موقف ملتبس.. أيّ حوار يريد باسيل حول انتخابات الرئاسة؟!
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
منذ أعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري مبادرته الحواريّة، التي دعا فيها إلى حوار لسبعة أيام يتناول ملف الانتخابات الرئاسية حصرًا، على أن تعقبه جلسات "متتالية" في مجلس النواب لانتخاب الرئيس، يصرّ رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل على "التمايز" في موقفه حدّ "الغموض غير البنّاء"، فتارةً يرحّب بالحوار بلا شروط ولا مواقف مسبقة، وطورًا ينقلب على موقفه منه، وبين الموقفين يضع "شروطًا" تفرغ المبادرة من مضمونها وجوهرها.
هكذا، تدرّج موقف باسيل من "حوار الأيام السبعة" من دون أن يتّضح ما الذي سيفعله فعليًا في حال تمّت الدعوة إلى الحوار اليوم قبل الغد، فمن استمع إلى باسيل بعد لحظات من إطلاق الرئيس بري لمبادرته شعر أنّ الرجل سيكون أول المشاركين، لكن ما هي إلا أيام، حتى بدأ باسيل يغيّر "تموضعه"، وهو ما فُهِم من تصريحه الشهير، حين أوحى بـ"تصادم" بين حراك بري والمبادرة الفرنسية، الأمر الذي "دحضه" الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان حين أبدى دعمه الكامل للحوار.
وفي آخر مواقفه، يبدو وباسيل وكأنّه يحاول أن يقف "في الوسط"، بانتظار نضوج الصورة، فهو عاد لنغمة "الترحيب" بالحوار، بيد أنه وضع شروطًا عليه زادت موقفه التباسًا، فهو يريد الحوار، لكنه لا يريده تقليديًا، وهو يريد الحوار، لكنّه لا يريده جامعًا، بل عبارة عن مشاورات ثنائية وثلاثية، وهو يريد الحوار، لكنه يريده بلا رئيس ومرؤوس، وبإدارة محايدة، شروط تدفع كثيرين إلى التساؤل: أي حوار هو هذا الذي يطالب به باسيل؟ وهل فعلاً يريد الحوار كما يقول في كلّ المناسبات؟!
أي حوار يريد باسيل؟
في الأوساط السياسية، تُطرَح الكثير من الأسئلة عن نوع الحوار الذي يريده باسيل، خصوصًا بعد الشروط التي أثارها في خطابه الأخير، وأعاد التأكيد عليها في بيان الهيئة السياسية في "التيار الوطني الحر"، وقوامها حوار محصور بموضوع الانتخابات الرئاسية، وبفترة زمانية ومكان محدّدين، وأن يكون غير تقليدي، ومن دون رئيس ومرؤوس، بل بإدارة محايدة، ويأخذ شكل مشاورات وتباحث ثنائي وثلاثي ومتعدد الأطراف، بين رؤساء الأحزاب أصحاب القرار، للوصول إلى انتخاب رئيس إصلاحي.
تطرح "شروط" باسيل الكثير من علامات الاستفهام، فإذا كان رافضًا للحوار التقليدي الجامع، ويريد بدلاً عنه مشاورات ثنائية وثلاثية، فمثل هذه المشاورات قائمة أصلاً، بدليل الحوار المتواصل بينه وبين "حزب الله"، لكن بات واضحًا أنها لا تكفي للوصول إلى حلّ، لأن المطلوب بكل بساطة هو مشاركة الجميع، وليس إقصاء أي فريق، علمًا أنّ بعض القوى السياسية، ولا سيما في صفوف المعارضة، ترفض الحوار الجامع بسبب "حزب الله"، فكيف بالحري الحوار الثنائي معه.
باختصار، ثمّة في الأوساط السياسية من يعتبر أنّ مشكلة باسيل الذي يروّج منذ فترة بأنّه مع الحوار، بل "عرّابه"، هي مشكلة "مزدوجة"، فهو من ناحية لا يريد منح أيّ "امتياز" لرئيس مجلس النواب نبيه بري، وهو لا يريد أن يشارك في حوار يسجّل "مبادرة" للأخير، استكمالاً لعلاقة "الخصومة" بينهما، ومن ناحية ثانية، يخشى أن ترتدّ مشاركته في الحوار بلا شروط عليه، في ضوء المزايدات القائمة على الساحة المسيحية، ما يفرض عليه إطلاق مواقف "شعبوية" هنا أو هناك.
حوار "غير تقليدي"
يقول العارفون إنّ مشكلة باسيل "المزدوجة" هذه تفسّر "الالتباس" الذي يطبع موقفه من مبادرة رئيس مجلس النواب، فهو مؤيّد للحوار، ومتحمّس له، ويريد أن يكون "رابحًا" من أيّ تسوية رئاسية يتمّ التوصل إليه، ولو رست على أكثر الأسماء التي "حاربها" على امتداد "البازار الرئاسي"، لكنّه يريد أن تكون المبادرة مبادرته، وأن يكون الإنجاز إنجازه، وكلّ ما يخشاه أن يخرج خصومه رابحين من هذه المعمعة، من الرئيس نبيه بري، إلى المعارضة المسيحية، ولا سيما حزبي "القوات" و"الكتائب".
لكنّ المحسوبين على "التيار الوطني الحر" يرفضون هذا المنطق، ويقولون إن منطق باسيل في مقاربة الحوار أبعد ما يكون عن هذه "النكايات الشخصية" التي لا تقدّم ولا تؤخّر شيئًا في المعادلة، مشيرين إلى أنّ باسيل حين يتحدّث عن حوار محصور في الزمان والمكان والموضوع، وغير تقليدي، فهو لا يفرغ الحوار من مضمونه، بل على العكس من ذلك، يسعى لمنحه مقوّمات النجاح، لأنّ التجارب التقليدية السابقة أثبتت فشلها، ولا أحد يسعى لتكرارها اليوم، بل إنّ الكثير من الأطراف ستقاطع أيّ حوار تقليدي.
يقول هؤلاء إنّ ما يقصده باسيل هو حوار بصيغة جديدة، يوافق عليها الجميع، بعيدًا عن منطق الطاولة، وحتى عن مجلس النواب، ولا سيما أنّ مبدأ المشاورات لا يفترض أن يلقى اعتراضًا حتى من أولئك المتحفظين على الحوار بوصفه "مضيعة للوقت". لكن ما يستغربه "العونيون" بل يستهجنونه، فيكمن في الاعتراض على طلب "الإدارة المحايدة"، ورفض "الرئيس والمرؤوس"، علمًا أنّ الرئيس نبيه بري سبق أن قال إنّه لا يمكنه إدارة الحوار، لأنه اضحى "طرفًا"، ولو عاد وتراجع عن موقفه أخيرًا.
فيما يقترب الشغور الرئاسي من إحياء "سنويته الأولى"، لا يزال اللبنانيون يتجادلون حول "شكل" الحوار، فقوى المعارضة ترفضه من الأساس، وتصرّ على الاحتكام فقط إلى صندوق الاقتراع، ولو كانت تدرك سلفًا أنّ لعبة "النصاب" هي الحَكَم. أما باسيل المؤيّد للحوار، فيلجأ إلى شعارات فضفاضة وجميلة، كالمطالبة بحوار غير تقليدي، بلا رئيس ومرؤوس، فيما المشكلة أن البلاد بأسرها باتت بلا رئيس، وهو ما يستوجب القفز فوق كل الحسابات الضيقة، لإنجاز الاستحقاق اليوم قبل الغد! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
لماذا يستحيل ترحيل 13 مليون مهاجر كما يريد ترامب؟
واشنطن- أكد الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، الاثنين الماضي، أنه يعتزم إعلان حالة الطوارئ الوطنية واستخدام الجيش للمساعدة في خططه للترحيل الجماعي لملايين المهاجرين غير النظاميين.
وعلى منصته للتواصل الاجتماعي، تروث سوشيال، أعاد ترامب نشر تغريدة لتوم فيتون الذي يدير مجموعة المراقبة القضائية المحافظة التي قال فيها إن إدارة ترامب "ستعلن حالة طوارئ وطنية وستستخدم الإمكانيات العسكرية لمعالجة الهجرة غير النظامية عبر برنامج ترحيل جماعي"، وعلق عليها بكلمة واحدة، "صحيح".
وخلال حملته الانتخابية، تعهد ترامب بالبدء بعمليات الترحيل الجماعي في اليوم الأول من رئاسته. ويلقى "تشدده" هذا تأييدا كبيرا في الدوائر الجمهورية، خاصة بين أبناء الطبقات العاملة ذات التعليم المحدود، التي يقلقها قدوم ملايين المهاجرين سنويا دون عمليات تدقيق جادة عند عبورهم الحدود، إضافة لما يعتبرونه آثارا ضارة تخفض مرتبات المهن المتدنية، وترفع أسعار الإيجارات والمساكن.
سلطة واسعةويمنح الكونغرس الرؤساء سلطة واسعة لإعلان حالات الطوارئ الوطنية وفقا لتقديرهم وصلاحيات مؤقتة تشمل إعادة توجيه الأموال التي خصصها المشرعون لأغراض أخرى.
وخلال فترة ولايته الأولى، استند ترامب إلى هذه السلطة لإنفاق المزيد على بناء الجدار الحدودي أكثر مما كان الكونغرس على استعداد للسماح به. ورشح توم هومان لشغل مهمة "قيصر الحدود" المعروف بالتشدد والرغبة في ترحيل كل المهاجرين غير النظاميين.
غير أن الحكومة الفدرالية تملك إمكانيات متواضعة لاحتجاز أعداد ضخمة من المهاجرين. وتستخدم سلطات الهجرة الأميركية مرافق ومخيمات لإيوائهم لفترات قصيرة من الزمن. وتشير بيانات وحدة بحثية متخصصة في بيانات الهجرة بجامعة سيراكيوز إلى وجود نحو 39 ألف مهاجر محتجزين حاليا في انتظار عملية ترحيلهم.
وترحل السلطات الأميركية بصورة دورية مئات الآلاف من المهاجرين غير النظاميين سنويا، إلا أن ذلك لم يمنع استمرار تدفق ملايين جدد من الحدود الجنوبية ووصول إجماليهم إلى حوالي 13 مليون شخص، لذلك يستبعد خبراء كُثر تنفيذ ترامب لتعهداته.
وتتطلع إدارة ترامب لتعاون الولايات والمدن في تنفيذ خطتها. والثلاثاء الماضي، عرضت عليه ولاية تكساس مزرعة ضخمة في مقاطعة ستار لبناء مراكز احتجاز عليها. وفي خطاب اطلعت عليه الجزيرة نت، أخطرته مفوضة الأراضي في تكساس داون باكنغهام بشراء مزرعة بمساحة ألف و402 فدان على طول الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك، على بعد حوالي 35 ميلا غرب مدينة ماكالين الحدودية.
كما أكدت له أن مكتبها سيعمل مع الوكالات الفدرالية لبناء مراكز احتجاز ضخمة. وكتبت باكنغهام "مكتبي مستعد تماما للدخول في اتفاق مع وزارة الأمن الداخلي والهجرة والجمارك أو دورية حرس الحدود الأميركية للسماح ببناء منشأة لمعالجة واحتجاز وتنسيق أكبر ترحيل للمجرمين العنيفين في تاريخ البلاد".
وتخضع تكساس لسيطرة الجمهوريين، ويعد حاكمها غريغ أبوت من أكثر حكام الولايات الحدودية تشددا ضد المهاجرين، لكن الحكام الديمقراطيين للولايات الثلاث الحدودية الجنوبية الأخرى –كاليفورنيا وأريزونا ونيو مكسيكو- قالوا إنهم لن يساعدوا في عمليات الترحيل الجماعي.
من ناحية أخرى، تنتخب أغلب المدن الجنوبية عُمدا من الحزب الديمقراطي يتحفظون على تقديم أي عون للحكومة الفدرالية في تنفيذ أي عمليات مطاردة أو احتجاز مهاجريين غير نظاميين. ومثلا، أقر مجلس مدينة لوس أنجلوس، أمس الأربعاء، مرسوما بعنوان "مدينة الملاذ" لمنع استخدام الموارد المحلية لمساعدة سلطات الهجرة الفدرالية.
تحديات قانونيةوفي تقرير لمعهد سياسة الهجرة بواشنطن، قالت كاثلين بوش جوزيف "من المرجح أن نرى فجوة بين الولايات الحمراء الجمهورية والزرقاء الديمقراطية تتسع فيما يتعلق بالتعاون مع أهداف الهجرة لإدارة ترامب".
وتشير أحدث الأرقام الصادرة عن وزارة الأمن الداخلي ومعهد أبحاث بيو إلى أن 80% من المهاجرين غير النظاميين يعيشون في الولايات المتحدة منذ أكثر من عقد من الزمان. ويحق للموجودين دون وضع قانوني الحصول على الإجراءات القانونية الواجبة، بما في ذلك جلسة استماع في المحكمة قبل ترحيلهم.
ومن المرجح أن تؤدي الزيادة الكبيرة في عمليات الترحيل إلى توسع كبير في نظام محاكم الهجرة، الذي يعاني من تراكم كبير للغاية نظرا لقلة عدد القضاة.
ومع تبني العديد من أكبر المدن والمقاطعات قوانين تقيد تعاون الشرطة المحلية مع قوات إنفاذ قوانين الهجرة الفدرالية، تعهد ترامب باتخاذ إجراءات ضدها، إلا أن تعقيدات القوانين المحلية والولائية والفدرالية يزيد من تعقيد الصورة. ويُنتظر أن يواجه أي برنامج ترحيل جماعي تحديات قانونية من منظمات مدنية داعمة للمهاجرين وجماعات حقوق الإنسان.
يقول حسام الدين عمر، وهو محام عربي بواشنطن متخصص في قضايا الهجرة، للجزيرة نت، إن سياسات اللجوء تغيرت أثناء سنوات حكم ترامب عدة مرات، بسبب تدخل المحاكم الأميركية ورفض بعضها سياساته لعدم دستوريتها.
وأضاف أن عملية الترحيل طويلة ومعقدة ولا تبدأ إلا بتحديد هوية المهاجر غير النظامي واعتقاله. وبعد ذلك، سيحتاج المحتجزون إلى إيوائهم في مراكز احتجاز قبل مثولهم أمام قاضي الهجرة، وهي عملية قد تستغرق سنوات في ظل التراكم الكبير الذي تعاني منه.
تكلفة كبيرةخلال إدارة الرئيس جو بايدن، ركزت جهود الترحيل على المهاجرين المحتجزين مؤخرا في مناطق حدودية وعلى الذين يتم ترحيلهم من مناطق لا تقع قرب الحدود ممن لديهم سجل إجرامي أو يعتبرون تهديدا للأمن القومي. وسيكون من الصعوبة تحديد واحتجاز غالبية المهاجرين غير النظاميين ممن دخلوا الولايات المتحدة منذ سنوات طويلة.
في الوقت ذاته، يبلغ عدد ضباط وحدة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك (آي سي إي) 20 ألفا، وهو عدد ضئيل لا يكفي للعثور على ملايين المهاجرين أو تعقبهم واحتجازهم. ولا يستغرب خبراء قول ترامب إنه سيشرك الحرس الوطني أو قوات عسكرية أميركية للمساعدة في عمليات الترحيل.
وتاريخيا، اقتصر دور الجيش على وظائف الدعم على الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك. ولم يقدم ترامب سوى تفاصيل قليلة حول كيفية تنفيذ خطة الترحيل الجماعي هذه، ووعد بتقديم حوافز لإدارات الشرطة الحكومية والمحلية للمشاركة في عمليات الترحيل.
يقدر الخبراء أن الفاتورة الإجمالية لترحيل مليون مهاجر فقط ستصل إلى عشرات أو حتى مئات المليارات من الدولارات، ويجب توفير وبناء مناطق احتجاز مناسبة لإيواء مئات الآلاف وربما الملايين منهم. كما سيضطر ترامب إلى مضاعفة عدد رحلات الترحيل الجوية، وربما اللجوء لطائرات عسكرية لزيادة قدرة العمليات وسرعتها.
وكشف تقرير صدر عن "مجلس الهجرة الأميركي" أن ترحيل مليون مهاجر سنويا سيكلف سنويا 88 مليار دولار وأن الأمر سيستغرق أكثر من 10 سنوات، ويحتاج لبناء مئات إلى آلاف من مرافق الاحتجاز الجديدة لاعتقال واحتجاز ومعالجة وترحيل جميع المهاجرين المستهدفين البالغ عددهم نحو 13 مليونا.
وبافتراض أن 20% منهم سيغادرون طواعية خلال أي جهد ترحيل جماعي، ستبلغ التكلفة الإجمالية على مدى 10 سنوات (بافتراض معدل تضخم سنوي قدره 2.5%)، 967.9 مليار دولار.