العلاقات السورية الصينية.. 67 عاماً من علاقات الصداقة تزداد صلابة وقوة
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
دمشق-سانا
علاقات صداقة عريقة ربطت على مدى عقود سورية والصين مستندة إلى إرث طويل من الروابط والمبادئ المشتركة المتعلقة بتكريس الحق والعدل والتوازن في العلاقات الدولية ودعم القضايا العادلة للشعوب وتوفير متطلبات الأمن والاستقرار والتنمية.
التبادل التجاري بين البلدين بدأ منذ مئات السنين، حيث وصل طريق الحرير القديم إلى دمشق وتدمر، فيما أقام البلدان علاقات دبلوماسية أُعلن عنها رسمياً في الأول من آب عام 1956 ووصل أول سفير صيني إلى دمشق في تشرين الأول عام 1957، بينما بدأت سفارة سورية لدى بكين أعمالها في تشرين الثاني من العام ذاته.
وتعد سورية من أوائل الدول العربية التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين وهي من الدول التي طرحت مشروع قرار استعادة الصين لمقعدها الشرعي في الأمم المتحدة، وعلى مدى 67 عاماً منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين صمدت علاقاتهما الثنائية أمام اختبارات تغيرات الأوضاع الدولية وازدادت الصداقة متانة بينهما مع مرور الوقت لتمسكهما بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ورفضهما الهيمنة وسياسات القوة.
وأضافت زيارة السيد الرئيس بشار الأسد إلى الصين عام 2004 دفعاً إيجابياً جديداً لتعزيز العلاقات الثنائية بما ينسجم مع عراقة الصلات بين البلدين ومع تطلعات الشعبين، حيث كانت ناجحة على جميع الصعد إذ ناقش الرئيس الأسد والرئيس الصيني آنذاك هو جينتاو مجمل العلاقات الثنائية والإقليمية والدولية، وأكدا تمسكهما بالجهود الدولية لمحاربة الإرهاب وضرورة معالجة جذور المشكلة من كافة جوانبها.
وتم خلال الزيارة التوقيع على عدد من الاتفاقيات في مجالات النفط والغاز والري والمياه والزراعة والسياحة والتعاون الصناعي والصحي والتعليم العالي والبحث العلمي ومنع الازدواج الضريبي، كما اتفق الجانبان على إنشاء مجلس رجال أعمال سوري صيني مشترك الأمر الذي أسهم بتحقيق ارتفاع ملحوظ في قيمة التعاملات التجارية واتساع في جوانب التعاون المشترك على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والتكنولوجية.
وشهد التعاون السوري الصيني منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية قبل 67 عاماً نمواً متواصلاً في مختلف الميادين، حيث دعمت الصين سورية خلال الحرب الإرهابية المفروضة عليها، وكان لها موقف مبدئي تجاه الحل السياسي ورفض التدخل الأجنبي في شؤونها الداخلية، واستخدمت حق النقض “فيتو” ثماني مرات في مجلس الأمن الدولي منذ بداية الأزمة عام 2011 لإفشال مشاريع قرارات غربية تنتهك سيادة سورية، مؤكدة أن الشعب السوري هو من يقرر مستقبل بلده فضلاً عن دعمها المستمر لحق سورية في استعادة الجولان المحتل.
بالمقابل تؤكد سورية دعمها سيادة واستقلال ووحدة أراضي جمهورية الصين الشعبية، ورفضها سياسات الاستفزاز التي تمارسها الولايات المتحدة ضدها مشددة على أنها لا تعترف إلا بصين واحدة وتؤيد بشكل مطلق مواقف بكين المبدئية في مواجهة محاولات التدخل الخارجي في شؤونها الداخلية سواء في تايوان أو هونغ كونغ أو شينجيانغ.
علاقات البلدين تميزت بتحقيق المنفعة المتبادلة، وفي هذا الإطار جاء توجه سورية نحو الشرق متوافقاً مع المبادرة الصينية “الحزام والطريق” التي طرحها الرئيس الصيني عام 2013، والتي انضمت إليها سورية رسمياً مطلع عام 2022 كما تؤكد الصين أهمية المشاركة بإعادة إعمار ما دمره الإرهاب في سورية دون شروط مسبقة وتشدد على أهمية تعزيز التعاون التجاري والاقتصادي بين البلدين.
وفي إطار دعمها المستمر لسورية بمواجهة الحرب الارهابية والإجراءات القسرية الغربية أحادية الجانب قدمت الصين لسورية مئات حافلات النقل لتأمين وسائل النقل الضرورية وسد النقص الحاصل فيها الذي تسببت به الحرب الظالمة على الشعب السوري كما قدمت الكثير من الدعم في المجال الإنساني والإغاثي، بما فيها اللقاحات خلال جائحة كورونا والملابس والخيم والأدوية والأغذية والوحدات السكنية مسبقة الصنع وغيرها من مواد الإنقاذ العاجل بعد الزلزال المدمر الذي ضرب عدة محافظات في شباط الماضي عدا عن تنديد بكين الدائم بسرقة الولايات المتحدة لنفط سورية ووصفها ذلك بأنه لصوصية تساهم في تفاقم الأزمة الإنسانية في سورية ومطالبتها بمحاسبة واشنطن في المحافل الدولية.
وفي سياق التعاون الثنائي فإنه يوجد بين البلدين عشرات الوثائق الموقعة تتنوع بين اتفاقية ومذكرة تفاهم وبرنامج تنفيذي، شملت العديد من المجالات ذات الاهتمام المشترك، منها التعاون التجاري والفني والطاقة البديلة وتشجيع وحماية الاستثمار وتنمية وترويج الصادرات وحماية التراث وصيانة الآثار وهناك العديد من الإجراءات المتخذة لتطوير العلاقات الاقتصادية بين البلدين سواء في المجال التجاري أو الاستثماري والمالي وفي إطار مبادرة “الحزام والطريق” ومن خلال المنح والقروض وبناء القدرات والمساعدات الإنسانية.
جمعة الجاسم وعاليا عيسى
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: بین البلدین
إقرأ أيضاً:
خبير سياسي: الإدارة السورية تسعى لإقامة علاقات متوازنة مع الغرب
قال الخبير في الشأن السياسي، محمد صادق، إن العاصمة السورية دمشق تشهد تحركات دبلوماسية مكثفة بعد سقوط الأسد، في إطار سعي الإدارة الجديدة لإعادة بناء علاقات سوريا مع العالم الخارجي، بعد سنوات من العزلة التي فرضتها ظروف الصراع، مضيفا أن هذه التحركات تأتي في سياق سياسة خارجية جديدة تتبعها الإدارة الحالية، والتي تسعى إلى مغازلة الجميع لتحقيق أكبر المكاسب للشعب السوري.
وأضاف صادق، أن الأيام الأخيرة شهدت تطورات متعلقة بالسياسة الخارجية لسوريا، وهي زيارة أمير قطر كأول زعيم دولة يزور دمشق، إلى جانب قيام الرئيس السوري الشرع، بأول زيارتين خارجيتين له سواء كرئيس رسمي للمرحلة الانتقالية أو حتى منذ توليه قيادة الإدارة الجديدة في البلاد بعد سقوط الأسد، موضحا أن الشرع اختار العاصمة السعودية لتكون أول محطاته الخارجية والتي زارها في فبراير حيث عقد لقاءً مع ولي العهد محمد بن سلمان، في الوقت الذي قال فيه الشرع، إن اللقاء شهد محادثات في كل المجالات، وأيضا التطرق لرفع مستوى التعاون في كافة الأصعدة، لا سيما الإنسانية والاقتصادية.
زيارات للخارجوتابع صادق، أنه في اليوم التالي للعودة من السعودية، أجرى الشرع زيارته الخارجية الثانية لتركيا في الرابع من فبراير، والتي تعتبر أول زيارة لرئيس سوري لأنقرة منذ 15 عاماً، حيث التقى بالرئيس أردوغان، في الوقت الذي قال فيه الشرع، إننا نتطلع إلى تعزيز التنسيق بين البلدين على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية والأمنية بما يخدم المصالح المشتركة، ويعزز التعاون في مواجهة التحديات في المرحلة القادمة، موضحا أن العلاقة التي يُعاد بناؤها مع الدول العربية أمر بديهي نسبة لمكانة سوريا التاريخية كجزء من الوطن العربي، وكذلك تركيا الشريك الاستراتيجي الطبيعي لسوريا الجديدة بحكم الجغرافيا ودعمها القوي للثورة السورية وحضورها الكبير ومُتعدد الأوجه في سوريا.
وتطرق صادق إلى أن سوريا تواجه تحديًا جيوسياسيًا معقدًا يتطلب إدارة دقيقة لعلاقاتها الخارجية مع الغرب، خاصة مع القوى التي لا تزال تؤثر على مصير البلاد، موضحا أن الإدارة السورية الجديدة تسعى لإقامة علاقات متوازنة مع الغرب، ليس فقط لتخفيف العقوبات المفروضة على سوريا، ولكن لمعالجة قضايا أعمق تتعلق بالوجود العسكري الأجنبي على أراضيها، كالوجود العسكري الأمريكي في شمال شرق سوريا، الذي يشكل عاملًا رئيسيًا في المعادلة السورية.
ونوه صادق بأن العلاقة الجيدة مع واشنطن تُعزز فرص التوصل لتفاهم يؤدي لانسحاب القوات الأمريكية، ومعالجة ملف وحدات حماية الشعب الكردية، التي تُعتبر تهديدًا لوحدة الأراضي السورية، قائلا: "الاحتلال الإسرائيلي لأجزاء من الأراضي السورية يزيد من حاجة دمشق إلى مخاطبة الغرب للضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها".
التوازن في العلاقاتوتابع صادق أنه إذا نجح الشرع في الموازنة بين علاقات قوية مع روسيا وعلاقات جيدة مع الغرب فإن ذلك يُعزز استقرار سوريا ويدعم جهود إعادة الإعمار لأن روسيا تجمعها علاقات ودية متينة مع تركيا من جهة، وبإمكانها لعب الدور الضاغط على إسرائيل وأمريكا من جهة أخرى، لافتا إلى أن التعاون العسكري بين سوريا وروسيا يعود لفترة أقدم من نظام الأسد، حيث اعتمد الجيش السوري منذ تأسيسه بشكل رئيسي على أسلحة الكتلة الشرقية، وخاصة من الاتحاد السوفييتي، لأن غالبية المعدات وأنظمة الأسلحة تلقتها سوريا من موسكو، بقيمة إجمالية تجاوزت 26 مليار دولار، ولم يتم تسديد أكثر من نصفها، قائلا: "في عام 2005، قام الرئيس بوتين، بشطب 73% من هذا الدين".
وأكد أن سوريا اليوم تواجه خيارات محدودة في إعادة بناء جيشها بعد سقوط الأسد، حيث يتطلب الأمر إما إعادة تسليح كاملة أو الاستمرار في الاعتماد على الإمدادات العسكرية الروسية، وهو ما يعزز ضرورة وجود علاقة استراتيجية بين البلدين في المستقبل المنظور، لافتا إلى أن المتحدث باسم الكرملين بيسكوف، أكد على أن روسيا تواصل اتصالاتها مع السلطات السورية، وأن القضية السورية مدرجة على جدول أعمال جميع اتصالاتها الدولية، وأن وزير الخارجية الروسي كان في أنقرة في إطار اتصالات أخرى بطبيعة الحال، تم التطرق إلى سوريا.
وألمح إلى أن وزير الخارجية الروسي، أشاد بمستوى تعاون موسكو وأنقرة بشأن التسوية السورية، لكنه حذر من المخاطر الناجمة عن وجود القوات الأمريكية في سوريا على وحدة أراضي البلاد، مؤكدا على الاهتمام المتبادل في إضفاء زخم جديد على العمل المشترك لتسوية الوضع السوري في ضوء الحقائق الجديدة، لافتا إلى أن المحادثات التي احتضنتها الرياض بين روسيا وإيران، علق عليها لافروف، قائلا: "التزامنا المتبادل يؤكد على مواصلة تنسيق مناهجنا من أجل ضمان السلام والاستقرار على المدى الطويل في سوريا بمشاركة جميع القوى السياسية والعرقية والدينية دون استثناء، وأن شمولية عمليات تحقيق الاستقرار في سوريا أمر في غاية الأهمية.. وسننتظر نتائج المؤتمر الوطني السوري الذي بدأ أعماله".
وأشار إلى أنه عقب تولي الشرع رئاسة سوريا في أوائل الشهر الجاري، تم إجراء اتصال هاتفي بين الشرع وبوتين، لتبادل الآراء بشأن الأوضاع في سوريا، حيث أعلنت الرئاسة السورية أن بوتين أكد للشرع وجوب رفع العقوبات عن سوريا، موضحا أن الشرع أكد لبوتين، أيضا انفتاح سوريا على كل الأطراف بما يخدم السوريين.