بحضور 30 ألف مصلٍ.. مفتي الجمهورية يلقي خطبة الجمعة في المسجد الجامع بموسكو
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
قال الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لِدُور وهيئات الإفتاء في العالم: إن الإسلام يُعَدُّ نسقًا عالميًّا مفتوحًا، لم يَسْعَ أبدًا إلى إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم؛ وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة بناء الجسور مع الآخر بقلوب مفتوحة.
وأضاف فضيلته -في خطبة الجمعة التي ألقاها في المسجد الجامع بموسكو بحضور ٣٠ ألف مصلٍ- أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وَسِعَتْ كلَّ المِلَل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات، وأننا -نحن المسلمين- استوعبنا تعددية الحضارات، ونحن فخورون بحضارتنا، لكننا لا نتنكَّر للحضارات الأخرى، فكلُّ مَن يعمل على التنمية البنَّاءة في العالم شريك لنا.
وأكَّد المفتي أن الإسلام الذي تعلَّمناه وتربَّينا عليه دين يدعو إلى السلام والرحمة، وأول حديث نبويٍّ يتعلَّمه أيُّ طالب للعلم الديني: "الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا مَن في الأرض يرحمكم مَن في السماء"، مشيرًا إلى أن فَهْمَنا للإسلام ينبثق من فهم معتدل صاف للقرآن: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا} [الحجرات: 13] ، وعندما قال الله تعالى: "لتعارفوا"، فقد أمرنا بالتعاون نحو بناءٍ يحقق التنمية والاستقرار للأفراد والمجتمعات والأوطان.
وأوضح المفتي أنَّ مقاصد الشريعة الإسلامية، ومن أهمها حِفظ النفوس، لا تتحقق إلا بنشر قِيَم السلام والتعايش والتعاون المشترك بين كلِّ مَن ينتمون للإنسانية ويحبون الخير ويسعَون إلى البناء والتنمية والتعمير على مستوى الحكومات والمؤسسات والشعوب.
وأشار المفتي إلى أنَّ الإسلام أرسى قواعدَ وأُسسًا للتعايش مع الآخر في جميع الأحوال والأزمان والأماكن، بحيث يصبح المسلمون في تناسق واندماج مع العالم الذي يعيشون فيه، بما يضمن تفاعلهم مع الآخر وتواصلهم معه.
وشدَّد مفتي الجمهورية على ضرورة التركيز على القواسم المشتركة بين الأديان وإدراك أتباع الأديان المختلفة هذه القواسم المشتركة إدراكًا واعيًا والتمسك بها.
وأضاف أن التمسك بالقِيَم الدينية، وفي مقدمتها الرحمة والسلام والمحبة، سينزع فَتيل أيِّ نزاعات تنشأ بين البشر بسبب الدين.
ولفت النظر إلى أن مواجهة الأيديولوجيات المنحرفة تحتاج إلى حرب فكرية يتعاون فيها علماء الدين مع صنَّاع القرار ووسائل الإعلام الدولية وكذلك الأوساط الأكاديمية في مجال النشر والبحث، من أجل تفنيد تلك الأيديولوجيات وفضح أفكارها الخاطئة، وذلك عبر إتاحة المجال للعلماء المسلمين الوسطيين لتفكيك تلك الادعاءات الكاذبة والفهم المشوَّه للقرآن الكريم.
وأكَّد أن الفتاوى الصحيحة تدعم قِيَمَ التسامح والتعايش، وتُكافح الأفكار الإرهابية والمتطرفة التي حاولت نشرها الجماعاتُ المتطرفة في العقود الأخيرة عبر فتاوى مغلوطة تعمِّق من روح الصدام والكراهية؛ ممَّا تسبب في نشر الإرهاب والخوف من الإسلام لدى كثير ممَّن لم يقرأ ويعرف حقيقة الإسلام السلمية، أو اكتفى بما تروِّجه الجماعات الإرهابية من أفكار وفتاوى مغلوطة، فيما اشتُهر بالإسلاموفوبيا.
وتابع المفتي قائلًا: "نحتاج إلى رسم صورة صحيحة لعلاقة المسلم بغير المسلم؛ إذ الأصل فيها أن تكون علاقة محبة ومودة وتعايش وتعاون من أجل البناء والتنمية ومقاومة آثار التخلف والجهل والفقر والمرض، والتخلص من كل ما يمتُّ إلى الصدام والحروب والعنف وقتل الأبرياء بِصِلة".
وأضاف أن الإسلام لا يقف موقفًا سلبيًّا ولا عدائيًّا من أي دين أو ثقافة بسبب الاختلاف في الدين، وهذا ما تؤكِّده دائمًا فتاوى وبيانات وإصدارات وجهود دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم.
وفي ختام خطبته، هنَّأ فضيلةُ المفتي مسلمي روسيا الاتحادية والمسلمين جميعًا بمناسبة المولد النبوي الشريف، مؤكدًا أن ذكرى ميلاد النبي صلى الله عليه وآله وسلم تمدُّنا بمزيد منَ الأملِ والنور والبِشرِ لِتَشُدَّ على أيدِينَا وسواعِدِنَا كي تَتَوحَّدَ كلمَتُنا وتَنطلقَ مساعِينَا نحوَ البناء والعمران؛ رغبةً في استعادةِ الرُّوحِ المُحبَّةِ للحياةِ والمقبلةِ عليها.
وشدد مفتي الجمهورية على أننا في أشد الحاجة الآن إلى الرجوع إلى سِيرة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لنقرأها قراءة عصرية وحضارية، فنتعلم منها الرحمة والإنسانية وعمارة الأرض بالعمل والاجتهاد لكي نحقق الغاية العظمى من استخلاف الله لنا في الأرض على مراد الله منا.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: شوقي علام مفتي الجمهورية موسكو المسجد الجامع الجماعات المتطرفة مفتی الجمهوریة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يُلقي البيان الختاميَّ للندوة الدولية الأولى لدار الإفتاء ويعلن التوصيات
قال الدكتور نظير عياد -مفتي الجمهورية رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم-: نحمد الله سبحانه وتعالى أن وفَّقنا إلى اختتام فعاليات الندوة الدولية الأولى «دَور الفتوى في تحقيق الأمن الفكري» التي نظمتها الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم بمناسبة اليوم العالمي للفتوى، تحت رعاية فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية.
وأضاف، خلال إلقاء فضيلته البيان الختامي للندوة، أن اختيار موضوع الندوة جاء نظرًا للأهمية المتزايدة لقضية الأمن الفكري، ولما للفتوى من دورٍ كبير ومحوري في تحقيق الأمن الفكري؛ فالفتوى ضمانةٌ لتحقيق ما تقتضيه الفطرةُ السويةُ، وتأمين الوظيفة الأساسية لكل فردٍ في المجتمع؛ كما أن لها دورًا كبيرًا في إرساء دعائم الأمن الفكري، وحمايته، ومواجهة ما يعترضه من تحديات كبيرة.
مشيرًا إلى أن الندوة شهدت حضورًا مميزًا من كبار المفتين من أعضاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، ومن السادة الوزراء وممثلي كبرى المؤسسات الوطنية، ومن علماء الشريعة وأساتذتها في مصرَ والعالم؛ خاصةً مشايخ وعلماء الأزهر الشريف؛ ذلك الصرح الذي يقف منارةً للعلم وحارسًا للأمن الفكري للعالم الإسلامي، كما شهدت الندوةُ مشاركةَ رجال الفكر والإعلام، والباحثين والمتخصصين في الأمن الفكري وما يتصل به من قضايا.
كما أوضح أن الندوة ناقشت في فعالياتها المتنوعةِ بين جلساتها العلمية وورش عملها وأبحاثها المقدمة ونقاشاتها قضايا الفتوى وتحقيق الأمن الفكري، مبينةً دور الفتوى في إرساء دعائمه، وحمايته من التحديات.
وقد ناقشت الجلسة الأولى من جلسات الندوةِ المثمرةِ دورَ الفتوى في إرساء دعائم الأمن الفكري، وتناولت الجلسة الثانية حماية الأمن الفكري من حيث التحديات وطرائق الفتوى في المواجهة.
وعلى هامش هذه الجلسات عُقدت مجموعة من ورش العمل، تناولت الورشة الأولى منها التصدي للفتاوى العشوائية، مُلقيةً الضوء على تفعيل دور المؤسسات الإفتائية لمواجهة الفوضى المعاصرة، وركزت الورشةُ على ظاهرة الفتاوى العشوائية التي تستخدمها الجماعات المتطرفة وغير المتخصصين، وخاصةً على مواقع التواصل الاجتماعي، مستهدفةً ضبط الفتوى المعاصرة وَفق الأصول المرعية، وتحديد سبل تفعيل دَور المؤسسات الإفتائية لمواجهة الفوضى المعاصرة في الفتوى، ومؤكدةً على ضرورة قصر الإفتاء على المؤسسات الإفتائية والمتخصصين المؤهلين للفتوى.
أما الورشة الثانية فخُصِّصت لمنهجية الرد الرشيد على الأسئلة الشائكة؛ ووضعت «الإلحاد» نموذجًا تطبيقيًّا لمناقشة محاورها؛ حيث استهدفت تحليل البنية المفاهيمية لمفهوم الإلحاد، والتعريف به وبحث أنماطه ومستوياته، ودراسة طبيعته في العالم العربي، ووضع استراتيجياتٍ وحلولٍ للتصدي له.
وقد أشار فضيلة مفتي الجمهورية إلى أن الندوة خرجت في ختامِها بمجموعةٍ من التوصياتِ والقراراتِ المهمَّةِ التي خَلَصَت إليها من خلال اقتراحاتِ السادةِ المشاركينَ مِنَ العلماءِ والباحثينَ، وجاءت التَّوصياتُ بما يلي:
أولًا: تدعم الندوةُ كفاحَ الشعب الفلسطيني خصوصًا في غزةَ ضد الكيان المحتل الغاصب، وتثمن جهود الدولة المصرية في مساعيها العظيمة الرامية نحو تحقيق السلام والأمن في المنطقة.
ثانيًا: تدعو الندوة إلى تشجيع ودعم التضامن العالمي لتعزيز حضور القضية الفلسطينية في المحافل الدولية لضمان حماية حقوق الشعب الفلسطيني، وتعزيز الشراكات مع المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لوقف الانتهاكات ضد الفلسطينيين.
ثالثًا: تتابع الندوة من كثَب التطورات في الأراضي السورية الشقيقة، وتدعو الشعب السوري إلى التمسُّك بالترابط وعدم التشرذُم للحفاظ على البلاد ومقدَّراتها وعلى وحدة أرضها وأمان حدودها.
رابعًا: تشيد الندوة بدَور مصر القيادي في تعزيز السلام والاستقرار الإقليمي من خلال جهودها الدبلوماسية في مختلف القضايا الإقليمية والعالمية، وتثمِّن المبادرات المصرية في مجال تحسين الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة.
خامسًا: تدعو الندوة إلى ضرورة العمل على كبح جماح الكيان الصهيوني والعمل على وقف أحلامه الزائفة، التي لن تتحقق والتي في سبيلها لا يرعى لله حُرمة ولا للإنسانية كرامة ولا للأعراف الدولية والإنسانية مكانًا.
سادسًا: وتؤكد الندوة أن ما يقوم به الكيان الصهيوني المحتل في الأراضي السورية مستغلًّا الأحداث الواقعة بها هو خروج عن كل عُرف، وبعيد عن كل دين، وتدعو الندوة المؤسسات الأممية والدولية وأصحاب الضمائر الحية إلى ضرورة اتخاذ موقف جاد يوقف غطرسة هذا الكيان ويرده عن جرائمه، كما تدعو الإخوة السوريين إلى ضرورة الاتحاد والتكاتف والتعاون وإدراك ما يحاك لهم.
سابعًا: تدعو الندوة إلى المساندة الإيجابية الكاملة لقيادتنا السياسية والوقوف خلفها بكل قوة، ودعم مؤسساتنا الوطنية وأجهزتنا الأمنية، والتي لولا قوَّتها وتماسكها وتكاتفها واستقرارها لنجحت المخططات الخبيثة التي يريد بها أعداء الوطن إهلاكَ البلاد والعباد.
ثامنًا: تهيب الندوة بجميع المسلمين في كل مكان أن يتمسكوا بالانتماء لأوطانهم وحبهم لها، ويدركوا ما يفرضه عليهم الواجب الديني الشرعي من تحمُّل المسئولية والوعي الكامل بقضايا أوطانهم وبما يمرُّ العالم به من ظروف دقيقة تتحدد فيها مصائر الدول وتتشكَّل فيها الخريطة السياسية للعالم أجمع ولمنطقتنا العربية والبلاد الإسلامية على وجه الخصوص.
تاسعًا: تشيد الندوة بدَور فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب، شيخ الأزهر، في تعزيز الخطاب الديني الوسطي الذي يدعو إلى التعايش السلمي بين الشعوب، وتعزيز الحوار بين الأديان وبناء جسور التواصل مع الثقافات المختلفة.
عاشرًا: تؤكد الندوة على ضرورة حماية الأمن الفكري من جميع التحديات التي تواجهه، وأهمية الدور المحوري الذي تقوم به الفتوى في إرساء دعائم الأمن الفكري ومواجهة التطرف الديني واللاديني، وتثمِّن كافة المخرجات التي صَدَرت وعُرِضَت في فعالياتها، وتدعو الباحثين والمختصين للإفادة منها.
حادي عشر: تؤكد الندوة على أهمية التصدي للفتاوى الشاذة والعشوائية، وبيان أثرها السلبي على الأمن الفكري، ومواصلة العمل للتوعية بمخاطرها وآثارها على استقرار المجتمعات، وضرورة سنِّ قانون يحظر الإفتاء لغير المؤسسات الإفتائية والمتخصصين المؤهلين لذلك، الأمر الذي سيحمي الكيان العقدي والفكري للمجتمع من الأفكار الدخيلة عليه، وتعزيز التعايش السلمي وحماية القيم الإنسانية المشتركة.
ثاني عشر: تؤكد الندوة على أهمية مواصلة العمل في مجال التأهيل الإفتائي، وبناء المزيد من جسور التفاهم والتعاون بين القائمين على صناعة الفتوى في العالم من مؤسسات وهيئات وطنية؛ لمواجهة التحديات الكبرى في سبيل نشر القيم الإنسانية، وتوعية المجتمعات بمخاطر التطرف الفكري والتحديات الاجتماعية، وتعزيز الأمن الفكري.
ثالث عشر: تدعو الندوة إلى تعزيز دَور المرأة في الإفتاء عبر تأهيلها للمشاركة في قضايا المجتمع، والإفادة من أدوارها المحورية في التربية والتنشئة الاجتماعية بما يحقق الأمن الفكري والمجتمعي.
رابع عشر: توصي الندوة بضرورة تضمين المناهج التعليمية والتربوية مساقات عن الأمن الفكري، ومناقشة قضاياه وأبعاده المتنوعة في الملتقيات والمؤتمرات العلمية والأكاديمية، وضرورة التوصل إلى مخرجات وتوصيات واقعية تسهم في تحقيق الأمن الفكري.
خامس عشر: تدعو الندوة إلى تعزيز الدَّور المصري في توجيه الجهود الإعلامية نحو نشر خطاب معتدل يعزز الأمن الفكري ويخدم المصالح الوطنية، وضرورة تعزيز التعاون مع المؤسسات الإعلامية لتسليط الضوء على جهود المفتين والمؤسسات الإفتائية في تحقيق السلم المجتمعي وحماية الأمن الفكري.
السادس عشر: تثمِّن الندوة جهود المؤسسات الإفتائية في مكافحة الفكر المتطرف، ونشر الاعتدال، وتعزيز الوحدة الإسلامية، ومواجهة الانقسامات الفكرية والطائفية، وتؤكد على ضرورة بذل المزيد من الجهود لتشجيع التفاعل بين المفتين والجمهور لتقوية الثقة بالمؤسسات الإفتائية.
السابع عشر: تدعو الندوة إلى تعزيز التعاون مع المؤسسات الإعلامية لتسليط الضوء على جهود المفتين والمؤسسات الإفتائية في تحقيق السلم المجتمعي وحماية الأمن الفكري.
وفي الختام توجَّهُ فضيلة المفتي نيابة عن المجتَمِعينَ بالشكر لفخامة رئيس الجمهورية، الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لرعايته الكريمة للندوة، ولكلِّ من أسهم في نجاح أعمالها، مُتمَنِّيًا لمصر وكافة بلاد الأمة الإسلامية والعالمية التوفيق والنجاح والاستقرار الدائم.