هل أوشك زيلينسكي على خسارة عقل وقلب واشنطن؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
واشنطن- في ديسمبر/أيلول الماضي، استقبلت واشنطن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي استقبال الأبطال، وتسابقت كبريات الصحف والشبكات الأميركية لإجراء حوارات معه، وتزاحم أعضاء الكونغرس طلبا للتصوير بجانبه، واستقبله الرئيس بايدن بحفاوة في البيت الأبيض، ومنحه قادة الكونغرس فرصة إلقاء خطاب تاريخي أمام جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ.
وبعد مغادرته واشنطن، اختارته مجلة تايم الشهيرة شخصية العام، وذلك تقديرا لقيادته بلاده عسكريا وسياسيا وشعبيا خلال الحرب ضد روسيا، ووصفت المجلة زيلينسكي بأنه يمثل "روح أوكرانيا" في الوقت الذي تشهد فيه بلاده غزوا عسكريا واسعا من روسيا.
ويعتبر مثل هذا التكريم خطوة مهمة تعكس تقدير الرأي العام الأميركي للرئيس زيلينسكي، وتطور النظر إليه من مجرد سياسي مختلف؛ بسبب خلفيته كممثل كوميدي تلفزيوني، وصولا إلى وضع القائد ذي المكانة العالمية.
وبعد أقل من عام، تغيرت طبيعة علاقة واشنطن بالرئيس الأوكراني، وغاب الحماس للاحتفاء بالرئيس، الذي أصبحت قضية بلاده إحدى نقاط الخلاف وسط حالة الاستقطاب الكبيرة التي تعانيها السياسة الأميركية.
محاولات مستميتة من زيلينسكيجاءت زيارة زيلينسكي لواشنطن عقب إلقائه خطابا أمام الدورة الـ78 للجمعية العامة للأمم المتحدة، إضافة لمشاركته في جلسة خاصة لمجلس الأمن الدولي لبحث الأزمة الأوكرانية.
وتأتي الزيارة في لحظة حاسمة بالنسبة لأوكرانيا، حيث تسعى إلى حشد الدعم وتأمين تمويل إضافي لهجومها المضاد ضد روسيا.
وقبل لقائه الرئيس جو بايدن بالبيت الأبيض، زار زيلينسكي النصب التذكاري لضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول في مبنى البنتاغون حيث عقد لقاءات متنوعة مع وزير الدفاع الأميركي الجنرال لويد أوستن، وكبار مساعديه.
وتغيرت إستراتيجية زيلينسكي في الحديث مع أعضاء الكونغرس، فبعدما تبنى لهجة حادة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، اضطر الرئيس الأوكراني لتغيير لهجته أملا في الحصول على المزيد من الدعم المالي والعسكري، وقال زيلينسكي أمام جلسة للكونغرس خلال زيارته لواشنطن في ديسمبر/كانون الأول 2022، إن مساعداتكم "ليست صدقة، بل هي استثمار في الأمن العالمي".
ومع تغير الأوضاع والمزاج العام في واشنطن، قال زيلينسكي أول أمس "نحن نقدر مساعداتكم، والوضع صعب، أوقفنا الروس في الشرق، وبدأنا هجوما مضادا. نعم، الأمر ليس بهذه السرعة، لكننا نمضي قدما كل يوم، ونتخلص من احتلال أرضنا".
وأصبحت واشنطن وسياسيوها أكثر ترددا في دعمهم لأوكرانيا، وأصبح الموقف من دعم أوكرانيا صراعا بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي.
ومع انتشار الإحباط على جانبي المحيط الأطلسي من أن الهجوم المضاد الصيفي الذي طال انتظاره في أوكرانيا حقق نتائجا أقل مما كان متوقعا على ما يبدو، أصبح كبار الجمهوريين مثل رئيس مجلس النواب كيفن مكارثي متشككين بشكل متزايد في قدرات وإمكانات كييف.
وفي وقت سابق أمس الخميس، التقى زيلينسكي المشرعين في الكونغرس، حيث قال إنه أجرى "حوارا قويا" مع أعضاء مجلس الشيوخ.
وقبل وصول زيلينسكي مبنى الكونغرس، رفض كيفين مكارثي، رئيس مجلس النواب طلب الرئيس الأوكراني إلقاء خطاب مشترك أمام الكونغرس، وبرر مكارثي موقفه بالقول "لم يكن لدينا وقت، لقد ألقى بالفعل خطابا في جلسة مشتركة" في إشارة لديسمبر/كانون الأول الماضي.
تصاعد المعارضة الجمهورية
في الوقت الذي تعهد فيه الرئيس جو بايدن بتقديم 24 مليار دولار إضافية لأوكرانيا، وهو ما يرفع حزم الدعم الأميركي إلى نحو 113 مليار دولار، تتصاعد المعارضة الجمهورية لتقديم مساعدات إضافية لكييف.
وتشمل حزمة المساعدات الجديدة ضمان إمدادات الأسلحة والذخيرة الحيوية وذلك قبل توقع معظم المحللين بمواجهة مرهقة خلال أشهر الشتاء.
وينقسم السياسيون الأميركيون بشأن الأموال المخصصة لأوكرانيا، حيث يقول العديد من الجمهوريين إنه من الأفضل إنفاق الأموال على القضايا الداخلية، ويعارض أغلب الديمقراطيين هذه الحجة، استنادا على مصالح الأمن القومي الأميركي.
ويقدم الجمهوريون 3 حجج ضد منطق الديمقراطيين، أولها أنه لا يوجد إشراف كاف على المساعدات، وأن إنفاق الأموال هناك يأخذ أموالا من جيوب الأميركيين، وأن "التركيز على الأمن الأوروبي يصرفنا عن التهديد الصيني".
وكرر بايدن أن البيت الأبيض يأمل التوقيع على حزمة المساعدات "مهما استغرق الأمر".
ولم يعد رفض تقديم الدعم لأوكرانيا اتجاها يعبر عن قلة على هامش الحزبين، إذ أصبح الرفض ورقة ضغط يلعب بها رئيس مجلس النواب في مناقشات الميزانية، حيث يريد أن تصبح المساعدات لأوكرانيا تشريعا مستقلا بذاته عوضا عن ربطها بخطط الإنفاق الحكومي الأوسع، مما يسهل هزيمتها.
ويعارض الجمهوريون المتشددون في الكونغرس أي مساعدات إضافية لأوكرانيا، ومع بدء الموسم الانتخابي، يكرر الجمهوريون عبارات لا "شيكات على بياض" لكييف التي تأخذ الأموال من جيوب الأميركيين الذين يعملون بجد.
بايدن (يمين) يأمل بالتوقيع على حزمة مساعدات لأوكرانيا (رويترز) تراجع دعم أوكرانيافي الوقت ذاته، كشف استطلاع حديث أجرته شبكة "سي إن إن" على 1279 شخصا، معارضة معظم الأميركيين السماح للكونغرس بالموافقة على تمويل إضافي لدعم أوكرانيا في حربها مع روسيا.
ويرى أغلب الأميركيين أن بلادهم فعلت وقدمت بالفعل ما يكفي لمساعدة أوكرانيا، وقال 55% من المستطلعين إن الكونغرس يجب ألا يأذن بتمويل إضافي لدعم أوكرانيا مقابل 45% دعم هذا التمويل.
ووافق 51% من المستطلعين على أن الولايات المتحدة قد فعلت ما يكفي لمساعدة أوكرانيا في حين يقول 48% إن عليها فعل المزيد.
وتعكس هذه النسب انخفاضا كبيرا في تأييد الأميركيين لدعم أوكرانيا، حيث كانت هذه النسبة خلال الأيام الأولى لحرب روسيا على أوكرانيا في أواخر فبراير/شباط 2022 ما يقرب من 62%.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الرئیس الأوکرانی أوکرانیا فی
إقرأ أيضاً:
الجيش الروسي: واشنطن تكثف نشاطها البيولوجي العسكري في إفريقيا بعد نقله من أوكرانيا
كشف نائب رئيس قوات الدفاع الإشعاعي والكيميائي والبيولوجي الروسية، اللواء أليكسي رتيشيف، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعمل على تعزيز نشاطها البيولوجي العسكري في القارة الإفريقية، عقب نقله من أوكرانيا.
وأوضح رتيشيف أن واشنطن قامت بنقل نشاط مقاولي البنتاغون البيولوجي من أوكرانيا إلى السنغال، مشيرًا إلى أن هذا التحرك يأتي ضمن سلسلة من الأنشطة التي تتجاوز التزامات الولايات المتحدة بموجب اتفاقية حظر الأسلحة البيولوجية والسمّية.
وأضاف أن البنتاغون يركز أبحاثه في إفريقيا، لا سيما في زامبيا، على مسببات الأمراض الخطيرة، مما أثار مخاوف لدى دول منظمة الرقابة البيولوجية التي باتت، بحسب وصفه، "رهينة لممارسات الولايات المتحدة".
وأكد اللواء الروسي أن نظام المخاطر البيولوجية الذي اختبرته واشنطن في أوكرانيا يجري استخدامه الآن في إفريقيا، حيث تعتبر الولايات المتحدة القارة الإفريقية "حوضًا طبيعيًا لمسببات الأمراض المعدية".
وأشار رتيشيف إلى أن الولايات المتحدة قامت بشكل غير قانوني بنقل عينات من فيروس إيبولا من إفريقيا إلى أراضيها، في خطوة قال إنها تنتهك القوانين الدولية وتشكل تهديدًا للأمن البيولوجي العالمي.
وفي سياق متصل، قال المسؤول الروسي إن واشنطن تكثف نشاطها البيولوجي العسكري في إفريقيا، ما يثير قلقًا دوليًا متزايدًا بشأن الغايات الحقيقية لهذا النشاط، وأضاف أن هذه التحركات تشكل خطرًا على الصحة العامة والبيئة في القارة الإفريقية، وتستوجب تحركًا دوليًا للحد من هذه الممارسات.
تأتي هذه التصريحات في وقت يتصاعد فيه التوتر بين موسكو وواشنطن بشأن قضايا متعددة، بما في ذلك الأمن البيولوجي، وسط دعوات دولية لتعزيز آليات الرقابة والتفتيش على الأنشطة البيولوجية لضمان الالتزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية.
استمرار الاشتباكات بين قوات سوريا الديمقراطية والفصائل المسلحة غربي الفرات
لا تزال الاشتباكات مستمرة بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والفصائل المسلحة في المناطق الواقعة غربي نهر الفرات، وسط تصعيد ميداني شهد تقدماً لقسد في محور سد تشرين وسيطرتها على عدة قرى في محيط السد.
وأفادت مصادر محلية بتعرض قرية قزعلي في الريف الغربي لمدينة تل أبيض والصوامع الموجودة فيها لقصف مدفعي عنيف منتصف ليل الإثنين/الثلاثاء، شنته الفصائل الموالية لتركيا، كما تعرضت قرية تل الطويل في الريف الغربي لمدينة تل تمر لقصف مدفعي متزامن.
وفي تطورات أخرى، قُتل ثلاثة عناصر من الفصائل الموالية لتركيا، ودُمّرت آلية عسكرية خلال محاولة للتقدم نحو قرية عالية غربي تل تمر في ريف الحسكة، حيث شهدت المنطقة اشتباكات عنيفة بين الجانبين.
من جانبها، نعت قوات سوريا الديمقراطية، فجر الثلاثاء، 16 من مقاتليها الذين قضوا خلال تصديهم لما وصفته بـ"هجمات الاحتلال التركي ومرتزقته على مختلف مناطق شمال وشرقي سوريا"، وأكد المركز الإعلامي لقسد أن مقاتليها تصدوا للهجمات التي استهدفت مناطق في ريف حلب، ومنبج، وجسر قره قوزاق، وسد تشرين، وريف دير الزور الشرقي.
وفي سياق متصل، عززت قوات التحالف الدولي وجودها في المنطقة، حيث استقدمت تعزيزات عسكرية إلى قاعدتها في معمل كونيكو للغاز بريف دير الزور، وشملت التعزيزات، التي وصلت من معبر الوليد الحدودي مع العراق، حوالي 60 شاحنة وعربة عسكرية، كما أُرسلت تعزيزات مماثلة إلى القاعدة العسكرية في حقل العمر النفطي.
وتأتي هذه التطورات في ظل تصعيد مستمر يشهده شمال وشرق سوريا، وسط مخاوف متزايدة من انعكاساتها على الوضع الإنساني والأمني في المنطقة، التي تعاني من توترات عسكرية متواصلة منذ سنوات.