قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لِدُور وهيئات الإفتاء في العالم في خطبة الجمعة  اليوم التي ألقاها  من المسجد الجامع بموسكو بحضور ٣٠ ألف مصلٍ: إن الإسلام يُعَدُّ نسقًا عالميًّا مفتوحًا، لم يَسْعَ أبدًا إلى إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم؛ وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة بناء الجسور مع الآخر بقلوب مفتوحة.

وأضاف - أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وَسِعَتْ كلَّ المِلَل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات، وأننا -نحن المسلمين- استوعبنا تعددية الحضارات، ونحن فخورون بحضارتنا، لكننا لا نتنكَّر للحضارات الأخرى، فكلُّ مَن يعمل على التنمية البنَّاءة في العالم شريك لنا.

وأكَّد المفتي أن الإسلام الذي تعلَّمناه وتربَّينا عليه دين يدعو إلى السلام والرحمة، وأول حديث نبويٍّ يتعلَّمه أيُّ طالب للعلم الديني: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء"، مشيرًا إلى أن فَهْمَنا للإسلام ينبثق من فهم معتدل صاف للقرآن: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13]، وعندما قال الله تعالى: "لتعارفوا"، فقد أمرنا بالتعاون نحو بناءٍ يحقق التنمية والاستقرار للأفراد والمجتمعات والأوطان.

وأوضح شوقي علام  أنَّ مقاصد الشريعة الإسلامية، ومن أهمها حِفظ النفوس، لا تتحقق إلا بنشر قِيَم السلام والتعايش والتعاون المشترك بين كلِّ مَن ينتمون للإنسانية ويحبون الخير ويسعَون إلى البناء والتنمية والتعمير على مستوى الحكومات والمؤسسات والشعوب.

وأشار إلى أنَّ الإسلام أرسى قواعدَ وأُسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يصبح المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، بما يضمن تفاعلهم مع الآخر وتواصلهم معه.

وشدَّد مفتي الجمهورية على ضرورة التركيز على القواسم المشتركة بين الأديان وإدراك أتباع الأديان المختلفة هذه القواسم المشتركة إدراكًا واعيًا والتمسك بها.

وأضاف أن التمسك بالقِيَم الدينية، وفي مقدمتها الرحمة والسلام والمحبة، سينزع فَتيل أيِّ نزاعات تنشأ بين البشر بسبب الدين.

ولفت شوقي علام النظر إلى أن مواجهة الأيديولوجيات المنحرفة تحتاج إلى حرب فكرية يتعاون فيها علماء الدين مع صنَّاع القرار ووسائل الإعلام الدولية وكذلك الأوساط الأكاديمية في مجال النشر والبحث، من أجل تفنيد تلك الأيديولوجيات وفضح أفكارها الخاطئة، وذلك عبر إتاحة المجال للعلماء المسلمين الوسطيين لتفكيك تلك الادعاءات الكاذبة والفهم المشوَّه للقرآن الكريم.

وأكَّد أن الفتاوى الصحيحة تدعم قِيَمَ التسامح والتعايش، وتُكافح الأفكار الإرهابية والمتطرفة التي حاولت نشرها الجماعاتُ المتطرفة في العقود الأخيرة عبر فتاوى مغلوطة تعمِّق من روح الصدام والكراهية؛ ممَّا تسبب في نشر الإرهاب والخوف من الإسلام لدى كثير ممَّن لم يقرأ ويعرف حقيقة الإسلام السلمية، أو اكتفى بما تروِّجه الجماعات الإرهابية من أفكار وفتاوى مغلوطة، فيما اشتُهر بالإسلاموفوبيا.

وتابع: "نحتاج إلى رسم صورة صحيحة لعلاقة المسلم بغير المسلم؛ إذ الأصل فيها أن تكون علاقة محبة ومودة وتعايش وتعاون من أجل البناء والتنمية ومقاومة آثار التخلف والجهل والفقر والمرض، والتخلص من كل ما يمتُّ إلى الصدام والحروب والعنف وقتل الأبرياء بِصِلة".

وأضاف أن الإسلام لا يقف موقفًا سلبيًّا ولا عدائيًّا من أي دين أو ثقافة بسبب الاختلاف في الدين، وهذا ما تؤكِّده دائمًا فتاوى وبيانات وإصدارات وجهود دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم.

اختتم خطبته بتهنَّأ مفتي مسلمي روسيا الاتحادية والمسلمين جميعًا بمناسبة المولد النبوي الشريف، مؤكدًا أن ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تمدُّنا بمزيد منَ الأملِ والنور والبِشرِ لِتَشُدَّ على أيدِينَا وسواعِدِنَا كي تَتَوحَّدَ كلمَتُنا وتَنطلقَ مساعِينَا نحوَ البناء والعمران؛ رغبةً في استعادةِ الرُّوحِ المُحبَّةِ للحياةِ والمقبلةِ عليها.

وشدد مفتي الجمهورية على أننا في أشد الحاجة الآن إلى الرجوع إلى سِيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لنقرأها قراءة عصرية وحضارية، فنتعلم منها الرحمة والإنسانية وعمارة الأرض بالعمل والاجتهاد لكي نحقق الغاية العظمى من استخلاف الله لنا في الأرض على مراد الله منا.

 

مفتي الجمهورية 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: مفتي الجمهورية خطبة الجمعة التسامح التعاون المشترك الجماعات المتطرفة الأمانة العامة الدكتور شوقي علام خطبة الجمعة اليوم رئيس الأمانة العامة الرحمن الاستقرار شوقى علام المسلمون ذكرى مفتی الجمهوریة

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم: الجيولوجيا ليست مادة إجبارية في أي نظام تعليمي عالمي للمرحلة الثانوية

قال محمد عبد اللطيف، وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، إنه لاتوجد دولة في العالم تقوم بتدريس مادة الجيوبوجيا في المرحلة الثانوية كمادة إجبارية في العالم.

وأوضح وزير التعليم خلال اللقاء الصحفي منذ قليل، أن الهدف من خروج مواد من المرحلة الثانوية هو إتاحة الفرصة للطلاب لدراسة المواد الأساسية.

وأكد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أنه تم إعادة هيكلة مرحلة التعليم الثانوي، موضحًا أن الهدف من إعادة هيكلة المرحلة الثانوية، هو إتاحة الفرصة للمعلم ليؤدى عملية تعليمية جيدة داخل الفصل، بعدد ساعات معتمدة للمواد الأساسية، وأن يكون لديه الفرصة والوقت لتدريس المحتوى، وكذلك تنمية مهارات الطلاب، والعمل على حل المشكلات والانتهاء من المنهج فى الوقت المخصص.

وأشار وزير التعليم، أن طالب المرحلة الثانوية كان يدرس 32 مادة على مدار السنوات الثلاثة، وهو ما لا يتواجد في اي نظام تعليمي في أي دولة في العالم.

وكشف وزير التربية والتعليم والتعليم الفنى عن أنه تم استحداث 98 ألف فصل دراسى.

اقرأ أيضاًماعدا الشهادة الإعدادية والثانوية العامة.. وزير التربية التعليم: أعمال السنة مقررة على جميع الصفوف الدراسية

تفاصيل تأجيل الدراسة بعدد من المعاهد الأزهرية لمدة أسبوع

وزير التربية والتعليم يبحث مع مؤسسة «حياة كريمة» تعزيز أوجه التعاون

مقالات مشابهة

  • مفتي الجمهورية يستقبل رئيس المعارض الدولية للسيرة النبوية والحضارة الإسلامية
  • وزير التعليم: الجيولوجيا ليست مادة إجبارية في أي نظام تعليمي عالمي للمرحلة الثانوية
  • أول تعليق من مفتي الجمهورية حول التصريح بالفتوى لشيخ الطريقة الصلاحية التيجانية
  • السياحة تدرس إقامة معارض أثرية مؤقتة تجوب دول العالم
  • مكانة الصلاة في الإسلام وحكم تاركها
  • رئيس الجمهورية: إطلاق حوار وطني مفتوح
  • الرئيس السيسي يمنح مفتي الجمهورية السابق وسام العلوم من الدرجة الأولى
  • بيل جيتس يحذر من وباء عالمي
  • بيل جيتس يحذر من وباء عالمي... عاجل
  • ولاية في الهند تمنع المسلمين من حقهم الانتخابي