استعدادات مبكرة في مأرب لإحياء الربيع المحمدي
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
تقرير: عبدالله الشريف
تشهد محافظة مأرب حراكا شعبيا واسعا واحتفالات وفعاليات وأنشطة متنوعة بشكل غير مسبوق، استعدادا لاستقبال ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
وتتجلى مظاهر الهوية الإيمانية وملامح العشق المحمدي في التجهيزات المبكرة وما تتضمنه اللقاءات التحضيرية والفعاليات والندوات والمشاركة الواسعة في تزيين المنشآت والمرافق الحكومية والشوارع والمساجد والمنازل التي تتدلى على واجهاتها أضواء البهجة والفرح، ونقشت على جدرانها عبارات العشق اليماني للنبي الأعظم.
ومنذ منتصف شهر صفر المنصرم أقيمت الأمسيات والفعاليات الاحتفالية، في كافة القرى والعزل بالمديريات المحررة ابتهاجا بالمناسبة كمحطة ايمانية وتعبوية مهمة لتعزيز الصمود وتعميق الارتباط برسول البشرية صلوات الله عليه وآله.
ومع اقتراب يوم الـ12 من ربيع الأول، تتسارع أعمال تزيين الشوارع والمباني والمنشآت الخدمية والطرق الرئيسية وتعليق اللوحات الضوئية والقماشية وعبارات إعلام الشارع استعدادا للاحتفال بذكرى ميلاد نبي الإنسانية وتجسيداً لعظمة ما تضمنته الرسالة المحمدية من خير وسلام للبشرية جمعاء.
كما اعتلت الأضواء الخضراء أعالي الجبال، وكتبت عبارات الولاء المحمدي في القمم الشاهقة، تأكيدا على التمسك والارتباط بالنبي المصطفى.
ويرافق مظاهر الاحتفال بذكرى مولد خاتم الأنبياء لقاءات موسعة مركزية ومحلية للحشد لأنشطة وفعاليات إحياء المناسبة ونزول اللجان الميدانية للتثقيف والحشد والتوعية لإنجاح الفعاليات التي بدأ تنظيمها منذ منتصف شهر صفر بما يليق بمكانتها ومقام نبي الأمة.
وتتميز أنشطة الاحتفال بذكرى مولد رسول الله بمظاهر متنوعة في مختلف المديريات من أهازيج وموروث شعبي وقصائد المدح في حب النبي خلال الأمسيات والفعاليات الاحتفالية وحلقات الذكر بالمساجد للتذكير بسيرته العطرة في المجالس العامة.
وأكد محافظ مأرب علي محمد طعيمان لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف لهذا العام سيكون استثنائيا من حيث الاهتمام وتجسيده بصورة عملية من خلال التحشيد والحضور الكبير في ساحة الرسول الأعظم بمديرية صرواح والتي ستخصص لإحياء الفعالية الكبرى.
وأشار طعيمان إلى أن محافظة مأرب تشهد زخما شعبيا كبيرا فرحا وابتهاجا بالمناسبة حيث تقام الفعاليات والأمسيات واللقاءات التحضيرية التي تجسد عظمة وأهمية ذكرى المولد النبوي الشريف ودلالاته في ترسيخ الهوية الإيمانية والنهج المحمدي في نفوس الأجيال بما يسهم في تحصينهم من الثقافات المغلوطة والحرب الناعمة التي يشنها أعداء الإسلام ومن على شاكلتهم ممن يدعون الانتماء للإسلام.
وأشاد بالدور الرسمي والشعبي وتفاعل أبناء المحافظة اللافت مع إحياء ذكرى المولد النبوي والتي تمثل فرصة جادة للتعرف على سيرة النبي وربط الأجيال بالنبي في ظل المحاولات الغربية لمسخ النشء وإبعادهم عن الإسلام والقرآن.
بدوره أكد نائب مدير مكتب التربية بالمحافظة أن ساحة الرسول الأعظم بصرواح تتهيأ لاستقبال ضيوف رسول الله صلوات الله عليه وعلى آله، لتكون بكامل جاهزيتها في الأيام القليلة القادمة.. مشيرا إلى أن الجميع يعمل بوتيرة عالية في إطار التجهيزات والتحضيرات للفعالية المركزية بهذه المناسبة الدينية.
ودعا أبناء المحافظة للحشد والحضور المشرف والكبير في الساحة المركزية للمحافظة والتي يتم وضع اللمسات الأخيرة فيها لإعلان جهوزيتها وفق المواصفات الفنية المعدة من اللجنة المركزية لاستقبال ضيوف رسول الله من مختلف مديريات المحافظة.
ومع اقتراب موعد المناسبة تتضاعف الجهود لاستكمال الترتيبات الخاصة بالاحتفال المركزي للمناسبة والذي ينتظره أنصار النبي محمد بشغف كبير كتظاهرة سنوية ملفتة تعبر عن أصالة الشعب اليمني وتمسكه بالقيم والأخلاق والهوية الإيمانية والمنهج المحمدي.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الشيخ ياسر مدين يكتب: في الصوم
قال سيدُنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لسيدِنا جبريلَ عليه السلام حين سأله عن الإسلام: «الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيمَ الصلاة، وتُؤتي الزكاة، وتصومَ رمضان، وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا». سبقت الإشارة إلى أن قَصْر سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الإسلام فى هذه الخمس ليس معناه أنّ الإسلام عبادات فقط، فقد سبق أن أشرنا إلى أثر الشهادة والصلاة والزكاة في حياة المسلم، وما تستلزمه منه.
وسوف نشير -إن شاء الله تعالى- إلى أثر الصيام والحج، فالحديث إذن لا يدل على انحصار الإسلام في العبادات فقط، وإنما هو ذِكرٌ للأركان الكبرى التي تُؤصّل لحياة مستقيمة في العبادات والمعاملات. وبدَيهيٌّ أن يبدأ الحديث بشهادة «أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم» لأنها إعلان الإسلام والالتزام به عقيدة وسلوكا.
وقد سبقت الإشارة إلى أنّ الواو العاطفة بين الصلاة والزكاة والصيام والحج تقتضي الجمع بدون ترتيب؛ أي: صار المرء بمجرد إسلامه مطالبا بهذه العبادات كلها، إلا إذا سقطت عنه لعدم القدرة. فالواو إذن لا تقتضي ترتيبا، لكن هذا لا ينفي أن يكون لترتيب هذه الأركان حِكمةٌ، وذلك ليس من حيثُ اقتضاء الواو ترتيبا معينا، ولكن من حيث إن المتكلم بها قدَّم بعضها على بعض وأخّر بعضها عن بعض.
وإذا نظرنا سنجد أنّ الزكاة والصيام لا يفرضان كل عام، بخلاف الصلاة التي تتكرر خمس مرات في اليوم والليلة، فتقديم الصلاة تقديم لما يكثر تكراره، والزكاة والصيام يسقطان عن غير القادر، فالذي لا يملك النِصاب يسقط عنه أداء الزكاة، وغير القادر على الصيام لا يصوم، هذا بخلاف الصلاة التي يؤديها المسلم ولو بالإشارة إن لم يقدر على الركوع والسجود، وهذا داعٍ ثانٍ لتقديمها عليهما.
ثم تأتي الزكاة بعد الصلاة، وهي كذلك في كتاب الله جاءت تالية للصلاة في ستة وعشرين موضعا، ومن الجهة الاجتماعية نجد أن الصلاة شأنها أن تجمع المسلمين خمس مرات فى اليوم والليلة فيقترب بعضُهم من بعض، ويعرف بعضهم بعضا، وهذا يُوقفهم على أصناف مستحقي الزكاة بينَهم، وهنا يأتي دور الزكاة لمساعدة أولئك المحتاجين، وهذا يقتضي أن تأتي الزكاة بعد الصلاة.
ثم إن الزكاة رِفْدٌ بالمال [أي عطاء وصِلة]، وهذا العطاء هو الذي يعين المحتاج على ضروريات حياته، فيقدرُ على شراء الطعام الذي يتسحر به ويُفطر عليه إذا صام، وبعض مصارفه قد يُجعل لحج بعض المحتاجين، فسبق الزكاة للصيام والحج أمر منطقى.
وإذا كانت الزكاة قد عوّدت المسلم الواجد أن يُخرج قدرا من ماله للمحتاجين، فإنّ ما يذوقه في الصيام من سَغَبٍ [أي: جوعٍ] يحمله على مزيد من الجود والإطعام، وكما طهّرته الزكاة من البخل وحب المال والاستئثار به، يأتي الصيام ليرقى به مرتبة أعلى فيجعله يستغني في يومه من طلوع الفجر إلى غروب الشمس عن الطعام والشراب والشهوة، وهذه الأمور هي أسباب استمرار الحياة، وطغيان شهوتي البطن والفرج سبب لارتكاب الموبقات والاعتداء على الحرمات، فالصيام يجعل الإنسان يستعلى عن أن تسوقه الشهوات، فهو قادر على قمعها وتوجيهها وفق ما أمر الله تعالى به، وباستقامة هذا الشأن يستقيم أمر الإنسان في سائر حياته في العبادات والتعاملات.
والصيام إذن عبادة تؤصّل لاستقامة شأن الحياة في جميع مناحيها، حيثه إنه يرجى من وراءه تحقيق التقوى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}، والتقوى هى أن يقي الإنسان نفسه من الوقوع فيما حظره الشرع الشريف، فبها يستقيم شأن الحياة وفق مراد الله تعالى.
ثم بعد ذلك يأتي الحج، فهو عبادة مالية بدنية، يحتاج فيها المرءُ إلى مالٍ كافٍ للذهاب والعودة وترك ما يكفي لأهله حتى عودته، كما يحتاج إلى قوة بدنية يستطيع بها أداء مناسك الحج المختلفة، وهو بهذا لا يتهيأ لكل مسلم، ولذا قيده سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالاستطاعة فقال: «وتحجَّ البيت إن استطعتَ إليه سبيلا»، وهذا يقتضي تأخره عما قبله.
ثم إنه عبادة تجب مرةً في العمر، وهذا الوجه أيضا يقتضي تأخره عما قبله.