تشهد منطقة الشرق الأوسط والخليج بشكل خاص تغيرات استراتيجية على مستوى السياسات والعلاقات الدبلوماسية بين الدول، تبدو خلالها ملامح الصين واضحة، في إشارة إلى عزم بكين ملء الفراغ الحاصل في المنطقة جراء الانشغال الروسي في الحرب الأوكرانية، ما يثير مخاوف واشنطن حول تراجع نفوذها لصالح التمدد الصيني، بحسب ما نشر معهد واشنطن للدراسات.



ومن ضمن المتغيرات، أعادت المملكة العربية السعودية وإيران علاقاتهما الدبلوماسية في نيسان /أبريل الماضي بعد قطيعة  وتنافس دام نحو سبع سنوات بين البلدين. وشكل الاتفاق السعودي الإيراني صدمة لصانعي القرار في واشنطن لاسيما بعدما تم إعلانه من بكين التي قادت عمليات الوساطة خلال المفاوضات بين طهران والرياض.

ونشر معهد "واشنطن للدراسات" تقريرا قال فيه إنه على الرغم من أن أي انخفاض في التوترات بالمنطقة أمر مرحب به، إلا أنه ينبغي على واشنطن أن تشعر بالقلق من أن التقارب في المنطقة مدفوع بتراجع الثقة في الولايات المتحدة.



وأوضح التقرير، الذي أعده مدير برنامج السياسة العربية في المعهد، ديفيد شينكر، أن التقارب بين الرياض وطهران فاجأ حتى وكالات الاستخبارات الأمريكية. وفي الواقع، قال مدير "وكالة المخابرات المركزية" بيل بيرنز لولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إن الولايات المتحدة "صُدمت" من الاتفاق.

كما وصف مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، التفاهم على الرغم من مفاجأته عند علمه به، بأنه "لا يتعارض بشكل أساسي مع المصالح الأمريكية"، والتي تشمل دعم "خفض التصعيد" في منطقة الخليج.

وأشار التقرير إلى أن تهدئة التوترات مع إيران كانت أولوية سياسية لإدارة بايدن منذ اليوم الأول لإدارته، على عكس سياسات خلفه دونالد ترامب. وأوضح الكاتب الإدارة الجديدة ركزت في البداية على الدبلوماسية المكثفة لإقناع طهران المعاندة بالعودة إلى الاتفاق النووي المعروف باسم "خطة العمل الشاملة المشتركة" لعام 2015 الذي أنهاه ترامب.

وفي الآونة الأخيرة، خفضت واشنطن سقف أهدافها، حيث عرضت الإفراج عن المليارات من الأصول الإيرانية المجمدة في كوريا الجنوبية مقابل وقف إيران تقدمها في مجال التخصيب، وهي خطوة حاسمة نحو بناء سلاح نووي، وتعهدها بعدم قتل مواطنين أمريكيين، بحسب شينكر.

ما أسباب التقارب مع طهران؟

إلى ذلك، عقدت السعودية والإمارات العزم على السعي إلى التخفيف من حدة التوتر مع إيران والخصوم الآخرين، لتهدئة التوترات الإقليمية. وكانت عدة أسباب بحسب التقرير وراء هذا التحول من المواجهة إلى سياسة "حسن الجوار" مع إيران والأعداء الآخرين في المنطقة.

ومن بين تلك الأسباب، يرى الكاتب أن المواجهة لم تكن ناجحة، فجهود الرياض الرامية إلى إنهاء حربها المكلفة في اليمن ضد ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران لم تتوقف فحسب، بل كانت الميليشيات تستهدف دولة الإمارات. وفي الوقت نفسه، استمرت إيران باحتجاز السفن في الخليج العربي، وهددت بأن تهاجم بنفسها الإمارات عسكريا.

ويشير التقرير إلى أن النهج الأكثر تصالحية الذي اتبعته إدارة بايدن تجاه إيران، والذي تضمن شطب الحوثيين من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، والموقف المتساهل تجاه إنفاذ العقوبات، والحماس الجامح للمفاوضات، لم يعزز أو يدعم سياسات الرياض وأبوظبي المعادية تجاه إيران.



إضافة إلى أن التوترات مع إيران تصرف الانتباه عن الأولويات المحلية، لاسيما بالنسبة للسعودية التي تعتبر تنفيذ "رؤية 2030" أولوية لها، وهي خطة تنموية تركز على تنويع الاقتصاد وإصلاح البيئة الاجتماعية. وكانت الحرب الباردة المستمرة مع إيران والحرب الساخنة في اليمن تسببتا في تعقيد تنفيذ "الرؤية"، بحسب التقرير.

وربما يكون أكثر الأسباب أهمية وراء التقارب مع إيران كما يرى شينكر، هو فقدان الرياض وأبوظبي الثقة في الالتزام العسكري للولايات المتحدة تجاه شركائها الإقليميين، إذ أدت  سلسلة من الحوادث والتطورات إلى تشكيك الخليجيين في مصداقية الضمانات الأمنية الضمنية التي تقدمها واشنطن.

تركيا والنظام السوري على خارطة التقارب

وشملت جهود خفض التصعيد الإقليمي، نظام الأسد المنبوذ دوليا منذ عام 2011 جراء قمعه الوحشي للثورة الشعبية، حيث عملت السعودية والإمارات بالتوازي مع التقارب الدبلوماسي مع إيران على إعادة النظام السوري إلى الحضن العربي.

فخلال العام الماضي، قادت الرياض وأبوظبي مبادرة لإعادة دمج وتأهيل نظام بشار الأسد انتهت بحضور الأسد قمة جامعة الدول العربية الأخيرة التي أقيمت في جدة.

وبحسب معد التقرير، جاء التقارب الخليجي مع النظام في دمشق بعد توقف واشنطن عن ثني شركائها عن التعامل معه، وقبولها بإنهاء عزلة سوريا كأمر واقع  كما أدركت السعودية على الأرجح أن طهران ستعتبر إعادة احتضان الأسد بمثابة بادرة حسن نية، علما أن إيران حافظت على شراكة استراتيجية مع سوريا على مدى أربعة عقود تقريبا.

كما كانت الرياض وأبوظبي تأملان أيضا، على نحو غير واقعي، في أن تؤدي إعادة دمج النظام إلى إنهاء صادراته الغزيرة من الكبتاغون، وهو الأمفيتامين المفضل في المنطقة.



وبعيدا عن سوريا، سعت هذه الدول إلى دفن أحقادها مع تركيا، وهي منافس آخر لها منذ فترة طويلة.

وفي العام الماضي، بدأت الرياض وأبوظبي بوضع عدائهما تجاه أنقرة جانبا واحتضنتا أردوغان. وقدمتا مساعدات بالمليارات ووقعت صفقات تجارية واتفاقيات مشتريات دفاعية ضخمة لمساندة الاقتصاد التركي الهش ودعم الحملة الانتخابية للرئيس التركي، بحسب التقرير.

ويرى معد التقرير أن تجدد العلاقات الدبلوماسية قد يقي السعودية والإمارات من الهجوم المباشر من قبل إيران أو وكلائها على المدى القصير، إلا أنه لن يمنع طهران من اتباع سياسات إشكالية أخرى تتحدى الأسهم الإقليمية لهذه الدولتين.

وبالنسبة لإدارة بايدن، يعد هذا التراجع الطفيف في التوترات بين الطرفين تطورا مرحبا به، لكنه يدعو للقلق فسبب وقوع التقارب إلى حد كبير هو التراجع في الثقة بواشنطن، بحسب تقرير المعهد الأمريكي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية السعودية الإيراني الولايات المتحدة الإمارات إيران السعودية الولايات المتحدة الإمارات سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة تغطيات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السعودیة والإمارات الریاض وأبوظبی فی المنطقة مع إیران

إقرأ أيضاً:

البطالة في السعودية تصل إلى 7.1 بالمئة بالربع الثاني من العام الجاري

أفادت الهيئة العامة للإحصاء في المملكة العربية السعودية، الاثنين، بأن معدل البطالة بين السعوديين انخفض إلى 7.1 بالمئة خلال الربع الثاني من عام 2024، مسجلا انخفاضا قدره 0.5 بالمئة مقارنة بالربع الأول من نفس العام.

وأشارت الهيئة في تقرير، إلى أن معدل البطالة في الربع الثاني تراجع بمقدار 1.4 نقطة مئوية مقارنة بنفس الفترة من عام 2023.

كما أوضح التقرير، أن معدل البطالة الإجمالي للسعوديين وغير السعوديين بلغ 3.3 بالمئة في الربع الثاني من عام 2024، ما يمثل انخفاضا قدره 0.2 بالمئة مقارنة بالربع الأول.


وأظهرت مؤشرات سوق العمل في السعودية ارتفاع معدل المشتغلات السعوديات إلى 30.8 بالمئة خلال الربع الثاني من عام 2024، بزيادة 0.1 نقطة مئوية عن الربع الأول. في المقابل، تراجع معدل مشاركتهن في القوى العاملة إلى 35.4 بالمئة بانخفاض 0.4 نقطة مئوية.

من جهة أخرى، انخفض معدل البطالة بين السعوديات بنسبة 1.4 نقطة مئوية ليصل إلى 12.8%. وبالنسبة للذكور السعوديين، استقر معدل المشتغلين إلى السكان عند 63.6%، بينما شهد معدل المشاركة في القوى العاملة انخفاضا طفيفا ليصل إلى 66.3%. كما تراجع معدل البطالة بين الذكور بمقدار 0.2 نقطة مئوية ليصل إلى 4.0% مقارنة بالربع السابق.

أما بين الفئة العمرية الشابة (15-24 عاما)، انخفض معدل المشتغلات السعوديات إلى 13بالمئة، فيما تراجع معدل مشاركتهن في القوى العاملة إلى 17بالمئة. وارتفع معدل البطالة في هذه الفئة العمرية إلى 23.6 بالمئة بزيادة قدرها 0.6 نقطة مئوية مقارنة بالربع السابق.

وفي المقابل، شهد الشباب الذكور انخفاضا في معدل المشتغلين إلى السكان إلى 29.7 بالمئة، مع تراجع معدل المشاركة في القوى العاملة إلى 33.5 بالمئة، وانخفاض في معدل البطالة إلى 11.4بالمئة.


أما بالنسبة للفئة العمرية 25-54 عاما، فقد أظهرت البيانات تراجعًا طفيفًا في معدل المشتغلين إلى 64.5%، مع انخفاض في معدل المشاركة إلى 68.7 بالمئة. وبلغ معدل البطالة لهذه الفئة 6.2% مقارنة بالربع الأول من العام.

وبالنسبة للسعوديين الذين تزيد أعمارهم عن 55 عاما، لم تظهر البيانات تغييرات كبيرة في معدل البطالة مقارنة بالربع السابق.

مقالات مشابهة

  • عاجل | مستشار الأمن القومي الأميركي: سنواصل مراقبة التهديدات والهجمات الإضافية من إيران ووكلائها
  • عاجل | جيك سوليفان: سنناقش مع إسرائيل كيفية الرد على إيران
  • بايدن: واشنطن مستعدة لمساعدة إسرائيل في مواجهة الهجمات الإيرانية الصاروخية
  • هل طفح الكيل بطهران؟..واشنطن: إيران تستعد لشن هجوم على إسرائيل
  • الولايات المتحدة تحذر إيران من عواقب وخيمة إذا هاجمت إسرائيل.. أوستن: واشنطن مستعدة للدفاع عن شركائها وحلفائها بالمنطقة
  • ارتفاع ضحايا إعصار "هيلين" بالولايات المتحدة إلى 132 شخصًا
  • بينها السعودية والإمارات.. دول عربية سعيدة بالعدوان على غزة ولبنان
  • أرقام قياسية لعدد الإعدامات في السعودية منذ 30 عاما (إنفوغراف)
  • البطالة في السعودية تصل إلى 7.1 بالمئة بالربع الثاني من العام الجاري
  • 90 قتيلا بالولايات المتحدة و16 بالمكسيك بسبب الأعاصير