في قصتها "لغز الكرة الزجاجية"، استطاعت الكاتبة السورية ماريا دعدوش أن تتناول بطريقة مثيرة مشكلتي ولع الأطفال بالألعاب الإلكترونية والتلوث الذي تتعرض له البيئة على مستوى العالم، عبر بناء سردي سلس وحبكة محكمة.

وحصلت الكاتبة المخضرمة -التي نشرت أكثر من 50 كتابا- على عدد كبير من الجوائز والمنح كجائزة كتارا للرواية العربية، وجائزة خليفة للإبداع التربوي، وجائزة شومان لأدب الأطفال، وغيرها الكثير، وهو ما يعود لدأبها وحرصها الدائم على التعلم والتقدم أكثر في مجال الكتابة عموما، والكتابة للأطفال والناشئة خصوصا.

تحدثت دعدوش إلى الجزيرة نت عن كيفية تنشئة طفل محب للقراءة وعن الطريقة التي يمكن بها لقصص الأطفال صناعة طفل سوي، فكان لنا معها هذا الحوار:

كيف يمكن للأم التي لم تبدأ بعد قراءة القصص لأطفالها البدء فعلا؟

أنصح الأمهات الجدد بأن يتعرفن على عالم كتب الأطفال، ويعطونه من وقتهن وطاقتهن، أصحاب المكتبات عادة يساعدون في توجيه الأم نحو دور النشر المحترمة، والكتاب والرسامين الجيدين، لكن أيضا الكتاب الناجح يجب أن يعجب الكبار بالقدر نفسه الذي يعجب به الصغار، لذلك فإن أي كتاب يلفت انتباه الأم من حيث الموضوع أو الرسوم، أو الإخراج، أو اللغة، سيلفت انتباه أطفالها أيضا، المهم أن تبدأ رحلتها في القراءة لهم.

الكاتبة ماريا دعدوش: أنصح الأمهات الجدد بأن يتعرفن على عالم كتب الأطفال ويعطونه من وقتهن وطاقتهن (الجزيرة) هل تصلح كل قصص الأطفال لكل الأطفال، أم أن هناك فنا لاختيار القصة الملائمة بحسب شخصيته واحتياجاته؟

عدا عن القصص الفلسفية، التي عادة ما يكون لها جمهور خاص، فمن المتوقع لقصة الطفل الناجحة أن تجذب كل الأطفال مهما كانت شخصياتهم، واحتياجاتهم.

وتجد ما يشبه الاتفاق العام بشأنها، فعلى سبيل المثال أفلام مثل "الأسد الملك" أو فيلم "قصة لعبة" تحظى بإجماع، فكل من شاهدهما وقع في غرامهما والأمر نفسه ينطبق على الكتب، لكن بالطبع تعمد الأم، أحيانا، لاختيار مواضيع معينة لتساعدها على اجتياز مرحلة معينة يمر بها أطفالها، مثل أن تختار كتابا عن أول يوم في الروضة كي تحضر أطفالها نفسيا لذلك اليوم، وهكذا.

أحب أن اعتبر كتب الأطفال منصة تنطلق منها الأم في حوار مع أبنائها كي تسبر أغوار أفكارهم ومخاوفهم وأحلامهم، ولتبني مخزونا مشتركا من النكات والمفردات والأفكار معهم.

تعاني كثير من الأمهات انعدام تركيز الطفل أو نفاد صبره.. كيف يمكن للأم أن تغري صغيرها باستكمال الحكاية حتى النهاية؟

"كان يا مكان في قديم الزمان"، جملة لم تفقد سحرها منذ الأزل برأيي، من هؤلاء الأطفال الذين يستطيعون مقاومة حضن الأم، وصوتها الدافئ، وكتابا رائعا يفتح الأبواب على عالم الخيال؟ ليس من الضروري أن نبقي الأطفال حتى يستكملوا القصة لنهايتها ما داموا مستمتعين، ولا بأس أن نكملها في وقت لاحق.

وأود أن أشير إلى أن دورة الانتباه لا تولد طويلة مع الإنسان، إنما تطول بالمران والمواظبة، وهذا يعني أن أطفالنا يبقون منتبهين اليوم لدقائق، وغدا أكثر وأكثر، حتى يأتي اليوم الذي تود فيه الأم أن تترك الكتاب لتباشر واجباتها، لكن يتشبث أطفالها بها يريدون مزيدا من الكتب، وذلك يحدث بترسيخ طقوس القراءة يوميا بإصرار وثبات بغض النظر عن الشواغل مهما كانت.

الكاتبة ماريا دعدوش توقع إحدى الروايات الموجهة للأطفال (الجزيرة) هل يمكن أن تلعب قصة في طفولة المرء دورا في إصلاح ألم نفسي كفقد أحد الوالدين أو حتى فقد الوطن في حالة الحروب والنزاعات؟

لو لم تصلح بالكامل، فلا بد أنها مدخل للمصلحين أو المعالجين، يكسرون عبرها الجليد مع الأطفال كي يشجعوهم على مشاركة مخاوفهم العميقة حتى تطفو للسطح والعلن، ويساعدوهم على تبديدها. للقصص سحرها وقوتها ولهذا السبب امتلأت الكتب السماوية بالقصص.

هل فرضت الضرورة "أدب حرب" موجها للأطفال؟ وما دوره وأهميته، برأيك؟

انتشرت الحروب، واشتعلت مناطق النزاع في بقاع العالم. أدب الحرب، من جهة، يمثل الأطفال الذين يعانون في أماكن الصراع، فلا يشعرون أنهم منسيون ومهمشون وحدهم، ومن جهة أخرى، يساعد الأطفال الآخرين في المناطق الآمنة على أن يثمنوا السلام وألا يعتبروه من المسلمّات المجانية المتاحة لكل الأطفال في العالم.

أيهما أصعب الكتابة للأطفال أم الكبار؟ وكيف تقررين أن فكرة بعينها هي الأصلح من بين كل الأفكار بحيث تبدئين العمل عليها؟

درست في جامعة لوس أنجلوس كل أنواع الكتابة، للأطفال والمراهقين والكبار، فأساس اختصاصي كان في الرواية، وقد كتبت لكل الأعمار، لكن العمر الذي أجده الأصعب هو عمر 9-11، لأن الأطفال في هذا العمر بدؤوا ينضجون ويشعرون أنهم فهموا الحياة أكثر من الكبار، وابتدأ لديهم نوع من التحدي للتعليمات والأوامر التي حرص المربون على تنشئتهم عليها، ولهذا فلا بد من طريقة خاصة جدا في محاباة هذا العمر، نعترف فيها بنضجهم لكن في الوقت نفسه نأخذ بأيديهم نحو الصواب.

يحدث دوما أن تتجاوز مسودات قصصي لهذا العمر 15 مسودة، قبل أن أصل لنسخة أرضى عنها، على عكس الأعمار الأكبر والأصغر، لكن بالطبع أنا لا أعمم، وربما يجد آخرون صعوبة في الأعمار الأخرى.

"من أخذ العربة؟" و"لغز الكرة الزجاجية" من الروايات الموجهة للأطفال للكاتبة ماريا دعدوش (الجزيرة) ما الدور الذي تلعبه الجوائز الموجهة لكتّاب الأطفال في خدمة أدب الطفل؟

الجوائز تحفز الكتّاب والرسامين والناشرين على بذل أقصى جهودهم، وقد أسهمت بصورة فلكية في تحسين واقع الكتب في العالم العربي ولهم جزيل الشكر.

ما قصة المنحة التعليمية التي حصلت عليها؟ وما موضوع دراستك؟ وما طموحك في مجال الكتابة؟

حصلت على منحة "كلير كارمايكل" في الرواية في جامعة لوس أنجلس، ودرست الكتابة الإبداعية وتخصصت في الرواية، طموحي أن ألفت انتباه قراء الراحل الرائع أحمد خالد توفيق لكي لا تبقى ساحة اليافعين خالية من بعده.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

دراسة: الأنظمة الغذائية النباتية قد تكون صحية للأطفال.. ولكن بشروط

قال باحثون إن الأطفال الذين يتّبعون أنظمة غذائية نباتية قد يحتاجون إلى مكملات غذائية أو أطعمة مدعّمة لضمان الحصول على ما يكفي من العناصر الأساسية.

خلصت مراجعة رئيسية جديدة إلى أنّ الأنظمة الغذائية النباتية أو الخالية تماماً من المنتجات الحيوانية يمكن أن تكون صحية للأطفال، لكنهم على الأرجح سيحتاجون إلى أطعمة مُدعّمة أو مكملات للحصول على جميع العناصر الغذائية التي يحتاجون إليها.

ووفقاً للدراسة، قد توفر الأنظمة الغذائية النباتية أيضاً بعض الفوائد الصحية للأطفال، بما في ذلك صحة قلبية وعائية أفضل مقارنةً بالأطفال الذين يتناولون اللحوم. وقد نُشرت الدراسة في Critical Reviews in Food Science and Nutrition.

وتشير النتائج إلى أنّ "الأنظمة النباتية والنباتية الصِرفة المُخطط لها جيداً والمُدعّمة على نحو مناسب يمكن أن تلبي الاحتياجات الغذائية وتدعم النمو الصحي لدى الأطفال"، بحسب ما قالت مونيكا دينو، المؤلفة الرئيسية للدراسة وباحثة في جامعة فلورنسا في إيطاليا، في بيان.

وقال الباحثون إن هذه الدراسة هي الأكثر شمولاً حتى الآن بشأن الأنظمة الغذائية النباتية لدى الأطفال.

حلّلوا بيانات نحو 49 ألف طفل ومراهق في 18 دولة، متابعين عاداتهم الغذائية ونتائجهم الصحية ونموّهم وحالتهم التغذوية. وشملت الأنماط الغذائية النباتيين (يتناولون منتجات الألبان والبيض ولا يأكلون اللحوم أو السمك أو الدواجن) إضافةً إلى النباتيين الصرف وآكلي كلّ شيء.

يميل الأطفال النباتيون إلى تناول كميات أكبر من الألياف والحديد والفولات وفيتامين سي والمغنيسيوم مقارنة بآكلي كلّ شيء، لكنهم يحصلون على طاقة وبروتين ودهون وفيتامين بي 12 وفيتامين دي وعنصر الزنك بكميات أقل.

وكانت الأدلة أقلّ بشأن الأنظمة النباتية الصِرفة، لكن الأنماط كانت متشابهة. ووجدت الدراسة أن الأطفال النباتيين الصرف لديهم تناول منخفض بشكل خاص للكالسيوم.

وقال الباحثون إن الأطفال الذين يتبعون أنظمة غذائية نباتية قد يحتاجون إلى تناول مكملات أو أطعمة مُدعّمة لتجنّب نقص بعض العناصر الغذائية الأساسية.

وقالت جينيت بيزلي، وهي إحدى مؤلفات الدراسة وأستاذة مشاركة في جامعة نيويورك في الولايات المتحدة: "من اللافت أن مستويات فيتامين بي 12 لا تصل إلى الحد الكافي من دون مكملات أو أطعمة مُدعّمة، وكان تناول الكالسيوم واليود والزنك غالباً عند الحد الأدنى من النطاقات الموصى بها".

تمتع الأطفال النباتيون الصرف والنباتيون بصحة قلبية وعائية أفضل من الأطفال الذين يتناولون اللحوم. ويميل النباتيون إلى أن يكونوا أقصر قليلاً وأنحف، مع مؤشر كتلة جسم (BMI) وكتلة دهنية ومحتوى معدني عظمي أقل.

Related لماذا يحذر الخبراء من إعطاء الأطفال مكملات غذائية كالفتيامينات؟

وكانت لديهم أيضاً مستويات كوليسترول أقل، بما في ذلك كوليسترول البروتين الدهني منخفض الكثافة (LDL)، وهو الشكل "السيئ" أو "غير الصحي" من الكوليسترول الذي يمكن أن يؤدي إلى تراكم اللويحات في الشرايين.

لكن للدراسة بعض القيود؛ فمثلاً من الصعب إثبات ما إذا كانت الأنظمة الغذائية للأطفال سببت مباشرة الفروق في نتائجهم الصحية. وقد تختلف الأسر التي تختار الأنظمة النباتية عن آكلي اللحوم من حيث الوضع الاجتماعي الاقتصادي أو عوامل نمط الحياة.

يوصي الباحثون بأن يضع الآباء أنظمة أبنائهم الغذائية بعناية، على سبيل المثال، بدعم من أطباء الأطفال وأخصائيي التغذية.

وقالوا إنه ينبغي أن تكون هناك إرشادات رسمية أكثر لمساعدة الأسر التي تعتمد الأنظمة النباتية على ضمان تلبية الاحتياجات الغذائية لأطفالها خلال نموّهم.

وقالت دينو: "نأمل أن تقدّم هذه النتائج إرشادات أوضح بشأن فوائد الأنظمة النباتية ومخاطرها المحتملة، بما يساعد العدد المتزايد من الآباء الذين يختارون هذه الأنظمة لأسباب صحية أو أخلاقية أو بيئية".

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • دراسة: 6 فوائد مشروطة للأنظمة الغذائية النباتية للأطفال
  • النيابة تواجه مدرب المنصورة المعتدى على الأطفال بـ200 فيديو صورها
  • متى يسقط القانون حضانة الأم؟.. وهل تؤثر الأحكام الجنائية على صلاحيتها؟
  • دراسة: الأنظمة الغذائية النباتية قد تكون صحية للأطفال.. ولكن بشروط
  • أفضل طرق لتدفئة الأطفال في برد الشتاء
  • القبض على مدرب بمحاولة الاعتداء على الأطفال بأكاديمية كرة قدم
  • «أمهات مصر»: 93% من أولياء الأمور يؤيدون منع السوشيال ميديا للأطفال أقل من 16 عامًا
  • العثور على جثمان الطفل الذي جرفته السيول في كلار
  • "إعلام البحيرة" يطلق فعاليات توعية للأطفال ضد التحرش
  • إعلام صديق للطفولة يدعو إلى مراعاة المبادئ المهنية في تناول قضايا الطفل