الإبادة بحق المساليت في دارفور على يد الدعم السريع - شهادات تشيب لها الولدان
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
مذبحة مروعة في مدينة الجنينة في دارفور
تفيد العشرات من روايات الشهود بأن المذبحة التي وقعت في مدينة الجنينة، عاصمة ولاية غرب دارفور، نتجت عن أكثر من 50 يوما من الهجمات على قبيلة المساليت، المنحدرة من عرق إفريقي والتي تشكل أغلبية سكان الجنينة.
مختارات الأمم المتحدة تطالب بتحقيق العدالة في مقتل خميس أبكر والي غرب دارفور مطالب أممية بفتح تحقيق في عمليات القتل "المروعة" في غرب دارفور عشرات القتلى في قصف استهدف جنوب العاصمة الخرطوم نقص الأدوية والرعاية الطبية يفاقم أوجاع اللاجئين السودانيين في تشاد حميدتي يطالب بتغيير قيادة الجيش السوداني لإنهاء القتالوطبقا لروايتهم، التي أدلوا بها لوكالة رويترز، فقد شُنت تلك الهجمات من قبل قوات الدعم السريع السودانية، وهي قوة شبه عسكرية منبثقة بشكل كبير من الجماعات العربية والميليشيات العربية المتحالفة معها المعروفة باسم الجنجويد.
في 15 أبريل/ نيسان 2023 وقعت اشتباكات بين القوات المسلحة السودانية بقيادة عبد الفتاح البرهانوقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف باسم حميدتي، تركّزت في الخرطوم بداية لكنها سرعان ما امتدَّت إلى مدن أخرى وخصوصا الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور.
بداية جريمة الدعم السريع بحق المساليت
بعد أسبوع من بداية القتال بين قوات الجيش وميلشيا الدعم السريع، وفي حوالي الساعة السابعة من صباح يوم 24 أبريل/ نيسان، كان بدر الدين عبد الرحمن يستعد لمغادرة منزله عندما سمع دوي طلقات نارية. وبدر عبد الرحمن هو موظف في منظمة إنسانية دولية في الجنينة وكان يعيش على بعد 400 متر من مقر قوات الدعم السريع. وقال هو وسكان آخرون إن مناوشات اندلعت بين قوات الدعم السريع ووحدة من الجيش السوداني تتمركز في شمال الجنينة.
صورة رمزية لإحدى وحدات قوات الدعم السريع (أرشيف)
وروى عبد الرحمن وعشرات الشهود الآخرين، وجميعهم فروا لاحقا إلى تشاد، ما حدث بعد ذلك، فقالوا إن جنود الجيش السوداني انسحبوا بسرعة إلى قاعدتهم في أقصى الطرف الشمالي الشرقي من الجنينة. ومع انسحابهم، وجهت قوات الدعم السريع والميليشيات العربية نيران أسلحتها إلى سكان المناطق التي تقطنها أغلبية من المساليت في جنوب المدينة. ووصل بعض رجال الميليشيات العربية، كانت وجوههم محجوبة، على ظهور الخيل أو على دراجات نارية أو على متن سيارات لاند كروزر مغطاة بالطين.
المساليت يهرعون للسلاح دفاعا عن أنفسهم
وثار قلق سكان المساليت من تكرار الأعمال العدائية التي استهدفتهم في الماضي. وذكر ستة أشخاص كانوا حاضرين أنه في حوالي الساعة الثانية بعد الظهر، هرع المئات من السكان المساليت إلى مستودعات الأسلحة الخاصة بالشرطة. وفتح رجال الشرطة، وبعضهم من المساليت، الأبواب وسمحوا للحشد بالاستيلاء على الآلاف من بنادق الكلاشنيكوف. وقال خمسة شهود لرويترز إن كبار السن من الرجال ونساء ومراهقين، غير مدربين على استخدام الأسلحة، شوهدوا في الشوارع مسلحين بالبنادق.
الغابة تتحول إلى مقبرة جماعية كبيرة
وقال ناشط "دخلت مدينه الجنينة في حالة من التجييش والعسكرة الإجبارية لمواجهة بطش المليشيات التي تحاصر المدينة".
وفي تلك الليلة (24 أبريل/ نيسان)، تم دفن أولى الجثث في مقبرة الغابة، وكان تدفق الجثث مستمرا ويقول المدرس عبد الماجد عبد الله إنه ساعد في تلك الليلة في نقل 52 جثة ملفوفة بأغطية، 27 رجلا و16 امرأة وتسعة أطفال، حيث أرقدوهم في صف في حفر حديثة.
ويقول الجرّاح كمال آدم إنه في 27 أبريل/ نيسان، رافق جثمان والده الذي قتل بالرصاص داخل منزله، ووضعه في واحدة من ثلاث حفر كبيرة ومعه 107 جثث أخرى.
وفي 29 أبريل/ نيسان، دفنوا 56 آخرين. وفي السابع من مايو/ أيار، حضر المحامي خالد إسماعيل دفن 85 شخصا بينهم زميله الذي يقول إنه أُحرق حيا بعد أن حبسه المهاجمون في بيته وأشعلوا فيه النار.
واستمر الدفن في مقبرة الغابة لأكثر من سبعة أسابيع، من أواخر أبريل/ نيسان حتى منتصف يونيو/ حزيران، وتحولت قطعة الأرض المستطيلة إلى مقبرة جماعية مترامية الأطراف لما لا يقل عن 1000 من سكان مدينة الجنينة.
وصل سعار القتل إلى ذروته على مدى عدة أيام منتصف يونيو/ حزيران، وتحولت الجنينة إلى "مستنقعات من الدم" بحسب وصف أحد الناجين. ووصف آخر إراقة الدماء بأنها "يوم القيامة".
وكان الخطر مستمرا بلا هوادة لدرجة أن العديد من الناجين قالوا لرويترز إنهم لم يتمكنوا من دفن موتاهم على الفور كما يقتضي العرف الإسلامي والمحلي.
القتل والاغتصاب وجرائم أخرى تقشعر لها الأبدان
وقال تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش نُشر في 17 أغسطس/ آب إن قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معها اغتصبت عشرات النساء والفتيات. وذكر التقرير "يبدو أن المهاجمين استهدفوا الناس لأنهم من عرقية المساليت، وفي بعض الحالات، لأنهم كانوا نشطاء معروفين".
معسكر أدري في تشاد، هنا وجد اللاجئون من دارفور ملاذا من القتل والاغتصاب لكنهم يعانون من نقص الرعاية الصحية والطعام والأمراض وكوابيس ما بعد الصدمة.
وصفت فتاة تبلغ من العمر 15 عاما لرويترز كيف شاهدت قتل أبيها وأمها ثم تعرضها للاغتصاب الجماعي. وكانت تتحدث بجمل قصيرة، متجنبة التواصل البصري، وهي جالسة بجانب أختها الكبيرة في مخيم اللاجئين المترامي الأطراف الذي نشأ في أدري، وهي مدينة على الحدود التشادية السودانية.
وقالت الفتاة إنه في الساعات الأولى من صباح 27 أبريل/ نيسان، تعرض مخيم النازحين في الجنينة حيث كانت تعيش مع أسرتها للقصف. ثم وصل مقاتلو قوات الدعم السريع والجنجويد سيرا على الأقدام. وجروا والدها إلى الشارع وأطلقوا النار عليه في صدره وقالت "والدتي كانت تتوسل لهم يتوقفوا... ضربوها في رقبتها... طشوا (حرقوا) البيت بعد ما كبوا بترول".
وأضافت الفتاة أنها ركضت مذعورة ومعها حوالي 15 شخصا إلى مبنى على الجانب الآخر من الشارع واحتموا به، ليقعوا في أيدي مقاتلي قوات الدعم السريع الذين يحتلون المبنى.
لاحظت خمسة مقاتلين من المجموعة التي قتلت والديها. حبسوها هي وصديقتها في غرفة. وقالت إن الرجال كانوا يرتدون الزي العسكري والقبعات الحمراء الخاصة بقوات الدعم السريع. ولمدة خمس ساعات، تناوبوا على اغتصابها هي وصديقتها، وسمعت صديقتها تصرخ "اقتلني". ثم كان هناك طلق ناري. وقالت الفتاة "لقد دقوها (أطلقوا عليها الرصاص) لأنها كانت ترد. أنا فضلت ساكتة".
يذكر أن المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان كان قد أعلن يوم الخميس 27 يوليو/ تموز فتح تحقيق جديد في جرائم حرب في إقليم دارفور السوداني، داعيا إلى عدم السماح لـ"التاريخ بأن يُعيد نفسه". قاصدا بذلك الحرب الأهلية التي وقعت في إقليم دارفور في مطلع الألفية الجديدة وأودت بحياة نحو 300 ألف شخص.
ص.ش/ف.ي (رويترز)
المصدر: DW عربية
كلمات دلالية: مدينة الجنينة إقليم دارفور قبيلة المساليت الجيش السوداني قوات الدعم السريع عبدالفتاح البرهان محمد حمدان دقلو حميدتي اغتصاب وقتل دويتشه فيله مدينة الجنينة إقليم دارفور قبيلة المساليت الجيش السوداني قوات الدعم السريع عبدالفتاح البرهان محمد حمدان دقلو حميدتي اغتصاب وقتل دويتشه فيله قوات الدعم السریع غرب دارفور
إقرأ أيضاً:
54 قتيلا في قصف لقوات الدعم السريع على سوق في ضواحي الخرطوم
الخرطوم - قُتل 54 شخصا السبت 1فبراير2025، جراء قصف لقوات الدعم السريع على سوق في أم درمان بضواحي العاصمة السودانية الخرطوم، وفق ما أفاد مصدر طبي وكالة فرانس برس.
وقال المصدر في مستشفى النو طالبا عدم كشف هويته، إنّ الجرحى "ما زالوا يصلون إلى المستشفى" بعد الهجوم الذي نسبه إلى قوات الدعم السريع.
وأشار المصدر إلى أن حصيلة القصف بلغت 54 قتيلا بعدما كان أفاد في وقت سابق بمقتل 40.
ويشهد السودان منذ نيسان/أبريل 2023 نزاعا داميا بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوّات الدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو الملقب "حميدتي".
ويواجه طرفا النزاع اتهامات بارتكاب جرائم حرب ولا سيما استهداف مدنيين، وشنّ قصف عشوائي على منازل وأسواق ومستشفيات، وعرقلة دخول المساعدات الإنسانية وتوزيعها.
وأدّى النزاع في السودان إلى كارثة إنسانية هائلة مع مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من 12 مليون شخص فيما الملايين على حافة المجاعة.
وقال أحد الناجين في تصريح لفرانس برس "القذائف سقطت في وسط سوق الخضار بصابرين ما يفسّر العدد الكبير من الضحايا والمصابين".
وقال أحد المتطوعين في مستشفى النو "نحتاج إلى اكفان ومتبرعين بالدم ونقالات لنقل الجرحى".
يعد المستشفى أحد آخر المرافق الطبية التي ما زالت تعمل في المنطقة، وسبق أن تعرّض مرارا لهجمات.
بعد مراوحة استمّرت أشهرا في الخرطوم، كسر الجيش الأسبوع الماضي حصارا كانت قوات الدعم السريع تفرضه على مقر قيادته العام في العاصمة السودانية.
في الوقت نفسه، أعلن الجيش استعادة مقر سلاح الإشارة وطرد قوات الدعم السريع من مصفاة الجيلي النفطية في شمال الخرطوم.
وقال شهود على هجوم السبت لوكالة فرانس برس إنّ مصدر القصف كان غرب أم درمان، وهي منطقة لا تزال تحت سيطرة قوات الدعم السريع.
وقال أحد سكان قطاع يقع إلى جنوب أم درمان " تتساقط القذائف الصاروخية والمدفعية"، مشيرا إلى هجوم لقوات الدعم السريع على محاور عدة.
- هجوم مضاد -
وتوعّد قائد قوّات الدعم السريع الجمعة بـ"طرد" الجيش السوداني من الخرطوم، مقرّا للمرّة الأولى وبطريقة غير مباشرة بالانتكاسات التي تكبّدتها قوّاته في العاصمة.
وفي خطاب متلفز نادر، قال دقلو إن عناصر الجيش لن يستفيدوا من مقرّ القيادة أو معسكر سلاح الإشارة لفترة طويلة، متعهّدا بـ"طردهم"، كما حصل سابقا.
منذ بدء النزاع واستهدافها بالقصف قبل نحو عامين، تحوّلت الخرطوم إلى ما يشبه معسكرا للمقاتلين.
في ولاية الخرطوم قُتل 26 ألف شخص بين نيسان/أبريل 2023 وحزيران/يونيو 2024، وفقا لتقرير صادر عن كلية لندن للصحة والطب الاستوائي.
وأفرغت أحياء بأكملها من السكان واستولى عليها مقاتلون مع فرار 3,6 ملايين شخص من العاصمة، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
وفق شهود تعذّرت عليهم المغادرة أو رفضوا أن يغادروا، تعرّضت المناطق السكنية للقصف بانتظام.
يعاني ما لا يقل عن 106 آلاف شخص من المجاعة في العاصمة، وفقا لنظام تصنيف تدعمه وكالات الأمم المتحدة، فيما يعاني 3,2 ملايين من الجوع عند مستويات حرجة.
وفي أنحاء البلد الواقع في شمال شرق إفريقيا، أعلنت المجاعة في خمس مناطق، معظمها في إقليم دارفور في غرب البلاد، ما من شأنه أن يؤثر على خمس مناطق أخرى بحلول أيار/مايو.
قبيل انتهاء ولايته، فرض الرئيس الأميركي السابق جو بايدن عقوبات على البرهان. واتّهمت إدارته الجيش السوداني بشن هجمات على مدارس وأسواق ومستشفيات واستخدام الحرمان من الغذاء سلاحا في الحرب.
جاءت تلك العقوبات بعد نحو أسبوع على فرض واشنطن عقوبات على دقلو الذي اتّهمت قواته بـ"ارتكاب إبادة جماعية" وبممارسة "انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان" في دارفور حيث تعد قوات الدعم السريع في موقع قوة.
Your browser does not support the video tag.