التقاه بعد مضي 30 عامًا: عُماني يصف لقاءه بأستاذه الذي حببه في الرياضيات حتى أصبح معلمًا لها
تاريخ النشر: 22nd, September 2023 GMT
أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي
“قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا … كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا”، بيت شعر يصف المعلم ومكانته ودوره، فهو من يضيء لنا دروبنا نحو العلم ويُنشئ أنفسنا ويبني عقولنا؛ لذا فإن تبجيله واحترامه واجب، والوفاء له من شيم الكرام.
لفتنا مقطع مرئي للقاء مواطن عُماني مع معلمه المصري بعد 30 عامًا، فتواصلنا مع المواطن أحمد بن عبدالله العبري ليحكي لنا قصته مع المعلم وتفاصيل لقائهما بعد 3 عقود من الزمن.
أحمد العبري يبلغ من العمر الآن 45 عامًا ويعمل مديرًا مساعدًا بدائرة التخطيط والتطوير في المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية، وما تعلمه من الأستاذ عبدالله سراج الذي يبلغ من العمر 68 عامًا لازمه طوال فترته العلمية فأصبح معلمًا للمادة نفسها، وفي المدرسة نفسها كذلك.
عمل الأستاذ عبدالله سراج 4 سنوات في سلطنة عمان منذ بداية من العام الدراسي 90/89 حتى العام الدراسي 93/92 وعاد إلى بلاده في نهاية العام الدراسي 93/92 وتحديدا في شهر يوليو من عام 1993م.
الأربع سنوات التي قضاها الأستاذ عبدالله كانت في ولاية الحمراء وبالتحديد في مدرسة الشيخ ماجد بن خميس العبري، فكان أحمد العبري تلميذًا له في الصف الأول الثانوي ( العاشر حاليًا ) في العام الدراسي 93/92 أي في آخر سنة له بالسلطنة.
يصف لنا أحمد بأن الأستاذ عبدالله لم يكن مجرد معلم يوصل المعلومة للطلاب ويشرح الدرس من خلال حصته فقط، بل كان أبًا مخلصًا لطلابه ناصحًا لهم ومحفزًا ومشجعًا لهم نحو التفوق، وأخًا حريصًا على طلابه في أن يتعلموا ما هو مفيد وجديد، وبالرغم من أنه كان شديدًا في أحيان كثيرة والعصا لا تفارقه، إلا أن معظم الطلاب أحبوه بأسلوبه الرائع وطريقة تدريسه التي تجمع بين الجد في تحصيل العلم والترويح عن النفس في بعض الأحيان لكسر روتين الحصة المعتاد.
يقول أحمد بأن أسلوب الأستاذ عبدالله وإخلاصه في العمل ومتابعته لهم كطلاب في الواجبات ومدى الاستفادة من الدرس من خلال الأسئلة التقييمية التي يبدأ بها حصته جعلته يتحمس لحصة الرياضيات وينتظرها بفارغ الصبر بعد أن أعد للحصة جيدًا بالتحضير في المنزل، حتى أصبحت مادة الرياضيات هي الأقرب إلى نفسه منذ ذلك الحين، وبعدها أكمل مشواره معها في الدراسة الجامعية وتخرج معلمًا للرياضيات وتعين في المدرسة نفسها.
يوضح أحمد لـ “أثير” بأن الأستاذ عبدالله كان مثالًا عمليًا له أثناء دراسته بطريقته في التدريس وحرصه على التخطيط الجيد لزمن الحصة واستغلال كل دقيقة فيها. كما أن الخروج عن المألوف بالترويح بعض الأحيان بأمثلة من بيئة الطالب واحدة من الأمور التي تعلمها من هذا المعلم خصوصًا وأنهم يتعاملون مع مادة فيها أرقام مجردة وبالتالي لا يكفِ أن يمتلك المعلم المادة العلمية بل أيضًا طريقة التدريس مهمة للغاية وتلعب دورًا مهمًا في إيصال المعلومة للطالب.
حدّثنا أحمد بأن الأستاذ عبدالله كان دائما حاضرًا في أحاديثهم خصوصًا عندما يجتمعون مع بعض الزملاء الذين عاصروه في تلك الفترة وهم يقلبون ذكريات الدراسة ومنهم أخوه وصديقه الأستاذ منذر بن سعيد العبري – رحمه الله – الذي كان ساعيًا إلى التواصل مع المعلمين الذين درسوهم بشتى الطرق لكن شاء الله أن يختاره إلى جواره قبل حوالي سنتين، ولم يكن أحمد يعلم عن أي تفاصيل إلا عندما التقى الأستاذ عبدالله سراج الآن الذي بدا متأثرًا جدًا بوفاة منذر.
عندما قدم أحمد إلى مصر كان هدفه أن يلتقي هذا الأستاذ فعمل جاهدًا للحصول على عنوانه من خلال بعض الزملاء الذين عاصروه، وتمكن من معرفة عنوانه ومكان إقامته عن طريق زميل للأستاذ منذر وصديق مقرب له، وفي الطريق إلى بلدته وهي منيا القمح التي تبعد عن القاهرة بحوالي 85 كم يصف لنا أحمد بأن شعوره كان مختلفًا تمامًا، وهو شعور يمتزج فيه الشوق بالسعادة؛ الشوق لرؤية هذا المعلم بعد 30 عامًا والسعادة في تحقيق هدف كاد أن يكون مستحيلًا.
عبّر لنا أحمد بأن اللقاء كان عفويًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وجميلًا بجمال الروح التي يحملها الأستاذ عبدالله الذي كان يردد أثناء عناقه له “اشتقت لكم يا أولاد واشتقت عُمان”، وبعدها كان اللقاء جميلًا مطولًا عن الذكريات التي قضاها في ولاية الحمراء والصور التي حملها معه وسؤاله عن الزملاء والمعلمين الذين عاصروه تلك الفترة وحبه لعُمان ومعاملة أهلها له خلال وجوده فيها، ثم ودّعه بعد وعده له بزيارة عُمان قريبًا.
المصدر: صحيفة أثير
كلمات دلالية: الأستاذ عبدالله العام الدراسی أحمد بأن معلم ا
إقرأ أيضاً:
في عيده.. هذه هي مطالب المعلم في لبنان
منذ سنوات ونحن نسمع ونستأنس بقول الشاعر أحمد شوقي "قم للمعلم وفِّه التبجيلا كاد المعلم أن يكون رسولا". يمثل المعلم قيمة كبيرة في حياة كل الشعوب، لما يتركه من أثر بالغ في تشكيل الوعي والوجدان الإنساني.
يُعد يوم المعلم مناسبة سنوية تحتفي بها العديد من الدول، وفي لبنان يحظى هذا اليوم (غدا الاحد ) بمكانة خاصة تقديرًا للدور الأساسي الذي يؤديه المعلمون في إعداد الأجيال القادمة. تعتبر مهنة المعلم من المهن المهمة والصعبة، فعلى عاتقه يقع تعليم وتثقيف الاجيال وتأسيس فكر الطالب وتوجهاته العلمية والثقافية، لذا فإن تأثير المعلم يتجاوز مرحلة التعليم الأولى ليشمل سنوات طويلة من حياة الطلبة.
من جهته، يقول محمد حريص معلم مادة الإقتصاد إن مهنة التدريس باتت مليئة بالأعباء والمهام الوظيفية، وذكر أن المعلم في الوقت الراهن باتت تُلقى على عاتقه أعباء إدارية إلى جانب ضغوطات الحصص المدرسية.
واشار حريص الى أن "الاعتراف بجهود المعلمين يعد عنصرًا أساسيًا في خلق بيئة تعليمية إيجابية، إذ يسهم في تحفيزهم على الاستمرار في أداء رسالتهم التعليمية بجد واجتهاد".
وقال "لا شك أن عملية التعليم مرتبطة بالمناهج المعتمدة في مدارسنا، والتي يفترض أن تكون عصرية تواكب التكنولوجيا الحديثة، فاذا كان المنهاج غير متطور فهو يشكل معيقا لعمل المعلم، الأمر الذي يحتاج الى تطوير مناهجنا من جهة، وتكثيف الدورات التدريبية المهارية لاعداد كوادرنا التعليمية من جهة أخرى".
وأكد أن المعلّم صار اليوم أتعس مخلوق في لبنان، فحتّى هتلر منذ عقود من الزمن رأف بالمعلّم وعفا عنهم، والدولة اللبنانية لا ترأف ولا تنظر إليهم. وبالرغم من الاحترام، يأتي عيد المعلّم على الأساتذة في لبنان هذا العام حزيناً، حيث يعيش الأستاذ اليوم أسوأ أيامه.
واضاف حريص أن "من دون شك إنّ الأزمة الاقتصادية تؤثر على نفسيّة المعلّم بشكل كبير، فإن الراتب لا يعادل شيئًا أمام الانهيار غير المسبوق للّيرة وارتفاع الأسعار وتعدّد الفواتير".
وتابع بالقول أن "رغم عشقي لمهنة التدريس إلا أن المنقذ الوحيد للتخلص من هذا العبء يتمثل في التقاعد، اذ وجدت نفسي محاطا بتضخم المهام الإدارية بالتوازي مع مهمتي الأساسية كمعلم".
وأكد إن عيد المعلم فرصة للاحتفال بالإنجازات والنظر في طرق كفيلة بمواجهة التحديات المتبقيّة، وذلك من أجل تعزيز مهنة التدريس، وفي نظرة سريعة، نجد أنهم يمرون بظروف صعبة للغاية بسبب الأوضاع السياسية والاقتصادية التي تمر بها البلاد.
واشار حريص الى أن الظروف في لبنان تبدو صعبة، إذ أسهمت الأزمة المالية في تدهور هذه المهنة على مختلف الأصعدة. إذ لم تعد رواتب الأساتذة مغرية، ولم تعد الدولة ترصد ضمن موازناتها مبالغ كافية لوزارات التربية.
وقال إن الحلول غالبا ما تكون بعيدة عن الواقع ما لم تكن مدعومة بتوجهات جادة من أصحاب القرار لإنقاذ مكانة المعلم. ومن أجل تحسين واقع المعلم واستقطاب الكفاءات إلى مهنة التعليم لابد من بعض المقترحات التي قد تعيد للمعلمين شيئًا من حقوقهم الضائعة:
. تحسين الوضع المادي للمعلمين ومنحهم امتيازات التنقل المريح والرعاية الصحية والرفاه الاجتماعي.
. تشديد الرقابة الوظيفية والإدارية على ممارسة المعلمين لأدوارهم، للتحقق من مدى التزامهم بأخلاقيات المهنة.
. إشراك المعلمين في الندوات والحلقات المتلفزة والحوارات التي تهم المجتمع وتزيد من التوعية بأهمية دور المعلمين.
. إشراك المعلمين في عمليات تصميم المناهج وبنائها، والتخطيط الاستراتيجي للتدريس، وإفساح المجال لهم للمشاركة في حل بعض المشكلات التي تواجه المجتمع.
. دعم المجتهدين والمبدعين من المعلمين، وإجراء مسابقات سنوية تبرز إنتاجهم العلمي، وتكريم الفائزين منهم بشتى الوسائل الممكنة.
وختم حريص بالقول :في النهاية يجب على الامم لكي ترتقي ان تقوم بتطوير العلم والمعرفة قبل ان تتقدم صناعياً، وعلينا أن نحيي المعلم ونشد على يده ونعززه بكل الوسائل لاثارة دافعيته لحب مهنته، فهو الذي يعبر بنا من عالم العتم والجهل، إلى شواطئ العلم والنّور.
باختصار، هي مهنة المعاناة التي فرضها وضع البلد، لكن وبرغم كلّ الصعوبات التي مرّ فيها المعلّم، تبقى مهنة التعليم رسالة سامية يؤدّيها المعلّمون بكل أمانة انطلاقًا من قناعتهم بأنّها كانت وستبقى المدماك الأول في بناء الأوطان والأجيال.لا يقتصر يوم المعلم على الاحتفالات فقط، بل يمثل دعوة للمجتمع بأسره للاعتراف بالتضحيات التي يبذلها المعلمون في سبيل تقديم تعليم متميز للأجيال القادمة.
المصدر: خاص "لبنان 24"