النزوح بسبب الحرب قد يعطل الأحلام والطموح لبعض الوقت، ولكنه حتما لا يعني نهاية المطاف بالنسبة لأصحاب الهمم والعزائم.

التغيير: وكالات

هذه قصة الشاب السوداني مختوم عبد الله أبكر الذي نزحت أسرته بسبب الحرب في دارفور وهو لم يزل رضيعا. تفتحت عينا مختوم على المعاناة في مخيم عطاش في جنوب دارفور، حيث نشأ وترعرع وتجرع من المعاناة الكثير.

لكن برغم تلك المعاناة، لم يجد اليأس طريقا إلى قلب مختوم، فظل يكابد ويثابر حتى تفتحت أمامه آفاق واسعة حملته إلى محافل عالمية مرموقة.

يعمل مختوم مناصرا ومدافعا من أجل توفير التعليم للفئات الضعيفة وخاصة النازحين واللاجئين، وقد جاء إلى نيويورك لحضور الاجتماعات التي تنظمها اليونيسف بالتزامن مع فعاليات الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة.

درجت اليونيسف على حشد المدافعين الشباب من مختلف أنحاء العالم، والذين يساهمون في إيجاد حلول للتحديات العالمية، مثل أزمة التعلّم والتغيّر المناخيّ، وغيرها من القضايا الملحة.

أجرت (أخبار الأمم المتحدة) حوارا مطولا مع الشاب مختوم تناول مسيرته ونشاطه مع اليونيسف في مجال الدفاع عن توفير التعليم الجيد للجميع.

مختوم عبدالله حدثنا عن سبب حضورك إلى نيويورك؟

أنا مناصر لقضية الشباب وحقهم في التعليم، وخاصة النازحين الذين تأثروا بالحرب. أنا هنا في نيويورك لحضور اجتماع للشباب من مختلف دول العالم يناقشون فيه القضايا الحساسة ويشاركون أفكارهم في قضايا عديدة مثل التعليم وتغير المناخ وحقوق الطفل وحقوق الإنسان بصورة عامة.

برأيك، ما المطلوب كي يتمكن العالم من توفير التعليم للجميع؟

أولا قضية التعليم هي قضية محورية وكبيرة جدا. ولكي يتوفر التعليم للجميع لابد من أن يتوفر الأمن والسلام، لأن السلام هو الخطوة الأولى للتنمية وكل الأمور الأخرى. لا يمكننا أن نتحدث عن التعليم في ظل الحروب والنزاعات. ثانيا، لابد للحكومات أن تخصص ميزانيات للتعليم. لابد من إعداد المعلم واحترامه وتقديره وإعطائه حقوقه، لأن المعلم هو الأساس في قضية التعليم. التعليم هو عبارة عن إرسال المعلومات من المعلم إلى الطالب وبالتالي إذا لم يجد المعلم الاحترام الكافي أو الأجر المناسب فإنه لن يؤدي بصورة جيدة. ولابد من تحسين البنية التحتية للمدرسة لأن البيئة المدرسية، في السودان على سبيل المثل، رديئة جدا. لابد من بناء المدارس والطرق حتى نهيئ البيئة المناسبة للطلاب كي يتمكنوا من الإنجاز أكاديميا.

لابد أن تنسق الحكومة مع المنظمات كي تحمي هؤلاء الأطفال

أظهر تقرير أن عدد الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس يبلغ 250 مليونا. ما رأيك في هذا الأمر؟

هذا واقعي جدا وسببه الأساسي الحرب والنزاعات. يتحمل الأطفال عبء أخطاء لا دخل لهم فيها. الأطفال النازحون يمرون بأوضاع حرجة للغاية. وإذا لم تتوقف الحرب، وإذا لم يسارع الناس بتعليم الأطفال فإن مستقبلهم لن يكون مشرقا لأن المستقبل هو التعليم، لأننا نعيش في عصر العولمة والتطور.
تتمثل الخطوة الأولى في احتواء الأطفال سواء من قبل الحكومة أو المنظمات. لابد أن تنسق الحكومة مع المنظمات كي تحمي هؤلاء الأطفال. وثانيا لابد من الاهتمام بتعليم الأطفال لأن التعليم حق لكل طفل. الحماية والتعليم هما من أهم حقوق الطفل. الأطفال المشردون معرضون للخطر وهم يعانون من سوء التغذية ولا يتمتعون بالحق في التعليم الأمر الذي يعرضهم لمشاكل نفسية وهذا يدمر مستقبلهم.

كم كان عمرك عندما اندلعت الحرب في دارفور, وهل لديك أي ذكريات عن بداية الحرب؟

أنا ولدت في 2004 والحرب في دارفور بدأت في 2003.
أتذكر المعاناة والوضع المأساوي الذي مرت به أسرتي عند بداية النزوح. أتذكر أيضا الأمراض التي كان يعاني منها الأطفال عند بداية النزوح مثل سوء التغذية والملاريا والكوليرا وهي كلها أمراض يمكن معالجتها، ولكن للأسف كان الوضع سيئ وقد مات الكثير من الأطفال بسبب قلة الخدمات الطبية.

أنت عشت غالبية عمرك نازحا. وأنت اليوم هنا في نيويورك للمشاركة في اجتماعات الجمعية العامة، حدثنا عن هذه التجربة؟

أنا فخور وسعيد أن وجدت هذه الفرصة مع اليونيسف كي أشارك أفكاري وأرسل صوتي إلى العالم. الهدف من وجودي في نيويورك هو إرسال رسالة إلى العالم أن هناك أطفال يتعرضون للظلم ولا يحظون بأبسط الحقوق كالتعليم والحماية مثلهم مثل بقية أطفال العالم.
الأطفال في مخيمات النازحين لهم طموحات وأحلام لكن النزوح والحروب والظروف الاقتصادية عطّلت هذه الأحلام. وأنا سعيد بأن يكون لي دور في إيصال أصوات ملايين الشباب في مخيمات النزوح واللجوء وخاصة في السودان.

أحرزت درجة عالية في امتحانات المرحلة الأساسية وكنت الرابع على مستوى ولاية جنوب دارفور

منذ أن كنت طفلا كنت أحس بأنني سأكون شخصا مؤثرا في المستقبل وأنني سأقدم شيئا للعالم وقد وجدت الدعم المعنوي من والدي الذي كان يحفزني ويحثني على الاجتهاد ويقول لي إنني سيكون لي مستقبل مشرق على الرغم من الصعاب التي تمر بها الأسرة.
أحرزت درجة عالية في امتحانات المرحلة الأساسية وكنت الرابع على مستوى ولاية جنوب دارفور. وشكل هذا الأمر نقلة جعلتني معروفا على مستوى المخيم. وكان ذلك بمثابة فرصة لي لنشر رأيي بضرورة أن يحصل كل طفل نازح في المخيم على الحق في التعليم مثله مثل الشخص العادي الذي يعيش في المدينة لأنني لا أرى أي فرق بين الشخص العادي في المدينة وبين النازح في المخيم.
بدأت مشوار المناصرة خطوة بخطوة. عندما سمعت منظمة اليونيسف بقصتي أجرت معي مقابلة ونشرت قصتي على صفحتها باعتباري شخصا نشأ في مخيم للنزوح وله أهداف وطموحات، ومنذ ذلك الحين بدأت فكرة المناصرة وأنا متحمس جدا لذلك.

أنشأنا مركزا للشباب في المخيم وكنا نجتمع كل يوم جمعة وننظم دورات تدريبية ننشر فيها الوعي بشأن مختلف القضايا

أنشأنا مركزا للشباب في المخيم وكنا نجتمع كل يوم جمعة وننظم دورات تدريبية ننشر فيها الوعي بشأن مختلف القضايا مثل سوء التغذية وكنا ننظيف المخيم ونردم برك المياه الراكدة أثناء الخريف ونقدم العديد من الخدمات الإنسانية الطوعية الأخرى داخل المخيم.
أتيحت لي الفرصة في أن آتي إلى نيويورك لتمثيل الشباب السوداني وخاصة النازحين واللاجئين.
فكرتي العامة هي أنني أريد أن أرى وطني السودان مثل بقية الأمم. أريد السودان أن يكون علما بين الأمم مثلما يقول نشيدنا الوطني السوداني. أنا لا أرضى أن أرى السودان يتخبط في ظلمات الجهل والتخلف ونزعات الجهوية والقبلية.
أريد أن أرى السودان موحدا وينعم بالسلام. أريد أن يكون الشباب السوداني مثل بقية شباب العالم- أن يعيشوا ويتعلموا وينتجوا في وطنهم. فالشباب السوداني له قدرات كبيرة- لدينا المبتكرون والمبدعون والشعراء، ولكن الذي ينقصنا هو السلام والوحدة. ولكننا لم نفقد الأمل بعد.

تسببت الحرب في تشريد ملايين الناس في السودان وبالذات في دارفور والخرطوم. كيف تنظر لمستقبل آلاف الأطفال الذين يعيشون في معسكرات اللجوء والنزوح الآن؟

مستقبل الشباب السوداني في خطر إن لم تتوقف الحرب. لابد أن تتوقف الحرب. قبل الحرب كان هناك 7 ملايين طفل خارج أسوار المدارس وإن لم تتوقف الحرب فإن هذا العدد سيرتفع إلى 12 مليونا، وهذا سيكون وضعا كارثيا وسيتسبب في ضياع جيل بأكمله.

نناشد أطراف النزاع وقف الحرب وتحقيق السلام والوحدة

نحن بحاجة إلى الأطباء والقادة. نناشد أطراف النزاع وقف الحرب وتحقيق السلام والوحدة والاتجاه نحو التنمية وتطوير البلاد.
لابد أن تسأل الحكومة السودانية نفسها: لماذا تتطور الأمم بينما نحن نتصارع. أليس لنا الحق في أننا نتطور؟ الأمم الأخرى ليست بأفضل منا في شيء. الأمر الذي ينقصنا هو الوحدة والسلام الداخلي.

الوسومإقليم دارفور الأمم المتحدة التعليم معسكرات النازحين منظمة اليونسيف

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: إقليم دارفور الأمم المتحدة التعليم معسكرات النازحين منظمة اليونسيف الشباب السودانی فی التعلیم فی المخیم فی دارفور الحرب فی لابد أن لابد من

إقرأ أيضاً:

وزير التعليم: معلمو مصر من أفضل المعلمين على مستوى العالم

أكد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، أن معلمي مصر من أفضل المعلمين على مستوى العالم، ولديهم كفاءة علمية وثقافية عالية.

وأوضح وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، أنه عند توليه المنصب، كان عدد المعلمين يبلغ 843 ألف معلم، بينما كان العجز في أعداد المعلمين يقدَّر بنحو 469 ألفًا، مما استدعى وضع حلول فنية لمواجهة هذا التحدي، لافتا إلى أنه لا يوجد فصل دراسي خلال هذا العام الدراسي بدون معلم لمادة أساسية.

وأكد وزير التربية والتعليم والتعليم الفني ، أن الوزارة تنفذ برامج تدريبية مستمرة بالتعاون مع هيئات دولية متخصصة، لتأهيل المعلمين على أحدث النظم التعليمية العالمية.

جاء ذلك في في إطار رده على بعض الاستفسارات من السادة النواب المتعلقة بنظام شهادة البكالوريا المصرية، خلال مشاركته في الجلسة العامة لمجلس النواب، أكد محمد عبد اللطيف وزير التربية والتعليم والتعليم الفني، أن الوزارة على أتم استعداد لتطبيق النظام، موضحًا أن المدارس الثانوية مجهزة على أعلى مستوى من حيث البنية التحتية والتجهيزات التكنولوجية، وذلك استنادًا إلى ما تم رصده خلال الزيارات الميدانية.

وأضاف الوزير محمد عبد اللطيف أن المدارس مزودة بمعامل حديثة، وشبكات إنترنت قوية، وكاميرات مراقبة تم تركيبها، لكن التحدي الحقيقي خلال السنوات الماضية كان يتمثل في ضعف حضور الطلاب وانتظامهم داخل المدارس، مضيفًا أن الوزارة نجحت هذا العام في إعادة طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي إلى مقاعد الدراسة بانتظام، ومؤكّدًا أن تطبيق نظام البكالوريا سيسهم بشكل كبير في جذب الطلاب وتحفيزهم على الالتزام بالحضور.

وفيما يخص تفاصيل نظام شهادة البكالوريا، أوضح الوزير أن الطالب يدرس في الصف الأول الثانوي المواد العامة كما هو معمول به حاليًا، بينما يبدأ التخصص مع الانتقال إلى الصف الثاني الثانوي، حيث يختار الطالب أحد أربعة مسارات رئيسية تشمل الطب وعلوم الحياة، والهندسة والحاسبات، وقطاع الأعمال، والآداب والفنون، مع إمكانية التحويل بين المسارات من خلال تغيير مادتين فقط، وتظل هناك أربع مواد أساسية ثابتة لجميع الطلاب في جميع التخصصات، وهي اللغة العربية، واللغة الأجنبية الأولى، والتاريخ المصري، والتربية الدينية، بالإضافة إلى ثلاث مواد تخصصية بحسب المسار الذي يختاره الطالب.

وأكد الوزير أن الفلسفة الأساسية لهذا النظام تقوم على منح الطالب حرية اختيار مستقبله، بعيدًا عن الضغط المرتبط بنظام “الفرصة الواحدة”، موضحًا أن الطالب سيكون بإمكانه دخول الامتحان أكثر من مرة لتحقيق المستوى الذي يؤهله للالتحاق بالكلية التي يرغب بها.

طباعة شارك وزير التربية والتعليم التعليم المعلمين التربية والتعليم

مقالات مشابهة

  • عبد الفتاح العواري: أخوة الإسلام هي النسب الأصيل الذي انصهرت فيه الأعراق
  • تعاون لتعزيز حماية حق التعليم للأطفال أثناء النزاعات الأسرية
  • وزير التعليم: معلمو مصر من أفضل المعلمين على مستوى العالم
  • الاولى في العالم: توصيات الرباط بموضوع الاقتراح الذي تقدم به لبنان بانشاء محكمة نموذجية للمحاكم العدلية العليا الفرنكوفونية
  • بعد الإنذار الذي وجه إليهم.. أصحاب البسطات في الميناء يستجيبون لقرار البلدية
  • مع استمرار الحرب..التهاب السحايا مأساة جديدة تهدد حياة أطفال غزة
  • نوير يهاجم دوناروما وكورتوا يدافع عنه بعد إصابة موسيالا الخطيرة
  • كورتوا يدافع عن دوناروما بعد اتهامات نوير: "ليس مسؤولًا عن إصابة موسيالا"
  • “سوداني” تحذر
  • صحف عالمية: إسرائيل أصبحت محتقرة وإيران أصابت 5 قواعد عسكرية خلال الحرب