البوابة نيوز:
2025-12-11@08:25:10 GMT

إذا فعلتها من أجل نفسي فقط.. فماذا أكون؟

تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT

إن الوجود يتداعى إذا لم تكن هناك “فكرة قوية” أو “مثال قوى” يتمسك به الفرد، بحسب تعبير “فرويد”، ويقول “ألبرت أينشتاين”: (إن الإنسان الذى يعتبر حياته بلا معنى ليس مجرد إنسان غير سعيد، ولكنه يكاد لا يصلح للحياة)، وعلى حد التعبير “الأوجستيني”: (فإن قلب الإنسان لا يجد سبيلًا إلى الراحة إلا إذا وجد فى هذه الحياة معنى وهدفًا يعمل على تحقيقهما).


ويقابل ذلك بحسب وصف الكاتب النمساوى “فيكتور فرانكل” فى كتابه "الإنسان والبحث عن المعنى": الشعور بـ"اللا معنى" أو الشعور بالفراغ الوجودي، حيث لا يعرف الإنسان ما الذى يرغب أن يفعله، وبدلًا من ذلك: فإنه إما أن يرغب فى أن يفعل ما يفعله الآخرون “التواؤمية”، أو أنه يفعل ما يرغب الآخرون منه أن يفعله “الاستبدادية”، ويكشف هذا الفراغ الوجودى عن نفسه أساسًا فى حالة الملل، وهنا نفهم كلام الفيلسوف الألمانى “شوبنهاور” حينما قال: (إن الإنسانية قد حكم عليها بشكل واضح أن تتأرجح إلى الأبد بين طرفين أحدهما الضيق، وثانيهما الملل)، وهناك أقنعة مختلفة ومظاهر متعددة يبدو بها الفراغ الوجودي، ففى بعض الأحيان يكون هناك تعويض لإرادة المعنى المحبطة ب “إرادة القوة” مثل إرادة المال وغيره مما يظن الإنسان أنه سبيل للقوة، وفى حالات أخرى تحل “إرادة اللذة” محل إرادة المعنى المحبطة. وهذا هو السبب فى أن الاحباط الوجودى ينتهى غالبًا بالتعويض الجنسي.
إن الوجود متسامٍ، فالتسامى على الذات هو جوهر الوجود، وكون الإنسان إنسانًا يعنى توجهه إلى شيء آخر غير ذاته، وأن يكون منشغلًا ومشتبكًا بموقف، فكون الإنسان إنسانًا يعنى أن يواجه معنى وقيمًا يجب تحقيقها، أى العيش فى مجال التوتر القائم بين الواقع وبين المثاليات التى يتم العمل على تحقيقها، فالإنسان يعيش بالمثل والقيم، وإن الاهتمام الأصيل والطبيعى للإنسان والمنصب على المعنى والقيم يتعرض للخطر نتيجة لسيطرة النزعة الذاتية والنزعة النسبية، فمن شأن أى من هاتين النزعتين أن تُودى بمثالية الإنسان وحماسه.
ولكن هل المعانى والقيم نسبية وذاتية كما يعتقد البعض؟، إنهم كذلك على نحو ما، وبحسب فرانكل:ولكن على نحو يختلف عن ذلك الذى يراه أصحاب النزعة النسبية والذاتية. فالمعنى نسبى من حيث أنه يتعلق بشخص معين مشتبك بموقف. ويمكن القول بأن المعنى يختلف أولًا من إنسان لآخر، وثانيًا من يوم ليوم، بل ومن ساعة لساعة، وأفضل أن أتحدث عن تفرد - Uniqueness - بدلًا من نسبية المعاني. فالتفرد خاصية للحياة ككل وليست لموقف معين فقط،وذلك نظرًا لأن الحياة سلسلة من المواقف المتفردة. وهكذا فإن الإنسان فريد فيما يتعلق بكل من جوهره ووجوده، فلا يوجد إنسان يمكن أن يحل أخر محله، وذلك بفضل تفرد جوهر كل إنسان. وحياة كل إنسان فريدة من حيث أنه لا أحد يمكن أن يكررها، وعاجلًا أو آجلًا سوف تنتهى حياته للأبد، مع كل الفرص الفريدة لتحقيق المعاني.
يقول الحكيم اليهودى “هلل” الذى عاش قبل ألفى عام: (إذا لم أفعلها أنا، فمن يفعلها؟“ وفيه إشارة إلى تفرد ذاتي، و"إذا لم أفعلها فى الحال، فمتى أفعلها؟“ وفيه إشارة إلى تفرد اللحظة العابرة، ولكن "إذا فعلتها من أجل نفسى فقط، فماذا أكون؟" وفيه يعبر عن خاصية التسامى على الذات المميزة للوجود الإنساني”-، وإجابة هذا السؤال الأخير: لا أكون إنسانًا بحق على الإطلاق، وذلك لأن التسامى على الذات خاصية متأصلة فى الوجود الإنساني).
لا يمكن إعطاء المعنى على نحو استبدادي، ولكن يجب أن توجد المسئولية وفقًا لما يميليه الضمير، فالضمير هو: المقدرة القصدية للإنسان على أن يجد المعنى لموقف من المواقف، فهو يرشد الإنسان فى بحثه عن المعنى.
المسئولية هى الجوهر الحقيقى للوجود الإنساني، فالإنسان مخلوق مسئول، وينبغى أن يحقق المعنى الكامن لحياته.
الحرية الغائية “أى قدرة الإنسان أن يختار اتجاهه من بين مجموعة من الظروف، تلك التى اعترف بها الفلاسفة الرواقيون القدامى، وكذلك الوجوديون المحدثون” هذه الحرية وحدها كافية ليصيغ الإنسان معادلة الحياة: (لكى تعيش عليك أن تعاني، ولكى تبقى عليك أن تجد معنى للمعناة)، الإنسان ليس مفعولًا به على الدوام، تتقاذفه الأمواج النفسية والحياتية، من دون أن يملك تغييرًا كما يرى تيار “الحتمية الشمولية”، وإنما الإنسان بحسب “فرانكل” ليس مشروطًا أو محتوم السلوك بصورة كلية، لكنه يقرر نفسه، الإنسان ليس ببساطة أمرًا موجودًا، بل هو يقرر دائمًا وجوده الذى سيكون عليه.
وبحسب “فيكتور فرانكل”: (ويل لمن لا يرى فى الحياة معنى، ولا يستشعر هدفًا أو غرضًا لها، ومن ثم لا يجد قيمة فى مواصلة الحياة، وسرعان ما يحس بالضياع)، إن أى محاولة يستخدمها الشخص لكى يسترد قوته الداخلية ينبغى أن تنجح أولًا فى أن تجعله يبصر لنفسه هدفًا مستقبليًا، وفى ذلك نأخذ من توجيهات الفيلسوف “نيتشه”: (من يمتلك سببًا يعيش من أجله فإنه يستطيع غالباِ أن يتحمل بأى طريقة وبأى حال).


*كاتب مهتم بقضايا التنمية البشرية

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ألبرت آينشتاين إنسان ا

إقرأ أيضاً:

ما معنى تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس؟

يُعدّ قرار الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بخفض أسعار الفائدة من القرارات المحورية التي يتابعها العالم باهتمام بالغ، نظرًا لتأثيره المباشر في الأسواق المالية والاقتصاد العالمي. ومع إعلان خفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، تصبح الحاجة مُلحّة لفهم معنى هذا الإجراء وأسبابه وانعكاساته على النمو الاقتصادي والتضخم وسوق العمل.

يُقصد بتخفيض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس أن الاحتياطي الفيدرالي خفّض الفائدة ربع نقطة مئوية، وهو خفض يُعتبر مؤثرًا رغم صِغَر قيمته. وقد جاء هذا القرار في ظل حالة من عدم اليقين الاقتصادي نتيجة نقص البيانات عقب الإغلاق الحكومي في الولايات المتحدة، الأمر الذي دفع صانعي السياسة النقدية إلى اتخاذ خطوات احترازية لدعم الاستقرار الاقتصادي.

يساهم خفض الفائدة في تقليل تكلفة الاقتراض بالنسبة للشركات والأفراد، مما يدفع نحو زيادة الاستثمار والإنفاق الاستهلاكي، وبالتالي دعم النشاط الاقتصادي. كما يُعد الخفض رسالة واضحة للأسواق بأن الفيدرالي يتجه نحو سياسة نقدية أكثر تيسيرًا لمواجهة أي تباطؤ محتمل أو مخاطر تضخمية معتدلة. وتشير التوقعات المصاحبة للقرار إلى توقع تباطؤ التضخم إلى 2.4% ونمو اقتصادي بحدود 2.3% مع بقاء البطالة عند مستوى مقبول يبلغ 4.4%، وهو ما يعكس توازنًا بين دعم النمو والحفاظ على الاستقرار.

ماذا يعني هذا القرار؟ماذا يعني هذا القرار؟

تكلفة الاقتراض تصبح أقل
أي أن البنوك والشركات والأفراد يمكنهم الحصول على قروض بتكلفة أقل، مما يشجع على الإنفاق والاستثمار.

تحفيز النشاط الاقتصادي
عادةً ما يُستخدم تخفيض الفائدة لدعم النمو الاقتصادي عندما تظهر إشارات تباطؤ أو غموض في التوقعات الاقتصادية.

دعم الأسواق المالية
انخفاض الفائدة يساعد على رفع أسعار الأصول مثل الأسهم والعقارات، لأنه يقلل تكلفة التمويل.

التعامل مع نقص البيانات وعدم اليقين
حسب الخبر، جاء القرار بالتزامن مع نقص البيانات الاقتصادية بسبب الإغلاق الحكومي، ما دفع الفيدرالي إلى محاولة "تحصين" الاقتصاد ضد المخاطر المحتملة.

إدارة التضخم والبطالة
الفيدرالي يتوقع تباطؤ التضخم إلى 2.4% ونمو الاقتصاد 2.3% مع بطالة 4.4%—وهي مستويات يرى أنها تتطلب ضبطًا طفيفًا في الفائدة لدعم الاستقرار الاقتصادي.

لماذا يعدّ هذا الخفض مهمًا؟لأنه الخفض الثالث في عام 2025، مما يشير إلى تغيّر واضح في سياسة الفيدرالي نحو مزيد من التيسير.ولأنه يأتي بعد 5 اجتماعات لم يغيّر فيها الفيدرالي الفائدة، ما يعكس تقييمًا جديدًا لاحتمالات المخاطر. عاجل- ارتفاع مفاجئ فى أسعار الذهب قبيل إعلان نتائج اجتماع الفيدرالي الأمريكي أسعار الذهب تعاند الفيدرالي: أستقرار حذر اليوم الخميس 30 -10-2025 في بني سويف

إن تخفيض الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس ليس مجرد تعديل رقمي، بل خطوة محسوبة تهدف إلى تعزيز الثقة الاقتصادية وتوفير بيئة مالية أكثر مرونة. ويأتي القرار ضمن مسار واضح من التيسير النقدي يهدف إلى تحفيز النمو وضمان استدامة الاستقرار المالي. ومع ذلك، تبقى نتائج هذه الخطوة مرتبطة بتطورات الاقتصاد الأمريكي والعالمي خلال الفترة المقبلة.

مقالات مشابهة

  • حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا
  • سوريا.. النواب الأمريكي يوقف قانون قيصر بالكامل فماذا سيحصل الآن؟
  • عندما يقصى الضحايا.. لا معنى لأي حوار في ليبيا
  • ما معنى تخفيض الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي أسعار الفائدة 25 نقطة أساس؟
  • محللون: نتنياهو سيواصل التهام الضفة وواشنطن ليست جادة بشأن الاستيطان
  • إني أكون ميت.. أحمد رفعت يعلق على عدم وجوده في التمثيل آخر 3 سنين
  • عبد الرحيم حسن: اللواء محب حبشي محافظ بدرجة إنسان
  • زمن الوحشية واللامبالاة: الأمم المتحدة تطلق نداءً لجمع مساعدات إنسانية وإنقاذ حياة 87 مليون إنسان
  • وزير الاستثمار يبحث سبل دعم الوجود المصري في الأسواق الإفريقية والدولية
  • مراد عمار الشريعي: والدي أهلني إني أكون لوحدي وأكمل حياتي من غيره