أشاد معالي الفريق طبيب الشيخ محمد بن عبد الله آل خليفة رئيس المجلس الأعلى للصحة ورئيس المجلس البحريني للدراسات والتخصصات الصحية بأهمية الدور الأكاديمي والعلمي الذي تقوم به جامعة الخليج العربي، ضمن منظومة العمل الخليجي المشترك بما يسعى إلى تحقيق الاستدامة والتميز في تقديم الخدمات الصحية.
جاء ذلك لدى زيارة معالي رئيس المجلس الأعلى للصحة إلى جامعة الخليج العربي وذلك بحضور سعادة الدكتورة جليلة بنت السيد جواد حسن وزيرة الصحة وعدد من كبار المسؤولين بالقطاع الصحي والمجلس الأعلى للصحة ومعالي الدكتور سعد بن سعود آل فهيد رئيس جامعة الخليج العربي.



وخلال الزيارة اطلع معالي رئيس المجلس الأعلى للصحة على سير امتحانات المفاضلة الذي عقد اليوم للطلبة بعد استيفاء شروط القبول للتقدم للامتحانات، مؤكداً معاليه على استمرار الاهتمام والحرص على زيادة القدرة الاستيعابية للتدريب الطبي، وذلك إيماناً بالدور الأساسي للتدريب الطبي في رفع كفاءة الأطباء البحرينيين، بما ينعكس على جودة الرعاية الصحية.
وقد أعرب معالي رئيس المجلس الأعلى للصحة عن عميق شكره وتقديره للشراكة الفاعلة مع جامعة الخليج العربي وإسهاماتها في تحقيق أهم أهداف المجلس البحريني للتخصصات الصحية، حيث تأتي هذه الزيارة في إطار إعلان المجلس البحريني للدراسات والتخصصات الصحية بالتعاون مع وزارة الصحة وصندوق العمل (تمكين) عن إطلاق برنامج «الطبيب المقيم» البورد العربي والبورد السعودي، والذي تم من خلاله فتح باب القبول والتسجيل في الشواغر التدريبية للعام الأكاديمي 2023-2024 في مختلف تخصصات الطب البشري. حيث تم في وقت سابق فتح باب التقديم والالتحاق عبر الرابط الإلكتروني في موقع وزارة الصحة والذي قد شمل مجموعة من التخصصات، أبرزها: الأمراض الباطنية، علم الأمراض، الأنف والأذن والحنجرة، أمراض النساء والولادة، الطب النفسي، التخدير والعناية المركزة، الجراحة العامة، الجراحة العظمية، جراحة الأطفال، طب الأطفال، الحوادث والطوارئ، طب وجراحة العيون، طب الأشعة، الجراحة التجميلية، جراحة المسالك البولية، جراحة المخ والأعصاب وطب العائلة.
كما توجه معالي رئيس المجلس الأعلى للصحة بالشكر إلى فريق العمل بالمجلس البحريني للدراسات والتخصصات الصحية لجهودهم المقدمة أثناء القيام بمهام التنظيم والتنسيق لاستكمال هذا البرنامج على أكمل وجه.
من جانبها، أكّدت سعادة الدكتورة جليلة بنت السيد جواد حسن وزيرة الصحة، الدعم المتواصل الذي توليه مملكة البحرين للأطباء من الكوادر الوطنية ايماناً بأهمية الاستثمار في العنصر البشري كونه محور التنمية الشاملة في كافة القطاعات ومن أهمها القطاع الصحي، مشيرةً إلى أن إطلاق برنامج «الطبيب المقيم»، سيساهم بشكل فعال في تدريب المزيد من الأطباء بما يحقق الأهداف والتطلعات المنشودة. كما تقدمت سعادة الوزيرة بالشكر إلى رئيس الجامعة وإلى كافة الموظفين العاملين بها لجهودهم في التنظيم اللوجستي للامتحانات.
ومن جانبها صرحت السيدة مها عبد الحميد مفيز الرئيس التنفيذي لصندوق العمل «تمكين» أن البرنامج يمثل جزءًا من التزام صندوق العمل «تمكين» بتطوير الكوادر الوطنية ولاسيما في القطاع الصحي، وخلق المزيد من الفرص لتدريب وتأهيل البحرينيين لجعلهم الخيار الافضل في سوق العمل ورفد القطاع الصحي بفرص عمل واعدة بما يساهم في تحقيق الأثر الإيجابي على الاقتصاد الوطني.
وبهذه المناسبة أكد معالي الدكتور سعد بن سعود آل فهيد رئيس جامعة الخليج العربي مدى اهتمام وحرص جامعة الخليج العربي على مواصلة دعم وتعزيز سبل التعاون والشراكة الفاعلة بين وزارة الصحة والمجلس البحريني للدراسات والتخصصات الصحية مع الجامعة وذلك في سبيل تنفيذ العديد من البرامج التدريبية المتميزة وتطويرها لما فيه خدمة القطاع الصحي بشتى المجالات.
تجدر الإشارة إلى أن المجلس البحريني للدراسات والتخصصات الصحية، يختص بالقيام بما يلزم لضمان الامتثال لمعايير الاعتماد الوطنية والدولية بشأن التدريب الصحي، وتحسين نتائج التدريب بهدف إعداد وتطوير وتأهيل العاملين في القطاع الصحي، مع رفع كفاءتهم وتحسين أدائهم المهني بما يحقق التطور الشامل للخدمات الطبية والصحية بالمملكة، وذلك من خلال الإشراف على إنشاء ومتابعة وتقويم برامج التدريب وإعدادها للحصول على الاعتراف الدولي، ووضع آلية لإصدار الشهادات في كل من التخصصات والبرامج الصحية الوطنية ووضع معادلة وتقويم الشهادات المهنية الممنوحة من قبل البرامج التدريبية المختلفة.

المصدر: صحيفة الأيام البحرينية

كلمات دلالية: فيروس كورونا فيروس كورونا فيروس كورونا جامعة الخلیج العربی القطاع الصحی

إقرأ أيضاً:

التجارب الدستورية لدول الخليج العربي.. قطر نموذاجا .. قراءة في كتاب

الكتاب: التجربة الدستورية في قطر
الكاتب: خالد بن غانم العلي
الناشر: المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

على الرغم من أن دول الخليج الستة (السعودية، الإمارات، الكويت، البحرين، قطر، وعمان) تتبع نماذج حكم مميزة، لكن هناك بعض السمات المشتركة التي تميز تجارب الحكم فيها.

فتاريخيًا، أغلب دول الخليج تحكمها أنظمة ملكية، حيث تستند شرعية الحكم إلى النظام القبلي والديني، ويُحتفظ بالسلطة التنفيذية في يد العائلة الحاكمة. وتختلف درجات التركيز على السلطات بين هذه الدول، حيث تعد المملكة العربية السعودية من أبرز الملكيات المطلقة في المنطقة، إذ يتمتع الملك بسلطات واسعة تشمل التشريع والتنفيذ، وتستند المملكة إلى الشريعة الإسلامية كمصدر أساسي للتشريع، أما الإمارات العربية المتحدة فتتبع نموذجًا فدراليًا، حيث تتكون من سبع إمارات، لكل منها حاكمها. رئيس الدولة يكون عادة حاكم إمارة أبوظبي. ورغم وجود مجلس وطني، إلا أن السلطة التنفيذية تظل تحت سيطرة العائلة الحاكمة. وفي قطر التي تعرف نظام حكم ملكي يتمتع فيه الأمير بسلطات واسعة، ولكن هناك توجهات نحو تعزيز دور المجالس الاستشارية.

وقد تبنت بعض دول الخليج دساتير رسمية وأنظمة برلمانية أو استشارية تعطي مجالس الشعب أو الأعيان صلاحيات محدودة، مثل التشريع أو الرقابة، لكن السلطة النهائية عادة ما تبقى في يد العائلة الحاكمة:

وتعتبر الكويت من أكثر دول الخليج تقدمًا من حيث الحكم البرلماني. يوجد فيها برلمان منتخب (مجلس الأمة) يتمتع بسلطات تشريعية ورقابية حقيقية. إلا أن الأمير يظل يتمتع بسلطات مهمة مثل حل البرلمان وإقالة الوزراء، وللبحرين نظام ملكي دستوري مع برلمان بغرفتين، واحدة منتخبة وأخرى معينة. رغم ذلك، تبقى السلطة في يد العائلة الحاكمة إلى حد كبير.

أما سلطنة عمان فيتمتع السلطان بسلطات تنفيذية وتشريعية، لكن تم إنشاء مجلس عمان الذي يضم مجلس شورى منتخب ومجلس دولة معين، وهو يساهم في صياغة القوانين.

وقد شهدت تجارب الحكم في الخليج تغييرات كبيرة في العقود الأخيرة، نتيجة لتحديات داخلية وخارجية، واستطاعت هذه الأنظمة الحفاظ على استقرارها إلى حد كبير، مستفيدة من ثروات النفط والتكامل مع القوى الدولية.

ضمن محاولات فهم طبيعة أنظمة الحكم في دول الخليج، وفهم آليات تطورها وعلاقة ذلك بالتحديات الإقليمية دولية، صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات كتاب الباحث والمؤرخ القطري خالد بن غانم العلي التجربة الدستورية في قطر، الذي يتناول بالدرس والتحليل مسار دولة قطر نحو الدستور.

"عربي21"، تنشر العرض الذي قدمه المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، لكتاب: "التجربة الدستورية في قطر"، وهو بقدر ما يسلط الضوء على أهم المحطات الدستورية ومعالمها الرئيسية في قطر، فإنه يلقي الضوء على التجربتين الكويتية والبحرينية بالنظر إلى سبق البلدين في المجال الدستوري.

قطر لم تتأخر فعليًّا عن التجربتين الكويتية والبحرينية، بل جاءت تجربتها متدرجةً وموائمة لمستوى الوعي الجمعي بين السلطة والمجتمع، حتّى إنّها كانت متقدمة في التطبيق العلمي للنصوص الدستورية؛ فكان لها السبق مثلًا في منح المرأة حق الانتخاب والترشح عام 1998. ويستنتج المؤلف أهمية فهم العدة العقلية لكل جيل في قطر، لفهم كيفية حدوث التطورات السياسية والدستورية كما حدثت بالفعل.تقفّى هذا الكتاب، الذي جاء في 156 صفحة من القطع الوسط، سيرورة التجربة الدستورية إستوغرافيًّا، لاستعراض تاريخٍ راهن ما زالت ملامحه تتكشّف.

فبأدوات المؤرّخ، يتناول المؤلف المسألة الدستورية باستعمالِ منهجَين، الأول، الأزمنة الثلاثة عند المؤرخ الفرنسي فيرنان بروديل، وهي: الزمن الثابت المتمثّل في الجغرافيا، والزمن شبه الثابت المتعلّق بالبنى الثقافية والاجتماعية، والزمن المتغيّر المرتبط بالأحداث السياسية، والثاني، التاريخ الاجتماعي والثقافي من خلال دراسة الحالة عند لوسيان فيفر، مستعينًا بأدوات منهج البحث التاريخي التحليلي المقارن للإلمام بالسياقات المتعددة، ولا سيما الكويت والبحرين، وقياس التجربة القطرية عليهما، وتميّزها منهما. وقد دمج المؤلف بين ذاتيّته بوصفه فاعلًا دستوريًّا، وخبرته وملاحظته خلال سنين عمله (إذ حصل على عضوية مجلس الشورى القطري)، وصاغها ضمن منهج الملاحظة بالمشاركة، وصقَلَها بهذا الإنتاج الأكاديمي واهتمامه بالتاريخ والدراسات التاريخية.

يخوض الكتاب في المحطات الدستورية القطرية، بدءًا من الحراك الدستوري خلال عشرينيات القرن العشرين في أنحاء المنطقة، مرورًا بصدور الدساتير في الدول الثلاث. ويلاحظ المؤلف أنّ كثيرًا من الكتابات عن بلدان الخليج العربية تتّسم بالتعميم، في حين أثبت تقييمه للتجربة الدستورية القطرية وجود اختلافات بين بلدان الخليج، وأنّ تجاربها الدستورية مرتبطة بسياقات كل بلد. ولذا، يكون من المهم جدًّا دراسة خصوصية كل تجربة بالنظر في السياقات المختلفة لكل مجتمع، سياسيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وثقافيًّا. وهكذا، بينما حدَّد المؤلف إطاره المكاني في منطقة الخليج، ولا سيما الكويت والبحرين وقطر، فإن إطاره الزماني هو الزمن الطويل؛ إذ يعقد مقارنةً بين حقبتَي الغوص على اللؤلؤ والنفط، ودور التجار ورجال الدين في كلتيهما، وأثر ذلك في الحراك الدستوري.

سيرورة الدساتير من النشأة إلى النهاية

يقف الفصل الأوّل، "القانون الدستوري"، عند أحد فروع القانون العام، وهو القانون الدستوري، ويعرّف فيه "الدستور" بأنّه مجموعة من المبادئ أو القواعد التي تقيّد سلطة الحكام والسياسيين والحكومات، وتهدف إلى تحديد صلاحية المؤسسات والقيادات السياسية. ويشدّد المؤلف على أنّ البحث في الدساتير يُعد من الحقول التي تستند إلى العقائد والأفكار إلى حدٍ بعيد، خلافًا للبحث في سائر العلوم الإنسانية والاجتماعية، ويعتمد ذلك على مضمون القانون الدستوري من بلدٍ إلى آخر. ويبحث في ميلاد الفكر الدستوري، فيسرد كيف قيّدت الدساتير السلطات الملكية، ويشرح ظهور الدساتير المكتوبة في العقود الأولى من القرن التاسع عشر الميلادي، والذي جاء بعد بزوغ الرغبة في تحديد أجهزة الدولة ووظائفها. ويفرّق بين الدساتير الديمقراطية والدساتير غير الديمقراطية من حيث صلاحيات الرئيس أو الملك أو الأمير، وبين الملكية البرلمانية والملكية الدستورية من حيث سلطات الملك وسلطات الحكومة.

ويعرج المؤلّف على أنواع الدساتير بحسب تقسيم فقهاء القانون الدستوري، فمنها الدساتير المدونة (المكتوبة)، والدساتير غير المدونة (العرفية)، والدساتير الجامدة، والدساتير المرنة. وتختلف نشأة الدساتير من دولة إلى أخرى؛ ما يصعّب إمكانية تحديد أسلوب واحد لوضع الدساتير، فمنها ما هو أسلوب غير ديمقراطي، مثل المنحة أو التعاقد أو الهبة، ومنها ما هو أسلوب ديمقراطي يجري عبر الجمعية التأسيسية والاستفتاء. ثم يتناول طريقة تعديل الدستور، التي ربّما تكون جامدة وتشترط إجراءات خاصة ومشددة، أو مرنة تمامًا كما تُعدَّل القوانين الأخرى، ويتمّ ذلك عن طريق الجمعية التأسيسية، أو الاستفتاء، أو البرلمان. ويحدّد نهاية الدساتير بتغييره كلّيًّا بحيث يحلّ محلّه دستور جديد بقواعد جديدة توائم الظروف المستجدّة، وذلك إمّا من خلال جمعية تأسيسية وإما ثورة. وبذا يقدّم المؤلّف في هذا الفصل عرضًا نظريًّا مفهوميًّا مفصّلًا.

الدستورانية القطرية من منظور مقارن: التجربتان الكويتية والبحرينية

أمّا الفصل الثاني، "الحراك الدستوري في قطر"، فيخصصه المؤلف للإجابة عن الأسئلة الآتية: هل شهدت قطر حراكًا دستوريًّا؟ وهل تزامن حراكها مع الحراك الدستوري في البحرين والكويت؟ ولماذا بدأ فيهما الحراك الدستوري في عشرينيات القرن العشرين؟ وهكذا، يقارن تجربةَ قطر بتجربتَي الكويت والبحرين، وقد اختار هذين البلدين؛ نظرًا إلى التفاعل التاريخي بينهما وبين قطر منذ الأيام الأولى لتشكّلها، والتقارب الظاهري في النواحي السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.

وفي هذا السياق، يحدد المؤلف بدء الحراك الدستوري في الخليج العربي في عشرينيات القرن العشرين قي الكويت والبحرين، بينما لم تشهد قطر حراكًا مماثلًا. ويوظّف منهجية فيفر لتناول التجربة الدستورية القطرية، لتجاوز ندرة المصادر المكتوبة وذلك بتناول الأوضاع في الكويت والبحرين للبناء عليها. ويفيد من قاعدة أصول الفقه التي تقيس الغائب على الشاهد لقياس التجربتين مقارنةً بقطر. ويؤكد غياب الحراك الدستوري القطري، حيث بدأت التجربة البحرينية تقريبًا بالتزامن مع الكويت في عشرينيات القرن العشرين، إلّا أنّ ثمارها أتت متأخرة؛ إذ لم يصدر دستورها إلّا عام 2002، أي سبقت قطر بعامين فقط. أمّا الكويت، فقد صدر دستورها عام 1962.

وهكذا، يستعرض المؤلف نماذج من بعض التجارب الدستورية الخليجية، لا كلّها؛ بسبب تنوّع أنظمة الحكم في الدول الخليجية الأخرى. وإنّ اختلاف الظروف التي عاشتها المشيخات المختلفة والسياقات التاريخية للسيرورة الدستورية أثّرت في التجربة والوعي السياسيَين، منتجةً مسارات ودساتير وأنظمة سياسية راهنة. ويبحث المؤلف في ذلك دور الجغرافيا في الاتصال وانتقال الأفكار، ودور البنى الاجتماعية والثقافية، والتجار ورجال الدين، والتعليم والأنشطة الثقافية. ففي حين ذهبت الأدبيات إلى أن تأخر إصدار الدستور في قطر يعود إلى التعليم النظامي الذي بدأ متأخرًا هو الآخر، يجادل المؤلف بأنّ أسبابًا أخرى شكّلت عوامل إضافية، مثل دور رجال الدين والتجار، وتأثير الوجود البريطاني في المنطقة، وثورة 1952 في مصر وانتشار الفكر الناصري والقومي والعروبي.

وعزا المؤلّف جوانب التطوّر في قطر ككل، لا سيما دستوريًّا، إلى الإيكولوجيا والوضع الجغرافي الخاص بها، حيث أثّر في مسارها التاريخي، وجعلها مختلفةً عن سائر البلدان المجاورة على غرار بقية المجالات الجغرافية المشابهة، وكان له دور في انغلاق المجتمع وانفتاحه على مؤسسات الدولة الحديثة، وكذلك في سياسة الحكّام تجاه القوى الخارجية، وفي علاقة الحكّام بالمحكومين.

ومن العوامل الأخرى التي ذكرها تصدير البترول في عهد حاكم قطر الشيخ علي بن عبد الله (1949-1961)، الذي كان محوريًّا في التحول الذي حدث في البنية الاجتماعية، التي عرفت ثباتًا قبل ذلك، وأدى إلى تأثر التشكّل الاجتماعي بفعل الطفرة الاقتصادية.

مسيرة قطر الدستورية: ثلاثة دساتير

في الفصل الثالث، "تطور الفكر الدستوري في قطر"، تناول المؤلف التحولات الدستورية التي عرفتها قطر، بدايةً من إصدار "النظام الأساسي المؤقت"، مرورًا بـ "النظام الأساسي المؤقت المعدّل"، ثم ما أفضت إليه هذه التحولات من إصدار الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، أمير قطر (1995-2013)، قرارًا أميريًّا في عام 1999 ينص على إنشاء لجنة لإعداد الدستور، تمخّض عن إعدادها مشروعٌ للدستور القطري انتهت منه في تموز/ يوليو 2002، وقد عُرض على الاستفتاء الشعبي في نيسان/ أبريل 2003، وحصل على الموافقة العظمى، ثم جرى إصدار الدستور الدائم في حزيران/ يونيو 2004. وقد دخل الدستور حيّز التنفيذ بعد نشره في "الجريدة الرسمية" في 8 حزيران/ يونيو 2005.

عزا المؤلّف جوانب التطوّر في قطر ككل، لا سيما دستوريًّا، إلى الإيكولوجيا والوضع الجغرافي الخاص بها، حيث أثّر في مسارها التاريخي، وجعلها مختلفةً عن سائر البلدان المجاورة على غرار بقية المجالات الجغرافية المشابهة، وكان له دور في انغلاق المجتمع وانفتاحه على مؤسسات الدولة الحديثة، وكذلك في سياسة الحكّام تجاه القوى الخارجية، وفي علاقة الحكّام بالمحكومين.يتطرق المؤلف في هذا الفصل إلى الملامح العامة للنظام السياسي في دولة قطر، ثم ينتقل إلى تطور التجربة الدستورية فيها عبر تحليل ما ورد في الوثائق الدستورية الثلاث، والمقارنة بين محتوياتها، من دون الانغماس في التفاصيل المتعلّقة بموادها وتفسيراتها. وهو يرى أنّ الدستور الدائم لعام 2004 أقرّ مبادئ سيادة القانون، والفصل بين السلطات، والانتخاب، والشعب بوصفه مصدرَ السلطات، والأسس الرئيسة للدولة الحديثة في قطر، وانتخاب أوّل سلطة تشريعية (مجلس الشورى) في تشرين الأول/ أكتوبر 2021.

يخلص المؤلف إلى أنّ قطر لم تتأخر فعليًّا عن التجربتين الكويتية والبحرينية، بل جاءت تجربتها متدرجةً وموائمة لمستوى الوعي الجمعي بين السلطة والمجتمع، حتّى إنّها كانت متقدمة في التطبيق العلمي للنصوص الدستورية؛ فكان لها السبق مثلًا في منح المرأة حق الانتخاب والترشح عام 1998. ويستنتج المؤلف أهمية فهم العدة العقلية لكل جيل في قطر، لفهم كيفية حدوث التطورات السياسية والدستورية كما حدثت بالفعل.

وختم المؤلف كتابه بتوصيات عن واقع التجربة الدستورية القطرية لتجويدها، والتي يراها تُرتهن برفع مستوى الوعي لدى كل شرائح المجتمع بالممارسات الديمقراطية، ودور السلطات المختلفة، والاقتناع بأنّ التجربة القطرية لها خصوصيتها.

ويرى كذلك وجوب أن تحرص السلطتان التنفيذية والتشريعية على التواصل والتفاعل المستمرَين والإيجابيَين، وأن يعي كل عضو في مجلس الشورى بتساوي جميع الأعضاء، وأن يتبنى هذا المجلس مبدأ الشفافية، وينفتح على قضايا المجتمع. أوصى أخيرًا بالعمل على تعزيز الهوية الوطنية الجامعة، وتعزيز مبدأ المواطنة، ونشر الوعي بالحقوق والواجبات.

مقالات مشابهة

  • التجارب الدستورية لدول الخليج العربي.. قطر نموذاجا .. قراءة في كتاب
  • وزير البلدية يقوم بزيارة تفقدية إلى مشروع إعادة إعمار سوق المباركية
  • العراق يدعو إلى حماية ممرات النفط في الخليج العربي
  • سمو ولي العهد يقوم بزيارة الأمير الوالد في قصر الوجبة بالدوحة
  • إنهاء مهام غلام الله رئيس المجلس الإسلامي الأعلى
  • نائب رئيس الأركان وآمر القوة الجوية بالتكليف يقوم بزيارة إلى الإدارة العامة للطيران المدني
  • اعتماد المجلس اليمني للتخصصات الطبية من قبل المجلس العربي للتخصصات الصحية
  • «أخلاقيات البحوث الطبية»: العمل على تذليل أي عقبات للارتقاء بالمنظومة البحثية
  • "الجيولوجية السعودية" تكشف تفاصيل أكبر الجزر السعودية في الخليج العربي
  • عطبرة .. رئيس المجلس الأعلى للشباب والرياضة تتفقد مصابي حرب الكرامة وقائد السلاح الطبي يؤكد علي مساندة شباب السودان للجيش