مختوم عبد الله.. شاب سوداني يدافع عن حق الأطفال النازحين واللاجئين في التعليم
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
النزوح بسبب الحرب قد يعطل الأحلام والطموح لبعض الوقت، ولكنه حتما لا يعني نهاية المطاف بالنسبة لأصحاب الهمم والعزائم.
التغيير: وكالات
هذه قصة الشاب السوداني مختوم عبد الله أبكر الذي نزحت أسرته بسبب الحرب في دارفور وهو لم يزل رضيعا. تفتحت عينا مختوم على المعاناة في مخيم عطاش في جنوب دارفور، حيث نشأ وترعرع وتجرع من المعاناة الكثير.
لكن برغم تلك المعاناة، لم يجد اليأس طريقا إلى قلب مختوم، فظل يكابد ويثابر حتى تفتحت أمامه آفاق واسعة حملته إلى محافل عالمية مرموقة.
يعمل مختوم مناصرا ومدافعا من أجل توفير التعليم للفئات الضعيفة وخاصة النازحين واللاجئين، وقد جاء إلى نيويورك لحضور الاجتماعات التي تنظمها اليونيسف بالتزامن مع فعاليات الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة.
درجت اليونيسف على حشد المدافعين الشباب من مختلف أنحاء العالم، والذين يساهمون في إيجاد حلول للتحديات العالمية، مثل أزمة التعلّم والتغيّر المناخيّ، وغيرها من القضايا الملحة.
أجرت (أخبار الأمم المتحدة) حوارا مطولا مع الشاب مختوم تناول مسيرته ونشاطه مع اليونيسف في مجال الدفاع عن توفير التعليم الجيد للجميع.
مختوم عبدالله حدثنا عن سبب حضورك إلى نيويورك؟أنا مناصر لقضية الشباب وحقهم في التعليم، وخاصة النازحين الذين تأثروا بالحرب. أنا هنا في نيويورك لحضور اجتماع للشباب من مختلف دول العالم يناقشون فيه القضايا الحساسة ويشاركون أفكارهم في قضايا عديدة مثل التعليم وتغير المناخ وحقوق الطفل وحقوق الإنسان بصورة عامة.
برأيك، ما المطلوب كي يتمكن العالم من توفير التعليم للجميع؟أولا قضية التعليم هي قضية محورية وكبيرة جدا. ولكي يتوفر التعليم للجميع لابد من أن يتوفر الأمن والسلام، لأن السلام هو الخطوة الأولى للتنمية وكل الأمور الأخرى. لا يمكننا أن نتحدث عن التعليم في ظل الحروب والنزاعات. ثانيا، لابد للحكومات أن تخصص ميزانيات للتعليم. لابد من إعداد المعلم واحترامه وتقديره وإعطائه حقوقه، لأن المعلم هو الأساس في قضية التعليم. التعليم هو عبارة عن إرسال المعلومات من المعلم إلى الطالب وبالتالي إذا لم يجد المعلم الاحترام الكافي أو الأجر المناسب فإنه لن يؤدي بصورة جيدة. ولابد من تحسين البنية التحتية للمدرسة لأن البيئة المدرسية، في السودان على سبيل المثل، رديئة جدا. لابد من بناء المدارس والطرق حتى نهيئ البيئة المناسبة للطلاب كي يتمكنوا من الإنجاز أكاديميا.
لابد أن تنسق الحكومة مع المنظمات كي تحمي هؤلاء الأطفال
أظهر تقرير أن عدد الأطفال والشباب غير الملتحقين بالمدارس يبلغ 250 مليونا. ما رأيك في هذا الأمر؟هذا واقعي جدا وسببه الأساسي الحرب والنزاعات. يتحمل الأطفال عبء أخطاء لا دخل لهم فيها. الأطفال النازحون يمرون بأوضاع حرجة للغاية. وإذا لم تتوقف الحرب، وإذا لم يسارع الناس بتعليم الأطفال فإن مستقبلهم لن يكون مشرقا لأن المستقبل هو التعليم، لأننا نعيش في عصر العولمة والتطور.
تتمثل الخطوة الأولى في احتواء الأطفال سواء من قبل الحكومة أو المنظمات. لابد أن تنسق الحكومة مع المنظمات كي تحمي هؤلاء الأطفال. وثانيا لابد من الاهتمام بتعليم الأطفال لأن التعليم حق لكل طفل. الحماية والتعليم هما من أهم حقوق الطفل. الأطفال المشردون معرضون للخطر وهم يعانون من سوء التغذية ولا يتمتعون بالحق في التعليم الأمر الذي يعرضهم لمشاكل نفسية وهذا يدمر مستقبلهم.
أنا ولدت في 2004 والحرب في دارفور بدأت في 2003.
أتذكر المعاناة والوضع المأساوي الذي مرت به أسرتي عند بداية النزوح. أتذكر أيضا الأمراض التي كان يعاني منها الأطفال عند بداية النزوح مثل سوء التغذية والملاريا والكوليرا وهي كلها أمراض يمكن معالجتها، ولكن للأسف كان الوضع سيئ وقد مات الكثير من الأطفال بسبب قلة الخدمات الطبية.
أنا فخور وسعيد أن وجدت هذه الفرصة مع اليونيسف كي أشارك أفكاري وأرسل صوتي إلى العالم. الهدف من وجودي في نيويورك هو إرسال رسالة إلى العالم أن هناك أطفال يتعرضون للظلم ولا يحظون بأبسط الحقوق كالتعليم والحماية مثلهم مثل بقية أطفال العالم.
الأطفال في مخيمات النازحين لهم طموحات وأحلام لكن النزوح والحروب والظروف الاقتصادية عطّلت هذه الأحلام. وأنا سعيد بأن يكون لي دور في إيصال أصوات ملايين الشباب في مخيمات النزوح واللجوء وخاصة في السودان.
أحرزت درجة عالية في امتحانات المرحلة الأساسية وكنت الرابع على مستوى ولاية جنوب دارفور
منذ أن كنت طفلا كنت أحس بأنني سأكون شخصا مؤثرا في المستقبل وأنني سأقدم شيئا للعالم وقد وجدت الدعم المعنوي من والدي الذي كان يحفزني ويحثني على الاجتهاد ويقول لي إنني سيكون لي مستقبل مشرق على الرغم من الصعاب التي تمر بها الأسرة.
أحرزت درجة عالية في امتحانات المرحلة الأساسية وكنت الرابع على مستوى ولاية جنوب دارفور. وشكل هذا الأمر نقلة جعلتني معروفا على مستوى المخيم. وكان ذلك بمثابة فرصة لي لنشر رأيي بضرورة أن يحصل كل طفل نازح في المخيم على الحق في التعليم مثله مثل الشخص العادي الذي يعيش في المدينة لأنني لا أرى أي فرق بين الشخص العادي في المدينة وبين النازح في المخيم.
بدأت مشوار المناصرة خطوة بخطوة. عندما سمعت منظمة اليونيسف بقصتي أجرت معي مقابلة ونشرت قصتي على صفحتها باعتباري شخصا نشأ في مخيم للنزوح وله أهداف وطموحات، ومنذ ذلك الحين بدأت فكرة المناصرة وأنا متحمس جدا لذلك.
أنشأنا مركزا للشباب في المخيم وكنا نجتمع كل يوم جمعة وننظم دورات تدريبية ننشر فيها الوعي بشأن مختلف القضايا
أنشأنا مركزا للشباب في المخيم وكنا نجتمع كل يوم جمعة وننظم دورات تدريبية ننشر فيها الوعي بشأن مختلف القضايا مثل سوء التغذية وكنا ننظيف المخيم ونردم برك المياه الراكدة أثناء الخريف ونقدم العديد من الخدمات الإنسانية الطوعية الأخرى داخل المخيم.
أتيحت لي الفرصة في أن آتي إلى نيويورك لتمثيل الشباب السوداني وخاصة النازحين واللاجئين.
فكرتي العامة هي أنني أريد أن أرى وطني السودان مثل بقية الأمم. أريد السودان أن يكون علما بين الأمم مثلما يقول نشيدنا الوطني السوداني. أنا لا أرضى أن أرى السودان يتخبط في ظلمات الجهل والتخلف ونزعات الجهوية والقبلية.
أريد أن أرى السودان موحدا وينعم بالسلام. أريد أن يكون الشباب السوداني مثل بقية شباب العالم- أن يعيشوا ويتعلموا وينتجوا في وطنهم. فالشباب السوداني له قدرات كبيرة- لدينا المبتكرون والمبدعون والشعراء، ولكن الذي ينقصنا هو السلام والوحدة. ولكننا لم نفقد الأمل بعد.
مستقبل الشباب السوداني في خطر إن لم تتوقف الحرب. لابد أن تتوقف الحرب. قبل الحرب كان هناك 7 ملايين طفل خارج أسوار المدارس وإن لم تتوقف الحرب فإن هذا العدد سيرتفع إلى 12 مليونا، وهذا سيكون وضعا كارثيا وسيتسبب في ضياع جيل بأكمله.
نناشد أطراف النزاع وقف الحرب وتحقيق السلام والوحدة
نحن بحاجة إلى الأطباء والقادة. نناشد أطراف النزاع وقف الحرب وتحقيق السلام والوحدة والاتجاه نحو التنمية وتطوير البلاد.
لابد أن تسأل الحكومة السودانية نفسها: لماذا تتطور الأمم بينما نحن نتصارع. أليس لنا الحق في أننا نتطور؟ الأمم الأخرى ليست بأفضل منا في شيء. الأمر الذي ينقصنا هو الوحدة والسلام الداخلي.
المصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: إقليم دارفور الأمم المتحدة التعليم معسكرات النازحين منظمة اليونسيف الشباب السودانی فی التعلیم فی المخیم فی دارفور الحرب فی لابد أن لابد من
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: الصدق الذي نستهين به هو أمر عظيم
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، ان سيدنا رسول الله ﷺ أمرنا بالصدق، وسأله أحد الصحابة : أيزني المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيسرق المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «نعم». قال: أيكذب المؤمن، يا رسول الله؟ قال: «لا». قد يشتهي الإنسان، فتدفعه شهوته للوقوع في المعصية، أو يحتاج، فيعتدي بنسيان أو جهل. أما الكذب، فهو أمر مستبعد ومستهجن.
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، انه عندما التزم الناس بهذه النصيحة، وهذا الحكم النبوي الشريف، عرفوا أنهم لا يقعون في الزنا ولا في السرقة. سبحان الله! لأن الإنسان إذا واجهته أسباب المعصية، وكان صادقًا مع نفسه، مع ربه، ومع الناس، فإنه يستحي أن يرتكب المعصية.
وجاء رجلٌ يُسْلِمُ على يدي رسول الله ﷺ، فقال: يا رسول الله، أريد أن أدخل الإسلام، ولكني لا أقدر على ترك الفواحش والزنا. فقال له النبي ﷺ: «عاهدني ألا تكذب».
فدخل الإسلام بهذا الشرط، رغم كونه شرطًا فاسدًا في الأصل. وقد وضع الفقهاء بابًا في كتبهم بعنوان: الإسلام مع الشرط الفاسد.
دخل الرجل الإسلام، وتغاضى النبي ﷺ عن معصيته، لكنه طالبه بعدم الكذب. ثم عاد الرجل إلى النبي ﷺ بعد أن تعافى من هذا الذنب، وقال: والله، يا رسول الله، كلما هممت أن أفعل تلك الفاحشة، تذكرت أنك ستسألني: هل فعلت؟ فأتركها استحياءً من أن أصرح بذلك، فالصدق كان سبب نجاته.
الصدق الذي نستهين به، هو أمر عظيم؛ الصدق يمنعنا من شهادة الزور، ومن كتمان الشهادة. وهو الذي ينجينا من المهالك. وقد ورد في الزهد : »الصدق منجاة؛ ولو ظننت فيه هلاكك، والكذب مهلكة؛ ولو ظننت فيه نجاتك».
وفي إحياء علوم الدين للإمام الغزالي، رضي الله عنه: كان خطيبٌ يخطب في الناس عن الصدق بخطبة بليغة. ثم عاد في الجمعة التالية، وألقى نفس الخطبة عن الصدق، وكررها في كل جمعة، حتى ملَّ الناس، وقالوا له: ألا تحفظ غير هذه الخطبة؟ فقال لهم: وهل تركتم الكذب والدعوة إليه، حتى أترك أنا الدعوة إلى الصدق؟! نعم، الصدق موضوع قديم، ولكنه موضوع يَهُزُّ الإنسان، يغير حياته، ويدخله في البرنامج النبوي المستقيم. به يعيش الإنسان مع الله.
الصدق الذي نسيناه، هو ما قال فيه النبي ﷺ : »كفى بالمرء كذبًا أن يُحَدِّث بكل ما سمع ».
ونحن اليوم نحدث بكل ما نسمع، نزيد على الكلام، ونكمل من أذهاننا بدون بينة.
ماذا سنقول أمام الله يوم القيامة؟
اغتبنا هذا، وافتَرَينا على ذاك، من غير قصدٍ، ولا التفات. لأننا سمعنا، فتكلمنا، وزدنا.
قال النبي ﷺ: «إن من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه».
وأخذ بلسانه وقال: «عليك بهذا».
فسأله الصحابي: وهل نؤاخذ بما نقول؟ فقال النبي ﷺ : وهل يَكُبُّ الناس في النار إلا حصائد ألسنتهم؟ لقد استهنا بعظيمٍ علمنا إياه النبي ﷺ. يجب علينا أن نعود إلى الله قبل فوات الأوان.
علق قلبك بالله، ولا تنشغل بالدنيا الفانية، واذكر قول النبي ﷺ: «كن في الدنيا كأنك غريب، أو عابر سبيل».
راجع نفسك، ليس لأمرٍ من أمور الدنيا، ولكن لموقف عظيم ستقف فيه بين يدي رب العالمين. فلنعد إلى الله، ولا نعصي أبا القاسم ﷺ.