سلط الباحث السياسي، ياسر زيدان، الضوء على العقوبات الأمريكية المفروضة على قادة قوات الدعم السريع في السودان، بقيادة محمد حمدان دقلو، المعروف بـ "حميدتي"، مؤكدا أن هذه العقوبات "لن تنجح من دون مساعدة الإمارات".

وذكر زيدان، في مقال نشرته مجلة "فورين بوليسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن الولايات المتحدة فرضت، في سبتمبر/أيلول، عقوبات على كبار قادة الدعم السريع، المدعومة من مجموعة المرتزقة الروسية "فاجنر"، والتي تقاتل القوات المسلحة السودانية منذ اندلاع أعمال العنف في الخرطوم في 15 أبريل/نيسان.

وفي هذا الإطار، فرضت الخارجية الأمريكية قيودا على التأشيرات الخاصة بعبدالرحمن جمعة، قائد قوات الدعم السريع بغرب دارفور، بسبب تورطه في انتهاكات حقوق الإنسان، كما فرضت وزارة الخزانة عقوبات على الفريق أول، عبد الرحيم حمدان دقلو، شقيق "حميدتي" ونائب قائد قوات الدعم السريع، لدور الجماعة شبه العسكرية في انتهاكات حقوق الإنسان والقتل العرقي في السودان.

ويرى زيدان أن هذه العقوبات تمثل تحولا طفيفا في السياسة الأمريكية، إذ كانت الحكومة الأمريكية تفرض عقوبات على كيانات تجارية مرتبطة بكل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع.

فمع وصول جرائم قوات الدعم السريع إلى مستوى غير مسبوق، لم يكن بوسع الولايات المتحدة تجاهل حليف فاجنر في السودان.

ويتذكر العديد من المشرعين الأمريكيين الإبادة الجماعية في دارفور عام 2003 وعلاقة قوات الدعم السريع بها، باعتبارها امتدادا لميليشيا الجنجويد سيئة السمعة التي قتلت الآلاف من سكان الإقليم السوداني تحت قيادة حميدتي.

وبحسب زيدان فإن الولايات المتحدة أوضحت، من خلال الموجة الجديدة من العقوبات، أنها لن تقف مكتوفة الأيدي بينما يكرر "الجنجويد الجدد" أعمال الإبادة الجماعية التي ارتكبوها في دارفور وينشرون الفوضى في البلاد.

في حين أن لدى الحكومة الأمريكية العديد من المخاوف بشأن سلوك القوات المسلحة السودانية، إلا أن هناك فرقًا واضحًا بين الجيش المحترف والميليشيا العائلية التي تتلقى المشورة من فاجنر، والتي تدير بشكل مشترك مناجم الذهب المرتبطة بروسيا.

ومع ذلك، فإن هذه العقوبات الجديدة تفتقر إلى القوة لسبب واحد بسيط، حسبما يرى زيدان، وهو أن هذه الإجراءات لن تعيق قوات الدعم السريع عسكريًا بشكل كبير أو تردع فظائعها بسبب الشبكة المالية الواسعة للمجموعة التي تعمل بدولة الإمارات.

فبإلهام من الاستراتيجيات المالية لمجموعة فاجنر، أنشأ حميدتي شبكة هائلة من شركات الظل التي يديرها القوني حمدان دقلو، شقيقه الأصغر في دبي، فيما تواجه الحكومة الأمريكية صعوبة في التعامل مع امتثال شريكها الخليجي للعقوبات.

 فالتقارير الأخيرة أظهرت أن فاجنر والكيانات الروسية لا تزال تعمل خارج الإمارات على الرغم من العقوبات الأمريكية.

اقرأ أيضاً

الدعم السريع يندد بعقوبات أمريكية على رجلها الثاني: مؤسف ومجحف

وفي هذا الشهر، زار مسؤولون كبار من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الإمارات للضغط بشأن إعادة توجيه البضائع ذات الاستخدام المزدوج (المدني/العسكري) إلى روسيا.

ويرى زيدان أنه يجب على واشنطن أيضًا أن تعمل بشكل وثيق مع الإمارات لكشف الإمبراطورية المالية لقوات الدعم السريع واستهداف هذه الكيانات التي تمول الجرائم ضد الإنسانية في السودان.

وإضافة لذلك، يجب على الحكومة الأمريكية ممارسة المزيد من الضغوط على الإمارات لوقف شحنات الأسلحة إلى قوات الدعم السريع، بحسب زيدان.

أسلحة متطورة

وكشف تقرير حديث لصحيفة "وول ستريت جورنال" عن تسليم العشرات من شحنات الأسلحة الإماراتية إلى الدعم السريع عبر مطار أمدجراس في شرق تشاد.

وأظهرت لقطات جديدة من السودان حصول الميليشيا المدعومة من فاجنر على أسلحة متطورة جديدة في الآونة الأخيرة، بينها طائرات مسيرة أسقطتها القوات المسلحة السودانية، تحمل علامات واضحة تشير إلى أنها مصنوعة في صربيا وتم بيعها إلى الإمارات.

وأظهر مقطع آخر صاروخ كورنيت، مضاد للدبابات، في يد أحد جنود الميليشيا، والذي قدمته فاجنر مقابل ذهب قوات الدعم السريع.

واستخدمت قوات الدعم السريع كلا السلاحين في هجومها الأخير في جنوب الخرطوم. ومع ذلك، لم تقم الحكومة الأمريكية بإدانة شحنات الأسلحة الإماراتية.

وفي مقابلة حديثة مع PBS NewsHour، أكدت ليندا توماس جرينفيلد، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أن الأسلحة تدخل إلى السودان عبر الدول المجاورة، لكنها لم تذكر هذه الدول بالاسم.

ولم تكن قوات الدعم السريع تمتلك هذه الأسلحة المتقدمة عندما بدأت الجماعة حملتها للاستيلاء على السلطة في أبريل/نيسان.

 والآن، وبفضل هذه الأسلحة المتطورة، أصبحت قوات الدعم السريع قادرة على مهاجمة قواعد الجيش المحصنة والأحياء المدنية المحيطة بها.

اقرأ أيضاً

الصادق المهدي: رفع العقوبات عن السودان بمساعدة إسرائيل وهم كبير

ويرى زيدان أن استمرار وصول شحنات الأسلحة المتقدمة إلى قوات الدعم السريع سيؤدي إلى إطالة أمد الصراع في السودان ويمنح منتهكي حقوق الإنسان المزيد من القوة لارتكاب المزيد من الفظائع، بينما يمكن أن يغير إيقاف هذه الشحنات ميزان القوى في ساحة المعركة بشكل جذري؛ لأنه سيحد من قدرة الدعم السريع على مهاجمة الفرقة المدرعة التابعة للقوات المسلحة السودانية وقواعدها.

وستؤدي هذه الخطوة أيضًا إلى تجميد مشروع فاجنر للذهب في السودان، والذي يساعد في تمويل الهجوم الروسي على أوكرانيا، بحسب زيدان، الذي لفت إلى أن واشنطن تتمتع بالنفوذ للتأثير على الإمارات للتخلي عن تحالفها مع حميدتي ومتابعة مصالحها الاستراتيجية الأخرى في المنطقة.

ورغم العثرات الأخيرة في العلاقات الثنائية، تظل الإمارات شريكًا أمنيًا واقتصاديًا أساسيًا للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ولها مصالح حيوية في موانئ السودان وأراضيه الزراعية.

فقبل أشهر من الحرب، أعلنت الإمارات عن مشروع بقيمة 6 مليارات دولار على البحر الأحمر في شرق السودان، يشمل ميناءً جديدًا ومطارًا وطريقًا إلى منطقة زراعية في شمال السودان.

ويرى زيدان إمكانية خدمة مصالح أبو ظبي في السودان بشكل جيد دون دعم ميليشيا حميدتي؛ إذ أن الدولة المستقرة المسالمة هي الأفضل لمثل مشروعات الاستثمار الإماراتي.

أما استمرار دعم حميدتي فيعني أن تشارك الإمارات العداء الشديد مع سكان شرق وشمال السودان، من ذوي الثارات التاريخية مع الدعم السريع، ما يضر بصورتها العامة ومصالحها الاستراتيجية طويلة المدى في السودان، بحسب زيدان.

وأكد زيدان على وجود حاجة إلى مبعوث رئاسي أمريكي خاص إلى السودان للإشارة إلى المشاركة القوية للبيت الأبيض والتنسيق بين مكتبي أفريقيا والشرق الأدنى في وزارة الخارجية.

 لكن الأهم من ذلك، هو ضرورة منع الإدارة الأمريكية لقوات الدعم السريع من التمويل والتسليح من خلال الشركات الوكيلة في الإمارات، بحسب زيدان، الذي اختتم مقاله بعبارة: "يجب على الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ألا يسمح بإبادة جماعية تحت إشرافه".

اقرأ أيضاً

أمريكا تدرس الضغط على عسكريي السودان بهذه العقوبات

المصدر | ياسر زيدان/فورين بوليسي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: العقوبات الأمريكية السودان الإمارات حميدتي محمد حمدان دقلو الجنجويد فاجنر القوات المسلحة السودانیة الحکومة الأمریکیة قوات الدعم السریع الولایات المتحدة هذه العقوبات فی السودان

إقرأ أيضاً:

هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم

 

مع اقتراب الحرب في السودان من إكمال عامها الثاني لا تزال جبهات القتال في العاصمة الخرطوم تشهد اشتباكات متقطعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

الخرطوم ــ التغيير

وأفادت مصادر ميدانية إن معظم محاور القتال في العاصمة شهدت اليوم الجمعة هدوءا حذرا وسط استمرار التوتر العسكري.

وقالت إن الجيش السوداني يفرض حصارا على مواقع استراتيجية مهمة في وسط الخرطوم من عدة جهات لا سيما من المحاور الغربية والجنوبية والشرقية ما جعل قوات الدعم السريع شبه محاصرة مع بقاء منافذ محدودة فقط للخروج والدخول من وسط العاصمة.

وكان قد أعلن الجيش السوداني، مواصلة تقدمه في مناطق العاصمة الخرطوم، والسيطرة على نطاق واسع من وسط المدينة التي كانت تحت سيطرة قوات الدعم السريع.

وظلت مناطق واسعة من مدينتي الخرطوم وبحري تحت سيطرة قوات الدعم السريع منذ اندلاع النزاع بينها والجيش في منتصف ابريل من العام قبل الماضي، وتعتبر المساحات التي تقدم نحوها الجيش مؤخراً مواقع استراتيجية للدعم في العاصمة.

ومنذ 26 سبتمبر الماضي دخلت الحرب الدائرة بين الجيش والدعم السريع مرحلة جديدة، حيث بدأ الجيش عملية عسكرية انتهت باستعادة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة، قبل أن يعلن مؤخراً فك الحصار عن القيادة العامة للجيش وسلاح الإشارة واستعادة مصفاة الجيلي ومناطق واسعة في مدينة بحري.

الوسومالجيش الخرطوم الدعم السريع سيطرة

مقالات مشابهة

  • قائد قوات الدعم السريع: سنبقى في الخرطوم ولن نخرج من القصر الجمهوري
  • حميدتي: الدعم السريع لن يخرج من الخرطوم أو القصر الجمهوري
  • الكشف عن بئر استخدمتها الدعم السريع للتخلص من جثث الضحايا
  • الجيش السوداني يتقدم بالفاشر والدعم السريع يقتل 8 مدنيين بالخرطوم
  • تحليل الوضع الراهن في السودان وتحديات مستقبل الدعم السريع
  • ستة قتلى في قصف قوات الدعم السريع لمدينة استراتيجية  
  • السفير الحارث: الحرب لن تتوقف إلا حين توقِف الإمارات دعمها لمليشيا الدعم السريع
  • هدوء حذر في العاصمة السودانية بعد تضييق الخناق على الدعم السريع وسط الخرطوم
  • المستشار السياسي السابق لـ”حميدتي” يكتب عن مستقبل الدعم السريع في السودان
  • الدعم السريع تختطف طبيباً في شمال كردفان بعد هجوم مسلح على منطقة «أم سيالة»