البوابة نيوز:
2025-10-20@21:08:48 GMT

إذا فعلتها من أجل نفسي فقط.. فماذا أكون؟

تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT

إن الوجود يتداعى إذا لم تكن هناك “فكرة قوية” أو “مثال قوى” يتمسك به الفرد، بحسب تعبير “فرويد”، ويقول “ألبرت أينشتاين”: (إن الإنسان الذى يعتبر حياته بلا معنى ليس مجرد إنسان غير سعيد، ولكنه يكاد لا يصلح للحياة)، وعلى حد التعبير “الأوجستيني”: (فإن قلب الإنسان لا يجد سبيلًا إلى الراحة إلا إذا وجد فى هذه الحياة معنى وهدفًا يعمل على تحقيقهما).


ويقابل ذلك بحسب وصف الكاتب النمساوى “فيكتور فرانكل” فى كتابه "الإنسان والبحث عن المعنى": الشعور بـ"اللا معنى" أو الشعور بالفراغ الوجودي، حيث لا يعرف الإنسان ما الذى يرغب أن يفعله، وبدلًا من ذلك: فإنه إما أن يرغب فى أن يفعل ما يفعله الآخرون “التواؤمية”، أو أنه يفعل ما يرغب الآخرون منه أن يفعله “الاستبدادية”، ويكشف هذا الفراغ الوجودى عن نفسه أساسًا فى حالة الملل، وهنا نفهم كلام الفيلسوف الألمانى “شوبنهاور” حينما قال: (إن الإنسانية قد حكم عليها بشكل واضح أن تتأرجح إلى الأبد بين طرفين أحدهما الضيق، وثانيهما الملل)، وهناك أقنعة مختلفة ومظاهر متعددة يبدو بها الفراغ الوجودي، ففى بعض الأحيان يكون هناك تعويض لإرادة المعنى المحبطة ب “إرادة القوة” مثل إرادة المال وغيره مما يظن الإنسان أنه سبيل للقوة، وفى حالات أخرى تحل “إرادة اللذة” محل إرادة المعنى المحبطة. وهذا هو السبب فى أن الاحباط الوجودى ينتهى غالبًا بالتعويض الجنسي.
إن الوجود متسامٍ، فالتسامى على الذات هو جوهر الوجود، وكون الإنسان إنسانًا يعنى توجهه إلى شيء آخر غير ذاته، وأن يكون منشغلًا ومشتبكًا بموقف، فكون الإنسان إنسانًا يعنى أن يواجه معنى وقيمًا يجب تحقيقها، أى العيش فى مجال التوتر القائم بين الواقع وبين المثاليات التى يتم العمل على تحقيقها، فالإنسان يعيش بالمثل والقيم، وإن الاهتمام الأصيل والطبيعى للإنسان والمنصب على المعنى والقيم يتعرض للخطر نتيجة لسيطرة النزعة الذاتية والنزعة النسبية، فمن شأن أى من هاتين النزعتين أن تُودى بمثالية الإنسان وحماسه.
ولكن هل المعانى والقيم نسبية وذاتية كما يعتقد البعض؟، إنهم كذلك على نحو ما، وبحسب فرانكل:ولكن على نحو يختلف عن ذلك الذى يراه أصحاب النزعة النسبية والذاتية. فالمعنى نسبى من حيث أنه يتعلق بشخص معين مشتبك بموقف. ويمكن القول بأن المعنى يختلف أولًا من إنسان لآخر، وثانيًا من يوم ليوم، بل ومن ساعة لساعة، وأفضل أن أتحدث عن تفرد - Uniqueness - بدلًا من نسبية المعاني. فالتفرد خاصية للحياة ككل وليست لموقف معين فقط،وذلك نظرًا لأن الحياة سلسلة من المواقف المتفردة. وهكذا فإن الإنسان فريد فيما يتعلق بكل من جوهره ووجوده، فلا يوجد إنسان يمكن أن يحل أخر محله، وذلك بفضل تفرد جوهر كل إنسان. وحياة كل إنسان فريدة من حيث أنه لا أحد يمكن أن يكررها، وعاجلًا أو آجلًا سوف تنتهى حياته للأبد، مع كل الفرص الفريدة لتحقيق المعاني.
يقول الحكيم اليهودى “هلل” الذى عاش قبل ألفى عام: (إذا لم أفعلها أنا، فمن يفعلها؟“ وفيه إشارة إلى تفرد ذاتي، و"إذا لم أفعلها فى الحال، فمتى أفعلها؟“ وفيه إشارة إلى تفرد اللحظة العابرة، ولكن "إذا فعلتها من أجل نفسى فقط، فماذا أكون؟" وفيه يعبر عن خاصية التسامى على الذات المميزة للوجود الإنساني”-، وإجابة هذا السؤال الأخير: لا أكون إنسانًا بحق على الإطلاق، وذلك لأن التسامى على الذات خاصية متأصلة فى الوجود الإنساني).
لا يمكن إعطاء المعنى على نحو استبدادي، ولكن يجب أن توجد المسئولية وفقًا لما يميليه الضمير، فالضمير هو: المقدرة القصدية للإنسان على أن يجد المعنى لموقف من المواقف، فهو يرشد الإنسان فى بحثه عن المعنى.
المسئولية هى الجوهر الحقيقى للوجود الإنساني، فالإنسان مخلوق مسئول، وينبغى أن يحقق المعنى الكامن لحياته.
الحرية الغائية “أى قدرة الإنسان أن يختار اتجاهه من بين مجموعة من الظروف، تلك التى اعترف بها الفلاسفة الرواقيون القدامى، وكذلك الوجوديون المحدثون” هذه الحرية وحدها كافية ليصيغ الإنسان معادلة الحياة: (لكى تعيش عليك أن تعاني، ولكى تبقى عليك أن تجد معنى للمعناة)، الإنسان ليس مفعولًا به على الدوام، تتقاذفه الأمواج النفسية والحياتية، من دون أن يملك تغييرًا كما يرى تيار “الحتمية الشمولية”، وإنما الإنسان بحسب “فرانكل” ليس مشروطًا أو محتوم السلوك بصورة كلية، لكنه يقرر نفسه، الإنسان ليس ببساطة أمرًا موجودًا، بل هو يقرر دائمًا وجوده الذى سيكون عليه.
وبحسب “فيكتور فرانكل”: (ويل لمن لا يرى فى الحياة معنى، ولا يستشعر هدفًا أو غرضًا لها، ومن ثم لا يجد قيمة فى مواصلة الحياة، وسرعان ما يحس بالضياع)، إن أى محاولة يستخدمها الشخص لكى يسترد قوته الداخلية ينبغى أن تنجح أولًا فى أن تجعله يبصر لنفسه هدفًا مستقبليًا، وفى ذلك نأخذ من توجيهات الفيلسوف “نيتشه”: (من يمتلك سببًا يعيش من أجله فإنه يستطيع غالباِ أن يتحمل بأى طريقة وبأى حال).


*كاتب مهتم بقضايا التنمية البشرية

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: ألبرت آينشتاين إنسان ا

إقرأ أيضاً:

البشرية في خطر.. 7 حدود كوكبية من أصل 9 تجاوزناها فما معنى ذلك؟

كوكبنا مريض، والأعراض تزداد سوءًا، هذا ما كشفته دراسة علمية حديثة أبرزت أن البشرية قد تجاوزت 7 من أصل 9 «حدود كوكبية»، وهي مؤشرات حيوية تحافظ على استقرار كوكب الأرض، وهذا التجاوز يمثل إنذارًا خطرًا يهدد البيئة البحرية والإنسانية معًا.

ما المقصود بالحدود الكوكبية؟

الحدود الكوكبية هي 9 أنظمة بيئية حيوية، حددها العلماء وقالوا، إنها كفيلة بضمان استقرار الأرض في وضع يشبه حقبة «الهولوسين»، وهي الفترة المناخية المعتدلة التي بدأت منذ نحو 10 آلاف سنة، ازدهرت فيها الحضارات الإنسانية، فبعد تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتلوث الكيميائي، ثمة نقطة تحولٍ أخرى ذات عواقب وخيمة على النظم البيئية البحرية وسبل عيش ملايين البشر، ويحدد هذا الإطار العتبات الآمنة للأنشطة البشرية لضمان بيئة مستقرة ومستدامة.

ما الحدود التي تجاوزناها: 1- المناخ: وصل تركيز ثاني أوكسيد الكربون CO₂ إلى 422.7 جزءا في المليون، متجاوزًا الحد الآمن البالغ 350. 2- التنوع البيولوجي، هناك تراجع كبير في الأنواع لفقد المَواطن الطبيعية والتلوث. 3- الكيانات الجديدة (كالمواد الكيميائية الصناعية والبلاستيك)، تأثيراتها الصحية لا تزال غير مفهومة بالكامل. 4- التغير في استخدام الأراضي، وهو ما تعكسه إزالة الغابات والتحول للزراعة والمناطق الحضرية. 5- دورات النيتروجين والفوسفور – نتيجة الاستخدام المفرط للأسمدة، فدورة النيتروجين تحدث بين الغلاف الجوي واليابسة والماء والكائنات الحية، حيث تقوم الكائنات الحية بتثبيت النيتروجين الغازي (N2sub 22) في التربة لتحويله إلى شكل يمكن للنباتات امتصاصه، ثم ينتقل عبر السلسلة الغذائية، وعلى النقيض من ذلك، فإن دورة الفوسفور لا تتضمن غلافًا جويًا، بل تحدث بشكل رئيسي في الصخور والماء والتربة والكائنات الحية، حيث يتم تحرير الفوسفور من الصخور عن طريق التجوية وتعود الأمور بشكل أساسي عبر الجريان السطحي. 6- موارد المياه العذبة، تأثرت بالاستنزاف والتلوث اللذين أثرا على التوازن المائي العالمي. 7- تحمّض المحيطات –فالبحر يمتص ثاني أوكسيد الكربون CO₂، مما يخفض درجة الـ pH (الرقم الهيدروجيني وهو قياس يحدد مدى حموضة أو قاعدية سائل ما) وهو ما يؤدي إلى زيادة الحموضة بنسبة 30% تقريبًا، مما يؤثر سلبًا على الكائنات البحرية، وبشكل ملموس: "من الواضح أن الحركة التي نرصدها تسير في الاتجاه الخاطئ، فالمحيط يزداد حمضية، وتنخفض مستويات الأكسجين، وتتزايد موجات الحر البحرية، وهذا يزيد الضغط على نظام حيوي لاستقرار الظروف على كوكب الأرض". حسب ما يؤكده ليفكي سيزر، الرئيس المشارك لمختبر علوم حدود الكواكب في معهد بيك (معهد بوتسدام بألمانيا لأبحاث تأثير المناخ).

 

ما الحدود التي لم نتجاوزها بعد؟

ثمة حدان فقط لا يزالان في نطاق المقبول:

إعلان 1- طبقة الأوزون، فقد تحسنت بفضل بروتوكول مونتريال 2- الهباء الجوي (الجزيئات العالقة في الغلاف الجوي، لا تزال في النطاق الآمن، لكن الخطر قائم ويشير الخبراء إلى أن "75% من أنظمة دعم الحياة على الأرض لم تعد في منطقة الأمان"، لكنهم ينبهون إلى أن تجاوز هذه الحدود لا يعني كارثة فورية، لكنه يزيد من احتمال الانهيارات البيئية الكبرى.ويعطي النجاح في استعادة طبقة الأوزون وتقليل تلوث الهباء الجوي أملاً بأن السياسات البيئية الجادة يمكن أن تحدث فرقًا، كما يقول الخبير البيئي يوهان روكستروم: "الفشل ليس حتميًا، بل هو خيار، يمكننا أن نتجنبه". حسب ما جاء في تقرير لوبوان.

مقالات مشابهة

  • الطرد خارج الحلبة!!
  • السفير الفلسطيني ينفي التوطين ويؤكد التمسك بالعودة
  • حساب المواطن يوضح معنى حالة «الطلب المكتمل»
  • أسامة فخري الجندي: معنى التصوف الحقيقي يرتبط بـ 3 حالات يتقلب فيها الإنسان دائمًا
  • حازم إمام بعد استقالته من جهاز الزمالك: لا أتحمل أن أكون بلا دور
  • حساب المواطن يوضح معنى حالة الطلب مكتمل كلياً بدون مرفقات
  • البشرية في خطر.. 7 حدود كوكبية من أصل 9 تجاوزناها فما معنى ذلك؟
  • الأقصر.. عراقة الوجود الإنساني في ندوة بمعرض الأقصر الرابع للكتاب
  • ماذا أفعل إذا أردت أن أكون محبوبًا لله؟ .. علي جمعة يوضح
  • محمد صبحي: طلبت من الله أن أكون مختلفًا.. وأصابني قلق المعرفة مبكرًا