حيث بدأت بشائر التعليم والعمران والاهتمام بالفنون وإنشاء الصحافة العربية الا أن هذا المشروع انتهى مع الغزو البريطاني عام 1882.

لتنتقل مصر الى المشهد الثالث وهو التجربة الشبه ليبرالية التي أعلنت عن ثورة 1919 في مصر بصرف النظر عن الظروف والملابسات.

المشروع القومي لعبدالناصر

وتختتم بالمشهد الرابع الذي يقف عند المشروع القومي للزعيم الراحل جمال عبدالناصر بعد ثورة يوليو، فيعد هذا المشروع محاولة طموحة لوضع مصر وبقية الامة العربية على مداخل عصر جديد عقب الحرب العالمية الثانية.

والملاحظ في جميع المشاهد الأربعة التي تعرضت لها مصر أنها كلها قوبلت بالقوة، حتى لا تكتمل فكان كل مشروع يقابل بقوة السلاح ففي البداية مشروع محمد علي تحالفت كل القوي الأوروبية لتعطيله وانتهى بضرب أسطول محمد علي وتمزيق جيشه الذي دفع محمد علي واضطره إلى توقيع معاهدة لندن عام 1840 فكانت الضربة بقوة السلاح.

في المرة الثانية تعرض أيضا مشروع إسماعيل باشا للعرقلة بالغزو البريطاني أيضا بقوة السلاح، وهذا ما يؤكد أن هناك مصالح وارادات خارجية تريد الإفشال لمصر لذلك تتدخل قوى مباشرة بقوة السلاح لتمنع أي تجربة من النجاح.

ويبيّن محمد حسنين هيكل أن مشروع محمد علي سار إلى الحافة الخطرة حين عجز عن التنبه أن الدولة العصرية ليست مجرد جيش، فلابد أن يكون هناك إدراك عميق لفكرة أن المجتمعات تعيد صياغة مستقبلها جيلا بعد جيل بوسيلتين أساسيتين هما التعليم والتشريع.

على الجانب الآخر، سار عصر إسماعيل باشا على الحافة الخطرة حين غاب عنه أن الحضارة لا تأتي بالاستعارة، وأن التجديد لا يأتي بالتقليد، كما أن الرقي لا تدل عليه باقة محكوم عليها بالذبول صباح اليوم الثاني، إنما دورة الرقي تربة وبذرة وريّ.

كذلك وصل مشروع عبدالناصر للمرحلة الخطرة حين تصور الزعيم الراحل أن مراحل التطوير يمكن اختصارها والقفز فوقها وهذا ما تسبب في نكسة 1967.

هذه المشاهد الأربعة التي عاشتها مصر رغم ما كان بها من جراح والم، دفع ثمنها المصريون، إلا أن نتائجها كانت أو بالمعنى الأدق دلت على أن المستقبل يولد في قلوب الناس ومن قلوبهم إلى عقولهم ثم إلى ارادتهم، وإرادة الحياة تتصدى لنزاعات القتل وتخطي مزالق الانتحار.

هذه المشاهد أضافت تعزيزات هامة لا يستهان بها، من بينها أن الأمة في كل ما عاشته من تجارب إلى العصر الحديث بداية من مشروع محمد على الى مشروع جمال عبدالناصر اكتسبت مجالات هامة في التعليم والنمو الاقتصادي والاجتماعي والفكري والاتصال بالعالم، الى جانب مواردها الإنسانية، كذلك استطاعت الامة أن تحشد معها ووراءها تحالفا دوليا وعالميا حول قتالها من حرب بالسلاح على حق يستحيل تجاهله وهذا ما أثبتته حرب أكتوبر 1973.

وأثبتت الأمة أيضا كفائتها في ميادين القتال، وهذه الكفاءة بما تعنيه من ثقة بالنفس يمكن سحبها من مواجهة العدو الى مواجهة الذات والتصالح مع الماضي والمستقبل.

ويؤكد محمد حسنين هيكل أن أزمة العرب ومستقبلهم يصعب الحديث عنها، دون فحص دور العامل الخارجي في صنعها ووضعه جنبا الى جنب مع العوامل الداخلية، فالعرب يعيشون في موقع جغرافي ومحيط حضاري، أرادت القوى الغالبة باستمرار السيطرة عليه، ثم استجد عنصر الموارد الاقتصادية، ما استوجب الإلحاح على السيطرة وصلت الى درجة القتل إذا لزم الأمر لذلك.

والجانب الآخر هو أن العرب تعاملوا مع أقدارهم على مستوى أدنى بكثير مما كان عليه في قدرتهم، والنتيجة أنهم بما فعلوه وبما لم يفعلوه وصلوا بأنفسهم الى حالة وحافة الانتحار، وأحيانا بدون لزوم. 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: محمد حسنين هيكل ذاكرة وطن محمد حسنین هیکل بقوة السلاح مشروع محمد محمد علی

إقرأ أيضاً:

محمد صلاح يُسطّر المجد مع ليفربول: أرقام قياسية تتحدى التاريخ

هل تتذكر فرحتك عندما سجل ميدو 11 هدفًا في موسم واحد بالدوري الإنجليزي؟ أو شعورك بالفخر عندما كان أحمد المحمدي يشارك أساسيًا مع هال سيتي؟ وربما لحظة السعادة الغامرة عند رؤية رمضان صبحي يواجه مانشستر سيتي لأول مرة؟

اقرأ ايضاًأبو تريكة يكشف كواليس مفاوضات صلاح مع ليفربول

اليوم، نحن أمام قصة نجاح استثنائية يصعب أن تتكرر، بل تكاد تكون نسبتها 0.001%. ما يحققه محمد صلاح مع ليفربول يتجاوز حدود الوصف؛ فهو اليوم أصبح رابع هداف تاريخي للنادي، ورابع أكثر لاعب مساهمة بالأهداف في الدوري الإنجليزي مع فريق واحد.

صلاح يواصل كتابة التاريخ مع ليفربول: أرقام قياسية وإنجازات استثنائية

الأمر لم يعد مفاجئًا للكثيرين، بل بات يُنظر إليه وكأنه شيء عادي؛ لكن الحقيقة أن صلاح هو الهداف التاريخي لليفربول في الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.

نحن محظوظون أننا نعيش في عصر لاعب بقيمة وأسطورة محمد صلاح. نجم جعل المستحيل ممكنًا، وأثبت أن الطموح والعمل الجاد قادران على تحقيق المعجزات.

وبينما تتجه الأنظار دائمًا إلى أرقامه الجديدة، يبقى السؤال الأبرز: إلى أي مدى يمكن لصلاح مواصلة تحقيق هذه الإنجازات مع ليفربول في المواسم المقبلة؟


© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com)

Abdullah Ashour محرر ومترجم في قسم الرياضة/ Sports Editor and Translator

محرر ومترجم في موقع "البوابة الإخباري" منذ عام 2018، مختص بنقل وتغطية أهم الأحداث والأخبار في الساحة الرياضية، سواء العالمية أو العربية، وأركز على تقديم محتوى يلبي اهتمامات عشاق كرة القدم في كل مكان، مثل مواعيد المباريات، التشكيلات المتوقعة، التحليلات، وأخبار سوق الانتقالات والكواليس.
 

 Sports Editor and Translator with "Al-Bawaba News" since 2018. specialize in covering and delivering the most...

الأحدثترند محمد صلاح يُسطّر المجد مع ليفربول: أرقام قياسية تتحدى التاريخ غوارديولا..أسطورة تكتيكية أم نجاح مبني على النجوم والأموال؟ الأنروا: استشهاد طفل في غزة يوميا بسبب الحرب الإسرائيلية 12 قتيلا بانفحار مصنع للأسلحة شمال غربي تركيا توافق بين الشرع والفصائل السورية لحل نفسها ودمجها بوزارة الدفاع Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية اعمل معنا الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2024 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • هدية ابن هانى الناظر .. إطلاق مشروع مجاني للبسطاء فى أول ذكرى ميلاد بعد وفاته
  • تدشين مشروع بتمويل سعودي لإيواء النازحين شرقي السودان
  • غدا.. المسرح الحديث يستضيف عرض "sale" لمدة 3 أيام
  • ملاكمو الجزائر يتألقون فى البطولة العربية العسكرية الثالثة للملاكمة
  • الموصل تودع أحد أعمدة التاريخ العراقي الحديث
  • محمد صلاح يُسطّر المجد مع ليفربول: أرقام قياسية تتحدى التاريخ
  • الجزائر وتونس تتفوقان في منافسات اليوم الأول للبطولة العربية للملاكمة
  • "العربية أبوظبي" تستأنف رحلاتها إلى بيروت في هذا التاريخ
  • افتتاح البطولة العربية العسكرية الثالثة للملاكمة بالجزائر.. صور
  • قوة الردع اليمني..الأسطورة التي هزمت المشروع الأمريكي