كيف تنظر إيران إلى وقف إطلاق النار في قره باغ؟
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
طهران- رحبت إيران بتوصل باكو وممثلي الأرمن في إقليم ناغورني قره باغ، إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وبدء محادثات بشأن إعادة دمج المنطقة المتنازع عليها إلى الجانب الأذري، كما سارعت إلى تهنئة يريفان بحلول العيد الوطني لأرمينيا.
وعلى وقع المناورات العسكرية المتواصلة منذ أشهر قرب حدودها المشتركة مع أذربيجان وأرمينيا، عملت طهران منذ قبيل اندلاع حرب قره باغ الثالثة على رسم مسافة أمان من طرفي النزاع انطلاقا من اعتبارات إستراتيجية عديدة.
وقبل أن تشهد منطقة القوقاز الصراع الأخير، أرسلت إيران وفدا عسكريا رفيعا إلى باكو لتوقيع وثيقة للتعاون الدفاعي والعسكري المشترك، في حين وصف رئيسها إبراهيم رئيسي -في اتصال هاتفي تلقاه من رئيس وزراء أرمينيا نيكول باشينيان- المساعي الرامية إلی تغيير في الحدود بأنها "خط أحمر لإيران".
ويقرأ مراقبون إيرانيون التوتر المتجدد بالقوقاز في سياق التدخل الإقليمي والدولي، ويؤكدون أنه يتطلب تنسيقاً إقليمياً لتفويت الفرصة على المتربصين بأمن المنطقة.
وبالرغم من أن بعض الأوساط الإيرانية ترى أن الهجوم الأذري الأخير كان بضوء أخضر روسي، بهدف الانتقام من يريفان لاقترابها من القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة، فإن طهران بسطت السجاد الأحمر لوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو الذي وصف طهران بأنها "شريك إستراتيجي" لبلاده بالشرق الأوسط.
وتناول شويغو مع المسؤولين في طهران التوتر الأذري الأرميني قبيل الإعلان عن وقف النار، ليقطع الجانبان الطريق على القوى الغربية التي ترى في ملف قره باغ ذريعة للتوغل سياسياً وأمنياً بالقوقاز على مقربة من الحليفين الروسي والإيراني، وفق الباحث العلاقات الدولية حسن بهشتي بور.
ويقول بهشتي بور -للجزيرة نت- إن صمود وقف النار في قره باغ مرتبط ارتباطا وثيقا باستقلال الجانبين الأذري والأرمني ووقوفهما سداً منيعاً بوجه الأجندة الإقليمية والدولية، محذراً من أن أي تحرك لطرد الأرمن من الإقليم وعدم ضمان حقوقهم سيفتح الباب على مصراعيه لعودة التوتر في القوقاز.
ورغم اعتقاد الباحث الإيراني بصمود الاتفاق الأخير على المدى القريب فإنه يرى أن الهدنة ستكون هشة مع مرور الزمن؛ لاسيما في حال استقواء الجانب الأرميني أو تدخل بعض القوى الغربية ومنها الولايات المتحدة لاختلاق بقعة توتر في أرمينيا باعتبارها الحديقة الخلفية لروسيا، أو دخول إسرائيل على خط تحريض باكو على شق ممر "زنغزور" قرب الحدود الإيرانية.
خطوة إيجابية
من ناحيته، يفرّق محسن باك آئين، الدبلوماسي الإيراني والسفير الأسبق لدى باكو، بين التوتر الأخير والنزاعات السابقة في قره باغ، مؤكداً أنه بعد الحرب الثانية بالإقليم عام 2020 لم تعد يريفان طرفاً مباشراً في التوتر الذي اقتصر مؤخراً على باكو والسلطة الذاتية في ستيباناكيرت عاصمة الإقليم.
ورأى -في حديث للجزيرة نت- أن استعادة باكو إقليم قره باغ مع اشتراط ضمان حقوق الأرمن فيه "خطوة إيجابية" تتماشى وتطلعات طهران التي تعارض تغيير الجغرافيا السياسية واحتلال أي جزء من أراضي الدول، مشيرا إلى أن أرمينيا كانت قد سيطرت على مساحات واسعة من قره باغ في حرب اندلعت مع انهيار الاتحاد السوفياتي.
وفي الحرب الثانية التي خاضتها أذربيجان وأرمينيا عام 2020 وانتهت باتفاق لوقف النار، استعادت القوات الأذرية أراضي في قره باغ وحولها، ولكن المسلحين الأرمن ظلوا يسيطرون على أجزاء من الإقليم.
وكان المرشد الإيراني الأعلی علي خامنئي، قال عقب انتهاء حرب قره باغ الثانية "إننا فرحون بعودة الإقليم إلى أذربيجان، لكن إذا كانت هناك سياسة لإغلاق الحدود بين إيران وأرمينيا، فإن الجمهورية الإسلامية ستعارض تلك السياسة، لأن تلك الحدود كانت طريقا للتواصل منذ آلاف السنوات".
ممر زنغزور
وكثيرا ما تحوّل الاتفاق بين باكو ويريفان بوساطة روسية عام 2020 إلى عامل يؤّرق طهران، لاسيما البند الخاص بفتح ممر لربط إقليم نخجوان (يتمتع بالحكم الذاتي) في أذربيجان عبر محافظة سيونيك الأرمينية المحاذية للأراضي الإيرانية، وذلك بسبب خشية طهران من قطع الطريق الواصل بينها وأوروبا الشرقية عبر أرمينيا.
ويعتقد السفير آئين أن حماس باكو لفتح ممر زنغزور سوف يتراجع مع استعادتها قره باغ بالكامل، خشية الاصطدام مع إيران التي لن تسمح بأي تغيير جيوسياسي على حدودها.
وخلص آئين إلی أن أذربيجان كانت قد أكدت للجانب الإيراني أنها لا تنوي التحرك عسكرياً ضد سيادة أرمينيا، موضحا أن اللجوء إلى لغة القوة لفتح ممر زنغزور سيكون مخالفاً لما أكده الجانب الأذري الذي يرتبط مع نخجوان عبر الأراضي الإيرانية بتسهيل من طهران.
من ناحيته، يعتقد المحامي والخبير القانوني محمد علي بهمني قاجار أنه مع نزع سلاح سلطات آرتساخ في قره باغ وعودته بالكامل إلى أذربيجان، فإن الاتفاق الثلاثي الروسي الأرميني الأذري عام 2020 سيصبح في خبر كان، إذ لا حاجة بعد ليريفان بممر لاتشين يربطها بالإقليم.
وفي تعليق نشره على قناته بمنصة تليغرام، يرى قاجار أنه من حق أرمينيا أن ترفض شق ممر زنغزور لربط إقليم نخجوان بأذربيجان عبر أراضيها، كما يحق لطهران أن تدعم سيادة جارتها الشمالية ولو بالقوة وإحباط جميع المساعي الرامية لشق هذا الممر.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: فی قره باغ عام 2020
إقرأ أيضاً:
إيران تتحدث عن مستقبل المفاوضات مع أميركا وتنتقد إسرائيل
قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن الجولة المقبلة من المحادثات غير المباشرة مع الجانب الأميركي ستكون على مستوى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي ومبعوث الرئيس الأميركي ستيف ويتكوف، منتقدة سعي إسرائيل لإملاء إرادتها على أميركا.
وذكرت الخارجية الإيرانية أن موضوعي تخصيب اليورانيوم في الداخل ورفع العقوبات يعتبران من الخطوط الحمراء بالنسبة لإيران، كما أن تحرير الأموال الإيرانية المجمدة جزء من مسار المحادثات غير المباشرة مع واشنطن.
من جانبه، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن الجولة الرابعة من المحادثات الإيرانية الأميركية غير المباشرة ستكون على مستوى رئيسي الوفدين الإيراني والأميركي.
وأوضح بقائي -خلال مؤتمر صحفي- أن بلاده لا تمانع مواصلة المحادثات خلال فترات زمنية أقصر، مضيفا بالقول "نؤمن بأن كل يوم نتمكن فيه من رفع العقوبات الظالمة وغير القانونية عن بلادنا سيكون لصالح شعبنا".
في السياق ذاته، قال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بشأن إمكانية مشاركة أميركا في بناء مفاعل نووي في إيران إنه لا مانع لدى طهران في ذلك.
وأضاف أن وفدا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصل اليوم إلى طهران لإجراء محادثات تقنية، خصوصا في ملف الضمانات الشاملة.
إعلان انتقاد إسرائيلمن جهة أخرى، اتهم وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، اليوم الاثنين، بـ"إملاء" إرادته على السياسة الأميركية في المحادثات بشأن البرنامج النووي الإيراني.
بدوره، رد علي شمخاني، مستشار المرشد الإيراني علي خامنئي للشؤون السياسية، على تهديدات نتنياهو بتدمير القدرات النووية الإيرانية بشكل كامل، قائلا إن هذا العمل ستكون له تداعيات على إسرائيل لن تكون قادرة على تصورها.
وتساءل شمخاني عما إذا كانت هذه التهديدات ناتجة عن قرار مستقل في إسرائيل، أم إنها منسقة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في مسار المفاوضات مع إيران؟
وكان الرئيس الأميركي أعرب عن تفاؤله بالتوصل إلى اتفاق بشأن برنامج إيران النووي في وقت قريب، قائلا في تصريحات صحفية إنه سيتم التوصل إلى شيء ما من دون الحاجة إلى إسقاط القنابل.
وانسحب ترامب في 2018 من الاتفاق النووي المبرم عام 2015 بين إيران وقوى عالمية كبرى، مما دفع إيران لاحقا إلى تجاوز حدود تخصيب اليورانيوم المنصوص عليها في الاتفاق، والتضييق على إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وفي فبراير/شباط الماضي، أصدرت الوكالة تقريرا وصفت فيه الوضع الحالي بأنه "مثير للقلق البالغ"، إذ تخصب طهران اليورانيوم إلى درجة نقاء تصل إلى 60%، وهي نسبة قريبة من الدرجة اللازمة لصُنع الأسلحة، في حين دأبت طهران على نفي سعيها لامتلاك أسلحة نووية.