التدبر فى كتاب الله وسنة النبي من صفات المتقين وقال العلامة بدر الدين العيني في "شرحه على سنن أبي داود" (4/ 260، ط. مكتبة الرشد) مبينًا الحكمة من ذلك: [فإن قيل: لم خصَّ إبراهيم عليه السلام من بين سائر الأنبياء عليهم السلام بذكرنا إياه في الصلاة؟ قلت: لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم رأى ليلة المعراج جميع الأنبياء والمرسلين، وسلَّم على كل نبي، ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم عليه السلام، فأمرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن نصلي عليه في آخر كل صلاة إلى يوم القيامة مجازاةً على إحسانه.

ويقال: إن إبراهيم عليه السلام لما فرغ من بناء الكعبة دعى لأمة محمد عليه الصلاة والسلام وقال: اللهم من حج هذا البيت من أمة محمد فهَبْه مني السلام، وكذلك دعى أهله وأولاده بهذه الدعوة، فأمرنا بذكرهم في الصلاة مُجازاة على حُسْن صنيعهم.

والنبيُّ ﷺ، وقد تلقَّى ذلك عن جبريل عليه السلام  الذي صلى برسول الله في أول الوقت وفي آخره وقال له: «هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ». فقد روى ابنُ عباسٍ عن النبيِّ ﷺ قال: «أَمَّنِي جِبْرِيلُ عِنْدَ الْبَيْتِ مَرَّتَيْنِ، فَصَلَّى بِيَ الظُّهْرَ فِي الْأُولَى مِنْهُمَا حِينَ كَانَ الْفَيْءُ مِثْلَ الـشِّرَاكِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ، ثُمَّ صَلَّى الْـمَغْرِبَ حِينَ وَجَبَتِ الشَّمْسُ وَأَفْطَرَ الصَّائِمُ، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ حِينَ غَابَ الشَّفَقُ، ثُمَّ صَلَّى الْفَجْرَ حِينَ بَرَقَ الْفَجْرُ وَحَرُمَ الطَّعَامُ عَلَى الصَّائِمِ، وَصَلَّى فِي الْـمَرَّةِ الثَّانِيَةِ الظُّهْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَهُ لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ، ثُمَّ صَلَّى الْعَصْرَ حِينَ صَارَ ظِلُّ كُلِّ شَيْءٍ مِثْلَيْهِ، ثُمَّ صَلَّى الْـمَغْرِبَ لِوَقْتِ الْأُولَى، ثُمَّ صَلَّى الْعِشَاءَ الْأَخِيرَةَ حِينَ ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ حِينَ أَسْفَرَتِ الْأَرْضُ، ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ جِبْرِيلُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، هَذَا وَقْتُ الْأَنْبِيَاءِ مِنْ قَبْلِكَ، وَالْوَقْتُ فِيمَا بَيْنَ هَذَيْنِ»(1).


وروى جابرٌ نحوَه، ولم يذكر فيه «لِوَقْتِ الْعَصْرِ بِالْأَمْسِ»(2).


فالمواقيت توقيفيَّة، والخلاف الوارد في صلاة العشاء مردُّه إلى تنوُّع النُّصوص الواردة في هذا الباب، وقد جمع أهلُ العلم بينها بأن لصلاة العشاء ثلاثةَ مواقيت بعضها أفضل من بعضٍ، فمِن مَغِيب الشَّفق إلى ثلث اللَّيْل ميقاتٌ وهو أفضلها، ومن ثلث اللَّيْل إلى نصفه ميقاتٌ وهو يلي الأوَّل في الفضل، ومن منتصف اللَّيْل إلى قبيل الفجر ميقات وهو آخرها في الفضل، ولا ينبغي لأحد أن يُؤخِّرها عن ثلث اللَّيْل. بارك الله فيك، ونفع الله بك. واللهُ تعالى أعلى وأعلم.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: النبي علیه السلام ال ع ص ر

إقرأ أيضاً:

محمود الأبيدي: الابتلاءات ليست عقوبة وحياة الأنبياء كلها ابتلاء

أكد الدكتور محمود الأبيدي، من علماء وزارة الأوقاف، أن حياة الأنبياء كانت مليئة بالمحن والابتلاءات، لافتا إلى المحن التي مر بها سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأضاف الدكتور محمود الأبيدي،  خلال تصريح "في ذكرى الإسراء والمعراج، نرى كيف توالت المحن على النبي صلى الله عليه وسلم، بدءًا من عام الحزن والفقد، حيث فقد زوجته خديجة وعمه أبي طالب، وواجه أذى المشركين، وصولًا إلى طائف، حيث تم رفض دعوته من أهلها، مما جعله يصل إلى مرحلة يشعر فيها بشيء من اليأس."

وأضاف: "لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم، رغم كل هذا الألم، تجنب الانكسار ورفع شكواه إلى الله سبحانه وتعالى، وقال: 'اللهم إليك أشكو ضعف قوتي وقلة حيلتي'، وفي تلك اللحظة، جاء الملك من السماء ليطبق العذاب على أهل الطائف، لكن النبي صلى الله عليه وسلم رفض ذلك، وبدلاً من ذلك خرج من هذه المحنة إلى منحة كبيرة، ليملأ الأرض عدلاً وحكمة، وينشر نور الحضارة الإسلامية بعد أعوام من الابتلاءات."

وأشار إلى قصة سيدنا يعقوب عليه السلام، الذي مر بفقد شديد عندما فقد ابنه يوسف عليه السلام، فقال لأبنائه: "لا تيأسوا من روح الله"، مضيفا أن الابتلاءات ليست عقوبات من الله، بل هي اختبار وصبر يعقبها الفرج، فقد وعدنا الله عز وجل بأن لكل شدة مداً، وأنه لا يترك عباده، بل يستجيب لهم ويكشف عنهم السوء."

واستشهد بقول الله عز وجل: "أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ"، مشيرًا إلى أن الله قريب من عباده، وأنه يستجيب لمن يدعوه. وأضاف: "حينما تمر بنا المحن، يجب أن نرفع أكف الدعاء إلى الله، كما يقول الشاعر: 'إذا سجدت فاخبره بأسرارك ولا تسمع من بجوارك'، فلنتوجه إلى الله بكل صراحة ونجاح في قلبنا، فهو أكبر من كل هم."

مقالات مشابهة

  • خالد الجندي: لو عاوز ترافق سيدنا النبي في الجنة افعل هذا الأمر.. فيديو
  • خالد الجندي: من يرغب في مرافقة النبي في الجنة عليه بكثرة السجود
  • خالد الجندي: لو عاوز ترافق سيدنا النبي في الجنة افعل هذا الأمر
  • محمود الأبيدي: الابتلاءات ليست عقوبة وحياة الأنبياء كلها ابتلاء
  • هل أخر سيدنا النبي صلاة العشاء؟.. أمين الفتوى يجيب
  • الإفتاء ترد على منكري الإسراء والمعراج وتوضح الحكمة من مشاهدات النبي خلال الرحلة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هل يجوز للمرأة الخروج للعمل فترة العدة؟ عضو بـالعالمي للفتوى: سيدنا النبي أباحه
  • رحلة النبي (3): الإسراء والمعراج.. الصلاة هدية السماء ومعراج المؤمن
  • ثواب الصلاة على النبي .. تصنع المعجزات وتدخل الجنة