أثير – مـحـمـد الـعـريـمـي

“قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا … كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا”، بيت شعر يصف المعلم ومكانته ودوره، فهو من يضيء لنا دروبنا نحو العلم ويُنشئ أنفسنا ويبني عقولنا؛ لذا فإن تبجيله واحترامه واجب، والوفاء له من شيم الكرام.

لفتنا مقطع مرئي للقاء مواطن عُماني مع معلمه المصري بعد 30 عامًا، فتواصلنا مع المواطن أحمد بن عبدالله العبري ليحكي لنا قصته مع المعلم وتفاصيل لقائهما بعد 3 عقود من الزمن.

أحمد العبري يبلغ من العمر الآن 45 عامًا ويعمل مديرًا مساعدًا بدائرة التخطيط والتطوير في المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية، وما تعلمه من الأستاذ عبدالله سراج الذي يبلغ من العمر 68 عامًا لازمه طوال فترته العلمية فأصبح معلمًا للمادة نفسها، وفي المدرسة نفسها كذلك.

عمل الأستاذ عبدالله سراج 4 سنوات في سلطنة عمان منذ بداية من العام الدراسي 90/89 حتى العام الدراسي 93/92 وعاد إلى بلاده في نهاية العام الدراسي 93/92 وتحديدا في شهر يوليو من عام 1993م.

الأربع سنوات التي قضاها الأستاذ عبدالله كانت في ولاية الحمراء وبالتحديد في مدرسة الشيخ ماجد بن خميس العبري، فكان أحمد العبري تلميذًا له في الصف الأول الثانوي ( العاشر حاليًا ) في العام الدراسي 93/92 أي في آخر سنة له بالسلطنة.

يصف لنا أحمد بأن الأستاذ عبدالله لم يكن مجرد معلم يوصل المعلومة للطلاب ويشرح الدرس من خلال حصته فقط، بل كان أبًا مخلصًا لطلابه ناصحًا لهم ومحفزًا ومشجعًا لهم نحو التفوق، وأخًا حريصًا على طلابه في أن يتعلموا ما هو مفيد وجديد، وبالرغم من أنه كان شديدًا في أحيان كثيرة والعصا لا تفارقه، إلا أن معظم الطلاب أحبوه بأسلوبه الرائع وطريقة تدريسه التي تجمع بين الجد في تحصيل العلم والترويح عن النفس في بعض الأحيان لكسر روتين الحصة المعتاد.

يقول أحمد بأن أسلوب الأستاذ عبدالله وإخلاصه في العمل ومتابعته لهم كطلاب في الواجبات ومدى الاستفادة من الدرس من خلال الأسئلة التقييمية التي يبدأ بها حصته جعلته يتحمس لحصة الرياضيات وينتظرها بفارغ الصبر بعد أن أعد للحصة جيدًا بالتحضير في المنزل، حتى أصبحت مادة الرياضيات هي الأقرب إلى نفسه منذ ذلك الحين، وبعدها أكمل مشواره معها في الدراسة الجامعية وتخرج معلمًا للرياضيات وتعين في المدرسة نفسها.

يوضح أحمد لـ “أثير” بأن الأستاذ عبدالله كان مثالًا عمليًا له أثناء دراسته بطريقته في التدريس وحرصه على التخطيط الجيد لزمن الحصة واستغلال كل دقيقة فيها. كما أن الخروج عن المألوف بالترويح بعض الأحيان بأمثلة من بيئة الطالب واحدة من الأمور التي تعلمها من هذا المعلم خصوصًا وأنهم يتعاملون مع مادة فيها أرقام مجردة وبالتالي لا يكفِ أن يمتلك المعلم المادة العلمية بل أيضًا طريقة التدريس مهمة للغاية وتلعب دورًا مهمًا في إيصال المعلومة للطالب.

حدّثنا أحمد بأن الأستاذ عبدالله كان دائما حاضرًا في أحاديثهم خصوصًا عندما يجتمعون مع بعض الزملاء الذين عاصروه في تلك الفترة وهم يقلبون ذكريات الدراسة ومنهم أخوه وصديقه الأستاذ منذر بن سعيد العبري – رحمه الله – الذي كان ساعيًا إلى التواصل مع المعلمين الذين درسوهم بشتى الطرق لكن شاء الله أن يختاره إلى جواره قبل حوالي سنتين، ولم يكن أحمد يعلم عن أي تفاصيل إلا عندما التقى الأستاذ عبدالله سراج الآن الذي بدا متأثرًا جدًا بوفاة منذر.

عندما قدم أحمد إلى مصر كان هدفه أن يلتقي هذا الأستاذ فعمل جاهدًا للحصول على عنوانه من خلال بعض الزملاء الذين عاصروه، وتمكن من معرفة عنوانه ومكان إقامته عن طريق زميل للأستاذ منذر وصديق مقرب له، وفي الطريق إلى بلدته وهي منيا القمح التي تبعد عن القاهرة بحوالي 85 كم يصف لنا أحمد بأن شعوره كان مختلفًا تمامًا، وهو شعور يمتزج فيه الشوق بالسعادة؛ الشوق لرؤية هذا المعلم بعد 30 عامًا والسعادة في تحقيق هدف كاد أن يكون مستحيلًا.

عبّر لنا أحمد بأن اللقاء كان عفويًا بكل ما تحمله الكلمة من معنى وجميلًا بجمال الروح التي يحملها الأستاذ عبدالله الذي كان يردد أثناء عناقه له “اشتقت لكم يا أولاد واشتقت عُمان”، وبعدها كان اللقاء جميلًا مطولًا عن الذكريات التي قضاها في ولاية الحمراء والصور التي حملها معه وسؤاله عن الزملاء والمعلمين الذين عاصروه تلك الفترة وحبه لعُمان ومعاملة أهلها له خلال وجوده فيها، ثم ودّعه بعد وعده له بزيارة عُمان قريبًا.

المصدر: صحيفة أثير

كلمات دلالية: الأستاذ عبدالله العام الدراسی أحمد بأن معلم ا

إقرأ أيضاً:

طوفان ترامب القادم

ظهر الرئيس بايدن في المناظرة التاريخية عجوزا هرما يجد صعوبة بالغة في التقاط أفكاره وتجميعها في مواجهة خصم احترف الكذب، مما جعل الجميع يبدأون بطرح السؤال الملحّ؛ هل هذا الرجل قادر على إتمام أربع سنوات أخرى من الرئاسة؟ حتى أن البعض طرح السؤال بشكل أكثر تطرفاً بالصيغة التالية، هل يستطيع بايدن إكمال نصف السنة المتبقية من رئاسته؟ طبعاً لا تزال الإجابات في أذهان نخب الحزب الديمقراطي، التي بدأت تشك بأن كسب الانتخابات مع هذا الرجل يبدو شبه مستحيل، وبالتالي يجب البدء جدياً بطرح بديل يخوض سباق الرئاسة بأسرع وقت، وإلا ستكون هذه جولة ترامب بدون نقاش.

بعد المناظرة سادت موجة من الهلع لدى الكثيرين، سواء داخل الولايات المتحدة أو خارجها، ودرجة أقل من السعادة لدى البعض الآخر، بالنسبة لداخل الولايات المتحدة ارتجفت قلوب العديد من الساسة هلعاً وخوفاً من عودة هذا الرجل الذي لا يؤمن بالمؤسسة الرسمية الأميركية ومصدر قلقهم تتأتى من كون عودته ستؤدي إلى مزيد من التآكل في هذه المؤسسات بالذات وهو الذي بالغ في تحديه لنزاهة الانتخابات السابقة، كما أن الانقسامات التي شهدتها ولايته السابقة تعتبر مصدر قلق الكثيرين، وتحوم الشكوك أيضاً حول ثبات مواقفه في السياسة الخارجية، أما على الصعيد الدولي فإن أول من سيرتجف قلبه من عودة ترامب هي أوكرانيا وزلينسكي بالذات والذي سمع كثيراً أنه إذا عاد سينهي الحرب الأوكرانية الروسية في لحظات وزيلنسكي يعلم أن هذا الحل لن يكون إلا على حساب أوكرانيا وذلك بقبول ترامب بالأمر الواقع الروسي والجميع يذكر العلاقة الممتازة بين ترامب وبوتين وقصة الإعجاب المتبادل بين الرجلين، ومثل أوكرانيا فإن حلف الناتو والاتحاد الأوروبي ترتعد فرائصهم؛ فعودته تعني خطراً ماحقاً على الحلف والاتحاد في نفس الوقت.

أما الصين فهذه العودة تهددها بحرب تجارية جديدة وسباق على الرسوم الجمركية وهو الأمر الذي سيخنق الاقتصاد الصيني، ولاحقاً يهدد بأزمة اقتصادية عالمية، وهي تخشى كذلك من توسيع القيود التكنولوجية عليها، ولا يمكن نسيان الصراع الجيوسياسي والذي قد يؤدي إلى زيادة الوجود العسكري في بحر الصين الجنوبي وتعزيز التحالفات في منطقة المحيطين الهادئ والهندي، أما في منطقتنا العربية والشرق الأوسط فإن عودة ترامب ستكون وبالاً على البعض ومصدر راحة للبعض الآخر، فإسرائيل ونتنياهو بالذات سيكونان فرحين بقدوم ترامب، وكيف لا وهو الذي حقق لإسرائيل ما لم تكن تحلم به، فهو الذي نقل السفارة إلى القدس، واعترف بالجولان إسرائيلية، وهو الذي أطلق المسار الإبراهيمي الذي يصب في مصلحة التطبيع مع إسرائيل مع تهميش مطلق لحقوق الفلسطينيين، الأمر الذي سيؤدي إلى إيقاف أي مسار جدي للسلام في المنطقة، بالإضافة إلى الخوف من تبنيه المطلق للرواية الإسرائيلية في العدوان على غزة، أما بالنسبة لدول الخليج العربي فبالرغم من علاقتها الجيدة معه إلا أنها ستكون أكثر ارتياباً لعودته في هذه المرة بسبب ميله التقليدي لتقليل التدخل الأميركي العسكري وبالتالي تقليل القوات الأميركية، وهذا الأمر سيترك حالة من فراغ القوة سيقوم على إثرها بابتزاز دول المنطقة كي لا يحصل، وهذا في حد ذاته مصدر قلق وإزعاج محتمل لدول الخليج العربي.

أما بالنسبة لإيران ورغم أن الظاهر يقول إنه سيكون أقسى في التعامل معها، لكن هذه القسوة مكنت إيران في السابق من الإفلات من زمام الرقابة الدولية على برنامجها النووي وبالتالي الذهاب بعيداً في تطوير برنامجها النووي وربما الحصول على قنبلة نووية تجعلها في موقع تفاوضي يضطر أميركا للجلوس على طاولة المفاوضات معها من موقع الند القوي هذه المرة، كما حدث سابقاً مع كوريا الشمالية، وهذا اللقاء إن حصل سيكون بشكل حتمي على حساب الدول العربية والخليج العربي بالذات، أما بالنسبة للأردن فلا يمكن لأحد نسيان  موقف ترامب منه وموقف الملك عبدالله من خطوات ترامب حيال القضية الفلسطينية خارج نطاق الشرعية الدولية وكان موقف الأردن والملك عبدالله واضحاً في رفض تلك الخطة، ويبقى السؤال هل ستبقى هذه العلاقة المتوترة؟ الإجابة ليست بالسهولة المتخيلة، لكن علاقة الأردن والملك عبدالله المتينة مع المؤسسات السياسية الأميركية مكنت الأردن من تجاوز الولاية الأولى العصيبة والأمل أن يحصل اختراق لبعض ثوابت ترامب وتعقيدات مزاجه المتقلب وأعتقد أن الملك عبدالله قادر على ذلك.

بالتالي إذا لم يقم الحزب الديمقراطي باتخاذ قرار حاسم بتغيير مرشحه بسرعة فإن أغلب الدلائل تشير إلى أن طوفان ترامب قادم وأول الغارقين فيه هي المؤسسة السياسية الأميركية وهو الغريب عنها، لكن من سيكون الغريق الثاني على مستوى العالم وعلى مستوى منطقتنا؟ هذا سؤال ينتظر الأيام القادمة للإجابة عليه.

(الغد الأردنية)

مقالات مشابهة

  • إيكونوميست: هكذا كان عالم الجاسوسية وهكذا أصبح
  • مصيبة عظيمة
  • طوفان ترامب القادم
  • الباحثة سارة عبدالله الصعفاني تنال درجة الماجستير بامتياز من جامعة صنعاء
  • جامعة أسيوط تنظم ملتقي للتعرف على نظم وأساليب الجرد المخزني
  • قرار هام لوزارة التربية بشأن امتحان الرياضيات
  • قوات طارق صالح تختطف معلماً في حيس بسبب تضامنه مع زميله بمنشور شعري
  • التربية: إحالة ما أثير حول امتحان الرياضيات/الورقة الأولى إلى لجان المشرفين
  • الحياة بعد الستين
  • عُمان تحرضُ فضول الكوريين!