خواء خطاب «بريطانيا العالمية»
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
كان الموعد الأكثر أهمية فى جدول مواعيد زعيم حزب العمال السير كير ستارمر هو اللقاء الثنائى مع إيمانويل ماكرون فى الإليزيه. نص البروتوكول على عدم ظهور أى لقطات تليفزيونية للاجتماع، نظراً لوضع السير كير كزعيم للمعارضة. لكن هذا كان أكثر كثيراً من مجرد النظر إلى دور رئيس الوزراء. وإذا كان لحكومة حزب العمال المستقبلية أن تفى بتعهدها «بإنجاح خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى»، فإن حسن النية الفرنسية سيكون حاسماً.
وبعبارة أبسط، إن عملية الموازنة هذه ستكون صعبة للغاية. وثمة ورقة عمل فرنسية ألمانية حول إصلاح الاتحاد الأوروبى، نشرت أثناء اجتماع الزعيمين، تؤكد أن الاتحاد يواجه «منعطفاً حاسماً يتميز بالتحولات الجيوسياسية والأزمات العابرة للحدود الوطنية والتعقيدات الداخلية». إن التوسع شرقاً، ومسألة أوكرانيا، وأزمة الهجرة، والتحديات الاقتصادية الهائلة، كلها تهيمن على أذهان زعماء الاتحاد الأوروبى. ولا يوجد نطاق ترددى أو إرادة سياسية لإعادة إطلاق مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى التى تستغرق وقتا طويلا لمعالجة مجموعة أخرى من التطلعات البريطانية المفصلة.
وبالتالى فإن أى إعادة كتابة رئيسية للصفقة الحالية من المرجح أن تتم فقط من خلال العروض الكبيرة المقدمة من حكومة حزب العمال فى المستقبل- فى مجالات مثل قواعد التجارة المشتركة، والهجرة، والدفاع والأمن. وقد يعنى ذلك تنازلات تنتهك الخطوط الحمراء، الأمر الذى يثير استعداء الناخبين الذين يصوتون لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبى، والذين يسعى الحزب بشدة لاستعادة دعمهم. والتظاهر بخلاف ذلك يعنى الانغماس فى النزعة الكعكية الوهمية التى أوصلت البلاد إلى الفوضى الحالية. وحتى لو تم تقديم مثل هذه العروض خلال فترة ولايته الأولى، فإن جهود السير كير للتوصل إلى اتفاق مع بروكسل قد تصبح أكثر صعوبة بسبب وجود معارضة من حزب المحافظين ملتزمة بإلغاء أى اتفاق جديد.
هذا لا يعنى أن حزب العمل ليس لديه مجال للمناورة. وتشير أحدث استطلاعات الرأى إلى أن تأييد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى انخفض الآن إلى 32%. فقد أصبحت العواقب الاقتصادية السلبية المترتبة على الخروج من الاتحاد الأوروبى غير قابلة للنقاش، وانكشف خواء الخطاب المحافظ الذى يناصر «بريطانيا العالمية». ربما لم يتناول السير كير بشكل مباشر علاقات بريطانيا مع الاتحاد الأوروبى فى اجتماعه فى الإليزيه. لكنه سعى إلى إظهار أن حكومة حزب العمال يمكن أن تجلب مزاجاً تعاونياً جديداً وتفكيراً جديداً فى الأوقات المضطربة. لقد كانت تلك رسالة مبكرة تستحق الإرسال بشكل كبير. ولكن عندما يتعلق الأمر بأوروبا، فإن التطلعات المستقبلية لابد أن تكون مصحوبة بإجراءات ذات معنى.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصطفى محمود بريطانيا العالمية حزب العمال حزب العمال
إقرأ أيضاً:
أرضنا لا تقبل المساومة| رسائل الرئيس السادات من الكنيست بلسان الحاضر.. ماذا قال؟
مرّت نحو خمسون عامًا على خطاب الرئيس الراحل محمد أنور السادات في الكنيست الإسرائيلي، والذي شكل نقطة تحول تاريخية في الصراع العربي الإسرائيلي.
ويتداول ملايين المصريين ومواقع التواصل الاجتماعي، خطاب السادات كل عام بمناسبة ذكرى تحرير سيناء 25 أبريل 1982.
كلمات السادات كانت أكثر من مجرد تصريحات، فقد كانت تعبيرًا واضحًا عن موقف مصر الثابت، الذي يرفض المساومة على الأرض، ويؤكد على أهمية السلام كمبدأ رئيسي للتعايش.
زيارة السادات إلى الكنيستزيارة السادات إلى إسرائيل كانت هي الأكثر زهوًا على مر التاريخ، حيث حملت معها رسائل قوية تعبر عن رغبة مصر في السلام وحق العرب في أرضهم.
كان السادات، بطل الحرب والسلام، يتحدث بدراية حول ما تعانيه الأمة العربية بسبب استخدام القوة في مواجهة التحديات، وكانت نبرته تحمل دعوة واضحة للابتعاد عن الحروب والعنف.
لم يكن يتحدث الرئيس الراحل فقط عن مصر، بل كان يتحدث عن كل الدول العربية، مشيرًا إلى أن القوة لن تفرض السلام وأن العرب لا يمكن إخضاعهم بالعنف.
خطاب السادات في الكنيستيقول السادات في خطابه التاريخي: "وبكل صراحة، وبالروح التي حدت بي على القُدوم إليكم اليوم، فإني أقول لكم، إنَّ عليكم أن تتخلّوا، نهائيًا، عن أحلام الغزو، وأن تتخلّوا، أيضًا، عن الاعتقاد بأن القوة هي خير وسيلة للتعامل مع العرب".
وأضاف في عقر دارهم: " لقد كان بيننا وبينكم جدار ضخم مرتفع، حاولتم أن تبنُوه على مدى ربع قرن من الزمان، ولكنه تحطم في عام1973.. كان جدارًا من الحرب النفسية، المستمرة في التهابها وتصاعدها، كان جدارًا من التخويف بالقوة، القادرة على اكتساح الأمة العربية، من أقصاها إلى أقصاها.
كان جدارًا من الترويج، أننا أمّة تحولت إلى جثة بلا حراك، بل إن منكم من قال إنه حتى بعد مضيّ خمسين عامًا مقبلة، فلن تقوم للعرب قائمة من جديد، كان جدارًا يهدد دائما بالذراع الطويلة، القادرة على الوصول إلى أي موقع وإلى أي بُعد.
كان جدارًا يحذرنا من الإبادة والفناء، إذا نحن حاولنا أن تستخدم حقّنا المشروع في تحرير أرضنا المحتلة، وعلينا أن نعترف معًا بأن هذا الجدار، قد وقع وتحطم في عام 1973.
رسائل السادات بلسان الحاضررسائل الرئيس السادات في الماضي تنسحب على اليوم بكل ما تملكه من معانٍ ودلائل، فلن تخضع غزة بالقوة، ولن يستسلم أهلها، وأن وهم إسرائيل بتصفية القضية الفلسطينية مجرد هواجس شيطانية لن تصل بها إلا لمزيد من التعقيد والتورط في حرب ستستنزف الجميع وترهق إسرائيل ومن يدعمها وتلقي بها في جحيم لن ينتهي.
رسالة الماضي والحاضر لإسرائيل: تخلوا نهائيًا عن أحلام الغزو
"إنَّ عليكم أن تتخلّوا، نهائيًا، عن أحلام الغزو"، "إنَّ عليكم أن تستوعبوا جيدًا دروس المواجهة بيننا وبينكم، فلن يجيدكم التوسع شيئًا، ولكي نتكلم بوضوح، فإن أرضنا لا تقبل المساومة ولا يملك أي منا ولا يقبل أن يتنازل عن شبر واحد منه، وليست عُرضة للجدل. إنَّ التراب الوطني والقومي، يعتبر لدينا في منزلة الوادي المقدس طُوى، الذي كلَّم فيه الله موسى - عليه السلام. ولا يملك أي منّا، ولا يقبل أن يتنازل عن شبر واحد منه، أو أن يقبل مبدأ الجدل والمساومة عليه".. هكذا تحدث السادات.
اليوم، وبعد مرور نصف قرن، لا تزال مواقف مصر ثابتة. فالقضية الفلسطينية لا تزال حية في وجدان المصريين، ولا تزال مصر تدعو إلى السلام كسبيل لإنهاء الصراع. السادات كان قد نادى بضرورة العدول عن أحلام الغزو، وهو نفس المنطلق الذي تقف عليه مصر حاليًا في سياستها الخارجية.
كان السادات يرى ما يخبئه المستقبل، حيث كان يدرك تمامًا أن استمرار العنف لن يؤدي إلا إلى مزيد من الألم والمعاناة. ومع ذلك، تمسك بمبدأ أنه لا مكان للمساومة على الأرض، وأن التراب الوطني هو حق لا يُقبل الجدل حوله. أسس السادات قاعدة لكل العرب، مفادها أن السلام الحقيقي يتطلب إرادة قوية والتزامًا من جميع الأطراف.